التدين الشكلي
🎯 (كلام في الصميم)
درر ثمينة تعكس واقعنا اليوم
*********


سَألَ عمرُ بن الخطّاب رضي الله عنه
عن رجلٍ ما إذا كان أحدُ الحاضرين يعرفه
فقام رجلٌ وقال :
أنا أعرفه يا أمير المؤمنين.


فقال عمر : لعلّكَ جاره، فالجارُ أعلمُ النّاس بأخلاقِ جيرانه ؟
- فقال الرّجلُ : لا


فقال عمر : لعلّكَ صاحبته في سَفرٍ، فالأسفار مكشفة للطباع ؟
- فقال الرّجلُ : لا


فقال عمر : لعلّكَ تاجرتَ معه فعاملته بالدّرهمِ والدّينارِ، فالدّرهمُ والدّينار يكشفان معادن الرّجال ؟
- فقال الرّجلُ : لا


فقال عمر : لعلّك رأيته في المسجدِ يهزُّ رأسَه قائماً وقاعداً ؟
- فقال الرّجلُ : أجل


فقال عمر : اجلسْ فإنّكَ لا تعرفه
*********


✍كان ابن الخطّابِ يعرِفُ أنّ المرءَ من الممكن أن يخلعَ دينه على عتبةِ المسجد ثم ينتعلَ حذاءَه ويخرجَ للدّنيا مسعوراً يأكلُ مالَ هذا، وينهشُ عرض ذاك !


✍كان يعرفُ أن اللحى من الممكنِ أن تصبحَ متاريسَ يختبىء خلفها لصوصٌ كُثر، وأنّ العباءة السّوداء ليس بالضرورة تحتها امرأةٌ فاضلة !


✍كان يعرفُ أن السِّواكَ قد يغدو مِسنّاً نشحذ فيه أسناننا ونأكل لحوم بعض .


✍كان يعرفُ أن الصلاةَ من الممكنِ أن تصبحَ مظهرا أنيقاً لمحتال، وأنّ الحجّ من الممكنِ أن يصبحَ عباءةً اجتماعية مرموقة لوضيعٍ !


✍كان يؤمنُ أنّ التّديّنَ الذي لا ينعكسُ أثراً في السُّلوكِ هو تديّنٌ أجوف !


✍أندونيسيا لم يفتحها المحاربُون بسيوفهم وإنما فتحها التُّجارُ المسلمونَ بأخلاقهم وأماناتهم !
فلم يكونوا يبيعون بضائعهم بدينهم، لهذا أُعجبَ النّاسُ بهم وقالوا :
يا له من دين !


✍الايمان الكاذب أسوأ من الكُفر الصّريح.
وفي كليهما شرّ !


✍والتعاملُ مع الآخرين هو محكُّ التّديّنِ الصحيح .


✍إذا لم يلحظ الناسُ الفرقَ بين التّاجر المتديّنِ والتّاجرِ غير المُتديّن فما فائدة التّدينِ إذاً.


✍وإذا لم تلحظ الزّوجةُ الفرقَ بين الزّوجِ المُتديّنِ والزّوجِ غير المتديّنِ فما قيمة هذا التّديّن .
والعكس بالعكس !


✍وإذا لم يلحظ الأبوان الفرق بين برِّ الولد المُتدَيّنِ وغير المُتدَيّنِ فلماذا هذا التّديّن ؟!


✍مصيبةٌ أن لا يكون لنا من حجّنا إلا التّمر، وماء زمزم، وسجاجيد الصلاةِ المصنوعةِ في الصّينِ، ووجباتِ البيك !


✍مصيبةٌ أن لا يكونَ لنا من صيامنا إلا السمبوسة، والفيمتو، والتمر هندي، وباب الحارة !


✍مصيبةٌ أن تكون الصلوات حركاتٍ سُويديّة تستفيدُ منها العضلاتُ والمفاصلُ ولا يستفيدُ القلب !


✍مظاهرُ التّديّنِ أمرٌ محمود،
ونحنُ نعتزُّ بديننا شكلاً ومضموناً.


ولكن العيب أن نتمسّكَ بالشّكلِ ونتركَ المضمون.


✍فالدّينُ الذي حوّل رعاة الغنمِ إلى قادةٍ للأممِ لم يُغيّر أشكالهم وإنّما غيّر مضامينهم.


✍أبو جهل كان يلبسُ ذات العباءة والعمامة التي كان يلبسها أبو بكر !
✍ولحية أُميّة بن خلف كانتْ طويلة كلحية عبد الله بن مسعود !


✍وسيف عُتبة كان من نفس المعدن الذي كان منه سيف خالد !


تشابهت الأشكالُ واختلفت المضامين


هل أدركنا ماذا يريد منا ديننا
إنه العبادة بمفهومها الشامل
كل ما يحبه الله ويرضاه من اﻷقوال واﻷفعال الظاهرة والباطنة .


هذا هو الإسلام بمضمونه


✍د . علي الصلابي