لمحات من كتاب "السعودية : سيرة دولة ومجتمع"

أخي أبا أسامة .. السلام عليك – وعلى أعضاء المجموعة الكرام – ورحمة الله وبركاته ..
أقرأ الآن كتاب (السعودية : سيرة دولة ومجتمع) ... وقد لاحظت ميل المؤلف للإنصاف،وهو أمر يُذكر .. فيشكر .. لم أكمل قراءة الكتاب حتى الآن ..
لمحة تعجب : لفت نظري أن المؤلف يكتب – أحيانا – وكأنه يريد لـ(الشيخ) أن يكون (سياسيا) يضع في اعتباره المتغيرات الدولية،وما قد تجره (فتواه) على الدولة!! وقد كرر ذلك عدة مرات .. منتقدا .. ثم وصل به الأمر إلى (تنزيل) تلك النظرية على الشيخ (الألباني) وبعض شيوخنا الرسميين – دون ذكر اسم معين – وذلك بعد أن أورد كلام الشيخ الألباني عن حكم الاستعانة بالقوات الأجنبية،إبان تحرير الكويت .. وكلامه الشديد في تلك القضية،وعقب قائلا :
(ومع أن الموضوع لا يخلو من ظرف سياسي أثر في رؤية كل طرف،فسلفية الشيخ {أي الألباني} توافق رأيه مع الموقف الأردني في ذلك الوقت! وسلفيتنا الرسمية توافقت مع ظرفنا التاريخي!){ص 237 - 238(السعودية : سيرة دولة ومجتمع ) / عبد العزيز الخضر / الشبكة العربية للأبحاث والنشر }.
هل يقول أخونا الكريم .. أن الشيخ (الألباني) لو كان مقيما في السعودية،إبان إصدار تلك الفتوى،لتغيرت فتواه؟!!
أم أن أخانا الكريم يقول أن موقف الحكومة الأردنية أثر في فتوى الشيخ (الألباني).. بمعنى آخر .. لو أن الحكومة الأردنية كانت مع الاستعانة بالقوات الأجنبية،لتغيرت فتوى الشيخ،أو تغير موقفه؟!!
وهنا أتذكر .. وهذا لا يعني أخانا المؤلف في شيء،فهو ليس سياسيا .. مقولة للأستاذ عصام العطار،عندما وقف ضد انفصال سوريا عن مصر،فلمزه أحد السياسيين بأنه تلقى (وعدا بمنصب) من قبل جمال عبد الناصر .. حينها قال الأستاذ :
(لا يخطر في بال بعض السياسيين أن هناك مواقف لله)!!
لمحة دهشة .. وتعجب : ينقل لنا المؤلف قول الشيخ محمد سرور زين العابدين،في كتابه " منهج الأنبياء في الدعوة" : (نظرت في كتب العقيدة فرأيت أنها كتبت في عصر غير عصرنا،وكانت حلولا لقضايا ومشكلات العصر الذي كتبت فيه على الرغم من أهميتها وعلى الرغم من تشابه المشكلات أحيانا،ولعصرنا مشكلاته التي تحتاج إلى حلول جديدة،ومن ثم فأسلوب كتب العقيدة فيه كثير من الجفاف،لأنها نصوص وأحكام،ولهذا أعرض معظم الشباب عنها وزهدوا بها.
وفي المقابل فقد أعجبني أسلوب القرآن الكريم لأن عرض قضايا الاعتقاد جاء من خلال عرض سير الأنبياء وجهادهم في سبيل الله ضد المشركين" (ص 8)
هذا النص لاحظت أن خصومه من التيار الجامي قدموه مبتورا في سؤال شهير قدم لـ(ابن باز) في التسعينات ولمجموعة من العلماء منهم (الألباني،والفوزان والوادعي) .. ووزع كمنشور من أجل إدانة المؤلف حول كتب العقيدة،ولم يذكر المقطع كاملا :
س : سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز،قال صاحب كتاب منهج الأنبياء في الدعوة : "وقد اطلعت على كتب العقيدة فوجدتها كلها جفاء،لأنها نصوص وأحكام"؟
ج : هذا خلط عظيم،كلها جفاء،أعوذ بالله،كتب العقيدة الصحيحة ما هي جفاء،قال الله،وقال رسوله،فإذا كان يصف القرآن والسنة بأنها جفاء فهذا ردة عن الإسلام .. إلخ.){ص 231( السعودية : سيرة دولة ومجتمع ) / عبد العزيز الخضر / الشبكة العربية للأبحاث والنشر }.
لاشك أن التعبير بأن فعل (التدليس) هذا بأنه مدهش يعتبر اقل بكثير مما يستحقه الأمر!! وخصوصا حين يصدر ممن يعلم أنه سوف يُسال .. وحين يصدر عن فئة تربت عن استنكار (بتر) النصوص.. والمثال الأكثر تداولا ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى).
لمحة مؤسفة : (في الوقت الذي حدثت فيه حالة التجميد لرموز الصحوة،وحظر الكثير من إنتاجهم،كان العلماء الكبار والدعاة التقليديون مستمرين في نشاطهم،لكن تطورات الأحداث أثرت في سمعة العلماء الكبار خاصة بسبب كثرة البيانات المتتالية عند كل توتر،حيث تم إشراكهم في كل حالة صدام،إلا أن الإسراف الرسمي في توظيفهن ضد مشاهير الصحوة أدى إلا تآكل قيمة هذه المؤسسة وسمعة هيئة كبار العلماء،وضعفت صدقيتها كثيرا عند جمهور الصحوة العامة،بمن فيهم الشيخ (ابن باز) الذي أفتى في موضوع السلام مع إسرائيل في تلك الأوقات الحرجة،ما زاد الأمر سوءا.){ص 112 ( السعودية : سيرة دولة ومجتمع ) / عبد العزيز الخضر / الشبكة العربية للأبحاث والنشر}
انتهت اللمحات .. وبقي أن أشير إلى نقطتين :
النقطة الأولى : أخبرنا المؤلف في مقدمة الطبعة الثانية أن الطبعة الأولى نفدت بعد شهرين من صدورها .. وهذا أمر يثير الدهشة .. والتي تتضاعف حين نعلم أن الكتاب يقع في 879 صفحة .. إضافة إلى الدهشة يثير الأمر كثيرا من السرور .. بنفاد كتاب بهذا الحجم – وليس رواية – وذلك يشي بأن الحديث عن أمة لا تقرأ فيه بعض التجني .. وقد أشار إلى ذلك الدكتور ناصر الدين الأسد – ذات لقاء متلفز – حين أشار إلى أن وجود عدد كبير من دور النشر يعني وجود من يقرأ.
النقطة الثانية : صحيح أن نفاد الطبعة الأولى من الكتاب لا يخلو من دلالة ... ومع ذلك فنحن في زمن (التصفح) .. وانصراف الناس إلى وسائل التواصل الحديثة .. وعليه فإن هذا السفر الضخم يمكن أن تستل منه (كتيبات صغيرة) .. مثل ما جاء تحت عنوان (شخصيات دينية مؤثرة)،وقد تمدد الحديث عن تلك الشخصيات على الصفحات 146 – 214 .. وكان للشيخ سلمان العودة نصيب الأسد منها .. حيث تمدد الحديث عنه على الصفحات 186 - 214

أبو أشرف : محمود الشنقيطي

__._,_.___