يا شهرزادْ

جئناك من أقصى الحكايةْ

من أخمص الأشلاء في أحلامنا

حتى احتضار النور ما بين السطورْ !!

يا قصةً كنَّا محونا حرفها

من يوم أغلقنا المدى برمادنا

حتى اكْترينا التيهَ من أسمالِ حفّار القبورْ

ومضتْ بنا أصداؤنا ونما الهباءْ

وتدثَّرتْ أسماؤنا موت الرحيقْ

حتى استباحتْ مدَّنا وقضى عليها السيلُ واندثر العبورْ

واستنفر الموتُ المسافةَ معلناً أنّا سنقترف العراءْ

أنََّا سنغرفُ إفْكه دون انتهاءْ !!

يا شهرزادْ

يا قصةً لم يستطع عتم الطريقْ

أن يشتريها في المزادْ

يا قصةً سئمتْ منَ الصمتِ الكثيفِ منِ البداية للنهايةْ

قولي أما سئمَ المدادْ !!

أنا مثلك الظلُّ الذي عشقَ الرحيلْ

عشقَ الحكايةَ في زمانِ المستحيلْ

لكننا جئنا بوقتٍ بين بينْ

زمنٌ يقصقصُ للندى أضلاعه

ويعبُّ أشرعةَ السفينْ !!

فيُسربلُ المنفى على فمه الخمارْ

ويُسجِّرُ القمرُ البحارْ

وتداهم الريحُ الملامحَ بالحصارْ

والليل إنْ عسعسْ

فوق الجواري الخنَّسْ !!

يُجلِّلُ الصمتُ النهارْ

ويغادرُ الصحو المدارْ

وينوسُ قنديلُ العويلْ !!

ويضيع من طرقاتنا وحي الدليلْ

ويئزُّ فوق غيابنا حقلٌ منَ الألغام منزوع الفتيلْ !!

يا شهرزادْ

جئنا لنجترَّ الحكاية من سويعاتِ الأفولْ

هل عشتِ في زمنِ الشللْ ؟!

زمنِ الدمى

تلك التي أضحتْ تصيح بلا خجلْ

تحصي وتعرضُ في المزادْ

أغلى الجيادْ !!

ياشهرزادْ

أوَّاه ... من مطرٍ يشيبْ

ويلوذ في زمن المغيبْ

نُسقاه غسّاقاً !

غُصصاً وإرهاقاً !

يا شهرزادْ

هذا أوانُ الزمهريرْ

زمن السغبْ

نبتتْ له أنياب توق ِأبي لهبْ

ليزيح من أسماعنا صوتاً لمئذنةٍ وديرْ

زمنُ السغبْ

ودمٌ تخضَّبَ بالشهبْ .. !

بغياهب الجبِّ استقرَّ وكلَّل الأحجار بالغار الأميرْ

عفواً فجسَّاسٌ يعاديه كليبْ !!

هذا اشترى حرب البسوسْ

ذاك اشترى نار المجوسْ

يا شهرزادْ

لا تقتفي أثر الحكاية عندنا

فهما كما بحران بينهما عوالم برزخ ٍ

لا يبغيانْ

ويفصِّلان دماءنا وكأنها وتْرٌ وشفْعٌ لا كيانْ

هل تقرأين عيونهم ؟!

أتصدِّقين كلامهم؟

هذي الهياكل لا تُطيق رؤوسها

قد عافها زمن الحصادْ

ياشهرزادْ

لازالتِ الأفلاك تعبر موطني دون انطفاءْ

طال الرقادْ

وقضى النداءْ

وانقضَّتِ الأيام تسفي ما تبقَّى من مواويل العبادْ

وتعتَّقتْ بالصمتِ حسرةُ

نطفةٍ .. بُذرتْ سدىً

ونمتْ على وجع الشتاتْ

أضحتْ يداً لا تهتدي

وغدتْ ملامح خلقةٍ يجتثُّها زمنُ العنادْ !!

زمنٌ يحيل سماءنا لخرافةٍ ألوانها عتمٌ سوادْ

من فوق دجلةَ والفراتْ .. !!

يا شهرزادْ

ما كان يُغري شهريار على الجموح مدى السنينْ؟

وهْجُ الحكايةِ أم جمود الميِّتين؟

أم أنَّه نزفُ الصباحاتِ الحزينْ ؟!

من كان يغريه بقتلِ الياسمينْ ؟!

سيَّافه؟

أم أنَّه صمت الصبايا المستكينْ ؟!

يا شهرزادْ

عرَّافنا في الهيكلِ

قد قال لي:

(( لو مرةً بعيوننا غار الطريقْ

إياكِ و الصمت السحيقْ)) !

سنواتنا الستون يأكلها الجرادْ !

سنواتنا لبستْ على أصواتنا ثوبَ الحدادْ !

سنواتنا يغتالها فطرُ العفنْ

وتمزِّقُ الأشواكُ في حجرالرحى جرحَ البدنْ

يا شهرزادْ

أفلا يغصُّ المرء من زقُّومه ؟!

أفلا تُعيق الروحَ أسمالُ الكفنْ؟!

((إياكِ و الصمت الحريقْ ))!!

يا شهرزادْ

يا ألف موعد سقطةٍ تهوي على سفح الحكايةْ .. !

لم ينته الزمن الحريقْ

بل يستقرُّ على ملامح وجهنا

بَعَُدَ الطريقُ وما له أبداً نهايةْ !!

كوني الروايةَ والكتابْ

كوني كما ومض السرابْ

عودي لقومك علَّهم قومٌ شِدادْ

يا شهرزادْ

غرق المداد بحزنه

لمّا أذاعوا في البلادْ

أنَّ الجياد قصاصةٌ سُلبتْ على باب المزادْ !!

مات المدادْ

يا شهرزادْ !!