كيفية استخدام الضحك في العلاج النفسي.
منقول



أولاً :الآثار الإيجابية للضحك
1- الضحك والجهاز المناعي
نحن نعرف,الآن,أن الضغوط النفسية يمكنها أن تخلق حالة فسيولوجية غير صحيحة.فهي تعمل على زيادة التوتر العضلي,وزيادة ضغط الدم,وتسبب ضعفا في جهاز المناعة.
لقد وجدت دراسات حديثة أنه قد حدثت زيادة في تركيز بعض الأجسام المضادة في لعاب بعض الأفراد الذين كانوا يشاهدون بعض الأفلام والمسلسلات والبرامج الكوميدية,وأن هذه الأجسام معروف عنها أنها تحمي الجسم في مواجهة الإصابات أو العدوى التي تحدث للأجهزة التنفسية والمعوية,كذلك لاحظت بحوث أخرى أن تركيز الهرمون المسمى (IGA) (Imunoglobuin), وهو بروتين للمناعة موجود في الدم,كان أعلى لدى الأفراد الذين يستعينون بالفكاهة والضحك كأسلوب لمواجهة الضغوط والأزمات النفسية.
لقد أظهرت عدة دراسات حديثة ان هناك تغيرات فسيولوجية إيجابية تصاحب لجوء الإنسان الى الفكاهة والضحك كأسلوب لمواجهة الأزمات والضغوط النفسية,فالضحك يعمل على خفض الشعور بالألم,وكذلك خفض احتمالات التعرض لأمراض القلب من خلال توسيعه للشعب والشرايين المتصلة بالقلب,وزيادة وصول الأوكسجين إليها,كما أنه يقوي الاستجابات المناعية,كما يعمل على شعور المرضى بتحسن الحال بشكل عام.
لقد ذكر جون دياموند مثلا أنه بسبب وجود ارتباط تشريحي قوي بين عضلات الابتسام (الموجودة في الوجنات ) وبين الغدة الصعترية (الموجودة قرب قاعدة العنق ) فإن استخدام عضلات الابتسام يساعد على تقوية الغدة الصعترية,ولأن هذه الغدة تلعب دورا مهما في جهاز المناعة,فإن تقويتها أو تحسينها من خلال الابتسام قد يعمل بدوره على تقوية جهاز المناعة أيضاً.
فإذا كانت الضغوط والتأثيرات السلبية لأحداث يمكنها ان تضعف جهاز المناعة لدى الانسان,ومن ثم يقع في براثن أمراض عديدة,فإن العلماء يفترضون الآن أن الفكاهة والضحك والحالة الانفعالية والوجدانية الإيجابية يمكنها أن تصبح بمثابة الترياق الطبيعي لحالات ضعف جهاز المناعة لدى الإنسان,او يمكن هذه الحالات الإيجابية أن تعزز نشاطات هذا الجهاز وتقويتها.
لقد أجريت دراسات عديدة هنا من خلال استخدام البروتين المسمى (S- IgA) Salivary Immunoglobulin A,والموجود في لعاب الإنسان,وذلك بسبب بساطة تركيبه,وقلة تكاليف جمعه ودراسته,وكذلك ما قيل عنه من أنه يمثل الخط الدفاعي الأول للجسم ضد الإصابات الفيروسية والبكتيرية التي تصيب الأجزاء العليا من جهاز التنفس لدى الانسان.وقد استهل ديلتون وزملاؤه هذه الدراسات وبدأوا في نشر نتائجهم منذ عام 1985 وما بعده,وقد وجدوا ارتباطا مرتفعا أيضاً بين تركيز هذا البروتين في اللعاب وبين المقاييس النفسية التي تقيس أساليب مواجهة الضغوط النفسية بالفكاهة والضحك.
كذلك أظهرت دراسات أخرى أن الأفراد الأقل ميلا الى الفكاهة والضحك,يقل تركيز هذا البروتين في لعابهم,ويصبح موجودا في أدنى درجاته,وخاصة عندما تتكاثر عليهم احداث الحياة اليومية الضاغطة والمزعجة,أما الأشخاص ذو حس الفكاهة المرتفعة فتحدث لديهم أقل تغيرات ممكنة في تركيز هذا البروتين في اللعاب عندما يواجهون ضغوطا أو أحداثا يومية بغيضة أو مزعجة.
2- الضحك والضغوط النفسية
لقد حاول توماس هولمز وريتشارد راهي في ستينيات القرن الماضي الكشف عن العلاقات بين الخبرات الشخصية والصحة,فاهتما بدراسة أحداث الحياة ذات التأثير السلبي في حياة الإنسان,وقالا إن اهم الخبرات ذات التأثير السلبي هي,وعلى التوالي :وفاة الزوج أو الزوجة – الطلاق – وفاة أحد الأقارب – الإصابات الشخصية والأمراض – الفصل من العمل – التقاعد – الحمل (بالنسبة الى المرأة ) – المشكلات الجنسية – التغيرات في الحالة المالية (الى الأسوأ أو حتى الى الحسن ) – تغيير العمل – المشاجرات الأسرية..إلخ.
إن هذه الخبرات وغيرها من الخبرات السلبية هي التي تؤدي الى ظهور ذلك الشعور الخارجي بالضغط النفسي,فما الضغط النفسي هذا؟
يشير مفهوم الضغط في أبسط معانيه – كما يقول عبد الستار إبراهيم – الى أي تغير داخلي,أو خارجي,من شأنه أن يؤدي الى استجابة انفعالية حادة ومستمرة,وتأتي الضغوط من الخارج كالأعباء اليومية,وضغوط العمل,والتلوث البيئي,أوبسبب عوامل عضوية داخلية,كالإصابة بالأمراض,ومن الأمثلة التي يذكرها إبراهيم على هذه الضغوط مايلي:
1- الضغوط الانفعالية والنفسية (القلق,الاكتئاب,المخاوف المرضية).
2- الضغوط الأسرية,بما فيها الصراعات والأسرية,والانفصال,والطلاق,وتربية الأطفال..إلخ.
3- الضغوط الاجتماعية كالتفاعل مع الآخرين,وكثرة اللقاءات أو قتلها,والإسراف في التزاور والحفلات..إلخ.
4- وهناك ضغوط العمل كالصراعات مع الرؤساء,وضغوط الانتقال كالسفر,والهجرة,والضغوط الكيميائية,كإساءة استخدام العقاقير والكحول...إلخ.
الضحك,بالطبع,لاينخفض اسباب الضغوط النفسية,لكنه يخفض عملية الشعور بها,فهوقد يجعل الإنسان يتجاوز أزمة مؤقتة,لو كان قد استسلم لها,ربما ادت الى آثار صحية سلبية,ومن ثم يتفاقم الشعور بالضغط لديه.لقد أظهرت دراسات حديثة أن الاسترخاء الفسيولوجي,وخفض التوتر العضلي الذي يحدث عقب الضحك له تأثير تطهيري,وأنه يماثل في هذا ذلك الأثر الذي يحدث في الجسم عقب القيام بتدريبات معينة للاسترخاء العضلي,فعندما نضحك تكون الاستجابة الأولية للجسم هي تقلص عضلات الصدر والبطن وزيادة في ضغط الدم.وقد يزداد معدل النبض ويفرز هرمون الأدرينالين في مجرى الدم,ثم تحدث فترة من الاسترخاء بعد ذلك قد ينخفض عندها ضغط الدم ومعدل النبض الى المستويات الأساسية التي كانا موجودين عندها,بل ربما الى ما هو أدنى منها,وقد تستمر فترة الاسترخاء هذه في الجهاز الدوري نحو 45 دقيقة بعد الضحك.
وبسبب حدوث تنفس واضح وسريع خلال الضحك,تكون هناك زيادة في استنشاق الأوكسجين وإفرازه,وفي نشاط الجهاز التنفسي بشكل عام,وإن أثر ذلك في الجسم يعادل الاستجابات الصحية الإيجابية للجري ذاته.وأنه يساعد على إنتاج مادة الأندروفينات في المخ,وهي مادة تماثل الأفينون ومشتقاته من حيث التأثير,فتخفض الشعور بالألم,وترفع الشعور بالمتعة,وتمارس تأثيرها في مراكز الألم ومساواته في المخ,فتخفض الشعور بالألم إذا كان موجودا,أما إذا لم يكن الألم موجودا فإن تأثيرها يكون مضاعفا,وقد يصل الى حد الانتشاء,ويرفع مستوى إنتاج هرمون الأدرينالين الذي يواجه الإنسان من خلال الأزمات والمشكلات الجسمية والنفسية.
وقد وجد أن هذه التغيرات الجسمية المصاحبة للضحك لها تأثيراتها النفسية المهمة أيضاً حيث حدث تحسن في الذاكرة والتعلم والإبداع وتزايد والمرضى مع تزايد لنصفي المخ الأيمن والأيسر لدى كثير من الأسوياء والمرضى مع تزايد ضحكهم من القلب كذلك ينخفض التوتر الناجم عن الخوف والقلق والحزن والغضب عندما نقوم بالضحك.
3- الضحك وخفض الشعور بالألم
اظهرت دراسات عدة كذلك ان الضحك يساعد على خفض الشعور بالألم,فالضحك يساعد على إفراز هرمونات تسمى بيتا اندروفين في المخ,وهذه بدورها تؤثر في المستقبلات الحسية وتخفض الحساسية للألم.
Balagh.com