منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    آلموت" الحسن بن الصبّاح "..!



    آلموت" الحسن بن الصبّاح "..!

    " آلموت" رواية لــــــ" فلاديمير بارتول " ماذا أقول عنها ..؟ سأقف علىطلل البدء لأعترف بأن صدفة لم تكن عبثية البتة في معرض أبوظبي للكتاب عند منشوراتالجمل .. هناك حيث كنت اربض أمام جموع الكتب المتراصة انحت ضياعي في محاولة التسللفي قاع أفكار المؤلفين الخبيئة .. لم تكن صدفة عبثية البتة في أن أقابل في ضياعيذاك أحد الأصدقاء الشعراء وبعد تبادل عناق التحايا ساقني إلى " آلموت " التيكانت ترقد بسلام أبدي بعد أن حملته الأسطورة تحت جناحها في واجهة أحد الرفوف وكانالصديق يبجّل الكتاب دون أن يشير إلى محتوى فكره ؛ ساعيا بذلك إلى تأثيث نهم فضوليفي حيزي القرائي .. لم يشبعه سوى في لهفة شرائه والانكباب عليه .. !
    " آلموت" هو حصن قديم فوق صخرة عالية وسط الجبال وبنيت بطريقة لا يكون لها سوى طريقواحد يصل إليها كل من يريد الوصول إليها هذا إن وصل ؛ مما يؤهلها لصفة المنع لتغدومنيعة بالفعل ..! ويقال أن من بناها أحد ملوك الديلم القدماء واسماها " ألوهأموت " ومعناه " عش النسر " .. وبقيت هذه القلعة في يد حاكم علويقام بتجديدها واتخذها له مذ عام 860 إلى أن جاءت طائفة من الإسماعيلية ويدعون بالباطنيةمع أميرهم " الحسن بن الصبّاح " في رجب مذ عام 483/ 1090م وطرد منهاالحاكم بالخديعة وبقناع التدين واتخذها منبرا ؛ لبث خططه ودسائسه على السلجوقيينوالعباسيين حيث امتد الصراع بينهم ردحا من الزمن إلى أن جاء هولاكو واستولى علىالقلعة ..!
    ومن يعبر" آلموت " سوف يجد كائنا غير الإنسان وسوف يجد الوحش وسوف سيجد العبدوسوف يجد الذكورة الممنوعة وسوف يجد الأنوثة المباحة والأهم من كل تلك النماذج أنهسوف يصدم بوجود رجل دين وزّن نفسه برتبة " نبيّ " يتأّله بالقدرةوالتقديس ..! : " كيف يكون لسيدنا الحق بإباحة الخمر في حين أن النبيحرّمه ..؟ له الحق بذلك .. قلت لك إنه هو الأول بعد الله .. إنه نبي جديد .."متجسّد في شخص " الحسن بن الصبّاح " الذي اشتهر بلقب " شيخ الجبل" وهو مؤسس ما يُعرف بالدعوة الجديدة أو الطائفة الإسماعيلية النزارية أوالباطنية أو الحشاشون .. ولد في قم ثم انتقل لريّ حيث معقل الاسماعيليين ..!
    " الحسنبن الصّباح " هو داهية عرف كيف يختفي خلف ستار الدين لبث أفكاره و أوهامهمتخذا من حصن " آلموت " قاعدة عزلته .. وقد أفلح من خلال ذكائه الحاد فيالتخطيط على تحويل " آلموت " إلى عالم متكامل وشامل يحكي تفاصيلها بصبغةتاريخية مغموسة بالواقع التاريخي والخيالي الروائي السلوفيني " فلاديميربارتول " الذي عكف على كتابتها لمدة عشر سنوات ( 1927م _ 1937 م ) وقد تأثر "بارتول " بعصابات الحرب العالمية الأولى فعّبر عن رؤاه البشعة وسخطه عن ذلكمن خلال هذه الكتابة في وقت كانت الفتن والدسائس والتضارب ما بين المذاهب مشتعلا ،فجاء هنا ليصور حجم الضلال وحجم الدسائس التي يخترعها رجال الدين باسم الدين ..وعن تجاوز البعض لبشريتهم ليحفلوا على أنفسهم سمات النبوة .. بل ليتسلقوا على كتفمهامات إلهية ؛ ليوهموا العامة بمدى قدسيتهم فيمنحون صكوك الغفران ويوجبون العقابفي الجحيم لكل من يخالف آراءهم ويوعدون بجزيل العطاء بجنان الفردوس لكل من ينصاعلهم ؛ لتصل زندقتهم حدها إلى امتلاك مفتاح الفردوس و" الحسن بن الصّباح" هو النموذج البشع الذي لم يكف بالنبوة بل فرط إلى حد التّأليه ..!
    وكان منالطبيعي أن تكون هذه الرواية ملعونة وأن لا يعاد نشرها سوى بعد مغادرة الكاتبللحياة .. ومن الإبداع أن " فلاديمير بارتول " جسّد كل تلك اللعناتونفخها في روح رجل واحد هو " الحسن بن الصبّاح " الذي روّض الحيواناتالمتوحشة في جنته ألموت كما روّض الإنسانية تماما في شخص " الفدائيين " :" لم تستطع أن تستوعب كيف بإمكان فهد وغزالة أن يكونا صديقين في هذاالعالم .. إذ إن الله وبحسب قول النبي قد ادّخر هذه الأعجوبة إلى قاطني الجنة.." فمن يقرأ " آلموت " سوف يتعرف على عالمين متضادين على عالمأنثوي مغري في جزء الأروع من آلموت حيث كما وصفها المستشرق " ماركو بولو" التي زار آلموت من بعد وفاة " الحسن بن الصبّاح " بقوله : "الحسن بن الصبّاح حول أحد أودية جبال آلموت إلى حديقة من أكبر وأجمل ما يمكن أنتقع عليه عين ناظر مليئة بكل أنواع الفاكهة نصبت فيها خيم وقصور أنيقة فارهةجميعها مفضفضة ومذهبة وسواقي تجري فيها الخمور والألبان والعسل والماء .. "وقد استقى " فلاديمير بارتول " بعض تلك الأوصاف من الرحالة " ماركوبولو " وبثّها بخيال ساحر في روايته ليبرع في رسم عالم أنثوي بجدارة حيث جواريمن كل صنف يتعلمن فنون الغناء والرقص والخياطة والتزين والكتابة على يد "مريم " القريبة من قلب " الحسن بن الصباح " فهي من يسكب في حضرتهافحوى أسراره وخططه بينما يتعاطين فنون الحب الجنسي على يد " أباما "الذي سرق الزمن جمالها وقلّص من اغرائها وانتهت إلى عجوز شمطاء بائسة الحظ لا تملكسوى ذاكرة حكائية مضمّخة بقرنفل الأبطال والعشاق .. مع وجود خصيان مخلصين يقومونبخدمة الجواري ..
    ومن هذاالمخبأ المنيع الذي يسمح فيه كل شيء حتى التفسخ يكمن في الجانب الآخر من جدرانآلموت عالم يكاد يفصله عن الجانب الأول بشكل فاغر ؛ حيث هنا آلموت عبارة عن قلعةأشبه بمدرسة لتأهيل صبية صغار ما بين الثانية عشر والعشرين من أعمارهم يقوم أساتذةمن الإسماعيلية بتلقينهم تعاليمهم السرية بأسلوب مجاهر ومكشوف ويتلقون فنونالفلسفة وفنون القتال ناهيك عن فرض قوانين جادة وصارمة حيث يمنع هؤلاء الصبية منشرب الخمر والزواج .. بل إن مجرد إطلاق الفكر في خيالات الاحتلام يعد خطيئة يعاقبونعليها أشد عقاب ..! وهؤلاء الصبية يؤهلون بعد اجتياز الاختبار إلى مسمى "فدائيين " وهم جيش اتخذه " الحسن بن الصّباح " للتنكيل بأعدائهولبث دسائسه وقد استولى على عقولهم من خلال زرع الأوهام والأباطيل على كونه النبيالذي يجب تقديسه وما يسوغ ذلك هو امتلاكه مفتاح الفردوس ..!
    وسوف يرىالقارئ كيف أن بعض هؤلاء الفدائيين يفلح " الصبّاح " في خداعهم بجناتالفردوس من خلال تنويهم بمادة الحشيش ومن هنا جاءت تسمية " الحشاشين " وعبرذلك يدخلون في عوالم وهمية تتضارب فيها الحقيقة مع الخيال ؛ ليجدوا أنفسهم فيالفردوس حيث حوريات الجنة والخمر والمتع الحسية بمساعدة الخصيان الذين يقومونبنقلهم وهم منغمسون في ترف نوم مسكر .. وكم يدرك القارئ هنا مدى فداحة خبث "الحسن بن الصّباح " ..!
    وما أثرىشخصية " الحسن بن الصباح " هي هالة الاعتزال أو العزلة فــــــ"شيخ الجبل " تذكرني هنا – شخصيا - برواية " نجيب محفوظ " في رائعته" أولاد حارتنا " وشخصية " الجبلاوي " في مبدأ العزلة والرهبة.. هذا الاعتزال عن الآخرين خاصة فدائييه وعن جواريه عدا " مريم " و"أباما " وبعض الخصية وبعض مقربيه جعل الآخرين يقدسونه كنبي ويؤّلهون كلالأساطير التي كانت تحوم حوله .. : " - لماذا لا يكشف الزعيم لنا عن نفسهللمؤمنين ..؟ سأل ابن طاهر بإلحاح .. - إنه قديس – قال معترضا – يدرس القرآن طوالالنهار يصلي ويسن التعاليم لنا والوصايا " ..!
    كان "فلاديمير بارتول " المحرر من الوهم يعلم أن الخير والشر يتآخيان غالبا فيالنفس الإنسانية .. يموت غوله عندما يعترف لنا بأن تعصّبه نفسه لم يكن إلا التنّكرلعقل تخلّص من كل وهم .. و" الحسن بن الصّباح " صانع الخزعبلاتوالأساطير والأوهام قد تشبّع من أوهامه وبددها بإلقام الآخرين لها ؛ ليحيك فراغهفي عزلة أسطورية فقد كان يعرف حيث لا يعرف الآخرين سر الإسماعيلية وكانت في عبارةصغيرة ملفوفة بورق الوهم : " لا شيء حقيقي وكل شيء مباح " ..!
    و" حيثيبدأ وهم الحياة تنتهي الحقيقة " .. كما تشير إحدى سطور الرواية ..!
    ليلى البلوشي
    Laila222@hotmail.com

    __._,_.___



  2. #2
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    البصرة-العراق
    المشاركات
    1,840
    شكرا لك أ. ليلى وربما فيذلك العهد كان حسن بن صباح واحد إما اليوم فهناك الكثير وقد جعلو اتباعهم يحششون بغير حشيشة بل بأفكار وأوهام شكرا لك مودتي

المواضيع المتشابهه

  1. حول رواية "آلموت" ل فلاديمير بارتول وغيرها
    بواسطة عبادة الخطيب في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-17-2017, 10:01 AM
  2. "فرنسا 24" و"الحرة" … أو حين تتنكر "الدبابة" في ثوب "الميديا" كتبه شامة درشول‎
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-18-2015, 10:36 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-31-2012, 03:13 PM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-13-2012, 08:03 AM
  5. "فيسبوك" أكبر أداة تجسس عالمية.. و"ياهو" و"جوجل" واجهتان لـ"cia"
    بواسطة شذى سعد في المنتدى فرسان التقني العام.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-21-2011, 07:52 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •