هنا ....بين الشراشفِ البَيضَاءِ
حيث مملكةُ الصّقيعِ
ومَا أَنْهَكَ ظَهرَ الوجودِ
من أنفاسٍ مهزومةٍ
تتجمّدُ الأماني في الزوايا
تَنْتَسِبُ إلى مَا تبقَى
من دمعاتٍ لا عزاءَ لها
غيرَ مراقبةِ خطِّ العُمرِ
وهو ينحني في خُشوعٍ
نحو رقمٍ قياسي
تحطِيمُهُ لا يَمْنَحَكَ نشوةَ
الزهوِ بالانتصارِ
بل يسمحُ فقط.....
بقراءةِ آخرِ طقوسٍ
تفتحُ نهايةَ المجراتِ
لينبجسَ الدمُ الأسودُ
سلسبيلا تحتَ الثرى
هنا ...تتساقطُ أوراقُ الحياةِ
الأرواحُ مصلوبةٌ
بين مصلٍ وكثيرِ دعاءٍ
العيونُ تنزفُ في الخواءِ
يدُ الرّيحِ لا تُحسِنُ لملمةَ
الحبِّ المنثورِ
لكنها تُجيدُ بعثرتَهُ في الفضاءِ
لتنشرَ الذُّهولَ في الوجوهِ
المسكونةِ بالنفي
تدورُ ناعورةُ الزمنِ
بحثًا عن حلقةٍ مفقودةٍ
تجعلُ الأنفاسَ أكثرَ تلاؤمًا
معَ خفافيشِ الوقتِ
ومعَ تلكَ الظّلالِ
الملقاةِ على الجدارِ
كما البقايا
بعدما لفظتْهَا الأيامُ
لم تنجحْ حين أُخْضِعَتْ
لاختبارِ الألمِ
كانت أشدَّ تصلّبًا من أن
تُجاري مرونةَ الفوضىَ
هنا ....لا فرقَ بينَ الزّجاجِ
وما يحملُ السّريرُ
من بقايا انتظارٍ
سابحٍ في بحرِ مخاضِ عسيرٍ
ما أحوجَ القلوبَ
إلى خيطِّ شمسٍ
يقودُ نحو الدفءِ
دون أن تتعثرَ في طوالعِ الرؤيا
وما بنى الخوفُ من أهراماتٍ
عند مداخلِ الاحتمالِ
أَظُننا أخذنَا من الحياةِ
حدَّ الإنهاكِ
استنزفنا سائلَها المنوي
وما أَنجبْنا غيرَ خيباتٍ
لم تساعدنا يومًا على العبورِ
نحو ضفةٍ يكونُ فيها القهرُ
أكثرَ رقةً
كم من تراتيلَ علينا أن نتلو
لنحظى بعشبةِ خلاصٍ ؟
كم أرواحًا يجبُ أن تقضِي
في زنازينِ الصّبرِ
لنكتشفَ ما تحتَ الضُّلوعِ
من احتراقٍ يُذكيه الرّمادُ
وما خلفَ الوجوهِ من مسافاتٍ
تحتاجُ تهشيمَ الصّخرِ
لنزرعَ عدونَا المحمومَ
في غيمِ المدى ؟
أَلمحُ بصيصَ نورٍ
أهي الشّمسُ تَعُودُني ؟
أم تُراه شعاعُ النّبضِ الأخيرُ
ينحني استجداءً
لملائكةِ الرّحيلِ
أن تمهلوا .......
لا تُغلقُوا الكِتابَ
قبل أن يَقرأَ الوجعُ آخرَ قصيدٍ
في ميدانِ الذّبحِ
هناك سَيتمُّ اللقاءُ
بين آهاتِ الظُّهيرةِ
وما استعصتْ مصادرتُهُ
من قطعِ الموجِ
المحملِ بأورامٍ خبيثةٍ
عجزتْ تمائمُنا المزروعةُ تحتَ الجلدِ
أن تجعلَ آلامَه أقلَ قسوةً
وتجعلَ أيامَنا أقلَ بردًا وكآبة
لا أرغبُ في دمعٍ
يهدُّ القوافي
يُشرّدُ الشِّعرَ من بيتِه
يرميني في جبِّ صمتٍ أبديٍّ
قبل أن أُكلِّلُ ابتسامتي الحزينةَ
بسنبلةٍ خضراءَ
وأغنياتٍ تنشرُ السّلامَ
تسكبُ على جرحِ الغدِ
بضعَ قطراتٍ من بلسمٍ
برودةُ المكانِ تدفعُ
نحو كبوةِ اللّفظِ
يتبعثرُ مطلعُ القصيدةِ
مهما تشبثَ بأوزانِ الوعدِ المكنونِ
كلُّ المجازاتِ هنا
تضيعُ في الحُقنِ
وأنابيبِ هواءٍ انهزمتْ دائمًا
أمام عودةٍ مستحيلةٍ
لصخبِ الأبجدياتِ
لم يستطعْ مطرُ الشِّعرِ
أن يغسلَ القلبَ المُنهكَ
من سمومِ الهشاشةِ
وما تجرعَ من هزائمَ
في حقلِ الحكاياتِ الملغومِ
ولا تمكنُ من إيقادِ جذوةِ جسدٍ
انطفأتْ عند فورةِ البدءِ
ها أنا أعبرُ فوقَ أشلائي
نحو عرسٍ أُعدَّ سَلفًا
لي وحدي
سأكونُ العروسَ
في حفلِ تأبينٍ
تَمتشقُ فيه الأشجارُ شهقاتي
تنثرُ الطّيورُ ما أعددتُ من فطائرَ
في سنواتِ احتراقي
تلك كانت وصيتي
حين وقفتُ على حافةِ الهاويةِ
أُسلمُ العمرَ للغروبِ
تشبثتْ الأحلامُ بتلابيبي
أملًا في أن أنقلَ الخطوَ
نحو نجمٍ آخرٍ
يلمعُ رُغمًا عن السماءِ الجهماءِ
كانت الفرحةُ قد هَرِمتْ
لم يتمكن الانْتظارُ
من إخفاءِ تجاعيدِ الصّبرِ
ولا بلسمةِ جراحٍ
عصيةٍ على التّضميد
منذُ البدءِ
أدركتْ أني محكومةٌ بالغيابِ
وأن ثمة تواطؤًا
بين الماضي والحاضرِ
لإجهاضِ ابتسامةِ الفجرِ
كان عليَّ أن أحترمَ
قواعدَ اللُّعبةِ
لكني......................
لم أَتمكنْ من سَرجِ اللامبالاة
فقد كانت اللاجدوى تمتطيني
تُحركُ اللجامَ..
ذاتَ ليت ...و ذاتَ لو ...
حتى تهاوتْ الأوصالُ
وأُهدرتْ الأحلامُ
القسوةُ لا تهرمُ بسرعةٍ
هي قادرةٌ على الوقوفِ
بوجهِ الأنباء
وما خطتْ الأيادي الشّرسةُ
على جدرانِ التّرقبِ
من أمورٍ نافلةٍ
وأنا المسكونةُ بالحبِّ
أوهموني أن الدفءَ
يذيبُ الصّقيعّ
يصونُ الأملَ
إلى أن يغادرَ الأزمنةَ الباردةَ
كانت تلك حكاياتُ جدتي
وهي تمرّرُ أصابعَها الحانيةَ
بين خصلاتي
لم أدركْ أنها خدعةٌ
إلا حين وجدتني
أمثلُ أمامَ الميزانِ
لأفهمَ أخيرًا أن حدوثَ المعجزةِ
رهينٌ بثقلِ كفةٍ .
على الشاطيء.......
ستَحكي الصّدفاتُ
عن غجريةٍ كانت تُمسّدُ الرّملَ
لتخدعَ العمرَ
تقرأَ الطّالعَ
لتدحرجَ الأيامَ
بعيدًا عن علاماتِ الاستفهام
وصيغِ شرطٍ
تَحولُ دونَ الخفقانِ
يتقلصُ البيانُ
عند المطلعِ الطّللي
يضيعُ خيطُ النّورِ
بين جوقةِ الكلماتِ
وقطعٍ مشغولةٍ بتشييعِ اللّحنِ
النّشازُ يعزفُ الخاتمةَ
كي أستطيعَ مغادرةَ النَّص
دون أن أتركَ للرّيحِ
رجفةَ الأماني المطفأةَ
هذي ملامحي
لا يخطئُها القدرُ
مهما توغلتْ داخلَ الأنابيبِ
ومهما أمعنَ الوجعُ
في غنائه المنقوعِ
في ماءِ النّشيدِ
يلمعُ الموتُ في عيونِ الحكيمِ
يرسمُ ذهولَه على الجدرانِ
تاريخُ الانسحابِ