كتب الاخ الكريم الشيخ نور الدين العطار
بسم الله،
كنت قد سمعت شيخنا العالم اللغوي النحوي الكبير فخر الدين قباوة ـ سلّمه الله ـ يستنكر استعمال لفظي «ماجستير» و«دكتوراه»، وذلك في محاضرة في حلب من أكثر من اثنتي عشرة سنة، (وما زلت أَعْجَبُ ممَّن يطبعون كتب الشيخ لِمَ يثبتون على أغلفتها حرف الدال، الرامز للدكتوراه).
وأنا امرؤ يكفي عنده لترك تلك الكلمات أنها كلمات أجنبية، فلا أدري كيف تقبل أمة هي أمّة العلم أن تأخذ ألقابها العلمية من غيرها، هذا وهي تريد النهضة والعودة لريادة الأمم في العلم، فكيف يتأتّى لمَنْ لم يجد لعلمائه تسميات خاصة به أن ينهض، فمَنْ عجز عن هذا ـ وهو أمر يسير ـ فهو عن غيره أعجز.
أضاق علينا لسان العرب؟! وفيه: العالم، العلّامة، الباحث، الحَبْر، الفهّامة، الجِهبذ، اللّوذعي، الشّيخ، الرئيس (كما كان يلقب ابن سينا)، شيخ الإسلام، الإمام، ... إلخ تلك الألقاب والكلمات التي تُستعمَل في الثناء على العلماء في كتب التراجم.
وبقي استنكار الشيخ فخر الدين في ذهني، ثم خطر لي سؤال: ما البديل الذي يقترحه الشيخ لتعريب ذينك المصطلحين؟.
حتى سألته عن ذلك في آخر لقاء تيسر لي حين زرته في إسطنبول قبل نحو سنتين، فقال لي: أرى بدل الماجستير أن يقال .... «الباحث» ثم قال: بلْ المتخصِّص، وأما الدكتوراه فيقال له الباحث ثم قال: بلْ يقال لمن ينالها: «العالِمْ»، لأن اسمها العالِميّة. وكرّر ذلك مرتين، فقلت: لكن هل ترون أن من يدرسها يكون مستحقًّا للقب «عالِم» حقًّا؟. فقال: هو عالمٌ في ذلك الموضوع الذي تخصص فيه وأتقنه.
فأعجبني هذا التعريب.
وليس ذلك خاصا بشيخنا فخر الدين فما زلت أرى بعض شيوخي يكره الخطاب بلفظ «دكتور»، ولا يرضى بكتابته على أغلفة كتبه، مع أنه حاز درجتها من نحو أربعين سنة، بل نالها طلّابه ونال بعضهم درجة الأستاذية.
ولأجل ذلك لا أستعمل في تسمية الدرجة الأولى منهما غير كلمة: التخصص، وفي تسمية الدرجة الثانية منهما: العالِمِيّة. ومَن نال الأولى صار «متخصصا»، في الفقه أو الحديث أو طب العظام أو الهندسة المدنية أو علم الاجتماع ... أو غير ذلك من سائر العلوم، ومَنْ نال الثانية يسمّى «العالِم»، على المعنى المذكور.
ولأجل ذلك ـ من بضع سنين ـ لا أخاطب من أحب وأحترم بلفظ «دكتور»، وإنما أخاطبه بلفظ: أستاذ، شيخي، أو نحو ذلك، إلّا أن أجد أن مخاطَبي ممن يهوى هذه الألفاظ، وربّما يظن أني أقصد الإساءة إليه إن خاطبته بالأستاذ أو ما شابه، فعند ذلك أوثر أن لا أترك للشيطان مجالا يدخل منه فأخاطبه بذلك اللفظ الأجنبي مع كرهي له، إيثارا لألفة القلوب.
على أن كلمة الأستاذ والشّيخ في تاريخنا لا تعطيان لكل واحد، بل هما للمتقدم حقًّا في العلم، وهذا معروف في كتب التراجم فلا أطيل فيه، ولكن لا بأس بتغير الأعراف اللغوية ما دامت ضمن دائرة الصحيح لغةً.
وصلى الله وبارك وسلم على عبده ورسوله النبي الأمي وعلى آله وصحبه والتابعين، والحمد لله رب العالمين.
نور الدين العطار
الاثنين ٢ #صفر ١٤٤٤
#تعريب_المصطلحات #لسان_القرآن