السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
يندفع شر الحاسد عن المحسود بعشرة أسباب:
أحدها: التعوذ بالله من شره، و التحصن به واللجوء إليه.
الثاني: تقوى الله و حفظه عند أمره و نهيه، فمن اتقى الله حفظه و لم
يكله إلى غيره.
الثالث: الصبر على عدوه، فلا يقاتله و لا يشتكيه، و لا يحدث نفسه بأذاه،
فما نصر على حاسده بمثل الصبر، و التوكل على الله، و لا يستطيل الإمهال
له، و تأخير الانتقام منه.
الرابع: التوكل على الله، فمن توكل على الله فهو حسبه، فالتوكل من أقوى
الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق و ظلمهم و عدوانهم،
فمن كان الله كافيه و واقيه فلا مطمع فيه لعدوه و لا يضره.
الخامس: فراغ القلب من الاشتغال به، و الفكر فيه، فيمحوه من باله، و لا
يلتفت إليه، و لا يخافه، و لا يشغل قلبه بالفكر فيه، فمتى صان روحه عن
الفكر فيه، و التعلق به، فإن خطر بباله بادله إلى محو ذلك الخاطر، و
الاشتغال بما هو أنفع له، بقي الحاسد يأكل بعضه بعضاً.
السادس: الإقبال على الله، و الإخلاص له، و جعل محبته و رضاه و الإنابة
إليه في محل خواطر نفسه و أمانيها، بحيث تبقى خواطره و هواجسه كلها
في محاب الله، و التقرب إليه، فيشغل بذلك عن الحاسد و حسده، و يكون
قلبه معموراً بذكر ربه و الثناء عليه، غير متشاغل بغيره.
السابع: تحريه التوبة من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه، فما سلط على
العبد أحد إلا بذنبه، فعليه المبادرة إلى التوبة و الاستغفار، فما نزل بالعبد
بلاء إلا بذنب، و لا رفع إلا بتوبة.
الثامن: الصدقة و الإحسان مهما أمكن فإن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع
البلاء، و شر الحاسد، فلا يكاد الأذى و الحسد يتسلط على متصدق، فإن
أصابه شيء كان معاملاً باللطف و المعونة و التأييد.
التاسع: إطفاء نار الحاسد و الباغي والظالم بالإحسان إليه، فكلما ازداد
أذاه و شره و بغيه، ازددت إليه إحساناً و له نصيحة، و عليه شفقة لقوله
تعالى: ((ادفع بالتي هي أحسن السيئة))(المؤمنون:96).
العاشر: تجريد التوحيد لله تعالى، والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب
العزيز الحكيم، و العلم بأنها بيد الله تعالى، فهو الذي يعرفها عنه و حده إلى
آخر كلامه، و قد لخصت هذا من كلامه على آخر الفلق في بدائع الفوائد فليراجع.
لللإمام ابن القيم الجوزية
منقول