*منقول...فيصل الدويري
دار الأمن ودار الخوف
ــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد بدّل الله الأرض غير الأرض ..لماذا لا يعي المتصدرون للفتوى أن كل ما يتعلق بالسياسة الدولية قد تغيّر كليّا ....لقد زالت الحدود المنطقية بين مصطلح ‘‘دار الإسلام‘‘ و ‘‘دار الكفر‘‘ ,ولابد أن ينبني التصنيف والتفرقة بين دولة ودولة على أساس الأمن والخوف وهما عاملان يلبيان الأشواق الداخلية للإنسان كل الإنسان أينما وحيثما كان ..وهذا رأي مُعتبر لابن حنيفة رحمه الله حيث قال :
أن المقصود من إضافة الدار إلى الإسلام والكفر ليس هو عين الإسلام والكفر ، وإنما المقصود هو الأمن والخوف . *(بدائع الصنائع)
ولقد جدد ابن تيمية في فتوى ماردين الشهيرة وأضاف اعتبارات جديدة للتصنيف الثنائي التقليدي واعتبر ماردين (شعب مسلم وحكم مغولي) ليست دار اسلام ولا دار كفر ..وقال بأن المسلم إن أمن على دينه ولم يقدم معونة لجيش المغول ضد المسلمين فلاتثريب عليه ..
المسلمون في الغرب يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويشيدون المساجد ويحتاجون فقط أن يبقوا بعيدين عن فتاوى بعض‘‘علماء الإسلام‘‘ الذين يضيقون عليهم ويؤكدون على غربتهم وعزلتهم ويؤطرونها بطهرانية منفوخة بعيدة عن الواقع بدلا من أن يشحنوهم بواقعية تجعلهم رحمة للعالمين من أهل تلك البلاد الأصلية ..
والمسلمون في الشرق يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وقلوبهم وجلة من حاكم طائش ومعارض تكفيري يعشق المغامرات والحروب ويحتفي بقطع الأعناق والأرزاق وكسر رقبة النصوص الإلهية وفق رغبة في استعادة إمبراطورية اسمها الخلافة تغزو دول الجوار بحد السيف لا السياسة والحضارة ..
وتبقى المسألة فردية ,فلكل عائلة وشخص ظروف موضوعية تجعله يختار ..أما وإن كثُر المخيرون بين (قتل النفس أو الإخراج من الديار) فلا تليق ببؤسهم فتوى عامة بأن الهجرة للغرب حرام..وإلا كانت هذه الفتوى هي الحرام بعينه ..
فالمسلمون في هذا العصر كثيرا ما يخالفون الفتاوى التي ترفض التغيير تحت تأثير الزمن والظرف ويعملون بما يخالفها ولكن -مع الأسف -يبقى لاوعيهم مقهورا بسلطان الدين وعذاب الضمير ولوم النفس ليحيوا باقي العمر تحت معنى آية ابتدعها كهان هذا الزمان يقولون فيها (ومن اعرض عن فتاوينا فإن له معيشة ضنكى) .....
الفتوى حين لا تحمل حلّا ..