يوم للفرح الفلسطيني
د. فايز أبو شمالة
هذا هو يوم فلسطين، يوم تحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية عنوةً، هذا يوم للفرح الفلسطيني بعد أيام من الحزن والدموع والفراق، هذا هو يوم فرح الفلسطينيين بعد سنوات دال فيها النجاح للإسرائيليين، وهم يملون إرادتهم على المجتمع العربي. هذا هو يوم الأغاريد والتهليل والتكبير والشكر لله الذي مكّن بعض فتية فلسطين من محاصرة الغول الإسرائيلي المخيف، ومن ثم توجيه الطعنات القاتلة له، وجرجرته مهاناً فوق رمال غزة، ليحرروا اليوم أسراهم من بين أنيابه عنوةً، حقاً إنه يوم للفرح الفلسطيني؛ حين يتعانق ندى التخطيط المحكم مع زهر التنفيذ الدقيق للعمل العسكري الناجح، حين تكاثف غيم العزيمة على قمم الإصرار، ليُقبِّل اليوم موج فلسطين الشواطئ تحت أقدام الثوار.هذا هو يومك يا فلسطين، يوم يخرج شعبك الفخور برجاله من معركة عض الأصابع مرفوع الرأس، ينزف عرقاً، ويشر دماً، ويكظم وجعاً، ولكنه يفتح ذراعيه الحنونين، ليحتضن المئات من أسراه المحررين، يشدهم إلى شرايينه بالقوة، ليتدفق الدم الساخن في العروق، وتجري الحياة، حين يداوي الفلسطيني جراحه بالحرية، ويلف رؤوس الأسرى المحررين بلمساته الحنونة، وهو يمسح دموع الفرح من عيونهم، وعيون كل الأوفياء، ويهمس في آذان أسراه المحررين بآيات الثناء والحب، وهو يقيم لهم عرائش المجد، ويعزف لهم لحن الصمود، الذي يتردد صداه بالوفاء والتقدير والتبجيل في كل بلاد العرب والمسلمين.هذا يوم للفرح الفلسطيني، يوم لا يطلق فيه الرصاص، وإنما تنطلق فيه الأغاريد، هذا هو اليوم الذي لا تطلق فيه التصريحات، وإنما تتحدث فيه عن نفسها الرايات، هذا هو اليوم الذي لا تسمع فيه الأذن الفلسطينية إلا الكلمات المؤذنة بالانتصار، اليوم الذي لا تسمح فيه الكرامة الفلسطينية بحضور الجبانٍ الخوّار، هذا هو اليوم الذي لا ترتضي فيه الرئة الفلسطينية إلا أنفاس الشهامة والفخار، لتسيل الفرحة في شوارع فلسطين، وتلتقي شلالات المودة في كل ساحات الوطن، وفي الميادين التي لا تنسى فضائل الرجال، الرجال الذين نسجوا خيوط المجد من دمائهم، لقد نزفوا ليزفوا للشعب الفلسطيني أول بشائر الصمود، وأول ثمار المقاومة المسلحة من الأسرى المحررين، الأسرى العائدين إلى دنياهم المغتصبة بكل الحب والحنين.