إسرائيل مجتمع عنصري وفاشي ومصيرها إلى الزوال
د. غازي حسين
قام المجتمع اليهودي في فلسطين العربية من مستعمرين يهود جاؤوا من وراء البحار بمساعدة الدول الاستعمارية والحركات اللاسامية، وتعاون الصهيونية مع ألمانيا النازية. وأقاموا كيانهم، كيان الاستعمار الاستيطاني الإرهابي والعنصري على حساب الحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب العربي الفلسطيني، وذلك باستخدام القوة والحروب العدوانية والمجازر الجماعية وترحيل سكان فلسطين الأصليين وأصحابها الشرعيين.
ولا يزال المجتمع الإسرائيلي منذ اغتصاب حوالي 80% من مساحة فلسطين عام 1948، واحتلال ما تبقى منها عام 1967 يطوّر وينتج قيماً وأفكاراً وممارسات استعمارية وإرهابية وعنصرية معادية للعرب الفلسطينيين لاجتثاثهم من وطنهم وترحيلهم وتهويد أرضهم ومقدساتهم، وعرقلة الوحدة العربية والتطور والتقدم في الوطن العربي.
وتتناقض القيم التي رسختها الصهيونية والكيان الصهيوني والحاخامات اليهود مع أبسط قيم الحق والعدالة والقيم القانونية والإنسانية، ومع الحقوق الطبيعية للإنسان ومبادئ القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني، ومع جميع العهود والمواثيق الدولية واتفاقات جنيف الأربعة لعام 1949 وقرارات الأمم المتحدة.
أدى رفع الإيمان بالاستعمار الاستيطاني اليهودي وأكذوبة أرض الميعاد إلى مستوى القداسة الدينية، وإلى المنطلق الأساسي للإيديولوجية الصهيونية والكيان الصهيوني إلى تطوير الشعب الإسرائيلي لقيم ومعتقدات استعمارية وإرهابية وعنصرية وأساليب فاشية، وتعبئةغالبية يهود العالم نفسياً وتربوياً وسياسياً وتنظيمياً للاستمرار في الصراع مع العرب بدعم وتأييد كاملين من الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وأصبحت هذه القيم الخطيرة على شعوب المنطقة، وحتى على اليهود أنفسهم جزءاً أساسياً من نفسية الشعب الإسرائيلي ويهود العالم، لإضفاء شرعية مزيفة وكاذبة على أهداف الكيان الصهيوني العدوانية والتوسعية القائمة على استخدام القوة ونظرية المجال الحيوي «للصهيونية من النيل إلى الفرات والشرق الأوسط الجديد لإقامة «إسرائيل العظمى» للهيمنة على الوطن العربي بمساعدة بعض المتصهينين من الرؤساء والملوك والأمراء والعملاء العرب».
وتقمّص دائماً الكيان الصهيوني الدخيل على المنطقة والغريب عنها دور الضحية المهددة بالإبادة ورمي اليهود بالبحر، مع أنهم هم الذين رموا ويرمون العرب إلى الصحراء بعد سلبهم أرضهم ومنازلهم. واستمرت دولة المساكين اليهود والدولة الضحية في إشعال الحروب والتهديد باستخدام القوة لكسر الإرادات العربية والفلسطينية الرسمية وتدمير المنجزات والخراب والدمار وعرقلة التنمية والتطور والاستقرار والوحدة العربية.
وأدت الحروب التي أشعلتها والانتصارات العسكرية والدبلوماسية والإعلامية التي حققتها إلى تطوير مجموعة من القيم العنصرية والفاشية في أوساط الشعب الإسرائيلي، وبلورتها في قوانين ومراسيم وإجراءات وممارسات وافقت عليها الكنيست والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وطبقتها ويطبقها الجيش والشرطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية وحتى المستوطنين أنفسهم.
وزعمت «إسرائيل» دائماً بوجود خطر كياني عليها، وربطت الخطر المزعوم بمعزوفتي اللاسامية والهولوكوست.. وكانت وراء الحرب الصليبية التي أشعلها الرئيس بوش على العرب المسلمين، ووراء المصائب والويلات التي حلت بالشعب الفلسطيني، ووراء تدمير العراق ومنجزاته وتغيير النظام فيه ونهب ثروّته النفطية. وأقامت حلفاً استراتيجياً مع الطاغية حسني مبارك ومع بعض الملوك والأمراء في الخليج ضد المقاومة الفلسطينية، وعلى حساب الحقوق الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني لإنجاح المشروع الصهيوني وتصفية قضية فلسطين.
وتمخض عن مجموعة هذه القيم والممارسات للمواطن الإسرائيلي العنصري، والشعب الإسرائيلي العنصري، والعنصرية في القوانين والممارسات الإسرائيلية. ويجري تربية الأطفال اليهود بالحقد على العرب وكراهيتهم واستباحة حياتهم وأرضهم وممتلكاتهم في البيت وحدائق الأطفال والمدرسة والجيش والمجتمع وأجهزة الإعلام، وفي الفن والأدب والثقافة والمسرح لتعبئتهم بالأفكار والممارسات العنصرية. ونجحت اليهودية العالمية بوضع «إسرائيل» فوق القانون الدولي والأمم المتحدة والعهود والمواثيق والقرارات الدولية.
وتزداد يوماً بعد يوم عنصرية «إسرائيل» والمجتمع والجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الإسرائيلية وفاشيتها وإرهابها. ويعبرون عن اعتزازهم بمجموعة القيم الاستعمارية والإرهابية والعنصرية التي ترسخت لدى الشعب والحكومة الإسرائيلية. ويجهرون بتسويغ جرائمهم الوحشية تجاه المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ بفتاوى دينية تصدر باستمرار عن الحاخامات وقادة الكيان الصهيوني.
وأصبحت العنصرية والتمييز العنصري والاستعمار الاستيطاني والإبادة الجماعية للعرب هي الطابع السائد لجميع المؤسسات الحكومية والمدنية في الكيان الصهيوني.
ويقود الحاخامات وقادة الدولة والجيش والمخابرات العنصرية تجاه عرب الأراضي المحتلة عام 1948 وتجاه سكان بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة. فالحكومة تبادر إلى طرح مشاريع القوانين الاستعمارية والعنصرية، ويوافق عليها الكنيست، وذلك لإرضاء الناخب الإسرائيلي، أي لإرضاء الشعب الإسرائيلي المفعم بالعنصرية الفاشية. وتظهر القوانين التي صادق عليها الكنيست في عامي 2009، و2010 توجه الرأي العام الإسرائيلي إلى المزيد من التطرف والاستعمار والإرهاب والعنصرية، والتمسك بالاحتلال والضم وتهويد القدس والمقدسات العربية.
لقد عبر أحد أبناء الناصرة عن وضع المواطنين العرب أصدق تعبير بقوله: «إنهم يستولون على أراضينا، وعندما تسألهم عن السبب، يقولون لأسباب تتعلق بالأمن، ويحظرون علينا أية وظيفة أو منصب في الدولة، وعندما نسألهم كيف نكون نحن وأملاكنا ووظائفنا خطراً على أمن الدولة؟! يلزمون الصمت، فإن سألناهم عن صمتهم، أجابوا إن ذلك لأسباب تتعلق بالأمن».
أدت عنصرية الدولة الإسرائيلية وممارستها للعنصرية والتمييز العنصري كسياسة رسمية إلى اتخاذ الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975 القرار رقم 3379 الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية، ولكنها عادت بعد هيمنة الولايات المتحدة على العالم وعلى الأمم المتحدة، وألغت هذا القرار الهام.
إن القوانين العنصرية التي تصدر باستمرار عن الحكومات والكنيست وعنصرية الصهيونية والحاخامات تظهر بجلاء صحة القرار 3379 ووجوب العمل على إحيائه وتفعيل تقرير غولد ستون، وتقديم قادة الكيان الصهيوني إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهم كمجرمي حرب أسوأ من مجرمي الحرب النازيين. زالت جميع نظم الاستعمار الاستيطاني والنظم العنصرية في العالم ومصير الكيان الصهيوني على الرغم من الدعم الغربي إلى الزوال.