-
ذلك المخبري ال..؟
ذلك المخبري ...ال ؟
كانت يدهُ السمراء المشعرة ,هي أول يدٍ تمسُّني بتيار كهربائي فتشعل الحرائق , وضعَ راحةَ يدهِ اليُسرى تحتَ مرفقي, فشعرتُ بذبذباتٍ تهزُّ قلبي برفق, فيكادُ يهمي كالياسمين حين تداعبهُ النسماتُ اللطيفة، أمسكَ كفي برفق ووضعهُ على حافة الكرسي الأسود.
خفقَ قلبي كما لو أن طائرة أقلعت به,وتسرّع نبضي,واضطربَ إيقاعُ تنفسي ,فلم أستطع إيجادَ طريقةٍ للهروبِ من تلك الحالةِ .
وضعَ ربطةً مطاطية خضراء اللون فوق مرفقي ,وطلبَ مني النظرَ إلي الجهةِ الأخرى .
شعرتُ بأنفاسهِ الحارة تصطدمُ بيدي, فخلّت للحظة أنه سيقبلها.
وعندما طلبَ مني فتحَ عيني كدتُ أصرخ :لم أشعر بشيء هل حقاً سحبت هذا الدم مني ؟
منذُ تلك اللحظة أدركتُ أنه حقنني أيضاً بترياق الحب فأصبت بالحمى ,وكان دوائي و بلسمي كل يوم هو سماع صوته يرنُّ بعصبية :ألو..ألو ..من المتكلم .
كانت أنفاسهُ التنينية تتسللُ عبر سلكِ الهاتف لتصطدم بوجهي فأكادُ أسقط أرضاً،أغلقُ السماعة وأضحكُ هامسةً في سري :كم أحبك .
وعندما طوّر فيروس الحب نفسه, فلم تعد تنفعُ معه عقاقير صوتهُ الممتلئ بالتهذيب ،تهت أكثر في بحره وكان هو السفينة التي تستطيع إنقاذي .
أعددتُ نفسي لإعادة التحاليل, ورفرفت كفراشة إلى عالمك ،حملّت كريات الدم بكل ما أريد إعلامه به ,من هيام وشوق وأعطيتُها الكثير من الرسائل التي كتبتها لهُ في لحظاتِ حنيني لصوته ،وأخبرتها أن لا تتردد في إخباره, أنني العاشقة التي تقطع وتيرة عمله بين اللحظة والأخرى لتسمع صوته.
صافحتني يدهُ السمراء برفقٍ , وقبضتْ يدي على يدهِ بحبٍ ,سألني : عن سبب إعادة التحاليل .
فتحتُ عيني باندهاشٍ ,ثم هززت رأسي وقلتُ بدلالٍ :ستعلم فيما بعد .
مددتُ يدي ,ولم يستطع إرغامي على إغماضِ عيني، كنت مصرّةً على مراقبةِ يده السمراء في خطواتها الأنيقة ,يربط (الكارونة الخضراء)فوق مرفقي, ثم يبحث بسبابته اليسرى عن وريد ضاج بالحب, يمسح مكان تلك اللمسة بالكحول, ويسحب الدم بخفة, كانت كريات الدم قد تجمعت في تلك المنطقة , تأخذ شكل حروف اسمه الأربعة و كلُّ منها تحاول أن تكون الأسبق قي الوصول إليه, وإخبارهُ بمشاعري البعيد عنه.
دخلتُ المخبر في اليوم التالي وأنا في غاية الأناقة , أرتدي فستاني الأزرق والكعب العالي والعطر يتطاير رذاذاً من شعري الأشقر.
استقبلني بحفاوة, وكأنه يعتذر مني عن عدم إحساسه بمشاعري ,طلب مني الجلوس لثوانٍ ثم عادَ بابتسامةٍ ومعه النتيجة قائلاً :تبدين اليوم أجمل.
أعطاني النتيجة فضحكتُ له وأنا ألتهم تفاصيله :وما النتيجة .
أوّرقَ وجهه وفتح يديه قائلاً :ممتاز ..القيم كلها طبيعية.
غادرتْ الابتسامةُ شفتيَّ, وكأنه فتحَ صنبوراً من الماء المغلي على جسدي. فتحتُ الورقة بسرعة ,مجردُ أرقامٍ ورموزٍ دون أي خطٍ أحمر,ألم ينتبه للونِ الجديدِ الذي أكتسبهُ كرياتُ دمي النابضةُ باسمه ؟ألم يقرأ اسمه في كل كريّة من كريات دمي ؟
نظرتُ إليه بعصبيةٍ دَهَشَتْهُ, وضربتُ كفي بالطاولة وقَدَحَ الغضبُ في وجهي, خرجتُ ملّقيةً نظرةً أخيرة على ووجهه الممتلئ بإشارات الاستفهام صارخةً به :يا لك من مخبريٍ ....غبي .
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى