حول حفلة الفرقة الوطنية السمفونية السورية بقيادة نوري الرحيباني
مجلة ياسمين الشام الثقافية / محمد زعل السلوم
الجمعة 7 تشرين الأول 2011
الكاتب : محمد زعل السلوم
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
(صورة من الحفل بكاميرتي الخاصة وأعتذر لرداءة الصورة )

في الحقيقة وبعد انقطاعي لعدة أشهر عن الحياة الثقافية الدمشقية قررت أخيرا الخروج من المنزل وكان ذلك مساء الثلاثاء الماضي 4 تشرين الأول 2011 ، فقد حضرت قبل عدة سنوات لمغنية السوبرانو سوزان حداد وأردت لقاءها ثانية وكانت المفاجأة هذه المرة ، بالمايسترو نوري الرحيباني يقود الفرقة الوطنية السمفونية السورية وكان الحفل مقسما على ثلاثة أجزاء .
الجزء الأول كان مخصصا لتقديم أحد أعمال المؤلف الروسي موديست موسورسكي ويدعى ( لوحات في معرض ) وهو عمل موسيقي وضعه موسورسكس عام 1874 وهو تصوير موسيقي لعشر لوحات عُرضت في معرض أقيم إحياءً لذكرى الرسام الروسي فيكتور هارتمان المتوفى عام 1873 . وأسماء القطع التي تعبر عن اللوحات العشر فهي : القزم ، القصر القديم ، التويلري نسبة لحديقة التويلري بباريس قبالة برج ايفل ومقطوعة بيدالو وهي عبارة عن عربة المزرعة البولونية حيث يحلم حصان أو بغل بأن يتحول الى ألف حصان وهنا تعمل الأوركسترا بكاملها وبجمالية بديعة واستثنائية ولوحة الكتاكيت التي تخرج لتوها من البيوض فيعبر عنها الموسيقي معبرا عن بهجتها بالحياة وانطلاقها إلى عالمها الجديد ، ولوحة صامويل غولدنبرغ وشموئيل وتعبر عن تناقضات الانسان من عنفوان وانكسار من فرح وسرور وكآبة ولوحة سوق في ليموج بفرنسا حيث ثرثرات النساء وكما قال الرحيباني عندما تلتقي النساء بسوق فعشر نساء يثرثرن بذات الوقت ولا تستمع أو تصغي احداهن للأخرى فعبر عنها المؤلف الروسي الكبير بالموسيقى وبطريقة ابداعية ولوحة كاتاكومب أو سراديب الموتى في باريس حيث الخوف والهلع وفجأة يصدر صوت من هنا أو هناك فيزداد جنون الخوف والشعور الرهيب بالهلع على مبدأ لا تنام بين القبور ولا تشاهد منامات وحشة ولوحة بابا-ياغا وهي لوحة تعبر عن بيت ساحر وهو عبارة عن كوخ له أقدام دجاجة ويقوم بتحضير السحر داخله والموسيقا الموسورسكية تعبر عنها بأسلوب موسيقي مميز واللوحة الأخيرة بوابة كييف العظيم حيث تنويعات موسيقية تعبر عن الشعور بالنشوة والحنين والانتصار والحب والرغبة وكل مشاعر الرجولة حيث تعمل الأوركسترا بكاملها ولا يبقى عاطل عن العمل لتتويج هذا العمل البديع.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


أما الجزء الثاني من الحفل فكان بعد الاستراحة وقد غنت فيه مغنية السوبرانو المميزة سوزان حداد وهي خريجة المعهد العالي للموسيقا ودرست كونسرفاتوار ماستريخت من هولندا ، فقد غنت لأسمهان عملين بديعين بمرافقة الفرقة الوطنية السمفونية السورية وبقيادة المايسترو نوري الرحيباني فجاءت أغنية " ياطيور " و " يا زهرة في خيالي " لتشعل مسرح الأوبرا طربا وجمال
أما الجزء الثالث من الحفل فكان عبارة عن أغاني ورقصات سمفونية فيقول المايسترو نوري الرحيباني عن الجزأين الثاني والثالث من الحفل :
أخذت في هذا العمل بعض الألحان العربية المعروفة وأعدت صياغتها وتطويرها للأوركسترا السيمفونية الكبيرة . حاولت في عملي هذا إعطاء كل لحن جوّه الخاص دون أن يفقد طابعه الفولكلوري . اللحن الأول ( طالعة من بيت أبوها ) صورت فيه زفّة العروس بحيث يأتي الشباب مع العريس برقصة مليئة بالرجولة والقوة بينما اللحن الثاني الحالم جمال العروس.
الرقصة الثانية اعتمدت فيها ، يضيف الرحيباني ، على أغنية (بلدي يا بلدي ) وهي رقصة شرقية قديمة وطورت هذا النغم البسيط من الرقص الافرادي المتمايل إلى رقصة متطورة متكاملة . الرقصة الثالثة (هالاليا) صورت فيها رقصة ليلية حالمة على ضوء القمر وتلألؤ النجوم . الرقصة الرابعة اعتمدت فيها على لحن ( بنت الشلبية ) كرقصة جماعية مستفيداً من جميع إمكانيات آلات الأوركسترا السيمفونية .
رقصة السماح الخامسة من موشح ( لما بدا يتسنى ) من مقام النهوند تمتاز بإيقاعها السماعي المشهور ولحنها الرائع لذلك أعطيت الإيقاع دوراً رئيسياً متميزاً عن بقية الرقصات الأخرى . وختام الرقصات يا غزيّل حيث استعملت فيها كل امكانيات الأوركسترا وحاولت أن أنقل المستمع إلى الجو الريفي ورقصة الحصاد المرحة .
أما عن أغنيتي أسمهان اللتان أدتهما المغنية سوزان حداد فيقول المايسترو نوري الرحيباني :
أنشودة ( يا طيور ) تمتاز عن بقية الألحان الغنائية بما تجمعه من ألوان ومشاعر ولون قصص وألحان متعددة تجذب المستمع إليها . كان العمل في معالجة اللحن ووضع المرافقة الموسيقية المناسبة له صعباً ولكنه ممتعاً بحيث ركز التوزيع الأوركسترالي على المعاني . والأحاسيس التي يحتويها هذا اللحن في طياته.
انتشرت أغنية ( يا زهرة في خيالي ) في العديد من بلدان العالم نظراً لجمال لحنها وإيقاعها على وزن رقصة التانغو وقد اخترتها لتكملة باقة الزهور الموسيقية ليكون كل لحن بلون وتوزيع مختلف . يختم الرحيباني
وتم اختتام الحفل بأغنية هدية للجمهور بصوت سوزان حداد للمرة الثانية وهي يا زهرة في خيالي وعملا اسمهان الشهيران من ألحان محمد القصبجي.
محمد زعل السلوم