كنيسة القديس كيراكوس الأرمنية في ديار بكر...بقلم آرا سوفاليان

[arasouvalian]

كنيسة القديس كيراكوس الأرمنية في ديار بكر...بقلم آرا سوفاليان
Surp-Giragos-Armenian-Church-in-Diyarbakir
هذه الكنيسة العظيمة تقع في ديكراناكيرد مدينة الملك ديكران الأكبر وعاصمة ملكه...بناها صاحبها بعرقه وجهده وجهد أبناءه ولا زالت شامخة بأسوارها وحصونها تتحدى اللصوص الذين سرقوها من اصحابها الحقيقيين، اسمها ديكراناجيرد...اما بكر ومن معه ومن جاء بعده فهم جميعاً دخلاء قتلوا الأصلاء وسرقوا مدينتهم وكل بلادهم.
من القرن السادس ق م وحتى بداية القرن الأول للميلاد، حكم أرمينيا ملوك من الأسرة اليرفانتية الأرداشيسية، ومن أشهر ملوك هذه الحقبة الملك ديكران الثاني 95 ق م 55 ق م الملقب بملك الملوك بعد أن تنازل له ملك الفرس عن هذا اللقب.
اشتملت مملكته على أجزاء من بلاد فارس وشمال العراق وسوريا وفلسطين ولبنان، وشكلت تلك الفترة بداية العلاقات الأرمنية العربية عبر التاريخ.
في العام 301 ميلادية، اعتنقت أرمينيا الديانة المسيحية،كأول دولة تعتنق المسيحية في العالم وفي العام 406 ميلادية، اخترع الراهب ميسروب ماشدوتس الأبجدية الأرمنية، وتمت ترجمة الإنجيل إلى اللغة الأرمنية، فبدأ العصر الذهبي للأدب الأرمني، إذ تمت ترجمة أغلب المؤلفات العلمية والثقافية والتاريخية والدينية الموجودة آنذاك إلى اللغة الأرمنية، حتى أن الأصول لبعض هذه المؤلفات قد فقدت وبقيت ترجماتها الأرمنية.
وقد سبق عصر الترجمة في أرمينيا، عصر الترجمة في الدولة العربية الإسلامية بعدة قرون، وسبق الشعب الأرمني الشعب الألماني في ترجمة الكتاب المقدس (ترجم للألمانية على يد مارتن لوثر) بنحو 1100 سنة.
وكنيسة القديس جيراجوس في ديار بكر مثلها مثل كل الكنائس الارمنية في ارمينيا الغربية، تم نهب كامل محتوياتها ، وسرقت الاواني المقدسة وكؤوس القربان المذهبة والشمعدانات والصلبان والمباخر وسرقت التحف واللوحات الأثرية ومقاعد الكنيسة وكل ما يحويه الهيكل واقتلع رخامها واقتلعت نوافذها وسرق الجرس وتم احرااقها وإحراق كل رجال الدين الذين احتموا فيها هم ورعيتهم واغلبهم من النساء والأطفال، والأعجوبة تتلخص في اعمدتها الحجرية واقواسها البازلتية المتباعدة المساحة التي صمدت رغم الحريق ولم تقع.
منذ العام 1915 وحتى العام 2009 سكنتها عائلات من الاكراد وبنت الى جانبها الحظائر وربت فيها الدجاج وعمّرت فيها جدران هجينة وما يلزم للمعيشة، واستعملت الأماكن المرتفعة على جوانبها لنشر الغسيل وتشميس الحبوب والمربيات والفرش والوسائد.
وزارها الكثير من ارمن المغترب من اوروبا واستراليا وأميركا، وانشقت قلوبهم حزناً عليها، واشعلوا الشموع وصلّوا فيها، وصعدوا الى شرفاتها، ودفعوا للأكراد البخاشيش من أجل تصويرها...ونهرتهم إحدى الساكنات أو المغتصبات وزوجها من خلفها وأنذرتهم بأن لا يصعدوا الى الاماكن العالية في الكنيسة لأن الكنيسة مهددة بالسقوط، وانتهى التهديد والانذار بعد ان اسكتوها ومن معها الذي يعتبر نفسه المالك الفعلي للمكان والمتصرف فيه بأمر الحكومة، اسكتوها ومن معها بالفليل من البخشيش، وهذا أصعب من اجتراع السم (أن يأتي مغتصب لمالك يمنعك عنه ويهددك فيه) هذه الكنيسة الرائعة التي احترقت كلها بفعل الرعاع، وامتدت ألسنة النيران الى هيكلها الخشبي الجميل وأسقفها، ظلت صامدة ولم تقع خلال 98 سنة، تشبه في صمودها، صمود من بناها، هي لم تقع والذي بناها لم يقع...وفجأة يعلن محافظ ديار بكر انه سيتم ترميمها...وانتهى الترميم وتم افتتاحها بقداس احتفالي مهيب ولكن....من سيصلي فيها ومن سيفتتح فيها قداس الأحد في كل يوم أحد لطالما انه لم يبق في ديار بكر ارمني واحد لم يقتل!...عائلة دنكجيان التي صلت فيها تم ابادة معظمها، وبقي منها من بقي في الاردن يبحث عن اهله في ديار بكر فلا يجدهم...يضع صورهم في صفحته فلا يرون صورهم، ولا يدله عليهم أحد، فلا أحد يعرف مكان وجودهم...والسؤال كيف استطعتم ايها الاتراك ان تتفوقوا على كل شعوب الارض بإجرامكم ...وما الفائدة من ترميم كنيسة لن يصلي فيها أحد أليس من الأجدى اعادتها لأصحابها؟
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
دمشق 14 04 2013
arasouvalian@gmail.com

[arasouvalian]

[arasouvalian]