عماد موسى
ساعة واحدة ·
مقاربة سلوكية بين داعش والنازية
بقلم: عماد موسى
استقبل الشعب الالماني المخلوق النازي "الحركة النازية"، بالسخرية والاستخفاف، تماماً كما يستقبل العرب والمسلمون اليوم الحركة الداعشية. ولكن مع مرور الوقت،" استهوى الفكر النازي المزيد من الشباب الألمان الذين كانوا يعانون من جراح معنوية عميقة جراء الإهانة التي لحقت بالأمة الألمانية بعد الحرب العالمية الأولى ونتيجة لها،" وفي المقابل نجد ان الشباب العرب المسلمون وهم يعانون من الإهانة المعنوية من جراء استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني وعلى مقدسات الامة العربية والاسلامية ومن جراء التوسع الاستيطاني اليهودي في الأراضي المحتلة، ومن جراء الصمت الدولي ومن الموقف الاميريكي المنحاز لاسرائيل،
وكذلك من جراء الاستبداد الذي مارسته الأنظمة السياسية والعسكرية العربية وإهدارها للثروات الوطنية على شراء أسلحة والتي لم تحرر شبراً من الأرض المحتلة.. وبالعودة الى التجربة النازية يمكن القواانه بعد عدة بضع سنوات على ظهور هتلر، حتى تمكنت النازية من اجتذاب عدد كبير من من الشباب الألماني، وقد استهوت النازية بعض كبار السن منهم،" لانهم وجدوا في النازية أداة جديدة لاسترجاع المجد الألماني المفقود، ولاستعادة الكرامة الألمانية المستباحة،والمفارقة اللافتة للانتباه هي وجه التماثل بين داعش والنازية،حيث تطرح الداعشية اليوم نفسها أداة لاسترجاع الخلافة الإسلامية الضائعة، ولاستعادة المجد الإسلامي الذي تحول سراباً!مع مرور السنين،
الامر الذي تمخض عنه،هو ازالة العوائق امام عملية اجتياح النازية للمجتمع الألماني، وتفضيل الأكثرية من الشعب الالماني اللواذ بالصمت االطوعي،واذا ما ماقت النازية بالتهديد واحداث الرعب تحولت عن الصمت الطوعي الى الصمت القسري الاجباري.
وبهذه الطريقة، تمكنت النازية من بسط السيطرة على المجتم ومن التحكم به عبر الترغيب تارة والترهيب نارة اخرى. مما اصاب قيادتها الغرور والجنون الامر الذي دفعها الى حروب مع العالم وجلب الكارثة الكبرى في الحرب العالمية الثانية.الى ان هزمت المانيا هزيمة نكراء.
وهذا ما يحدث في العالمين العربي والاسلامي،من تفضيل الصمت والسكوت والاستخفاف بداعش والاستهزاء، وبالقائمين عليها، مما ادى الى عملية التوسع الداعشية في أجزاء من سوريا والعراق.
وهذا سكوت طوعي تمارسه الشعوب وعدد من الدول، ولكنه قد يتحول إلى صمت قسري مع الوقت،
وفي سياق الردود والافعال على جرائم داعش، يمكنننا وضع الرد الفلسطينيسياق ردة الفعل العربية الرسمية، فقد جاء الرد الفلسطيني على مقتل الطيار الاردني الكساسبة رسميا اكثر منه شعبيا، وكذلك جاء الرد الفلسطيني رسميا اكثر منه شعبيا ، على المذبحة التي ارتكبتها داعش فرع ليبيا،بحق 21 مصريا قبطيا، واتساءل عن دور الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني،في التعبير عن الرفض لهذه الجرائم وادانتها، و عن قدرات الجميع على و تعبئة الجماهير الفلسطينية،و تجنيدها،وتحشيدها للخروج ضد هذه الظاهرة القذرة التي تشوه صورتنا امام انفسنا وامام العالم.
وليعرف تنظيم داعش انه اصبح مرفوضا ومدانا ومطلوبا ومطاردا، ولا توجد بيئة له في فلسطين ولم يعد له حاضنة في الوطن ىالعربي ، بحيث نشجع الشعوب العربية للخروج للتنديد بالظاهرة الداعشية،هذه الظاهرة المجنونة الموتورة، التيمنذ ميلادها والى الآن تجر الخراب والدمار والويلات على الشعوب العربية،وتفكك الجغرافيا السياسية.وتدمر الاخلاق والقيم الدينية والتاريخية والحضارية والانسانية العربية.
ان التاييد الفلسطيني الرسمي والذي شمل كل المستويات لا احد يشك او يشكك به،ولكن اين التضامن الشعبي الفلسطيني مع الشعب الاردني ومع الشعب المصري،وهل خروج عدد متواضعامام السفارتين الاردنية والمصرية،رد كاف على الدواعش وهليمكن ان يطلق على الخروج ،هبة اوصرخة مدوية في ادانة داعش وايذان برفضها ومحاربتها شعبيا
ونتساءل كغيرنا، هل اصاب الشعب الفلسطيني الاحباط،اليأس، الخوف؟ اسئلة كثيرة أهمها،هل اصبحت الاحزاب تهيم في واد بغير ذي زرع، والشعب الفلسطيني في واد آخ، غير مكترث بما يجري حتى تسرقه سكين الذبح الداعشية،،وهو يراقب وسائل الاتصال،ويشاهد التضامن الرسمي على كل المستويات،فيجلس غير مبال.
بصراحة نحن امام ظاهرة جديدة يمر بها الشعب الفلسطيني، والذي كان مبادرا وسباقا للوقوف مع الشعوب العربية،فارجو من كل ذي عارف ان يرشدني الى وصفة معرفية، تطفئ ظمآئي، علي اعرف ماذا جرى للشعب الفلسطيني،وبالتأكيد ما ينطبق على الشعب الفلسطيني بنسبة 10 بالمئة ينطبق على الشعوب العربية بنسبة مئة بالمئة لانها غير واقعي تحت الاحتلال.
وهنا نتساءل: هل نجحت القوى التي خلقت المخلوق "داعش، وسمحت لهذا المخلوق ان يستولي على جغرافيا محدد،ليمارس انشطته وجرائمه، في تحقيق الصدمة والترويع للشعوب العربية، ولقيادتها المربكة والمرتبكة ،من فظاعة ارتكابها المذابح البشرية.
من الواضح ان لطريقة الداعشية في القتل والحرق والذبح تداعيات سياسية ونفسية واجتماعية وثقافية ودينية،وامنية وعسكرية،
فهذه التداعيات تهدف الى جر الدول التي تعرضت رعاياها للذبح والحرق والقتل الى المشاركة في الحرب على داعش خارج حدودها مما يتيح ميلاد داعش محلي حيث ينصب التفكير والتركيز الامني على جمع المعلومات في الجغرافيا المتاحة للنشاط االقذر لداعش،
ولأن ظاهرة داعش تدفع الاحزاب والحكومات الى طرح سؤال على نفسها اي نظام سياسي نريد؟ وهل الديمقراطية الغربية سوف تصبح ملاذا امنا لاتاحه الفرصة للدواعش وانصارهم، من الشباب العربي المأزوم،والمقهور والمكبوت،بالاحتفاظ بقوتها، ومن خلال اتاحة الفرصة لها للمشاركة في السلطة تحت شعار اما ان تقبلونني او اعود الى الذبح والى القتل وبالتالى الحرق.
اما التداعيات الدينية،الناتجة عن قيام داعش بذبح العمال المصريين من الاقباط المسيحيين في ليبيا، بهذه الطريقة يهدف الى ارسال رسالة مزدوجة مفادها اما الرحيل واما الذبح وومعلوم ان الهدف هو تقسيم مصر بحرب دينية،ضد اهلنا واخوتنا واحبتنا من المسيحيين،الذي كانوا نموذجا للتعايشةالتسام في مصر وفلسطين والاردن وسوريا وكانوا ولا يزالون جزءا اساسيا من النسيج الوطني العربي، وجزءا اساسيا في الحركة التنويرية والحداثية في المجتمعات العربية.
والمهم الرئيسة هي تعزيز الاحتراب المذهبي (بين السنة والشيعة) تعزيزحالة التناحر والاقتتال بين التنظيات السنية لتمزيق الامة العربية والاسلامية لاتاحة الفرصة للهيمنة الاسرائيلة على المنطقة.
والسوال: هل ما يقوم به تنظيم داعش من جرائم متلفزة تصب في مصلحة الاسلام والمسلمين ام في مصلحة جهات وكيانات خارجية اوجدتها لهذا الغرض؟؛ بهدف الهيمنة والسيطرة والنفوذ؟ ولكي نعمم الاجابة:ارتأينا ضرورة ترك الاجابة للعقل العربي،ربما يرشدنا الى بعض خفايا الامور .التي لم نتمكن من الامساك بها.
مع ضرورة الاستدراك من اجل القول: ان النموذج الداعشي هو نسخة مطورة، ومحسنة عن النسخة المتطرفة(القاعدة) والتي يمكن ان اطلق عليهما مصطلح "المتحولون" على اسم الفلم الذي صنعته السينما الاميريكية"، حيث يمارس المتحولون العنف بقسوة شديدة وبلا رحمة ادوات فتك وقتل،والدواعش يمارسون العنف بالقسوة ذاتها، فهم يتمتعون بتدريب عال، مزودين بالتكنولوجا، وبالخبراء المدربين على استعمالها،وبالتمويل الكبير، وبالقدرات الاعلامية الهائلة.فهل سيفضي سلوك داعش إلى بناء تحالف دولي ضدها.ام ان الامر لم ينته بعد،
وتحرص هذه القوى التي خلقت داعش وصرفت عليها الاموال ان:
ان يبقى الدعم للجيش الذي يحارب داعش بعيدا عن الحرك الشعبي، وعن المشاركة الشعبية في محاربة داعش؛ من اجل ان لا يتم احداث تغيير على البنى العقلية للشعوب العربية، بحيث يبقى العقل العربي مجترا يعيد انتج ذاته،بصور شوهاء،مما يتيح لهذه القوى بالامساك بعصوات التحكم والسيطرة علىةكل من داعش والشعوب العربية.
، لذا نلاحظ كيف تتم عملية اقصاء الجماهير عن فعل المشاركة ويتلخص دورها في التنديد الممنهج والمسيطر عليه.
حتى لا تتحول ذه الجماهير في لحظة تاريخية الى قوة واعية،قادرة على التغيير والتاثير بحيث تكتشف الشعوب العربية مديات خضوعها للتضليل، ومدى حجم التلاعب بمصائرها وعقولها،فترفض بقوة عمليات التضليل و تزييف الوعي؟
لهذا نعتقد ان الحرب على داعش سوف تقتصر على الضربات الجوية، ،لان وضع الانظمة التي ستشارك صعب من جميع النواحي،فلا يمكن ان تتقبل اسر الضحايا،استقبال ابناءا في توابيت، وهذا يقلل من رد الفعل الشعبي الفلسطيني والعربي مما يبقي الشعوب تحت السيطرة والاخضاع،والتحكم. بها، وبمصائرها، وتحركهاوتوجهها،بالاتجاه الذي تريد ..
لذا نعتقد ان مجال الحرب على داعش سيبقى منحصرا بالضربات الجوية.
إذ أن المشاركة البرية للجيش لها مخاطرها ومن ابرزها:
اتحة الفرصة للجيش اكتساب المهارات والخبرات القتالية على الارض،
ويقلل من فرص التعتيم على الجيش، حتى لا يكتشف حقيقة تنظيم داعش، ويعرف انه مخلوق غربي، له اهداف وغايات من وراء هذا الخلق،وبانه متحول جديد في "الزوبي لاند"ا"سم فلم اميريكي" العربيةالجديدة.
وحتى لا يعرف حقيقة ما يجري؛ فيصاب الجيش بصدمة مؤلمة،وقد تكون ردة فعله فجائعية تخرجه عن مساره الذي رسم له، فيوقف الحرب او يتصرف بشكل يضر بمصالح خالقي داعش ،
فلهذا؛ نلاحظ ان دور الجيش منحصر في الضربات الجوية ولا يتعداه الى الحرب البرية،حتى لا يتكبد الجيش التابع لهذه الدولة او تلك الخسارة في الارواح،
وحتى لا يلتحق عناصر من الجيش بتنظيم داعش،تحت تاثير داعش،التاثير بالخوف او الغواية،أو التدين الشعبي . ان الصوت العربي والإسلامي المنخفض حتى الآن في إدانة الأعمال الإرهابية التي ترتكب باسم الإسلام، لا يكفي لتبرئة الإسلام والحضارة العربية من تهمة الإرهاب التي تلصق به ظلماً وافتئاتاً. وهو لا يكفي لتسفيه المنطق الذي يعتبر المسلمين والإرهاب صنوين لا يفترقان أيضاً. ثم انه لا يقنع المشككين بأن الإرهاب عقيدة داعشية ليست من الإسلام في شيء وأنها طارئة عليه وعلى المجتمعات العربية، يؤمن المسلمون بوجوب العمل على إسقاطها والتخلص منها، وأن هذه العقيدة الهجينة لا تشكل أي ركن من أركان الشخصية الإسلامية.
من أجل ذلك، فإن الصمت الفكري والثقافي والديني على ما قامت به حركة «داعش»، وما تقوم به، هو خطأ تاريخي. وتعلمنا تجارب الآخرين كم هو مرتفع ثمن هذا الخطأ.
لقد مرت أمم عديدة بمثل هذه التجربة ـ المحنة ـ القاسية، وعلى كيفية الرد على مذابح داعش .وفي ظل ثورة الاتصالات فقد تمنكت
امريكا من تحويل الميديا من دورها الإخباري إلى الدور التوجيهي والتأثيري، وفي جعل الإعلام قوة غير عسكرية، وخلقت ما بات يعرف بـ"الإعلام الدعائي" أو"الإعلام الموجه"