الحل الوحيد لإنقاذ الأقصى
الأقصى أسير يُزَلْزَلْ، وأرض الرباط فلسطين تُمَزًّق، وغزة تُقْصَف، والمقاومة تُذبًح، وأعراض نسائهم تُهْتَك! وأنا أسأل: و نحن المسلمون خارج فلسطين ماذا نفعل؟
نعم ماذا نفعل؟ ولكن قبل أن نفعل؛ علينا أن نفهم... نفهم لمَ نحن أمة المليار وأكثر، ونحن الأمة الأغنى في الأمم، لا نستطيع أن نفعل شيئاً؟ رغم كل تلك الوفرة بالبشر والأموال والخيرات والثروات في باطن الأرض وعلى سطحها وفي بنوكها؟
ببساطة، لأن الله تعالى قال ( وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)ألم يقل الرسولصلى الله عليه وسلم أن:
(الظالم سوطالله في الأرض يَنْتَقِم به ثم يُنْتَقَمُ منه)؟ وقال ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ).
لعلكم تظنون أن الكفر هو فقط الكفر بالله، كلا إن الكفر أنواع ودرجات!! فعدم الشكر درجة من درجات الكفر، ومعنى الكفر باللغة تغطية الإنسان لنعمة ما، يعني إخفاءها أي إنكار وجودها، فتكون النتيجة أنه لا ضرورة لأداء شكرها! ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖوَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)،هل بدأتم تفهمون أم ليس بعد؟ سأفصل أكثر لمن لم يفهم.
ماذا أمرنا الله كمسلمين أن نفعل، أليس ديننا "منهاج حياة" وضعه الله لنا وأمرنا باتباعه، منذ أن نصحو إلى أن ننام؟ كم مِنَ المسلمين يفعل ذلك الآن؟ هل أضرب لكم مثال؟ لابأس سأذكر لكم مثال: إذا تزوج أحدنا فماذا عليه أن يفعل بحسب منهاج الإسلام؟ المنهاج يقول: ( أقلكم مهراً أكثركم بركة)، ولكن نحن ماذا نفعل؟
الشاطر فينا الذي يطلب مهراً أكثر؛ حتى عنست البنات لقلة ذات يد الشباب، فانتشر الفساد، والصالح فيهم من يسعى لزواج عرفي يسد أو تسد به الحاجة الجنسية الملحة التي تغلي عند الشباب.... والأمر والأدهى أن أكثر الناس تستدين لتعمل حفلة عرس "مطنطنة" كما يقال وتشبهاً بالأغنياء، أما عن إستئجار سيارة الليموزين يوم العرس فحدث ولا حرج، تُستأجرالسيارة بمايعادل أكثر من خمسمائة دولار؛ من أجل نقل العروسين من مكان لمكان بزمن يمكن أن يكون أقل من ساعة إستعمال!! خمسمائة دولار ممكن أن تكفي لإطعام عائلة في البلاد المسلمة الفقيرة داخل فلسطين أوخارجها مكونة من أربع أشخاصلمدة شهرين.
أليس هذا هو التبذير، أما قال الله تعالى: ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)؟ بالله عليكم أليس هذا هو البطر الذي أعد الله عليه عقاباً تقشعر له الأبدان، وهو الهلاك: ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ۖفَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ .......وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ )!!!
لعل البعض يسأل: ماعلاقة ماتقولين بالمسجد الأقصى وفلسطين؟ أقول: كل هذا البطر خارج فلسطين، وكثير من المسلمين يموتون من الفقر والجوع والحصار في فلسطين وفي غيرها من البلاد الإسلامية! ترى هل ماتت قلوبنا؟ هل انعدمت فيها الرحمة هل أكمل أم يكفي؟ هل فهمنا لماذا رزقنا الله قسوة رجال أنظمة الحكم من الداخل، والفتك والذل من الخارج، وبدأنا نفقد مقدساتنا وعفافنا وشرفنا وأخلاقياتنا. ألم يقل رسول اللهصلى الله عليه وسلم : ( من لايَرْحَم لايُرْحَم) و( كما تكونوا يُولَّى عليكم)! بالله عليكم هل نحن كأفراد أمة وكأقرباء في عائلة واحدة، أرحم ببعضنا البعض من اليهود بنا؟ فكيف نطلب الرحمة ونحن لانتراحم فيما بيننا؟ و"المبكي المضحك" أن هناك من الناس من يقول: "إن للأقصى رب يحميه". ليتهم يعلمون من الذي قال هذه الكلمة في التاريخ وهم يرددون قوله كالببغاوات، أليس قائلها كافر يعبد الأصنام غير مكلف بحماية الكعبة إسمه عبد المطلب؟ ألم يقل له أبرهه النصراني حين جاءه يسأله أن يرد له غنمه الذي استولى عليها جنده: ((عندما رأيتك أعجبتني ولكن لما تكلمت سقطت من عيني! أتسألني عن غنمك ولاتسألني عن كعبتك المقدسة؟)) ألا يعلمون أن الفرق بيننا وبين عبد المطلب أنه كافر وأننا مسلمون وأننا مكلفون في ديننا بحماية مقدساتنا والذود عنها بأرواحنا.
إعلموا أن ما يحصل إنما هو إمتحان لنا، فالله قادر على حماية الأقصى وقادرعلى أن يرسل طيراً أبابيل على الصهاينة؛ ولكن!!! كما قال تعالى: ( وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ)، أما سمعتم بهذه الآيات أبداً . لقد فهمها الشيخ الأسير رائد صلاح جيداً، حفظه الله وفك أسره من أيدي الطغاة لذلك قال: نحن عباد الله الذين سنسد مكان طير الأبابيل! فلم لا نكون نحن منهم "عباد الله" ونكون معهم ولانترك الفلسطينيين لوحدهم في معركة إسترجاع الأقصى المقدس؟
وأمر آخر أيضاً سمعته من بعض المسلمين حين سألته أن يتبرع لغزة، وذلك حين مرور قافلة شريان الحياة لكسر الحصار على غزة بإحدى المدن المسلمة، وكنت أنا احد أفراد القافلة قال: الله يُطعمهم لاتحملي همهم!..فأجبته بقول الله تعالى: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ)!!! هل أُكْمِل؟ أعتقد أنه يكفي... فهمنا أليس كذلك؟ الآن فقط ممكن أن نسأل: ماذا نفعل، ماذا ستفعلون بعد ندائي هذا؟ هل ستديرون ظهوركم وتصموا آذانكم كالعادة؟ أما سمعتم قول الله تعالى (..وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكونوا أَمْثَالَكُمْ). ألسنا نعيش مرحلة الإستئصال العرقي في كل مكان؟ وخصوصاً في القدس.... ترى متى سيأتي دورنا ألا نفكر بذلك؟ ألسنا في طابور كغنم المسلخ المنتظر الذبح! دولة تسقط وأخرى وراءها، الشيشان العراق افغانستان و.و؛ ألاترتجف قلوبنا من مجرد التفكير بذلك؟
ولكن مهلاً لقد اتفقنا منذ البداية أن الأمر والحل بأيدينا ؟ نعم إن الحل بأيدينا! ولن تصدقوا إن قلت لكم إن الحل سهل جداً، ولكن سهل على من يخشى الله ويخشع قلبه لذكره، كما قال تعالى: (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ). بكل بساطة الحل له مراحل ثلاثة: المرحلة الأولى: أننستغفر اللهليرفع عنا العذاب (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ). المرحلة الثانية: وهي التوبةعلى مافرطنا في ديننا ( فَمَنْ تَابَمِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَفَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
والمرحلة الثالثة: أن نشكر الله على النعمالتي لاتعد ولاتحصى ليرفع عنا العذاب ( مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ).
والشكرالحقيقيكما قال الله إنما هوتقوى الله: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). والتقوى هي "أن نتقي غضب الله، فلا ندعه يرانا نفعل شيئاً مما نهانا عنه وأن لانعصي شيئاً مما أمرنا به". هذه هي التقوى التي أمرنا الله بها. حتى نصطلح بواسطتها مع الله فيغفر لنا مامضى من تقصيرنا وذنوبنا وآثامنا.... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"كل مسلم على ثغر من ثغور الإسلام فإن حمى كل مسلم ثغره بات الإسلام بخير". الكاتب يجاهد بقلمه والغني بماله، والمجاهد بروحه وهكذا، فبعد أن يعمل كل منا ما في وسعه لنصرة كلمة الله عندئذ فقط سينصرنا الله؛ لأنه تعالى قال:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ". لذلك وحتى يُرفع عنا العذاب النازل بأمتنا كاملاً، على كل مسلم أن يسعى للجهاد من على ثغره وعلى حسب إستطاعته حتى لايكون ممن يرتكب إحدى الموبقات السبعة التي توبق صاحبها في النار وهي "التولى يوم الزحف".
ألستم معي أن الحل سهلاً وبمتناول أيدينا! إذن اتقوا الله أيها العامة مااستطعتم، اتقوا الله ياعامة المسلمين لتتحرر فلسطين ويبقى الأقصى لنا، وتتحرر العراق وأفغانستان والشيشان وكل الدول الإسلامية المغتصبة، ولتبقى ثرواتنا وكرامتنا وشرفنا و مقدساتنا لنا.
منى ناظيف الراعي
باحثة وكاتبة وناشطة للدفاع عن حقوق فلسطين
هذا رأي كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية في غزة في المقال، بعد أن أرسلت لهم أسألهم إن كان مافيه يوافق الشرع. جاءتني برسالة منفصلة سأرسلها لكم برسالة أخرى
Downloadلا مانع من نشر المقال مع الأخذ بتعديل كلمة "عصا: بكلمة سوط لتوافق الرواية الصحيحة للحديث