رجل أعيته إمرأة ( صريعٌ في أسحار الأرق ) !
يُزيحُ الصّمت ضمَاد الكِتمَان , كـ طفلٍ سَقط و قَامَ يَنفِض مَا عَلِق بِـ جَبينهِ ذرّات الغبارِ .
و تَنسَابُ حَفنَةٌ مِن شُهبِ الحُروف لِـ تَملأ جِدار القَلب الجَانبي , دُون تضخّم فِي أزِقّة الضّجيج .
و الصّمتُ لا يَزال السّيد الذي إن أمرَ تَنثَنِي لهُ حِكايات الأنين , و يتسلل الخَوف فِي عَرش الألم .
وَابلٌ مِن حُرقَةِ الإنتِظار , يَرجُمُ مَا تبقّى مِن أشلاء " حيّة " هُناك فِي طرف البَاحة الخَاصّة !
إمرَأة !
من النّورِ رسَمت أنوثَتهَا عَلى المُحيط الذي يَحتوي عَالمِي .
انتهَكت أروِقَة القَلب دُونَ استئذانٍ و بَعثرَت رَحِيقها السّحرِي دُونَ إكتِرَاثٍ لِـ قَلبٍ أنهَكهُ الوَجع .
جنونٌ كـ جُنونِ البَحرِ عِندمَا تتلاطَم أموَاجه ذَاتَ غضَب .
نتأَ الفُؤَادُ بِـ مُقلَتَيْهَا وَ أنَاخَتُ المشَاعِر بِـ رُكُوبَة الأوجَاعِ عَلى بَابِ دَارِهَا
و أَيقَنتُ حِينها أنّ الدُّموعَ سَـ تَستَبِيحَ مَا نَتأَ مِن وَجنةٍ قَد زَارَها لَمُوعَاً مِن بسَاتِينٍ نعَف !
إمرَأة !
بِـ هُدوئها ضوضاء الطّفولة , يَنحني قُرصُ الشّمس عِندما تتألّم مِن نُعومة العَذاب .
وَضعت فِي خزَائِنِ العَقل مَا تُبَعثِرهُ مِن أشياء ( ذات الصّباح ) , كمَا تضَع وُرودها فِي حقائِبها .
تَقفِزُ ألوَاح القٌلوبِ عِندمَا تتمَايل عَلى جُسورِ شُيّدت مِن ( وَرقٍ و حِبرٍ أسوَد ) .
و يَستَديرُ فلك الأروَاحِ إذا غرّدت بِـ تأتأةِ الكَلِمَات , و تَستَفيقُ القبُور حِين بُكائها , لِـ تصلّي القبور أن تَحتَضِن مَن كَان سَبباً فِي دُموعِها .
إمرَأة !
تَلفُّ بِـ ثِيابها عَالم الظّمأ , لِـ تُزهِر سَرائرهِ و تُثمِر أغصَان حَدائقهِ و تُغدِقُ السّماءَ ثلجٌ أزرَق !
تَجُوبُ قِفاراً و تَبكِي غيُوم الرّحيلِ لِـ تَذرِفَ مَا بِـ طيّاتِها مِن ( طهَارة المَاء ) عَلى صَدرِ الصّحراء .
بِـ كيَانِها أعجُوبَات الكَونِ , قَد زُرِعَت فِي أحدَاقِها اثنا عشَر كوكباً , و فِي جَبينها شَمساً سَاجِدَة .
إمرَأةٌ مِنَ السّماء , وُلِدَت مِن رَحِيقِ الوَردِ , و نَكحهَا طُهر الطّفولة لِـ يَبقى ( حَارِساً مدى نَبض طفولتها ) .
إمرَأةٌ تَزورُنِي مِن بَعيدٍ , و تأخُذَنِي إلى حَيثيّات البَقاء دُون رَغبةٍ فِي العَودَة إلى وَاقع الحيَاةِ .
مِن خَطيئَةِ الحُزنِ , أن تَشهَقُ و كَـ أنّ البَردَ لا يَرى جسَداً غَيرَ هَذا الجسَد , يَعشَقُها البَردَ و يُبكِيها .
تنَامُ عَلى أرجُوحَة الأحلام , و يَنامُ مَعها الكَون لِـ يَرى مَدى برَاءَة بَارقاتِ أحلامها البَيضَاء .
و تُرَاقِصُ أفكَار مَن يَئِسَ مِنْ إختلاقِ زَيف الأمَاني , لِـ يَرقُد فِي ضَريحِ الوَجع إلى الأبَد , إلى الأبـــــــد .
و إنّي أرَانِي صَرِيعاً فِي مُقتَبلِ الأيّامِ , أعِيشُ عَلى أمَلِ مَوعدٍ يَصنَعهُ القَدر لِـ أحكِي مَدى فَداحَة المُعاناة التي نَقشَتها سَاعات الإغتِراب . و أُرَاقِصُ إشتِيَاقِي كُلّ لَيلَةٍ فِي الجَناح الثالث و العِشرين مِن سَلفِ اللقاء .
خمُولٌ , بَل تجمّدٌ قَد طَغى عَلى قِطعَةٍ يَستَرِقُها السّمع مِن سِحرِ سَمائِها .
و يَهتِفُ الحَنينُ حِينمَا تَغوصُ عينيّ فِي عُمق قَهوَتِي , و أرَى مَنظُومَةً مِن دِفء الذّكريات , و تَسطَعُ إشرَاقات الذّكرياتِ مِن سَطح الكَوبِ , و يَتّضِح لِي بَعدَ جُهد السّفر أنّ تِلك الإشراقات ( إنعكَاس بَرِيق الدّموع التي تَسكُن عينيّ ) .
و يَصعَدُ بِي القَدر إلى أن ألتَقِي بِـ طَيفِها فِي الجَناح ( السّادس و العِشرين ) لِـ أحكِي لِـ حُضورِ تَصويرها عَن روَاياتِ رَجُلاً تلقّى مِن هَذا الجَناح ( صَفعة حُزن ) , و لمَاذا عَاشت فِي هَذا الجَناح , و هِيَ ترَى أنّها لَم تَخونُ و تَصرُخ عِندمَا أحدهم يَتحدّث عَن الخيَانة , و لأنّها تَعيشُ مَع ذاتِها تَظنُّ أنها لَم تَخون نَفسها !
و فِي هَدأةِ البُكَاءِ , تَرنُو مَعزُوفَة الشّكوى , لِـ تَضعَف عَزائِمي و أشدُو بِـ هِيامِ ليالٍ قَد خلَت .
و أجِدُها كَـ طِفلَةٍ فقَدت دُميتها و فجأة وجَدتها !
تَضحَك ( عَلى استحيَاء ) و خَليطُ الدّموع الطّــــاهِر , يُدَاعِبُ شَفتيهَا .
و أرحلُ مِن إنزلاقاتِ الغضَب إلى مَدينة الألم , و أمشي فِي شوَارِعِها و أسكُبُ مِن إفرَازاتِ دَمعِي مَا تَنمُو بهِ حَدائقٍ غنّاء .
و مِن طُرقَاتِ هَذهِ المَدينَة , إلى أنقاضِ غُربَتِي , التي لا تَزالُ رَكائز أوجَاعها تتسللُ إلى دَاخلِي .
و أبقى فِي الجَناح السّادس و العِشرين , إلى فَترةِ الأسحَارِ , لِـ أبقى فِي مكَانِي صَريعُ الأرَقِ .
24/7/2009
2/8/1430
ياسر المعلا