تودّعُ من ودعـتَ.. لا صوتَ يُـسمَـعُ = ولا جَــسـدٌ عـنـد الرحـيـلِ يُـشـيّــعُ
لبستَ عِطافَ الراحلـينَ.. فهـل درتْ = خـُطاك إلـى أيّ الديـــــارِ ستـزمعُ؟
خطـيئـتـُكَ الكُـبرى بـــأنـكَ راحـــلٌ = وأنـكَ يـا ابـنَ اللــيلِ مَـرمى ومِـدفـَعُ
ورجلاكَ لمّـا أوشكَ الشوقُ بالـدُجى = يـُنيخُهُـما لم يبقَ في الأرضِ موضعُ
وبيـــتانِ قـِـيلا خِـلسة حِــينَ غِـــرّةٍ = مِـن الحُـبِّ .. قـامَ العاذلونَ ليـقـذعوا
وبحـرُ غـَرامٍ قــد صنعـتَ سَـفــيـنهُ = فـقــالَ لـكَ التــنورُ : هـَـذاكَ لـعْـلَـعُ*
بأيّـهما ترجو اصطبارًا على النّـوى = فــؤادَك أم مُـقـــلاً بـليــلكَ تخــشَـعُ
أليـلــكُ يــا ضلـّـيـلُ أرخـى سُــدولَهُ = عَـلـَيَّ ..فــمالـي في عُـنـيزةَ مَـطـمَعُ
ومالي وللّـيلِ الطــــويلِ إذا انـجـلى = بصُـبحِـكَ يـــاهَـــذا أفـيــهِ أُمَــتـّـعُ !
فدعكَ من الأطـَلالِ واشهــدْ دفاتري = وقف عند نزفي .. إنّ نـزفكَ بَـلـقـعُ
كــلانا امــرؤٌ بيـني وبيـــنـكَ قـصةٌ = هي السقط؟ لا.. ملكٌ شريدٌ مُضَـيّعُ
قـِفـا نبكِ ؟ كلا.. قد سئمـتـُـك باكـيـاً = ولا كــلَّ شيءٍ حـينَ نبكـيهِ يرجـــِعُ
فــأرخصُ دمعٍ ما يُـراقُ على الثرى = وأثـمـنُ دمـــعٍ ما بعــيــنيّ يُــــودَعُ
ولكـنَ وخـْـزاً موغـرًا في حشاشتي = ولــمْ أرَ إلاّ حــارقَ القــولِ يَـسـجــعُ
على الطرسِ تمضي كلُ نفسٍ كريمةٍ = وفي الحبرِ أنـّـاتُ اللــسانِ تـُفـَعْـفـَـعُ*
وقــلـباً ســقـــاهُ الله عَـفــواً وعـــفـّـةً = وبيــنهـما بـــاتَ المُــناجــيُّ يـَــمـرعُ
وخلفَ سِجافِ الصمتِ لاذتْ حكايتي = فــلاذَ عـن الأنظـارِ ذاكَ السَمــيدعُ*
فإن ضيّعوني ..عند نفسي وجــدتـني = وإن وجدوني حيثــما كـنتُ ..ضيّعوا
وربَ فـــــراقٍ خــِلـته أولَ الأســــى = فــإذ بــكَ لا تـأســى علــيه وتجـزع
فَشـــرُّ مـكــان ٍفـي الـدُنــا ركـنُ قائـمٍ = أطــالَ وقــوفاً عِـندَ رهـْــطٍ تــربّعوا
أنـاسٌ لــهم في كــلِ أرضٍ منــــارةٌ = يُولـّونَ شـــطْـرَ الأُعطــياتِ ليركعوا
فــإن نــزلوا أرضَ القصــيم تسـنـّنوا = وإن نزلــوا في أصفــهانَ تشـــيّـعـوا
وأحفـظُ نجـواهـم بعـهــدٍ من الـتـُـقى = وإنْ هَـتكـوا نجــوايَ لـمْ يــتوَرعــوا
" وظلم ذوي القربى".. وليتكَ سائلي = فظلـمُ ذوي الصُحبى أمَـضُّ وأشنــعُ

_________________________________________
* اللعلع = السراب
* تفعفع = تُساق
* سميدع= الرجل الكريم

شعر : عبدالله المشيقح