محمود الزهار و اليهودية ياعيل
لله درك ياابا الشهداء
رد الدكتور محمود الزهار . على اليهودية معلمة الآثار
رسالة الى الجار محمود الزهار ...بقلم: ياعيل بوغين / معاريف
تحية يا دكتور الزهار. آمل أن تسمح لي أن ادعوك محمود. لم يسبق لنا أن التقينا، ولكننا جيران، أنت وأنا. انت في غزة وانا في كفار عزة. نعم، هذا الكيبوتس الذي ... استمعت الى خطابك الاخير، الذي هنأتنا فيه بيوم استقلالنا الستين، وان كان متأخرا بعض الشيء، وظننت بانه لعل احدا ما يرد على اقوالك الهراء الغبية. لا ادري اذا كنت ستقرأ او تريد ان تعرف. من المعقول الافتراض ان لا. فهمت انه عندكم تفضلون الا تسمحوا للحقائق ان تخرب ما ترغبون في سماعه.
ومع ذلك، قبل اسبوع قتل رفيقنا جيمي كدوشيم بسلسلة قذائف هاون حرص رجالك على اطلاقها. بالفعل، موت رفيق، في غضون ساعات الطمأنينة قبل السبت، صعب بل وصعب جدا. وأنا اعترف باننا نتألم، أعترف باننا بكينا ويبدو اننا سنبكي المزيد. بعض هذه الاحاسيس نقلت في وسائل الاعلام. هكذا نحن، وحسن أننا كذلك. هكذا يبدو بنو البشر. يتألمون، يخافون، يتحدثون.
ولكن، يا محمود، لا تقلق علينا. نحن صامدون وسنصمد. لسنوات نحن هنا على الحدود، مع الرفاق من سديروت، من نير عام وغيرهما. بعضنا حلموا، وآمنوا بانه يوجد مع من يمكن الحديث في الطرف الاخر، ولعله ربما كاد يصل السلام. يبدو أن لا. يبدو ان الفلسطينيين لم ينجحوا في أن يخرجوا من داخلهم زعيما يقلق حقا على رجاله. احد ما يمكنه أن يبحث عن سبيل آخر، ولا يعود الى طريق القتل والالم.
اذا فحصنا، يمكن أن نجد لديكم تواصلا. بشكل منهاجي، الزعيم الفلسطيني سيعمل دوما ضد مصالح ابناء شعبه. مثل طفل ابن اربعة: "بالذات لا". هكذا كان الحال في العام 1929، هكذا في التمرد العربي في الثلاثينيات وهكذا في 29 تشرين الثاني 1947، حين قدمت الامم المتحدة للشعب الفلسطيني دولة هدية. دوما قلتم "لا؟".
الالعاب النارية التي اضاءت سماء اسرائيل قبل نحو اسبوع ذكرت بان دولة يهودية، تقوم على اساس قرار الامم المتحدة اياه، موجودة منذ ستين سنة. ولكن في الجانب الفلسطيني، القيادة، وبالتأكيد انتم في حماس، متصلبون على رأيكم: سنجلب المزيد من الموت، المزيد من الالم، المزيد من المعاناة، ولن نسمح للاطفال بان يكبروا وان يكونوا سعداء. سنعلمهم ! ان يكرهو ا، وسنبعث بهم الى الموت، الى الانتحار .
أنا أعرف، يا محمود، انكم تنتظرون ان ننكسر. مقتنعون بان عندنا باتت توجد شروخ. لا تعول على هذا. نحن شعب عتيق وعنيد. بوادر الهوية الوطنية الفلسطينية يمكن ارجاعها لاول مرة الى ما قبل تسعين سنة؛ عندنا تسعين سنة هي فاصلة في فترة الحياة. كنا هنا مع الفلستينيين، الذين يذكرونكم باسمكم. وقد اختفوا من مسرح التاريخ. اما نحن فلا. ولن نختفي، على ما يبدو.
انا لا اعرف اذا كنت مهتما بالاثار، ولكن لا بد انك سمعت عن بلاط الكنيس العتيق في غزة. عن البلاط، من بداية القرن السادس للميلاد، يوجد فسيفساء الملك داود، ذاك الاشقر، الجريء، الذي يعزف على السهم ويهديء الحيوانات المفترسة. كي نضمن بان كل من يرى الرسم الجميل سيعرف ان بالفعل هذا هو، يوجد الى جانبه كتابة باحرف واضحة "دافيد". نعم، بذات اللغة التي تكتب فيها الان هذه الرسالة لك.
ولكن لنعد الى الموضوع، يا محمود. الفسيفساء هي مجرد مذكرة واحدة صغيرة على أننا كنا هنا قبل سنوات طويلة من خروج النبي محمد الى الهجرة. كنا وعدنا، وليس لنا وطن آخر. مئات عديدة من السنين تذكرنا هذه البلاد وهذا الوطن وعدنا اليه.
إذن كان هذا ذات مرة، يا محمود. نحن هنا ولن نذهب، سنواصل ونحتفظ بمالنا، بانسانيتنا. سنحزن على الموتى، سنعانق بقوة الارملة والاطفال اليتامى. سنبكي وكذا سنتذكر كيف نبتسم ونضحك. سنسمح للاصوات المختلفة بالحديث، باطلاق الرأي بالتعبير عن الخوف والضعف. كل هذا الى جانب القول الواضح – نحن هنا؟.
عضو كيبوتس كفار عزة، معلمة التاريخ ومرشدة رحلات
من الجار محمود الزهار
إلى ياعيل بوغين معلمة الآثار
السلام على من اتبع الهدى
يقول ربنا في كتابنا نحن المسلمين : " وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ " ويقول سبحانه وتعالى : " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون "
ويقول أيضا : " وضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ والْمَسْكَنَةُ وبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ويَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وكَانُوا يَعْتَدُونَ " .. ويقول سبحانه وتعالى : " (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ "
ويقول سبحانه وتعالى : " ولتجدنّهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يودّ أحدهم أن يعمر ألف سنة وما هو بمزحزه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون ) .. ويقول أيضا : " لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ** لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون "
هذا هو ديننا .. وهذه هي عقيدتنا .. التي نحيا بها ونجاهد عليها .. وبها نلقى الله متى شاء وكيف شاء سبحانه وتعالى هو أعلم بما ينفعنا وبما يضرنا .. وبيده مقاليد الأمور .. ونحن له مؤمنون صابرون محتسبون
هذا هو ديننا .. وهذا هو مصدر قوتنا . رغم قلة عتادنا وكثرة عتادكم .. وقلة مناصرينا وكثرة منافقيكم .. ولكننا نتمنى الموت والشهادة .. كما تتمنون الحياة وتحرصون عليها
أما خطابي الأخير فلم يكن تهنئة لكم .. بل هو تهنئة لنا بأن زوالكم قد اقترب .. وأن طوال هذه السنين مازلتم محتلين ولا تأمنون على حياتكم ولا حياة أطفالكم .. طوال هذه السنين لا زلتم تتقوقعون داخل تجمعات تخشون أن تغادروها إلا بحرس مدجج بالسلاح لأنكم تحرصون على الحياة ولو كانت ذليلة
أما رفيقك الذي مات فأتمنى أن يكون بموته هذا قد أيقظكم من أحلامكم بأنكم آمنين .. فكما نألم لفراق أحبابنا أنتم أيضا تألمون . ولكن هناك فرق بين موتة وموته .. فهناك من يكون الموت دافعا له بالاستمرار في هذا الجهاد .. وهناك من يكون الموت دافعا له للهرب من هذه الأرض التي يزعم أنها الأرض الموعودة
أما إدعائكم بأنكم صامدون فهذا لا يقنعنا ولا يؤثر علينا . فنحن الصامدون الصابرون المطالبون بحقوقنا .. وأما الزعيم الذي يحرص على الإنحراف عن طريق الآلام في نظركم . فنحن نرفضه قبلكم .. لأننا تعودنا أن من يحرص على الموت ستوهب له الحياه .. الحياة الكريمة العزيزة .. لا حياة الذل والعار والخيانة
أما موضوع قولنا ( لا ) فلأننا ( أو بمعنى أصح ) لأنهم جربوا معكم ( نعم ) ولم يجدوا طوال هذه السنين أية نتيجة .. فالتعامل مع ناقضي العهود وقاتلي الأنبياء لا يمكن إلا من خلال طريق واحد .. إما النصر عليكم وعلى منافقيكم .. أو الشهادة حتى نعذر أمام الله أننا لم نتنازل عن حق من حقوق أصغر مسلم في أقاصي الأرض
وهذه القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة لخدمتكم .. فقد رفضتموها ولم تنفذوا أي قرار من قراراتها رغم أنها تآمرت معكم منذ أن لفظتكم الشعوب التي كنتم بين ظهرانيها .. ومع ذلك تتشدقون ببعضها والتي يوافق أهوائكم المريضة .. فقد كنتم ومازلتم تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعضه
أما الأطفال .. فقد أرغمتموهم على أن يكونوا كبار . وأن تكون ادوات لهوهم هي عينات مصغرة من صواريخ الموت لكم .. وأنهم حريصون أن يبقوا في قائمة الإنتظار حتى يلقنوكم دروسا يبدو أنكم نسيتموها منذ زمن من أمثال هؤلاء الصغار الكبار
أما موضوع أننا ننتظر أنكم تنكسرون .. فهذه هي قمة عقيدتنا أيضا .. فأنتم اتيتم هنا إلى أرضنا وجمعتم كل شذاذ الأرض من اليهود حتى تصهروهم في دولة واحدة وثقافة واحدة وقومية واحدة ولكنكم فشلتم في ذلك .. فأصبحتم في أرضنا تجمعين كل حسب قوميته وحسب لغته وحسب جنسيته .. وهذا دليل على أنكم قاب قوسين أو ادنى من الإنكسار والزوال .. فلا موارد بشرية لديكم .. ولا موارد طبيعية .. ولا حتى موارد جغرافية .. لأنكم متقوقعون خلف الجدار .. فحتما اقترب يوم زوالكم .. فانتظروا إنا معكم منتظرون
وإن جهلت هذه المعلومة .. فاسألي اليهود الذين يرفضون إقامة هذه الدولة .. لأن اقامتها تعني قرب زوالها .. ولذلك هم يرفضون أن يأتوا إلى أرض الميعاد المزعومة .. ولكنكم قوم تجهلون
وفي النهاية أقول لكِ .. في ظل هذا الحصار الخانق منكم ومن أذنابكم .. وفي ظل استمرار الموت اليومي بسبب هذا الحصار .. نسيتم أن الشعب المؤمن بالله لا يزيده ذلك إلا إصرارا وثباتا على إيمانه بخالقه .. وايمانه بحقوقه التي لم ولن يتنازل عنها طالما هو على قيد الحياه
لا تغتروا كثيرا بأذنابكم .. ولا بدول الطوق . ولا بأمريكا ومن لف لفيفها . فطفل صغير من اطفالنا الكبار .. يمكن أن يلقنكم درسا لا تنسوه ما حييتم .. فقد قال رابين يوما ما : أتمنى أن أصحى من النوم لأجد غزة وقد غرقت في البحر .. فقد ذهب رابين وبقيت غزة صامدة .. وشارون قال يوما ما : سأقضي عليهم في 100 يوم فقط .. فهاقد مرت مئات من الأيام بل آلاف الأيام .. فأين هو واين نحن
نحن نؤمن بالله وبرسولنا محمد عليه الصلاة والسلام .. ونؤمن أيضا بنبيكم موسى عليه السلام .. وبما جاء به من شرائع وتعاليم .. ولكن ليست تلك الشرائع التي حرفتموها .. نحن لم يأمرنا ديننا أن نقتل مجرد على القتل .. لم يأمرنا ديننا أن نكره مجرد الكره .. هناك شروطا وقوانين لا يمكن أن نتجاوزها في تعاملاتنا مع اليهود ومع النصارى .. مع المحاربين منهم ومع الذميين فيهم .. ديننا دين التسامح والمحبة .. ولكن بشرط ألا تنتهك حرماتنا .. فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام . ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله
نحن الآن تركنا الجميع لأننا متمسكون بحبل الله .. وما أن نترك هذا الحبل لا قدر الله .. ستنتصرون علينا لا محالة .. ولكننا نفتدي هذا الحبل بارواحنا ولا نتركه إن شاء الله . فلك مي وعد أن أصبر على هذا البلاء .. وأن أقدم ما استطيع من نفسي واولادي فداءا لهذا الدين .. وأن أكون على ما يريده ربنا ويرضاه .. إلى أن ألقاه وهو عني راض إن شاء الله .. انكم ترونه بعيدا ونراه قريبا .. ترونه حلما ونراه واقعا .. وانتظروا إنا معكم منتظرون
خادم الدين والإسلام .. مذل المنافقين والكفار
العبد لله
محمود الزهار