عبدالرحمن الراجح
رصد التقرير الارتيادي الاستراتيجي السنوي الذي تصدره مؤسسة البيان الإسلامية، ظاهرة الهجوم على حجاب المسلمات في العالم الغربي، وانكشاف زيف دعاوي الحريات الخاصة التي يتنادى بها الغرب، والتي لم تحتمل أن ترتدي طالبات مسلمات الزي الشرعي في المدارس، وتم حرمانهن من التعليم بسبب حجابهن، وصدور القرارات التعسفية من الجهات المسؤولة عن التعليم في العديد من البلدان الأوروبية لتبرير منع الطالبات المحجبات من دخول المدارس بزيهن الشرعي.التقرير الاستراتيجي للبيان: انتشار الحجاب هزيمة للعلمانية!
(الأثنين 14 شعبان 1428 الموافق 27 اغسطس 2007)
واستعرض التقرير الارتيادي الاستراتيجي في إصداره الرابع، الذي صدر مؤخراً، قضية الهجوم على حجاب المسلمات في الدول الغربية؛ حتى إن الرئيس الفرنسي "جاك شيراك" الذي دعم حملة منع الحجاب صرح علانية بأن: "ارتداء تلميذات المدارس الحجاب الإسلامي أمر عدواني" وتناول التقرير موقف الحركات النسوية العلمانية المتطرفة في العالم العربي الداعم للتوجهات الغربية بمنع الحجاب، وسن القوانين التي تحظره تماماً، كما حدث في تونس.
وقال التقرير: إن علماء الأمة أجمعوا طيلة الخمسة عشر قرناً من الزمان على أن المرأة تغطي جميع جسمها، واختلفوا حول تغطية الوجه والكفين، وإلا اعتبرت المرأة المسلمة التي لا تلتزم بذلك مخالفة لأمر ربها معاندة له، وإن كل فئات الأمة رجالها ونساءها يعلمون أنه يجب شرعاً على جميع نساء المؤمنين التزام الحجاب الشرعي.
وتعرض التقرير لظاهرة الهجوم على حجاب المرأة المسلمة، سواء في العالم العربي أو الغربي، من خلال التصريحات الرسمية وتحليل هذا الخطاب الرسمي العدائي في بعض البلدان العربية والغربية ضد الحجاب، وتناول التقرير الآثار السلبية للحملة الغربية ضد الحجاب وتأثيرها على الجاليات المسلمة التي تعيش هناك.
الحجاب ظاهرة دخيلة على تونس!!
وعن ظاهرة الهجوم على الحجاب في العالم العربي أكد التقرير الاستراتيجي لـ"البيان" أن الهجوم على الزي الشرعي للمرأة المسلمة جاء من خلال حملة إعلامية وسياسية موجهة وقوية من قبل قوى علمانية تملك السلطة والتأثير، سواء في وسائل الإعلام أو تتصدر سدة القنوات السياسية، واستبعد التقرير دول الخليج العربية من هذه الحملة، وانصب التحليل على ما حدث في كل من مصر وتونس، حيث قادت السلطة السياسية التونسية الهجوم على الحجاب، واعتبرت الزي الشرعي للمسلمة في تونس "زيا طائفيا" واتهمت المحجبات بـ"الطائفية" والعنصرية، ودلل التقرير بتصريحات الرئيس التونسي ، والأمين العام لحزب "التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم" في تونس الذي اعتبر "القبول بالحجاب في تونس بأن تقبل البلاد غدا بحرمان حق المرأة من العمل والتصويت، وأن تمنع من الدراسة، بل وصل الأمر أن صرح وزير الشؤون الدينية التونسي بقوله "إن الحجاب ظاهرة دخيلة على تونس" وقال في تصريح آخر إنه ظاهرة "نشاز" وزي طائفي، وعلى ضوء هذا الهجوم المكثف منعت طالبات الجامعات والمعاهد المحجبات من دخول الاختبارات وحرمن من حقهن في أداء الامتحانات، وتم منع المحجبات من التردد على المستشفيات العامة للعلاج.
وإذا كان النموذج التونسي ـ على حد قول التقرير الاستراتيجي للبيان ـ قد جسد النموذج العلماني الفج في الحملة ضد الحجاب والمحجبات، فإن الموقف الذي قاده وزير الثقافي المصري "فاروق حسني" حاول أن يحتذي بهذا الأنموذج عندما هاجم الحجاب، ولكن الفعاليات السياسية ـ بما فيها الحزب الوطني الحاكم ـ والدينية، هاجت ضد وزير الثقافة، الذي وجد بعض الحماية من أركان النظام، ولكن تراجع حسني عن تصريحه واعتبره مجرد رأي شخصي خاص به ولا يمثل موقف الحكومة، بل وأعلن احترامه للمحجبات.
أما في الغرب فقد كانت الحملة على أشدها على الحجاب في فرنسا، التي قادها الرئيس الفرنسي السابق "جاك شيراك" شخصياً، وأعرب عن قلقه إزاء ظاهرة ارتداء الطالبات في المدارس الحجاب
وأكد على أن الحكومة الفرنسية ذات النظام العلماني الصارم لا يمكنها السماح لطالبات يرتدين الحجاب.
واعتبره "شيراك" علامات للتباهي بالاهتداء الديني وأنه ظاهرة عدوانية، وتحت هذه الضغوط صدر قانون بحظر ارتداء الحجاب في المدارس.
وانتقلت الظاهرة إلى بعض الولايات الألمانية، حيث أقرت ولاية "نورث رين وستفاليا" التي تعتبر الأكبر من حيث عدد السكان قانوناً يمنع الحجاب وإن كانت لم تسمه بالاسم، وانضمت إليها ولاية "بافاريا" الواقعة جنوب ألمانيا، وقاد اليمين المحافظ الهولندي حملة إعلامية وسياسية واسعة ضد الحجاب وطالب بسن القوانين التي تحظره.
انتشار الحجاب.. وهزيمة العلمانية!
وتطرق التقرير الاستراتيجي إلى تبعية الجمعيات النسوية العربية التي ترفع شعارات الدفاع عن حقوق المرأة في الهجوم على الحجاب، وحلل التقرير أسباب رفض العلمانيين العرب للحجاب بقوله: إنهم يرونه رجعية وتخلفا، ولكن الحقيقة أن الفصائل العلمانية العربية ترى في انتشار الحجاب في الدول العربية التي تمكنوا فيها من الإعلام وصنع القرار السياسي بأنه بمثابة هزيمة ساحقة وضربة قوية لمشروعهم العلماني التغريبي، وهذا يكشف سر الهجوم الهستيري من جانب العلمانية على الحجاب، أما عن رفض الغرب للحجاب فإن ذلك ينطلق من المنظومة الغربية المعادية للإسلام، والتي تزخر بعداء تاريخي شديد للإسلام، ولم تتوان بعض الدوائر الرسمية الغربية في التذكير بالحروب الصليبية، وحتى ما ينادون به بالإصلاح والتغيير في العالم الإسلامي فهو من وجهة نظرهم لا يتعدى أن يكون تغييراً للمناهج الدينية الإسلامية، والحد من المدارس والمعاهد والجامعات الدينية.
التقرير الارتيادي الاستراتيجي لمؤسسة "البيان" يشرف عليه نخبة من الأكاديميين والمفكرين ويترأس تحريره الشيخ "أحمد بن عبدالرحمن الصويان"، وقد صدر عدده الرابع هذا العام تحت عنوان "العالم الإسلامي.. عوامل النهضة وآفاق البناء" وجاء التقرير في أكثر من خمسمائة صفحة من القطع الكبير.