الملكة والحرافيش !
حسن حجازي
كنتِ الملكة
وكنتُ أحدَ الفرسانْ
ما كنتُ أشجعهم
ولا أنبلهم
ولا أكثرهم قوة
ولا أمهرهم
لأحلقُ معكِ وحدي
دونهم ...
لأهَبَكِ الغدْ ,
لأُكملَ معكِ الدربْ ,
نحو الخلد ,
لكني كنتُ أكثرهم حباً ,
أكثرهم صدقاً
وهل يُجدي الصدق ؟!
****
كنتُ فرداً من أبناء هذا الشعبْ
ما كنتُ أدري أنكِ تلونتِ
بكلِ لونْ ,
وأصابتكِ لعنة الطينِ الأبدية
من طولَ الأسر .
كنتِ ملكة
تسبحُ في شلالاتِ النور ,
تشربُ من ينابيع الطهر ,
تهيمُ في بحور السحر ,
وتَغَبرتِ
بأديمِ الأرض ,
من بقايا الغرباء
من سوء القصدْ ,
فصرتِ تدمنين التراب
وطالَ بغربتكِ الدرب
عندما مَنعوكِ طمي النيل
عندما منعوكِ الحلمْ ,
عندما
كبلوكِ بخيوطِ الوهمْ
فصرتِ بلا لون .
أبحثُ فيكِ
عن روحِ بناة الهَرم
عن تحدي مَن شقوا القناة
في ليلِ الظلمْ
عن معجزةٍ لبناءِ السد ْ
أي سدْ
قد ..." يعصمني من الناس " !
بلا جدوى ... !
****
أفتشُ عنكِ فيكِ
عن روحك الأبدية
في عبورٍ عظيم
للغدْ ,
وأبحثُ في ربوعكِ
عنكِ
عن رغيفٍ أبيض للخبز
لطفلي الذي لم يُولَد بعدْ
وكانت عندي ولم تزل :
"خزائنُ الأرض " ,
مُوصَدةً دوني
لأنها بلا " يوسف "
أمينَ الدرب !
أبحثُ في ضميركِ
عن لحظةِ صدق ,
ولم تزل عندي
تسري في ضميري
تسكنُ نبضَ شراييني :
"عودة الروح " ,
عسى أن تجددَ العهد ,
فكيفَ أبحثُ عنكِ هناكَ
في الخلد ,
ما دمتِ اخترتِ النفي الجبري ,
من مملكتي
من قلبي
وسكنتِ بينَ الألوانِ الرمادية
بعيداً عن دربي
ذات الدرب ؟
وتناسيتِ الرعيةَ الضعاف
أبناءَ " الحرافيش "
وهم مَن عَبَروا بك
لنورِ الفجر ,
وهم مَن غنوا لك ِ
"يا أم الصابرين "
أيامَ القهر ,
عندما تلحفوا صيفَ حيزران
بسمومِ الغدرْ
تحضنهم رمال سيناء
في عطف ,
فإن دارتِ بنا الدنيا
وبحثتِ عني
فسأكونُ هناك
و معي سيفي
على بابِ الخلد ,
لأفتحَ لكِ : " كتاب الموتي "
وأهِبَكِ من جديدْ
دونَ بقية الفرسان :
نورَ الفجرْ
وبهجةَ الأيام
وربيعَ الخُلد !
استدراك :
يومهاً كنتِ حقاً الملكة
المتوجة على عرشِ القلب ْ
يومَ أن رفضتِ الذلْ
وتجرعتِ السُمْ
حتى لا تكوني في طابورِ السبايا ,
مكبلة ,
مُنكَسةَ الرأس ,
في شوارع روما ,
يومها
كنتِ حقاً الملكة
كنتِ مصر !