أَنتِ العِيدُ ..
...
لَا عِيدَ بَعدَ سَنـا عَينَيـكِ ؛ يـا أُمِّـي
مُذْ مُتِّ مُتُّ ؛ وَ ماتَ العِيدُ فِـي غَمِّـي
بِفَقدِكِ العُمـرُ قَـدْ أَمسَـتْ مَفازَتُـهُ
مَراتِعَ النَّحسِ ؛ وَ الغِربانِ ؛ وَ الشُّـؤمِ
أَفِـرُّ ؛ تَتبَعُـنِـي الآلامُ , تَرجُمُـنِـي
وَ لَيسَ تُنقِذُنِي الدَّمعـاتُ مِـنْ رَجـمِ
وَ يَنهَـشُ الحُـزنُ أَوقاتِـي بِنـاجِـذَةٍ
أَعَدَّها - بَعدَ طُولِ الشَّحذِ - لِلضَّغـمِ
مُنذُ ارتَحَلتِ , أَنا المَكدُودُ ؛ تَسحَقُنِـي
حَوافِرُ القَهـرِ حَتَّـى مَلَّنِـي حَطمِـي
فَفارَتِ العَينُ ؛ لَـمْ تَنضَـبْ مَدامِعُهـا
وَ إِنَّما جَفَّ قَلبِـي , وَ انحَنَـى عَزمِـي
لَعَمرِيَ - اليَومَ - لَا كَفُّ تَمُـرُّ عَلَـى
خَدَّيَّ - يا أُمُّ - إِلَّا جَرَّبَـتْ لَطمِـي !
وَ تاهَتِ الرُّوحُ ؛ لَا لِلصَّبرِ فِي خَلَـدِي
سُكنَى , وَ لَا امتَنَعَ التَّخرِيفُ عَنْ قَصمِي
اللَّهُ !! كَيفَ مَضَـتْ أَيَّـامُ عِشرَتِنـا ؟
وَ كَيفَ بِتُّ بِلا حِضـنٍ ؟ وَ لَا ضَـمِّ ؟
وَ كَيفَ رانَ عَلَى ثَغرِي النَّحِيبُ ؟ وَ مِنْ
قَبلِ الرَّحِيلِ بِكَفَّيـكِ ارتَـوَى لَثمِـي !
كَأَنَّنِي بَعدَ ما قَـدْ غِبـتِ ؛ نَرجِسَتِـي
أَرَى اليَقِيـنَ يُحابِـي غَفلَـةَ الـوَهـمِ
حَتَّى شَمَمتُكِ فِي الآقـاحِ , فاحتَرَقَـتْ
حَشاشَتِي ؛ وَيلُ رُوحِي - آهِ - مِنْ شَمِّي
وَ مَـرَّ طَيفُـكِ فِـي أَفكـارِ أَخيِلَتِـي
بَدرًا ؛ يَحُـطُّ عَلَـى داراتِـهِ نَجمِـي
أُمَّـاهُ ؛ كَفُّـكِ مـا زالَـتْ أَنامِلُهـا
عَلَى جَبِينِـيَ , مـا أَخلَـدتُ لِلحُلـمِ
وَ عِطرُ خَـدِّكِ يَسـرِي عَبـرَ أَورِدَتِـي
وَ مِنْ خِلالِ دَمِـي ؛ لِلَّحـمِ ؛ فالعَظـمِ
فَكَيفَ تُسعِدُنِـي الأَفـراحُ بَعـدَكِ إِنْ
مَرَّتْ , فَلَمْ تُخمِدِ النِّيرانَ فِي وَسمِـي ؟
وَ أَيُّ مَعنَـىً لِعِيـدٍ لَا يَعُـودُ عَـلَـى
عُمرِي سِوَى بِانقِضاضِ الحِقدِ وَ اللُّؤمِ ؟
أُمَّاهُ ؛ عُذرًا ؛ فَشِعرِي بَعدَكِ انتَحَـرَتْ
حُرُوفُهُ ؛ فالتَجَأتُ - اليَـومَ - لِلنَّظـمِ
كَرِهتُ صَمتًا - سُيُوفُ العِيـدِ تَذبَحُـهُ
عَلَى النُّطُوعِ - أَسِيرَ اليَأسِ ؛ وَ اللَّجـمِ
وَ جِئتُ أَشجُبُ هَـذا العِيـدَ , أُنكِـرُهُ
أُمَّاهُ ؛ ما العِيدُ ؟ أَنتِ العِيدُ ؛ يا أُمِّـي !