أمانا يا عراق

أماناً عراقَ الخيرِ فالجرحُ سالمُ و هل أفنتِ الشمسَ الليالي القواتم
تطاولَ ليلٌ و الصباحُ بمَرْقَبٍ أيا ليلَ صبري ما كفتكَ المظالمُ
سقاني صديدَ القهرِ أسودُ حالكٌ فيا ليلَ أمريكا ارعوي الصبحُ قادمُ
بِلَيلَين ِ يأتي الفجرُ ينفُثُ غيظه فأقْبِلْ صباحي إنني بكَ حالمُ
ولا تسأمي بغدادُ حَملَ أشاوس ٍ فما تحملُ العينين ِ إلا الجماجمُ
هم الأمن يا بغداد ليس سواهم إذا هاج خوف عن حياضك قاوموا
فإن حان وقتُ السَّلمِ صِرتِ حمائماً وفي الحربِ أنى قد تطيرُ الحمائمُ
إذا أنطقَ الصمتَ الرصاصُ و بادرت حشودٌ على زيتِ الخليجِ تساومُ
وأقبلَ زَحْفٌ والحديدُ ركابُه وفي كبدِ الغيمِ الدخانُ يزاحمُ
وأفْقدتِ الأفلاكَ طيبَ رقادها قذائفُ خطَّتْ والبيوتُ علائمُ
و نازعتِ الشُّهبَ الصواريخُ أمنَها و جُرَّتْ على عَفرِ التراب ِ مكارمُ
وأجهشَ يبكي دجلة ٌ في مسيره وشُرِّحَتِ الأحلامُ والكونُ نائمُ
وصاح فُراتٌ أينَ صَحبي وهل هُمُ بقربيَ أم داست عليهم قوائمُ
و خَطَّ سما الأنبارِ نَزْفُ جراحِها ولهفي على الحَدْباءِ أينَ الضراغم
و غيلَتْ بسامرَّاءَ أضرحة ُ الوفا و معتصمٌ ضَجَّتْ عليه المآتمُ
و صاح العُلا بغدادُ أينَ دفاتري فبَعدكِ يا بغدادُ عيشيْ مَزاعمُ
وغطَّتْ على وجه السَّوادِ قتامةٌ ٌ وبالموتِ جاءت كربلاءَ مواسم
ونادى أيا بغدادُ شط ُّ عروبةٍ وأعْيَتْ رواديدَ الحسين ِ ملاحمُ
و بصرة ُ نادتْ أينَ نَحْويْ و كوفة ٌ رَمَتْ مُفرداتٍ قد بكتها المعاجمُ
وغافلَ هارونَ البرامكُ خِلسَة ً فعضَّ على وسطى فَرَتْها اللهازم‘
وطُلَّت على جسر الرصافة أدمع وكرخك يا بغدادُ بالقهر غائم
وصَبَّتْ عناقيدُ الطُّغامِ قنابلاً فحتى صُوى الأجداثِ كانت تُداهمُ
وضرَّج َ أجفانَ الثكالى وريدُها و قُطِّعَتِ الأوصالُ لات َمراحمُ
و صارت فؤوسُ الشرذمات عبادة ً تُقسِّّمُ مَقسوماً وبئس الغنائم
وما الفعلُ يا بغدادُ غربٌ تكالبوا وعُربٌ قُحاحٌ عجَّمتها الأعاجم
وما الفعلُ يا بغدادُ إذ نحن أمة ٌ على لَعْقِ جرحٍ قام فيها تَخاصُم
وما الفعلُ يا بغدادُ إذ قُسِمَ الحِمى وشُرِّدَ تاريخٌ وذلَّت ضياغم
و قالوا أيا كُردُ الدماءُ غريبة ٌ وبينكم والعُرْبِ أنَّى التفاهمُ
فَمُزِّق دربٌ قد مشيناه صُحْبة ً وصارت لألوانِ ِالدماءِ مياسمُ
وفاضتْ على كركوكَ أنهارُ فُرقةٍ أ ُثيرَتْ و زاخو أنكَرَتْهُ الغمائمُ
فقلنا إذاً فالأمرُ فرقُ أرومةٍ فكردٌ وعُرْبٌ حسبكمْ ذا تقاسم
فما أشفتِ الفأس المضاربُ حِقدَها أيُعجبُ فأساً بالغصون ِ تَزاحُمُ
و أُقْنِعَ جُهَّالٌ بمحضِ دعايةٍ أُريدَتْ وهل يا عُربُ فيكم تَراحُمُ
فما العُرْبُ إلا شيعة ٌ ضدَّ سُنَّةٍ وأشياع ُ أهل البيت أيضاً قسائم
ففرسٌ بهم والعُرْبُ أهل ولايةٍ و أهل الولايات العَوامُ سواهمُ
وسُنَّة ُ عُرْب غيرُ أكرادها صوى وسُنَّة ُ أعرابٍ سُراهُمْ شراذم
فبدوٌ وأهل الطين ليسوا بمنهُمُ وبالبدو في المرعى هناك تَخاصُم
وحاضرة ُ الأحزاب ِ فيها تنافسٌ وقادة حزب في الخصام تراهم
فوهنٌ وأحقادٌ ومالٌ ومذهبٌ وعرق وأحزابٌ و زعمٌ وزاعم
ولم تَرْضَ أمريكا بغير فنائهم ولو عن سُلاماها تخَلَّت براجمُ
ولستِ أيا بغدادُ وحدكِ في الأسى فقومي جميعٌ في الأساةِ جواثمُ
و إن أظهرَتْ جرحاً بوجنتكِ الدِّما فبحرُ جراحٍ في حشانا يُلاطم
وقد أمشي يا بغدادُ فوق خريطةٍ دماءُ جِراحاتي عليها مَعالمُ
وغيمة ُ هارونَ التي قد تفاخرتْ قلتها رياحٌ بالبلاءِ قوادمُ
وحسبيْ أيا بغدادُ من وجع بنا حدودٌ عرى الأنسابِ فينا تُحاكم
تُقَطِّعُ أرحاماً تركنا بِلالها وباقي الملا جَمْعٌ علينا تلاءموا
فأَرْوَمَ رومٌ بَعْدُ فُرسٌ تَفَرَّستْ وتُرْكٌ على طَورانَ هَبَّ هواهُمُ
ونحن أيا بغدادُ أسلابُ وهمنا فأسماءُ عُربٍ أهملتها القوائم
مؤامرة ٌ قد قيلَ إنا حَصيدُها مناجلُنا للحاصدينَ سوائمُ
وقد يهدِمُ الأعداءُ أبياتَ ضِدِّهمْ ولكنَّ بيتي ساكنوه الهوادمُ
غريبا أُرى في وسْط قومي كأنما أنا من ثقيلِ الحُلمِ في الليل هائمُ
و ها قد رماني الشكُّ في جُبِّ حَيرتي و ألحانُ فخري أوطِئتها المناسِمُ
ومن أصعبِ الأحزانِ أنيَ مُعْرِبٌ أرى بينَ أهلي َاليوم َسارت تراجمُ
أيا أمَّ مجدٍ ليس مثلكِ يُحتَوى و هل تُفرِغ ُ البحرَ الدِّلاءُ الحوائم
و شمسُك أبهى أن يُغَطَّى سناؤها و فخركِ لا يمحوه غزوٌ و غاشمُ
و فيكِ أسودُ الغيلِ إن أزِفَ اللقا أقامت على حَيْدِ الكرامِ تُصادمُ
قرومٌ همُ الأرحاءُ وقتَ كريهة ٍ و سُمٌّ على عينِ المُغيرِ أراقِمُ
وإن جاسَ صحنَ الحَيِّ باغٍ يَرودُه خبالاً يظن الوردَ فيهِ لِقاهُمُ
أرَوهُ بساح الحربِ ما لم يظنَّه فأغضى كسيفاً أخجلته الهزائمُ
أحاكَ خيوطاً بَعدُ يبغيْ فِكاكَها أيا عنكبوتُ اليومَ بيتُكِ هادِمُ
وفلوجَة ُ الأحرارِ أصْلَتْكِ نارَها وهِيتٌ بها قامت عليكِ محاكمُ
وتكريتُ أنضَتْ للضِّرابِ حسامها و تخفِقُ بالأنبارِ فيكِ الصوارمُ
وبالمَوصلِ الحَدْباءِ قد تُرِكَ الكَرى و أسْقتْ ديالى من دِماكِ الغمائم
فصبراًأيا بغدادُ قد حانَ مَوعدٌ تُعَصَّبُ للحَزْمِ المَكينِ عمائمُ
و ما الحربُ إلا عندَ أوَّلِ صدمةٍ وبَعدُ يبينُ الفعلُ فيه الحواسمُ
أبغدادُ أنتِ الجِدُّ إن حُمِدَ السُّرى ذُكِرْتِ و أنتِ الحَدُّ إنْ ضلَّ حاكمُ
بغدادُ أنتِ الرِّفْدُ إنْ عزَّ نائلٌ و أنتِ القوى إن أخذلتنا العزائمُ
و أنتِ الرؤومُ الشِّعرُ منكِ خصاله فيا أمُّ فَدواكِ الأنا والعوالمُ
بغدادُ إن لم تُنْصري عافنا الندى ولا هطلتْ مُزْنٌ ولا قامَ قائمُ