الحدث:
___

من يُلقِي نظرة مقتضبة ،على سيرة أديبنا الإبداعية إبراهيم خليل إبراهيم ،يجد أن هذا المبدعَ ذخر للثقافة العربية عموما، ولمكتبة مصر خصوصا ،ونموذج حي عملي، له تنوع حاصل في شتى أنواع المعرفة ،يشمل دراسات أدبية ،وتاريخية، وبحوث، ومقالات نقدية، أضف إلى السرد والشعر ،وتتنوع ثقافته بتنوع عمله ،فهو محرر ،وصحفي، ومعد برامج إذاعية ،ورئيس تحرير ،ومشرف على عدة مواقع بالمنتديات الإلكترونية ،بالإضافة إلى عضويته الفعالة النشيطة في عدة ندوات ،وملتقيات أدبية وثقافية.. وعضويته الجمعوية في العديد من الاتحادات ،و الحقول الثقافية الأدبية ،قس على ذلك غزارة مؤلفاته ،سواء التي أصدرت أو التي قيد الطبع ...فهذا الكائن اللولبي الذي أطلق العنان لفرسه الجامح للحراك الثقافي على كافة مستوياته، وفي أبهى صورة ،لم أقدمْه مجاملة مني ،ولكن شَدّني تنوعه الثقافي المدهش ،كما حصَل مع غيري، بشهادة القراء والإعلاميين، الذين قدموا فيه شهادات لاتحصى، في إنسانيته وجهده وكفاءته ، ستبقى نياشيل على صدر الكاتب ،ووثائق تاريخية ثرية لأبناء مصر والعرب قاطبة ..


يقول فيه الدكتور مصطفى بديوى :"‘إنه جهد يستحق أكثر "


وتقول المذيعة "نادية عثمان ":"إنسانية ابراهيم خليل إبراهيم انعكست في إنسانيته " يقول الشاعر في إحدى قصائده التي تؤكد هذه القولة الأخيرة :


أجوب المدن

والقرى

والنجوع

ألمح طيفك

فتسبقني الدموع

ونظرا لحرارة العشق في بعديه الإنساني والوطني ، تُرجِم النص إلى الانجليزية والفرنسية ...


:الحس الوطني
___

يتجذر الكاتب في حب وطنه مصر حتى النخاع ، بل كل حبة رمل من رمالها، تنبض في عروق الشاعر ،وتفيض حبا وتعلقا ،يتنفس في ترابها ،كما تتنفس هي في وريده ،وكيانه، ومشاعره ،ووجدانه ،وخير دليل ــــ يشهد على شلال حبه الدافق ،وإخلاصه الوفي لمصر ولأبنائها الأبطال ،كمحطة بارزة لامعة، تُجَدد الأمل في مستقبل هذا الوطن ،وحافز قوي على تلاحم أبنائه، ليكونوا خير أجناد هذه الأرض الطيبة ـــ ماقدمه مبدعنا إبراهيم خليل إبراهيم من مؤلفات وطنية، تعتبر بحق وثيقة تاريخية ،ستبقى أبد الدهر لامعة في صفحات تاريخ مصر :هو كتاب "من سجلات الشرف "الذي ينبهر ببطولات الأبطال المصريين: الأحياء منهم والشهداء ،الذين قدموا كل مالديهم في سبيل نصرة الوطن، وجعله شامخا فوق القمم ،والكتاب نال حدا واسعا من الإعلام إذاعيا وورقيا وإلكترونيا ..وهكذا يُتَوَّج مبدعنا إبراهيم خليل إبراهيم بطلا ،في عيون قرائه وجمهوره وأحبائه ..وحسُّه الوطني يتجاوز أسوار وطنه، ليمتد لهيبه إلى الأمة العربية ،فيصبح قوميا ،حيث يتم تجسيد محنة فلسطين وماألم بغزة بحرقة ملفتة :


غزة تحترق

غزة تختنق

والعالم في صمت مغرق

ولايقف عند هذا الحد، بل يدعو العرب إلى اليقظة من نومهم ، للذود عن العروبة ،ومن يقرأ القصيدة "غزة تحترق "يلفي صراخ الأديب بحماس يمزق الأحشاء ..والملفت ،أن أغلب نصوص الشاعر قصيرة جدا، تعتمد السهل الممتنع، الذي يغلب عليه طابع المباشرة، نظرا لطبيعة المواضيع الحارة،وهذه البساطة في الأسلوب بوعي الشاعر، ليُفسِح المجال لقرائه ،حتى يلتهموا مابين السطور بسهولة ،ويشاركوه حماسه القوي المشتعل ..كما اعتمد في الاختزال شساعة المعنى ،والدلالات القوية المربكة ،بدل التفسير الزائد، والإطناب ...
:اللغة
_
إنك حين تلامس لغة إبراهيم خليل إبراهيم، تلامس الدفء ،وحرارة الكلمة ،كافية تصهر الأشياء وتجعلها لحمة واحدة ..إذْ تَهُد كل الفواصل والحدود بينها ...فترفع من قِيَم التعبير إلى مستوى أرقى ..وهي حذلقة من الشاعر، في إيقاظ الهمم في النفوس ،وبعث روح الحماس في القراء ..فاللغة تنطلق في حدود تجربة لها بنية خاصة ،تحمل في أحشائها شرارة الحياة ،ونبض العاطفة ،تَتَرفّع على اللغة العادية بخلق الرموز المعتدلة غير الغامضة ،والسمو على مقام مناطق الرؤى ،حبلى بصيغ رفيعة دلاليا ،ماأعطاها بعدا آخر متميزا، في انسجام كامل بين الجرس والصوت والنغم ..هذا على مستوى الشعر والسرد ،أما على مستوى المقالات النقدية ،والتاريخية، والوطنية ،والدينية، فمبدعنا ينهج السلاسة في التعبير ،حتى تغدو اللغة كنهر زلالي متدفق ،ينتقي المبدع فيها معجمه ،حسب مواضيعه المتلونة والعديدة ،التي تتعدد بمعاجم منتقاة بعناية فائقة ،والتي ترتبط بعمق الإحساس الخاص لدى الأديب ،كفضاء داخلي تعترك فيه الأشياء، ثم تمتزج لتنساب سيلا واحدا لألاء شفافا ،تبرق على شاشة الشعور بارتداد آفاق المعاني الإنسانية ..
:الأسلوب
__
تهيمن الذاتية على منجزات الأديب إبراهيم خليل إبراهيم ،حيث ينصهر التلفظ والأسلوب ليصبح أمرا واحدا ، ترتكز الأبعاد التداولية على النشاط اللفظي نحو الترميز إلى دلالات معينة ،كامنة في نفسية الشاعر ،والتي تتنوع وتحيا من قارئ إلى آخر، يتجاوز فيها المبدع كل صيغ التكلف ،والغرابة ،سواء في قصصه ،أو شعره ،أو مقالاته الدراسية ،أو النقدية .ليقدم لنا أطباقا متنوعة ،تزخر بكل فنون المعرفة والثقافة،بأسلوب سلس مبسط ،حتى تكون في متناول الجميع حسب آفاقهم المعرفية ،وهذه ميزة قلما نجدها لدى غيره من الكتاب ،فكل من تناول مواضيعه يَنْشَد إليها ،ولاينفض يده منها إلا بعد إنهائها ...
:خلاصة
__
الكاتب إبراهيم خليل إبراهيم يجتاح عالم الأنترنيت بأجنحته الأربعة ،ينفذ في أقطار الصحافة حتى الأعماق ،يضرب أطناب السرد بامتياز ،يُمَسّد خصلات القصيدة دون تريث ،يهيم وراء المقالات النقدية بكل جرأة ، يحفر في قلب الدين والسياسة ،ويقلب تربتهما بثقة عالية ،يثقب قلمه جذع التاريخ بسيولة لاتنضب ..إبراهيم خليل إبراهيم أديب متمكن من أدواته اللغوية، والأسلوبية، والصياغية، والمعجمية ،ترك بصمة مدهشة في المكتبة العربية ،ونبضة فعالة في قرائه وجمهوره ..


مالكة عسال
الدار البيضاء- المغرب