خمر عينيك
لماذا كلما رأيتك تتضاءل الأشياء حولي وتختفي ، ولا أشعر بأي شيء سوى بحر عميق من العسل أو الخمر المصفى ؟يتساقط رجال العالم حولي مثل سيقان أشجار خريفية متهالكة ، يتساقطون الواحد تلو الاخر أم يتلاشون !يتقزمون ،فلا تعد لهم قامة منتصبة ،ويذوبون كذرات الملح فلا أراهم ؟وتحتويني عينيك ،حبيبي صدقني لا أعرف ،كل ما أعرفه أني أنا وأنت وخمر عينيك الذي يحتويني ، ويتلاشى الزمان حولي ويختفي فلا أعود اشعر بحركة الشوارع والسيارت ولا صوت الباعة المتجولين ،يقترب مني صبي يحمل علبة صغيرة بها بعض المناديل الورقية ، ينظر إلي بعيونه الملونة فلا أراهما ،أنفحه قليلا من نقودي ،وعيناي لا زالتا تراقبك،كأنهما الحارس الأمين ، تلاحقك كظلك في وضح النهار ،حيث تتلاشى الظلال ،ويبقى ظل قلبي وعشقي وحبي وحده ، يسكت الزمان فلا أسمع له همسا ،ولا حتى رفيف أشجار الشوارع التي تظلل المكان ، ويختفي الزمان من حولي مع تساقط بقية رجال الشارع ، وأظل وحدي معك وينبسط أمامي طريقا رائعا صفت بأطرافه نجوم متلألأ ،أم أقمار متشابكة أم حلقات قوس قزح التي هبطت من عليائها ،لتعانق طريق النجوم ،وتزاحم أقمار المجرة ،لتكون بانتظارك ،عيني لا تزالان تبحران خلف خمر عيونك ،وأخيرا أصل لعينيك وأغرق فيهما وأظل أشرب وأغوص ،فأي عالم رائع من الرحيق والخمور الحلال حولي، أي زغاريد وضحكات تملؤ سمائي الصافية وأي شموس متعانقة تشرق خلفك تداعب عيني بضوئها ، لكني لست أراها فانا لا زلت أثمل من رحيق عينيك وخمرهما ولا أرتوي ! أخيرا أشعر أن الهواء صار عبقا بعطر عيونك وقد عبق المكان بهما كعود أحترق فجأة فرحا بوجودك ،فأستيقظ وأنا لا زلت في حالة سكر شديد، ولكني لست ثملة! فأي خمر تحتويه عينيك الدافئتين ، وأعود إلى مكاني لتشرق شمس الزمان فجأة ،وأراك قادما بقامتك المديدة ، وشمس المكان تلاحقك حبا وشغفا ، وعاد المكان يمتلؤ بالرجال والباعة والعصافير ،وتعود أشجار الشوارع باسقة، و الطيور لأعشاشها مغردة ،حولها صغارها فاتحة فاها ،جائغة، لتلقمها زاد يومها ،، وعاد الزمن مرة أخرى ،ودقت عقاربه المتوقفة ، ها أنت بجواري حبيبي، ذراعيك القويتين تحتويني،حتى من بعيد ، وأنفاسك العطرة تغمرني ،تحمل بيديك الشطائر وتدخل السيارة ، وهذه المرة تحتويك عيناي وأنا أتنفس عبق حبك ،ففي عينيك أذوب كقطعة سكر ، وأغرق مرة أخرى بخمرهما ،وتفوح رائحة عينيك ويغرق المكان كله هذه المرة،فآه من عينيك وخمرهما آه !!