!! جريمة !!



نقلو إليه دم من فصيلة مخالفة فودعت الحياة بعد ساعات
إهمال طبي يؤدي إلى وفاة مواطنة وتحويل أفراح أسرته إلى مأتم



زوج نجاة خلال العزاء حامل آخر بناته من زوجته المتوفاة


المدينة المنورة: خالد الجهني
تحولت أفراح عائلة سعودية إلى مأتم وتحولت رحلتهم السياحية من الطائف حيث
يقيمون إلى المدينة المنورة إلى رحلة للهلاك، انتهت بموت ابنة العائلة وتدعى
" نجاة" فجر أول من أمس إثر عملية نقل دم خاطئة.
ورافقت " الوطن" طوال أول من أمس واحدة من أكثر الحالات الإنسانية الموجعة التي
بد فيه كيف يمكن أن يؤدي الإهمال الطبي وغياب الرقابة والوساطات والمحسوبيات
إلى نتائج مروعة، قد تتجاوز، كم في حالة أسرة " بلحمر" ، وفاة امرأة شابة إلى
تيتيم أربعة أطفال وتسجيل مأساة سترافق عائلة بأكمله سنوات عديدة.
فمساء الأربعاء المنصرم، قرر علي عمر بانقيطة وزوجته نجاة بلحمر التوجه من
الشقة التي يقضيان فيه إجازة الصيف بالمدينة المنورة إلى أقرب مستشفى للكشف
عن حالة الزوجة الحامل في شهره الأخير، دون أن يخطر على بال الزوج أنه سيواجه
آخر كشف طبي على زوجته، ولم تعرف الأخيرة أنه تسير إلى حتفه الذي رسمته أيدٍ بد أنه مغموسة بالإهمال.
وفي مستشفى " صف المدينة" الخاص، حيث اختار الزوجان إجراء الكشف بمحض الصدفة
نظر لقرب المستشفى من الشقة التي يستأجرانها، قرر الكادر الطبي هناك إجراء
عملية ولادة قيصرية للزوجة، ولتتم الولادة نحو التاسعة مساء حين رزقت وزوجها بابنة هي الرابعة في ترتيب أخواتها.
ونحو منتصف الليل، وإثر مضاعفات لم تعرف أسبابه بعد، تقرر إجراء عملية نقل دم للأم
إذ طلبت إدارة المستشفى من عائلته تأمين كميات بديلة من الدم كم هو المتبع في عمليات النقل، وبدء من هذه الساعة
بدأت الأسرة في معايشة تفاصيل أكبر مأساة في تاريخها.
فمن وراء مشهد تبرز فيه آثار التخبط الإداري، جرى نقل دم من فصيلة AB إلى نجاة ذات فصيلة الدم O
لتدخل في سلسلة من المضاعفات الخطيرة لم يتمكن الكادر الطبي وتجهيزاته المتواضعة في المستشفى من مواجهتها
الأمر الذي تقرر معه نقل المريضة إلى مستشفى النساء والولادة الحكومي.
وخلال دقائق من وصوله فجر إلى المستشفى، توفيت المواطنة نجاة بلحمر بعد أن قدمت لأسرته طفلة جديدة
اتفق الجميع على تسميته باسم أمه الراحلة : نجاة.
ومساء أول من أمس، تحول حفل زواج تركي بلحمر الذي تزامن مع يوم وفاة شقيقته نجاة إلى مأتم
فيم اضطرت الأسرة إلى إقامة سرادق عزاء في منزل العائلة التي واجهت وضع صعبا
فالجموع التي تقاطرت من كافة أنحاء المملكة لحضور حفل الزفاف لم تكن على دراية بالمأساة
في حين اضطرت الأسرة إلى انتداب بعض أفرادها لاستقبال الضيوف هناك
وبقي معظم أفراده الآخرين في المنزل حيث أقيمت مراسم العزاء.
وأثناء ذلك ، سجلت لحظة عناق مؤثرة عندم وصل منزل الأسرة مساء أول من أمس أحد أشقاء نجاة قادم من الطائف ليقابله شقيقه الآخر ويشتركان في
موجة بكاء مريرة بمناهزة المنزل الذي كان يعج في اليوم السابق
غداة حفل الزواج، بالزغاريد.
وكانت نجاة قد غادرت المنزل نفسه ذلك اليوم بعد أن تجهزت مثله مثل قريناتها هناك لحضور حفل الزواج
بأمل أن تتمكن من حضور الحفل في حال لم تفاجئه آلام الولادة
غير أنه لم تحضر وحضرت عوض عنه الأحزان.
ورغم حالة الحزن العميقة التي تظلل الأسرة، إل أن حالة غير عادية من الغضب والاحتقان تتغلب عليها.
ويقول محمد بلحمر، شقيق نجاة الذي رافقه طيلة بقائه في المستشفى الخاص قبل وفاتها: كانت حالته تتدهور بوتيرة مخيفة
فيم كان الكادر الطبي يفسر الأمر كلم سألتهم عنه بأنه عائد لآثار المخدر المعطى لها.
ويضيف بلحمر: لاحظت حاجته للتنفس براحة مم جعلني أحاول رفع السرير دون جدوى
لأطلب من التمريض ذلك قبل أن يفيدوني بأن السرير معطل
وحين أبديت تحفظي قالوا إنهم سيخصمون قيمته من إجمالي الفاتورة!
ويمضي بلحمر قائلا: عند وصول كميات الدم المجمدة من بنك الدم لم يعثر الممرضون
على الماء الساخن اللازم لتسييله، مم اضطر أشقاء نجاة وأبناء أشقائه إلى
المسارعة في البحث عن ماء ساخن وجلبه من مكان بعيد.
وقال: لم أصدق للوهلة الأولى إمكانية حدوث خط بهذ الحجم
إل أنني بمجرد سماعي بالخلل في عملية نقل الدم سجلت الفصيلة المكتوبة على كيس الدم المعلق فوق نجاة
وكان من فصيلة AB فيم كانت فصيلة دم نجاة المسجلة في ملفه المعلق على السرير O.
وأضاف أن الأوضاع داخل المستشفى بدت مثيرة للرعب
فكل موظف يحيل إلى آخر، كما أن الأمر الأكثر حيرة بالنسبة لنا، والحديث لمحمد بلحمر
هو العمل المستمر لأخصائية النساء والولادة الدكتور فاطمة الخير التي استقبلت الحالة الساعة الخامسة عصر وولدته الساعة التاسعة مساء
وبقيت معه حتى منتصف الليل ووجدناه في غرفة العمليات الساعة السابعة صباحا!
ويقول محمد: أي إنسانة هذه التي يمكن أن تحتمل كل هذ الضغط
وأي نظام طبي هذا الذي يسمح لكوادره بأن يعرض المرضى للخطر
حين يترك المجال للأطباء والطبيبات بالعمل دون انقطاع مم يزيد من احتمال أخطائهم المميتة
ويقلل من قدرتهم على متابعة مرضاهم بعد العملية.
ويضيف: تتضح الكارثة أكثر بالنظر إلى الحالة النفسية المتدهورة التي بدت عليها
الطبيبة حين غادرت مستشفاه الخاص إلى المستشفى الحكومي بعد علمه بوفاة نجاة،
وقد شاهدناه جميع وأطرافه ترتعد من الفاجعة، غير أن الفاجعة انتقلت إلينا
حين فوجئن بعد عودتن إلى المستشفى الخاص بأنه سبقتن إلى هناك، ودخلت غرفة
العمليات لإجراء عملية أخرى.
ويؤكد مصدر طبي لـ" الوطن" داخل المستشفى م أشار إليه بلحمر، موضح أن الأطباء
والطبيبات في المستشفى يتنافسون على تحقيق عوائد مادية مرتفعة وكسر أرقام
قياسية في متابعة المرضى في سبيل زيادة أوراق الخبرة في السيرة الذاتية.
ويشير المهندس عمر بلحمر، الشقيق الآخر لنجاة، إلى التعامل الذي لقيته الأسرة
في المستشفى، موضح أن مدير المستشفى الخاص نهره بعنف حين حاول أن يكلمه، فيما
عاد إليه مرة أخرى بلطف بعدم علم أنه شقيق المريضة المتوفاة.
وقال عمر: بد أن طريقته الأولى في التعامل هي المعتادة منه، فيم أنه غير من
أسلوبه لمحاولة كسبن في صفه لتغطية الخط الفادح.
وتطالب الأسرة على لسان محمد بلحمر، شقيق نجاة، بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في
الأوضاع المتردية للمستشفى الخاص وفي ملابسات وفاة ابنتهم نجاة.
فيم يشير محمد إلى أن مرجعية المستشفى إلى أحد المسؤولين المتنفذين في
المديرية العامة للشؤون الصحية بالمنطقة قد يكون له دور في التغطية على
الانتهاكات الواسعة فيه.
ويطالب أيض بالبحث عن كافة الحالات التي جرى تحويله في غضون الأشهر الماضية
من المستشفى ذاته إلى مستشفى النساء والولادة والأطفال في حالة متدهورة،
والتحقيق بشأنها، لوقف نزيف الإهمال في المستشفى.
ومن المعروف أن مدير الرخص الطبية سابقا، وهي أهم إدارة حكومية ترتبط
بالمستشفيات والمستوصفات الخاصة، يرتبط بالمستشفى وله مكتب خاص هناك.
فيم أشارت مصادر " الوطن" إلى حالة طوارئ إدارية في المستشفى في أعقاب الحادثة
تمثلت في سلسلة اجتماعات مطولة بين مدير عام المستشفى الدكتور عبدالرحمن
السقاف والمسؤول التنفيذي الأول في المستشفى الدكتور حسين الردادي والمدير
الطبي الدكتور حسن رجب والدكتورة فاطمة التي أجرت عملية الولادة إضافة إلى أحد اختصاصيي الباطنة
إلى ذلك ووري جثمان نجاة بلحمر ثرى بقيع الغرقد عقب الصلاة عليها في المسجد النبوي الشريف

فيما تستعد أسرتها لرفع دعوى قضائية ضد المستشفى بتهمة قتل ابنتهم

ذيبان