رحيل أبرز رواد مدرسة الموجة الجديدة
المخرج الفرنسي كلود شابرول: يطوي مسيرة سينمائية غنيةتوفي كلود شابرول أحد أبرز المخرجين الفرنسيين وأحد رواد مدرسة الموجة الجديدة المؤثرة التي أحدثت ثورة في السينما الفرنسية عن 80 عاماً. وكان مخرجاً غزير الإنتاج، حيث أخرج اكثر من 70 فيلماً. منذ بداياته، اهتم بسبر أغوار النفس البشرية من خلال القصص البوليسية المشوقة، والعالم الغامض للجريمة، وبالموضوعات المتصلة بنفاق الأثرياء وتدهور القيم لدى البورجوازية في الريف الفرنسي، جاعلاً من هذه التيمة شغله وهوسه، لكن بتنويعات مختلفة.
ورغم تنوع أفلامه، من جودة اللغة السينمائية العالية، وحتى الأفلام التجارية، إلا أن شابرول ظل دائما، أيا كانت المواضيع التي يعالجها، مخرجا متألقا يجيد استخدام الحيّز الذي يتيحه الديكور في وضع ممثليه وتحريكهم وضبط الحوار، وتوظيف اللغة السينمائية، لخدمة الحكاية والدخول في جوّانية الشخصيات التي يعالجها، و الحرص والاعتناء الدقيقين بالأجواء العائدة للفترة التاريخية، والتركيز على المكان وجماليات طبيعته.
ولد شابرول في 24 حزيران 1930 في باريس، حصل على شهادة الآداب من جامعة السوربون، وقضى وقتاً في مناقشة شؤون السينما مع جودار وتروفو عندما كانا في مرحلة الشباب.إبان الاحتلال النازي لفرنسا، هرب شابرول إلى قرية العائلة النائية، كروز. بعد الحرب العالمية الثانية، كتب بعض القصص البوليسية وعمل لفترة في مهن صغيرة، أهمها مسؤولاً عن العلاقات العامة لـ «فوكس» - فرع فرنسا.
كما عمل شابرول ناقداً سينمائيا للفترة من (1952 - 1957) وكان صديقا مقربا من مخرجي الموجة الجديدة فرانسوا تروفو وجان لوك جودار. واستفاد في السادسة والعشرين من إرث عائلي قيمته 32 مليون فرنك حصلت عليه زوجته الأولى، فأسس شركة إنتاج سينمائي، وأنتج فيلم صديقه إريك رومير «ضربة الراعي»، وأنجز «سيرج الجميل» (في اقتباس أسلوبي لروسيلليني أضاءه مدير التصوير المعتمد لدى «الموجة» هنري ديكا) الذي حقق نجاحاً جماهيرياً، السيناريو ذو جذور تتعلق بسيرة حياته الشخصية وبطلا الفيلم فيهما الكثير منه ومن كاتب سيناريو أفلامه. ثم أنجز فيلم «أولاد العم» في السنة التالية، منضماً إلى حركة «الموجة الجديدة» الناشئة حينذاك، ضمن تجربة رائدة لطالما ارتبطت بتاريخ مجلة «دفاتر السينما».. في أولاد العم قدم شابرول وصفا فجّاً للحياة البوهيمية الطلابية، بوهيمية أولاد البورجوازية الجديدة.
من أشهر أعمال شابرول فيلم الفضيحة عام 1966 و«امرأة خائنة» في العام 1968 و«الجزار» العام 1969، وقد أتقن فيه تقديم وصف حي لقرية فرنسية بما فيها من تجار وشيوخ وشباب، حيث يتأرجح الفيلم بين الخوف والرعب، مع الغوص بشدة من بدايته في واقع يومي حقيقي غني بتفاصيل واقعية وبشخصيات حقيقية متخمة بالفرحة، في واحدة من أجمل ولائم العرس في تاريخ السينما، و«ليمت الوحش» العام 1969. ومن بين آخر أعمال شابرول فيلم «المفتش بيلامي» مع الممثل جيرار ديبارديو، الذي عرض العام 2009 خلال مهرجان برلين السينمائي الدولي (برلينالي).
وبوفاة شابرول يكون قد بقي على قيد الحياة من كبار أعلام جيل الموجة الجديدة كل من جان لوك غودار (80 سنة)، وجاك ريفيت (82 عاما)، وأنييس فاردا (82 عاما) وآلان رينيه (88 عاما). وتوفي إريك رومير وفرنسوا تروفو ولوي مال .

إعداد : جازية سليماني
http://www.albaath.news.sy/user/?id=941&a=84130