صفات الناقد الأدبي


الصفة الأولى:الموهبة النقدية

إن أول ما ينبغي أن يتصف به الناقد هو الموهبة النقدية والذوق .أما الموهبة النقدية فهي قدرة يمنحها الله لبعض الناس يستطيعون بها أن يفحصوا الأشياء فحصاً دقيقاً ,فيكتشفوا عيوبها الخفية ويحسوا بالجمال الظاهر والخفي ,ويقارنون ا بين المتشابهات , ويدركون الفروق التي لا تظهر لنا بسهولة.

صحيح أن جميع الناس أسوياء يملكون القدرة على الفحص والتمييز والمقارنة ولكن أصحاب الموهبة يملكون قدرة فائقة,فإذا سنحت الفرصة لتنمية قدراتهم والإفادة منها,أصبحوا نقاداً بارعين .
أما الذوق فهو ملكة خاصة تجعل المرء لبقاً .يحسن التصرف والاختيار والانتباه للتوافق الدقيق بين الألوان والأصوات والإشكال ,ويحس بأي تنافر بينها.

وفي ميدان النقد الأدبي تكون صفة الذوق مكملة لصفة الموهبة ومرتبطة بها غالباً فمن أوتي موهبة الإحساس بالعيوب الخفية والجمال الدقيق فسوف يستخدمها في حٌسن الاختيار وحسن التصرف وعندما يفحص الناقد عملاً أدبياً فإن موهبته وذوقه يشتركان في إدراك الفروق الصغيرة بين معنى ومعنى وصورة وصورة ,وفي إدراك الفروق بين الألفاظ في أثناء وقعها على الأذان ,وإدراك التناسق أو التنافر في ترتيب الكلمات داخل الجملة .
فالذوق إذاً صفة لازمة للناقد , ترتبط بموهبته النقدية وتكملها ليستطيع بهما معاً أن يتذوق الأعمال الأدبية ويساعد القراء على تذوقها تذوقاً صحيحاً



الصفة الثانية : الثقافة والخبرة
من الصفات المهمة للناقد الثقافة والخبرة أما الثقافة فينبغي أن يكون الناقد ذا ثقافة واسعة متنوعة ومتعددة الميادين وتنقسم إلى عدة أقسام :-



1- الثقافة النقدية المتخصصة :

وذلك بأن يعرف أصول النقد وطرقه , فيعرف كيف يحلل النص الأدبي ويستنبط صفاته وخصائصه,ويحكم عليه كما ينبغي أن يكون لديه إلمام بالتراث النقدي العربي وبالحركات النقدية التي يعاصرها ,وبالاتجاهات النقدية المهمة في العالم.



2- الثقافة الأدبية :

فالأدب ميدان النقد وموضوعه,وينبغي للناقد أن يعرف فنون الأدب وقواعد كل فن .فإن أراد أن ينقد قصيدة فلابد أن يعرف أصول الشعر وقواعد العروض ,ويكون له إلمام بالتراث الشعري العربي ,والقيم التي كانت سائدة فيه وإذا أراد أن ينقد قصة فلابد أن يعرف قواعد القصة وأسسها الفنية ,واتجاهاتها الحديثة وهكذا بالنسبة لكل فن من فنون الأدب .



3- الثقافة البلاغية :

التي تعينه على إدراك فصاحة الألفاظ والعبارات والأساليب البيانية المستخدمة في الأدب الرفيع ,والمحسنات البديعية الموجودة في النص ,فالبلاغة جزء أساس من النقد العربي وقد كانت ملتحمة به إلى القرن الخامس هجرية ثم انفصلت عنه ,وصارت علماً مستقلا لا غنى عنه للناقد العربي عن معرفتها .



4- الثقافة اللغوية :



وبخاصة النحو والصرف ,فبهما يستطيع الناقد أن يدرك صحة العبارة,
واستقامة الجملة ,ويضبط أي اختلاف فيهما , لان الخروج عن قواعد اللغة يفسد المعنى ويضيع جمال العمل الأدبي .
وإذا كانت كتب الأدب والبلاغة تعطي الناقد ثقافة واسعة في أصول التعبير الصحيح فإن أكبر مصدر للغة الرفيعة والبيان العظيم هو القرآن العظيم ثم الحديث الشريف ولكي يكون الناقد مثقفاً ذواقاً للبيان وللأساليب الجميلة ,فلابد أن ينهل منهما ,وقد كان أسلافنا يشترطون في الناقد حفظ القرآن الكريم ,وقدر من الأحاديث الشريفة ولا شك أن الناقد العربي المسلم في عصرنا أحوج ما يكون أن يتذوق البيان القرآني المعجز وأسلوب الأحاديث الشريفة البليغ وأن يربي ذوقه عليهما,فيكسب ثقافة لغوية وبيانية عظيمة .



5- الثقافة الإسلامية :


من طبيعة عمل الناقد أن يحكم على الأفكار والمعاني في الأعمال الأدبية إضافة إلى الأساليب - لذا ولكي تكون أحكام الناقد المسلم صحيحة وآراؤه سديدة وسليمة من تأثيرات التيارات الفاسدة ,ينبغي أن يتزود ما يستطيع من الثقافة الإسلامية ,وأن يمتلىء بالتصور الإسلامي للحياة وللإنسان .



وأما الخبرة العملية : فإن الناقد في حاجة إليها ليكتسب مهارة نقدية فالخبرة هي التي تميز بين الناقد المبتدى والناقد البصير الممارس ,وهي التي تجعل أحكام مقبولة ومحترمة لدى الأدباء والجمهور .ويكتسب الناقد الخبرة عادة بالقراءة الواسعة في أعمال النقاد النابهين ,وبالممارسة والعمل الدءوب.



الصفة الثالثة : العدالة والإنصاف

العدالة والإنصاف من الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم بعامة,وكل من يتصدى للحكم بخاصة ,والناقد واحد من هؤلاء .لذلك ينبغي للناقد عندما ينقد عملا أدبياً أن يبتعد عن التحيز والتعصب ,والمجاملة وأن يحكم على عناصر العمل الأدبي وفق الصفات التي تتصف بها حقيقته ,وأن يعلل أحكامه ,فيبين الأسباب التي جعلته يحكم بالجودة أو الرداءة,وعليه أن يحترس من أن تدفعه عاطفته نحو أديب ما إلى إطرائه بما ليس فيه,أو بخسه حقه والتجني عليه .
ويختلف مفهوم العدالة في النقد الأدبي عنه في الأمور الأخرى في شيء واحد فقط ,وهو السماح للناقد بأن يحكم ذوقه الشخصي ,على أن يكون ذوقاً رفيعاً مدرباً,وألا أصبح حكمه قاصراَ لا يؤبه له أو متحيز مجروح عدالته .




شكراً لقراءتكم ،،


منقول
المصدر:
http://www.ckfu.org/vb/t415.html