كف عن البصق في وجه أبيك


نحن نلقي بأبنائنا لأعدائنا ليعلموهم فيعودوا ليهدموا حصوننا من داخلها
و الشجرة لايقطعها إلا أحد فروعها !!
*
أعرف أن هذا مجد غابر .. فلا تتفلسف عليَّ بـ ( كان فعل ماضٍ ناقص ) ، ودعني أسألك : كيف غبر هذا المجد ؟!!
غبر هذا المجد بسببك أنت وأمثالك .. بسبب تقليدك الأعمى .. بسبب شعورك بالنقص والضعة..بسبب قابليتك للاستعمار .. بسبب ذوبانك _ كمغلوبٍ _ في غالبك !!
أنت تمتلك حضارة عظيمة ، وتراثاً عظيماً ، ولغة عظيمة ، فلماذا تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟!
لا بأس بتعلمك من غيرك ، بل الواجب عليك أن تتعلم من غيرك ؛ فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها ، ولكن : كُن أنت .. كُن نفسك .. لا تكن كالجَدي الذي ذهب إلى الغابة لينمو له ذَنَبُ ذئب فعاد حتى بدون قرنين !!
لماذا تحتقر نفسك ؟!
أنت وحدك المسؤول عن سقوطك .. وأنت وحدك المسؤول عن نهضتك !!
أنت من سيقرر الوقت الذي تنتهي فيه دورة حضارة لتبدأ فيه دورة حضارة أخرى !!
انزواؤك في دهليز الظلام الذي تنزوي فيه لن يصنع مصباحاً !!
هذا يكفي ..
*
اخترعَ أحدُ الشباب جهاز إنذار ثم سماه باسم انجليزي .. وحين سألته : لماذا لم تسمه باسم عربي ؟! ضحك وعجب من سؤالي ونظر لي نظرة ابن المدينة لابن الأرياف .. عرفتُ ما يدور في عقله .. ودار بيننا حوار طويل خرج بعده مصمماً على تعلم العربية تعلماً يساعده في مجال عمله العلمي ..


بعد خروجه تذكرت قول الرافعي رحمه الله حين قال _ في معرض حديثه عن تراجع العربية في هذا العصر مؤكداً على أن هذا التراجع عائد لتراجع أصحاب اللغة وليس إلى اللغة ذاتها _ :
" ومتى كانت اللغة صورة الأمة فإن كل ما يعتور هذه يتصل أثرُه بتلك ضرورة ، ولذلك بقيت العربية في نفسها على مرونتها الأولى حتى يتاح لها أقوام كأولئك الأقوام وتُقيض لها أقلام كتلك الأقلام ".


فليس للغة ذنب حين تتراجع بتراجع أهلها ، وهذا ما يؤكده العالم الفرنسي (فندريس) حين يقول :
"إننا لا نعلم إطلاقًا لغة قد قصرت عن خدمة إنسان عنده فكرة يَود التعبير عنها " ،
ثم يعقب قائلاً : " فلا ننصت إذن إلى أولئك المؤلفين العاجزين الذين يُحَملون لغاتهم مسؤولية النقص في مؤلفاتهم ؛ لأنهم هم المسؤولون على وجه العموم عن هذا النقص ".
لقد أحيا اليهودُ لغتهم العبرية بعد موات .. والعربية ليست لغة ميتة أو فقيرة ..
بل هي بحر متجدد يكمن الدر في أحشائه.. ولكن المشكلة فيك أنت !!
أنت سبب النكسة .. فكن سبب النهضة !!
أنا لا أطالبك الآن بإتقان العربية ..
ولا بتحري الإحسان آن الكتابة بها ..
هذا مستوى آخر سأطالبك به فيما بعد .. أنا الآن أحاول _ فقط _ منعكَ من البصق على وجه أبيك ، وإلقاء أمك على قارعة الطريق !!
أحاول فقط أن أقنعك بكتابة اسمك في مواقع التواصل الاجتماعي بحروف عربية !!
هذا _ فقط _ ما أطالبك به الآن !!


أرجوك .. كُفَّ عن البصق في وجه أبيك.