|
العيد المبارك يطرق الباب في هذه اللحظات الأخيرة من شهر كامل قضاه المسلم في عبادة الله عزّ وجلّ , صام فقهر في كيانه تلكم الشهوات وانتصر على نفسه وأصبح حراً طليقاً من رعوناتها فهو أقدر مما كان ثباتاً على منهج الله , واقدر على كفّ النفس عن المعاصي والمضي على طريق الطاعات , فعبادة الصوم هذبت نفسه وارتقت بها نحو الكمال , لقد قام رمضان إيماناً واحتساباً بتوجه صادق إلى مولاه فنال صك المغفرة,قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه . ) وها هو رمضان يلوّح بالرحيل عن دنيانا , ونسأل الله أن يمنّ علينا بالقبول والعتق من النار والرحمة والمغفرة , إذاً أنت أخي المؤمن بين راحل تودّعه وقادم تستقبله , نحن نستقبل العيد في هذه اللحظات , وهو بحق ضيف كريم علينا أن نحسن استقباله , كيف نستقبل العيد ؟ على المؤمن أن يستقبل العيد بواقع عبوديته لله التي برزت بوضوح من خلال الصيام والقيام , فيوم العيد يوم يعظّم الله فيه ويشكر على ما أفاء على عباده المؤمنين من نعمة الهداية إلى الحق , العيد فرح يغمر قلب المؤمن بطاعة خالقه ومولاه , ومن ثم فرح تبدو معالمه بجديد اللباس وحسن الطعام وسائغ الشراب المباح والبيت النظيف المرتب , يلقى المسلم أخاه بوجه طليق وبسمة تعلو محيّاه يصافحه بحب مهنئاً بالعيد , قائلاً : أجزل الله ثوابك وكل عام وأنتم خير , العيد محبّة وودّ , تواصل ولقاء , لكن لماذا قلب الحق وغاضت من عالم المسلمين ينابيع الحب والود وتجذر فيهم الجفاء والغلظة واستحكمت بينهم القطيعة , فهل لهذا وجدت شرعة العيد ؟! العيد إحساس بحال الآخرين من ذوي الفاقات والحاجات لتنهض في كيان المؤمن مشاعر الجود والكرم وتتحقق الكفاية في الأمة وتعم بيوت كل المسلمين فرحة العيد , ولكن تبلّد هذا الإحساس وانطفأت فرحة العيد في كثير من بيوت المسلمين نظراً لغياب ذلك الحسّ الإيماني . لماذا تحوّل العيد إلى لون من اللهو والعبث في عرف كثير من المسلمين وكأن أحدهم قد أطلق من سجن كان يقبع في ظلمته شهراً كاملاً , أخي المؤمن : علينا أن ننهض جميعاً للعودة بالعيد إلى ألقه اجتماعياً ونحقق أسمى ما يمكن من الطاعات فيه , ولا ننس أن العيد شعيرة من شعائر هذا الدّين حيث ينبغي أن تراعى في التعامل معها أحكامه ويستلهم هديه الراقي الّذي مضى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم ومن تبعهم من سلف هذه الأمة , من بيتي وبكل حب أهنئ كل المسلمين في أرجاء الدنيا بقدوم العيد المبارك قائلاً : أجزل الله لكم الأجر والثواب وكل عام وأنتم بخير ديناً ودنيا وأخرى . صلى الله على سيّدنا محمد والحمد لله ربّ العالمين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
يوم الخميس / 30/ رمضان 1431هجريه
الموافق /9/ أيلول 2010ميلادية .
التوقيع : عاشق العيد |
|