منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 8 من 8
  1. #1

    مشكلات تدريس علم العروض

    مشكلات تدريس علم العروض
    1
    ربما صاح بي تَربويّون:
    ما لك ولمشكلات التدريس!
    هلّا عرفت حدك فوقفت عنده!
    وصدقوا؛ فلا طاقة لي بمناهجهم ولا وسائلهم ولا أهدافهم؛ فما أنا غير كاتب أديب باحث لغوي، أتعلم إذ أتذوق وأتذوق إذ أتعلم، وآبى أن يكون تلامذتي إلا كذلك؛ فأستودع اجسامهم وقلوبهم وعقولهم عقلي وقلبي وجسمي، ولا أدوم على حال؛ فربما أبدلت اليوم ما اخترت أمس، أو أخرت ما قدمت، أو حذفت ما أضفت، أفعل ذلك إذ أفعله كله جميعا، أو بعضه؛ فلا يجد أولئك التربويون ما يزَعُهم عما زعموا!
    ولكن من التربويين من يطّلع من تلامذتي الذين انضافوا إليهم، على مهارات واضحة غالبة؛ فلا يملك إذا صَدَق نفسَه إلا أن يجادل عني بظهر الغيب، ويعزم عليّ إلا ما شاركتُهم في كشف مثالب التدريس الحاضر ووصف مناقب التدريس الغائب!
    ولابد لي أولا من التنبيه على استعصاء الإحاطة بمشكلات التدريس كلها جميعا، ثم على وجوب تمييز اربعة أقسامها الآتية:
    1 مشكلات الكتاب،
    2 ومشكلات المدرس،
    3 ومشكلات الطالب،
    4 ومشكلات المدرسة.
    حرصا على التنظيم والتدقيق والتوجيه، وإن تردّدتْ بين الأقسام الأربعة بعضُ المشكلات؛ فلم تنحصر في أحدها.


    مشكلات تدريس علم العروض
    (مشكلات الكتاب)
    2
    عدم استلهام واقع الحياة
    فليس من الحكمة الإعراض في تأليف كتاب المقرر من علم العروض، عن التمثيل بما يجري به واقع الحياة من وقائع اشتغل بها شعراء الوقت أو أسلافهم؛ فخلفوا من القصائد ما لا ينقضي العجب من حسن تعبيره عن طبائع الناس الثابتة وأهوائهم المستمرة.
    وهل أكثر تأليفا للطالب من أن تكون مشاغله هو وأهله ومجتمعه وشعبه وأمته، هي مادة الكتاب المقرر؛ فيتمسك به تمسكه بعماد وجوده، ويلهج بمراجعته لهجه بترديد وصايا الأحباب!
    أم هل أكثر تنفيرا للطالب من أن تنقطع علاقته هو وأهله ومجتمعه وشعبه وأمته، بمادة الكتاب؛ فيزهد فيه زهده فيما لا يعنيه، ويعرض عنه إعراضه عن أخبار الغرباء!
    توظيف مصادر الأدب
    وتوظيف مصادر الأدب في تدريس علم العروض وغيره من علوم اللغة العربية، باب كبير انقطعت لشرحه طويلا بمقال خاص، ولم أستحسن أن أُمرَّ هذا الموضع من غير أن أُذكّر به؛ فمن هذه المصادر يمتاح المؤلف ما يُحيي المقرر ويغنيه، ولاسيما أنها تشتمل مع القديم على الحديث، ومع البعيد على القريب.
    الاستهانة بالإملاء والتشكيل والترقيم
    إن ضبط النطق هو أساس التخريج العروضي؛ فإن الباحث عن عروض قصيدة جديدة، لا يملك غير لغتها؛ فهو يعتمد عليها وينفذ منها إلى العروض الكامن فيها، فإن اضطربت لغتها انسد عليه منفذه، وعيَّ بأمره!
    وإن في الاستهانة بضبط نصوص كتاب المقرر من علم العروض إملاء وتشكيلا وترقيما ضبطا تاما، لغفلة واضحة عن منزلة ضبط النطق من التخريج العروضي، فكيف بالخطأ، أم كيف بكثرة الخطأ وغلبته!
    وإذا كان علماء العروض استحسنوا في طلابه أن يكونوا ممن شَدَوْا قبلئذ شيئا من علوم العربية، فإنهم لو شهدوا هذا المقام لأوجبوا إيجابا أن يكون مؤلف كتاب المقرر من علم العروض، ممن أتقنوا علوم العربية كلها جميعا.
    استعمال الكتابة العروضية
    ولا أدري ما حاجة كتاب المقرر من علم العروض مع ضبط النطق السابق التنبيه عليه تنبيها شديدا، إلى ما يسمى الكتابة العروضية (إعادة كتابة بيت الشعر من تحت كتابته الأولى المعروفة، بإظهار كل منطوق -وإن اختفى من الكتابة المعروفة- وإخفاء كل متروك -وإن ظهر- وفك كل مدغم، حتى لتبدو الكتابة مثل أُحْجيّة الساحر)، إلا أن يريد مؤلفه خداع القراء عن جهله، بما يوهم العلم والدقة والحرص، وما هو منها في شيء!
    إن العلم والدقة والحرص إنما هي في ضبط البيت إملاء وتشكيلا وترقيما ضبطا صحيحا تاما، فأما كتابته كتابة عروضية فمشغلة عن إتقان ضبطه، ثم هي لا حاجة معه إليها.





    مشكلات تدريس علم العروض
    (مشكلات الكتاب)
    3
    سوء ترتيب البحور
    إن بين بعض بحور الشعر العربي وبعض من العلاقات التركيبية ما ينبغي أن يراعيه مؤلف كتاب المقرر من علم العروص حتى يستطيع أن يقنع بها طلابه ويتدرج بهم ويتقدم إلى غايته التي ينبغي أن تكون تمكينهم من إدراك أوزان الشعر العربي وقوافيه وتمييز بعضها من بعض حرصا على اكتمال أدوات تحليل الشعر العربي وتكاملها.
    إنه إذا تكون بيت بحر الطويل من التفعيلتين اللتين تكون منهما بيتا بحري المتقارب والهزج، وبيت بحر البسيط من التفعيلتين اللتين تكون منهما بيتا بحري الرجز والمتدارك، وبحر المديد من التفعيلتين اللتين تكون منهما بيتا بحري الرمل والمتدارك… وهكذا؛ فإن من الأجدى تقديم كل بحرين مقردين تكون منهما بحر مركب، والتنبيه على ما يختص به المركب دون المفردين.
    الاشتغال بتعديد الصور عن تخريج القصائد الكاملة
    إن صور بحور الشعر بعدد الشعراء، وإن بعض صور البحر الواحد يدل على بعض ولاسيما الصورة المشهورة؛ فمن عرف البحر من خلال هذه الصورة استطاع أن يميزه مهما اختلفت صوره؛ فمن ثم كان الأولى أن ينصرف كتاب المقرر من علم العروض إلى تخريج القصائد الكاملة من مطلعها إلى مقطعها لا يخرم منها حرفا، فيدرب الطالب تدريبا كافيا، ويقفه على روح العروض المتلبسة بجسم القصيدة، لا أن يعدد عليه ما لا يحصى من صور البحر، يدعي بذلك العلم والدقة والحرص عبثا، وما هو منها في شيء!
    عدم التنبيه على المتَشابهات والمشْتبهات
    تتقارب بعض بحور الشعر العربي فتتشابه -ومنها: الطويل المخروم والكامل، والوافر المعصوب والهزج، والكامل المضمر والرجز، والسريع المكشوف العروض والضرب والرجز- وتكاد بعض المتشابهات تتطابق فتلتبس؛ فيحتاج الطالب إلى أن يطمئنه الكتاب فلا تطول حيرته فيعيا بأمره ويعرض إعراض اليائس. وليس أحب إلى الطلاب ولا أجذب لهم ولا أدل على إخلاصهم واجتهادهم ولا أنجح في المنافسة بينهم، من التنبيه على مثل هذه المتَشابهات والمشْتبهات!

  2. #2

    مشكلات تدريس علم العروض
    (مشكلات المدرس)
    ٤
    عدم التفريق بين العروض وعلم العروض
    يبحث علم العروض عن طبيعة وجود العروض في الشعر العربي، فيصفها، ويضبط معالمها؛ فتحتشد فيه آراء الباحثين التي تتكون من بعضها نظرياتٌ متعددة مختلفة متحكمة، تستولي على الاستيعاب دون معالم طبيعة وجود العروض نفسها؛ حتى يتفلت الوقت ولم يحصّل الطالب ما ينبغي له تحصيله، ثم ينعى عليه الناعي عجزه عن تحصيل العروض، ويعيد عليه النصيحة القديمة:
    إذا لم تستطعْ شيئا فدعْه وجاوزْه إلى ما تستطيعُ
    وما ثَمّ غيرُ خلط المدرس بين العروض وعلم العروض، وغفلته عن أن أكثر ما ينعاه على الطالب إنما هو من إهمال تفصيلات علم العروض، فأما معالم طبيعة وجود العروض -لو انتبه- فليس أحب إليه منها، ولا أعلق بعقله وقلبه!
    جهل أصالة المكون العروضي في بنيان الشعر
    يخرج الشعر من الشاعر حين يخرج، وقد امتزجت فيه العناصر العروضية واللغوية جميعا معا؛ فلا يكون من توفيق فيه إلى شيء من التفكير والتعبير أو إخفاق، إلا وهو للعروض توفيق أو إخفاق. وبحسْب إكبار الطالب للعروض أن يقف على هذا الأمر؛ فلن يستحسن شعرا يمر به أو يستقبحه حتى يعترضه العروض. فأما أن يجهل ذلك مدرسُ العروض، فلا يلقي له بالا، فأحرى أن يقطع ما بينه وبين الطلاب، ثم لا يلبث أن يتبرم بتدريسه من أصله!
    عدم تلحين كل بحر بلحن خاص
    لولا الغناء العربي القديم لم يكن عروض الشعر العربي، ولولا تلحين البحور العروضية لم يعرفها أحد، لا الشعراء ولا الغاوون، وما قال سيدنا حسان شاعر رسول الله -صلى الله عليه، وسلم! -:
    تغنَّ بالشعر إما كنت قائله إن الغناء لهذا الشعر مضمارُ
    وما ألطف ما رُوِّينا عن أبي النضير أنه دخل عليه الموصلي فوجده يغني على تقطيع العروض ولا يزيد؛ فلما سأله عن ذلك أجابه: هذا الغناء القديم!
    ولابد من اختصاص كل بحر بلحن خاص؛ حتى إذا ما عرض للطالب شعر جرّب تلحينه بكل لحن، فما استقام عليه فهو بحره، ولا يمنعنّ المدرسَ استعصاءُ التلحين على الطلاب؛ فلن يلبث أن يستسهل لهم ويستولي عليهم. ولقد عانيت من ذلك فصبرت حتى صار تلامذتي يلحنون الشعر بالضرب عليه دون نطق به وكأنهم عازفون محترفون!
    ولا عذر للمدرس، فإن تجاهل أو تَحارَجَ، فليُذعْ عليهم تلحين غيره مسجلا، ولا يظن أنه مستغن عن هذا التلحين أبدا، إلا أن يكون من المشتغلين بالكتابة العروضية؛ فبه عندئذ ما لا دواء له، ولا حول ولا قوة إلا بالله
    مشكلات تدريس علم العروض
    (مشكلات المدرس)
    ٥
    عدم مزج اللفحات العلمية بالنفحات الأسلوبية
    على رغم استمتاع الطلاب بدراسة العروض يؤثر فيهم كثيرا وَقْفُهم على أمثلة من توفيق الشاعر أو إخفاقه في التأليف بين العروض واللغة في أداء المراد، باصطناع ما يوافقه أو يخالفه من تغييرات الإسراع أو الإبطاء مثلا؛ فإن في ذلك من أسباب إكبارهم وإقبالهم، ما لا يُقادَر قدرُه.
    إهمال الاستطراد إلى قصائد الوقت المشهورة
    ليس من الحكمة ألا يستفيد المدرس من التمثيل بما ذاع في وقت تدريسه من قصائد، أنفةً من ابتذالها (شيوعها)، وتحرُّجًا من السخرية منها؛ إذ ابتذالها نفسه آية نجاحها، وهو من ثمَّ آية نجاح نمطها العروضي، أما السخرية منها فمن تعوّد الطلاب انقطاع ما يدرسونه من واقعهم، ولا خير في التحرج من حدوث هذه السخرية، والخير كل الخير في وصل ما انقطع.
    إهمال التدريب والاختبار المناسبين
    ينبغي للمدرس كلما فرغ من درس أن يكلف تلامذته إعداد قصيدة مثل التي خرّجها لهم، وضبْطَها وتلحينها وتخريج عروضها تخريجَ من سيدرِّسها- وإذا ما اختبرهم أن يجعل الاختبار على وفق ما درّس ودرّب، أبياتا مختلفة غير مشكلة ولا مقسمة، تتتابََعُ تتابُعَ الفقرة من النثر، يسألهم أن يخرجوا بعضها تخريجا عروضيا؛ فإنهم يعرفون عندئذ حقيقةَ ما انتهج في التدريس والتدريب، وقيمته وجدواه.
    إهمال التعليق على نتائج التدريب والاختبار
    تستغرق المدرسَ محاضراتُه، وتعجبه فيها نفسُه، ويظن أنْ ليس بعد اجتهاده في المحاضرة من زيادة يزدادها هو أو طلابه، ولو علم ما في التعليق على أعمالهمم بالتصويب أو التخطيء والتَّسويء أو التحسين -يسمّي المصيب والمحسن ويثني عليهما، ويعمّي المخطئ والمسيء ويرأف بهما- لتمنى لو لم يَلَْقهم إلا على تعليق؛ فإنه لا يكاد يفرغ من تعليق حتى يستقر في وعيهم؛ فلا يزول ما اختلف النهار والليل!





  3. #3

    شكلات تدريس علم العروض
    (مشكلات الطالب)
    ٦
    الاستهانة بالانضباط اللغوي استماعا وتحدثا وقراءة وكتابة
    إذا كان ضبط النطق هو أساس التخريج العروضي، فلا قرار له على استهانة الطالب بالانضباط اللغوي! كيف ننتظر منه تخريخ شعر اللغة العربية الفصحى تخريجا عروضيا، وهو لا يقيم لهذه اللغة قامة، ولا يأبه لها بعلامة، بل يستهين ولا يرتاح إلا لمن يستهين! ولكن من أين جاءته هذه الاستهانة المعقدة! أتراه ولد بها خارجا ثم درج ونشأ وسعى! أم اكتسبها من أبويه فيما اكتسب ومن أساتذته وزملائه وسائر معايشيه، حتى صار علاجها معلما من معالم نهضة هذه الأمة الغافلة!
    الاستهزاء بضبط اللحن وفروق ألحان البحور
    يظن الطالب الظنون بالأستاذ حين يلحن له كل بحر من خلال أبيات بعض قصائده؛ فلا يملك نفسه، وإذا المحاضرة قد انتهت ولم يخرج منها بغير كبائر العبث الذي عبثه بالأستاذ! ولقد رأيتني في مثل هذه الحال، أستهزئ كما يستهزئ، ثم ملكت نفسي سريعا؛ ولولا ثقة أستاذي -رحمه الله!- بما عنده وحرصه لم أبرح دارة الاستهزاء قط!
    تحكيم الخطابة بالنثر في إنشاد الشعر
    لقد تعود الطالب أسلوب الخطابة بالنثر فيما يقوم فيه من مقامات كالإذاعة المدرسية والخطابة الوعظية والنشرات الإخبارية، وتمكن منه حتى صار يخطب بالشعر، ولا يعرف غير ذلك، ولا يقبله! ولن يعطفه على تخريج أعاريض القصائد التي يخطب بها إلا أن يقف على أسلوب إنشاد الشعر الذي يشتمل على سر خفي من الغناء العروضي؛ إذن لحصل كثيرا من أمر العروض قبل أن يتعلمه، حتى إذا تعلمه لم يكن أخف عليه منه ولا ألطف ولا أظرف.
    الاشتغال بعد المتحركات والسواكن عن توقيعها
    لولا تنظيم توالي مجاميع المتحركات والسواكن لم يكن عروض الشعر، تلك هي خلاصة حقيقة العروض التي لم يستفد منها الطالب بعدما عرفها غير أن يشتغل بحفظ متحركات التفعيلات العروضية وسواكنها ثم التفتيش عنها في أوائل ما يسأل فيه من أبيات، حتى إذا ما لمح تواليا كالذي في بعضها، تمسك به ومضى عليه، ثم جعل غايته العظمى أن يذكر اسم البحر الذي يخصه هذا التوالي التفعيلي! ولو كان استوعب ما ألقي إليه لاشتغل بتقطيع البيت (تفصيل أجزائه على وفق لحنه الخاص)، ثم بناء ثلاث خطا التوقيع (كتابة دندنة العزف) والتفعيل (كتابة رموز التفعيلات) والتوصيف (كتابة صفات التفعيلات)، الفرعية- على خطوة التقطيع الأولى الأساسية، ثم لم يضره إهمال اسم البحر أو الخطأ فيه، كما لم يهمني قط، ولم أجز به.




  4. #4
    مشكلات تدريس علم العروض (مشكلات المدرس) 5 عدم مزج اللفحات العلمية بالنفحات الأسلوبية على رغم استمتاع الطلاب بدراسة العروض يؤثر فيهم كثيرا وَقْفُهم على أمثلة من توفيق الشاعر أو إخفاقه في التأليف بين العروض واللغة في أداء المراد، باصطناع ما يوافقه أو يخالفه من تغييرات الإسراع أو الإبطاء مثلا؛ فإن في ذلك من أسباب إكبارهم وإقبالهم، ما لا يُقادَر قدرُه. إهمال الاستطراد إلى قصائد الوقت المشهورة ليس من الحكمة ألا يستفيد المدرس من التمثيل بما ذاع في وقت تدريسه من قصائد، أنفةً من ابتذالها (شيوعها)، وتحرُّجًا من السخرية منها؛ إذ ابتذالها نفسه آية نجاحها، وهو من ثمَّ آية نجاح نمطها العروضي، أما السخرية منها فمن تعوّد الطلاب انقطاع ما يدرسونه من واقعهم، ولا خير في التحرج من حدوث هذه السخرية، والخير كل الخير في وصل ما انقطع. إهمال التدريب والاختبار المناسبين ينبغي للمدرس كلما فرغ من درس أن يكلف تلامذته إعداد قصيدة مثل التي خرّجها لهم، وضبْطَها وتلحينها وتخريج عروضها تخريجَ من سيدرِّسها- وإذا ما اختبرهم أن يجعل الاختبار على وفق ما درّس ودرّب، أبياتا مختلفة غير مشكلة ولا مقسمة، تتتابََعُ تتابُعَ الفقرة من النثر، يسألهم أن يخرجوا بعضها تخريجا عروضيا؛ فإنهم يعرفون عندئذ حقيقةَ ما انتهج في التدريس والتدريب، وقيمته وجدواه. إهمال التعليق على نتائج التدريب والاختبار تستغرق المدرسَ محاضراتُه، وتعجبه فيها نفسُه، ويظن أنْ ليس بعد اجتهاده في المحاضرة من زيادة يزدادها هو أو طلابه، ولو علم ما في التعليق على أعمالهمم بالتصويب أو التخطيء والتَّسويء أو التحسين -يسمّي المصيب والمحسن ويثني عليهما، ويعمّي المخطئ والمسيء ويرأف بهما- لتمنى لو لم يَلَْقهم إلا على تعليق؛ فإنه لا يكاد يفرغ من تعليق حتى يستقر في وعيهم؛ فلا يزول ما اختلف النهار والليل!

  5. #5
    شكراً أستاذ محمد على اهتماماتك وحرصك , ونرجو من الله أن يحفظ العروض من الضياع والانقراض , لكم التحية والشكر

  6. #6
    بارك الله فيكم وشكر لكم وأحسن إليكم.
    **************************

    مشكلات تدريس علم العروض
    (مشكلات الطالب)
    7
    عدم الاستعانة بالوجوه اللغوية الجائزة على ضبط الوجه العروضي
    تجول كل كلمة من متن اللغة في مجال واسع من الصور الاشتقاقية والتصريفية المتقاربة غير المتطابقة، التي تتيح للشاعر أن ينهل منها ما يرتاح إليه. ولكنها تقتضي طالب علم العروض أن يستعد لها بحسن التوقع والتصرف؛ فإذا لم يستقم له ببعضها تخريج عروض القصيدة، تحول عنه إلى غيره مما يجوز في موضعه؛ فاستقام له. أما إذا غفل عن ذلك فإنه يقف عند الوجه اللغوي الخاطر له أولا، لا يتحرك كأنما مسخ على هيئته، لا يعرف معروفا يخرج به العروض ولا ينكر منكرا يترك به غيره يخرجه!
    من ذلك في قول المتنبي من المتقارب:
    وأني وفيت وأني أبيت وأني عتوت على من عتا
    جمود مخرجه في الكلمة الثانية على وفيت من التوفية، وكأن لم يكن في متن العربية قط وفيت من الوفاء، ولا صواب ينتظر مع هذه الحال!
    عدم الاستعانة بالوجوه العروضية الجائزة على ضبط الوجه اللغوي
    تجول التفعيلة العروضية في مجال محدود من الصور السالمة والمغيرة المتقاربة غير المتطابقة، التي تتيح للشاعر أن يتردد بين إيقاعاتها ويستوحيها. ولكنها تقتضي طالب علم العروض أن يستعد لها كذلك بحسن التوقع والتصرف؛ فإذا لم يستقم له ببعضها تصحيح لغة القصيدة، تحول عنه إلى غيره مما يجوز في موضعه؛ فصحت له. أما إذا غفل عن ذلك فإنه يقف عند الوجه العروضي الخاطر له أولا، لا يتحرك كأنما مسخ على هيئته، لا يعرف معروفا يصحح به اللغة ولا ينكر منكرا يترك به غيره يصححها!
    من ذلك في قول البردوني من المتقارب نفسه:
    بعينيه حلم الصبايا وفي حناياه مقبرة مستريحه
    جمود مخرجه في التفعيلة الرابعة على فعولن وكأن لم يكن في صورها قط فعو المحذوفة، ولا صواب ينتظر مع هذه الحال!
    إهمال حفظ الأمثلة المحتلفة المتكاملة
    لو حفظ الطالب متون علم العروض التي وضعها الخليل والأخفش وابن عبد ربه والمعري والتبريزي والجوهري والزمخشري وابن الحاجب والدماميني والدمنهوري كلها مثلما يحفظ اسمه، لم ينتفع بها في تخريج أعاريض القصائد المتعددة المختلفة المتكامل بها عروض الشعر العربي، مثلما ينتفع بأن يكون حفظ قصائد مثلها، تحضره عند التخريج؛ فتذكره، وتسعفه، وتؤيده؛ فإذا أجدب من هذه الأمثلة عقله كان كالمنقطع وحيدا في يهماء مدلهمة، لا يعرض له فيها شيء ليثق به فيعتمد عليه، إلا سرابا في سراب في سراب!



  7. #7
    مشكلات تدريس علم العروض
    (مشكلات المدرسة)
    8
    عدم البحث عن ذوي المهارات التدريسية
    كما يلهث التاجر في طلب من يزيد ربحه من الفنيين والموظفين، ينبغي لمدير المؤسسة التدريسية أن يلهث في طلب من يزيد نجاح أعمالها من المدرسين الماهرين، ولا يستثقل ذلك أو يأنف منه، بل يكتشفهم ويسبق إليهم ليحظى بهم. ثم لا يرضى أن يدرس علم العروض سواهم ممن لا يعلمونه ولا يدرون كيف يدرسونه لغيرههم؛ فتستنفد طاقاتهم في غير ما مهروا فيه، عن جهل رؤساء أو حقد زملاء. وهل حسن الإدارة إلا توزيع الأعمال على الأقدرين عليها الأجدرين بها!
    قبول انتقال الطلاب غير المؤهلين
    يحتاج علم العروض إلى أن يكون الطالب قد تعلم قبله مقدارا كافيا من علوم العربية وآدابها، فإن لم يفعل لم يسمح له بدراسته. فأما استمراء نقل الطلاب من غير أن يستوفوا ما عليهم فلم يزدنا إلا خبالا سرى في ديننا حتى تعارفنا على زحلقتهم من الروضة إلى الدكتوراة، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
    حصر المدرس والطلاب في التجهيز للاحتبار
    ينبغي للمدرس والطالب جميعا معا أن يشتغلا في دروس العروض بالتحليل والتركيب والتقويم، ويتعاونا على ذلك بالتخيل والإبداع. فأما أن يشتغلا عن ذلك بأسئلة الاختبار كيف تكون وكيف تجاب، فمما يغلف العقل، ويقسي القلب، ويسجن الروح!

  8. #8
    جزاك الله خيرا دكتور وهذا هو الملخص:
    مُشْكِلَاتُ تَدْرِيسِ عِلْمِ الْعَرُوضِ

    للدكتور محمد جمال صقر
    مُقَدِّمَةٌ
    ربما صاح بي تَربويّون:
    ما لَكَ ولِمشكلات التدريس!
    هلّا عَرَفْتَ حدَّك فوقفت عنده!
    وصدقوا؛ فلا طاقة لي بمناهجهم ولا وسائلهم ولا أهدافهم؛ فما أنا غير كاتب أديب باحث لغوي، أتعلم إذ أتذوق وأتذوق إذ أتعلم، وآبى أن يكون تلامذتي إلا كذلك؛ فأستودع أجسامهم وقلوبهم وعقولهم عقلي وقلبي وجسمي، ولا أدوم على حال؛ فربما أبدلت اليوم ما اخترت أمس، أو أخرت ما قدمت، أو حذفت ما أضفت، أفعل ذلك إذ أفعله كله جميعا، أو بعضه؛ فلا يجد أولئك التربويون ما يزَعُهم عما زعموا!
    ولكن من التربويين مَنْ يطّلع من تلامذتي الذين انضافوا إليهم، على مهارات واضحة غالبة؛ فلا يملك إذا صَدَق نفسَه إلا أن يجادل عني بظهر الغيب، ويعزم عليّ إلا ما شاركتُهم في كشف مثالب التدريس الحاضر ووصف مناقب التدريس الغائب!
    ولابد لي أولا من التنبيه على استعصاء الإحاطة بمشكلات التدريس كلها جميعا، ثم على وجوب تمييز أربعة أقسامها الآتية:
    1 مشكلات الكتاب (المقرر)،
    2 ومشكلات المدرس،
    3 ومشكلات الطالب،
    4 ومشكلات الإدارة (المؤسسة التعليمية).
    حرصا على التنظيم والتدقيق والتوجيه، وإن تردّدتْ بين الأقسام الأربعة بعضُ المشكلات؛ فلم تنحصر في أحدها.
    مِنْ مُشْكِلَاتِ الْكِتَابِ (الْمُقَرَّرِ):
    عَدَمُ اسْتِلْهَامِ وَاقِعِ الْحَيَاةِ
    فليس من الحكمة الإعراض في تأليف كتاب المقرر من علم العروض، عن التمثيل بما يجري به واقع الحياة من وقائع اشتغل بها شعراء الوقت أو أسلافهم؛ فخلَّفوا من القصائد ما لا ينقضي العجبُ من حسن تعبيره عن طبائع الناس الثابتة وأهوائهم المستمرة.
    وهل أكثر تأليفا للطالب من أن تكون مشاغله هو وأهله ومجتمعه وشعبه وأمته، هي مادة الكتاب المقرر؛ فيتمسك به تمسكه بعماد وجوده، ويلهج بمراجعته لهجه بترديد وصايا الأحباب!
    أم هل أكثر تنفيرا للطالب من أن تنقطع علاقته هو وأهله ومجتمعه وشعبه وأمته، بمادة الكتاب؛ فيزهد فيه زهده فيما لا يعنيه، ويعرض عنه إعراضه عن أخبار الغرباء!
    عَدَمُ تَوْظِيفِ مَصَادِرِ الْأَدَبِ
    وتوظيف مصادر الأدب في تدريس علم العروض وغيره من علوم اللغة العربية، باب كبير انقطعت طويلا لشرحه بمقال خاص، ولم أستحسن أن أُمرَّ هذا الموضع من غير أن أُذكّر به؛ فمن هذه المصادر يمتاح المؤلف ما يُحيي المقرر ويغنيه، ولاسيما أنها تشتمل مع القديم على الحديث، ومع البعيد على القريب.
    الِاسْتِهَانَةُ بِالْإِمْلَاءِ وَالتَّشْكِيلِ وَالتَّرْقِيمِ
    إن ضبط النطق هو أساس التخريج العروضي؛ فإن الباحث عن عروض قصيدة جديدة، لا يملك غير لغتها؛ فهو يعتمد عليها وينفذ منها إلى العروض الكامن فيها، فإن اضطربت لغتها انسد عليه منفذه، وعيَّ بأمره!
    وإن في الاستهانة بضبط نصوص كتاب المقرر من علم العروض إملاء وتشكيلا وترقيما ضبطا تاما، لغفلة واضحة عن منزلة ضبط النطق من التخريج العروضي، فكيف بالخطأ، أم كيف بكثرة الأخطاء وغلبتها!
    وإذا كان علماء العروض استحسنوا في طلابه أن يكونوا ممن شَدَوْا قبلئذ شيئا من علوم العربية، فإنهم لو شهدوا هذا المقام لأوجبوا إيجابا أن يكون مؤلف كتاب المقرر من علم العروض، ممن أتقنوا علوم العربية كلها جميعا.
    اسْتِعْمَالُ الْكِتَابَةِ الْعَرُوضِيَّةِ
    ولا أدري ما حاجة كتاب المقرر من علم العروض مع ضبط النطق السابق التنبيه عليه تنبيها شديدا، إلى ما يسمى الكتابة العروضية (إعادة كتابة بيت الشعر من تحت كتابته الأولى المعروفة، بإظهار كل منطوق -وإن اختفى من الكتابة المعروفة- وإخفاء كل متروك -وإن ظهر في الكتابة المعروفة- وفك كل مدغم، حتى لتبدو الكتابة مثل أُحْجيّة الساحر)، إلا أن يريد مؤلفه خداع القراء عن جهله، بما يوهم العلم والدقة والحرص، وما هو منها في شيء!
    إن العلم والدقة والحرص إنما هي في ضبط البيت إملاء وتشكيلا وترقيما ضبطا صحيحا تاما، فأما كتابته كتابة عروضية فمشغلة عن إتقان ضبطه، ولا حاجة معه إليها.
    سُوءُ تَرْتِيبِ الْبُحُورِ
    إن بين بعض بحور الشعر العربي وبعض من العلاقات التركيبية ما ينبغي أن يراعيه مؤلف كتاب المقرر من علم العروض، حتى يستطيع أن يقنع بها طلابه، ويتدرج بهم، ويتقدم إلى غايته التي ينبغي أن تكون تمكينهم من إدراك أوزان الشعر العربي وقوافيه، وتمييز بعضها من بعض- حرصا على اكتمال أدوات تحليل الشعر العربي وتكاملها.
    إنه إذا تكوَّن بيت بحر الطويل من التفعيلتين اللتين تكوَّن منهما بيتا بحري المتقارب والهزج، وبيت بحر البسيط من التفعيلتين اللتين تكوَّن منهما بيتا بحري الرجز والمتدارك، وبحر المديد من التفعيلتين اللتين تكوَّن منهما بيتا بحري الرمل والمتدارك… وهكذا، ثم كانت تفعيلات بحر الكامل مقلوبات تفعيلات بحر الوافر؛ فإن من الأجدى تقديم كل بحرين مفردين تكوَّن منهما بحر مركب، والتنبيه على ما يختص به المركب دون المفردين، ثم إيراد بحر الكامل بعقب بحر الوافر.
    الِاشْتِغَالُ بِتَعْدِيدِ الصُّوَرِ عَنْ تَخْرِيجِ الْقَصَائِدِ الْكَامِلَةِ
    إن صور بحور الشعر بعدد الشعراء، وإن بعض صور البحر الواحد يدل على بعض ولاسيما أُمُّ صُوَرِه (أشهر صوره استعمالا)؛ فمن عرف البحر من خلال أم صوره استطاع أن يميزه مهما اختلفت بناتها (الصور غير المشهورة)؛ فمن ثم كان الأولى أن ينصرف كتاب المقرر من علم العروض إلى تخريج القصائد الكاملة من مطلعها إلى مقطعها لا يَخْرِمُ منها حَرْفًا، فيدرب الطالب تدريبا كافيا، ويقفه على روح العروض المتلبسة بجسم القصيدة، لا أن يعدد عليه ما لا يحصى من صور البحر، يدعي بذلك العلم والدقة والحرص عبثا، وما هو منها في شيء!
    ولا بأس بعد ذلك على من شاء، أن ينبه على سائر صور البحر، اعتمادا على استوفى من أمر أُمِّ صوره.
    عَدَمُ التَّنْبِيهِ عَلَى الْمُتَشَابِهَاتِ وَالْمُشْتَبِهَاتِ
    تتقارب بعض بحور الشعر العربي فتتشابه -ومنها: الطويل المخروم والكامل، والوافر المعصوب والهزج، والكامل المضمر والرجز، والسريع المكشوف العروض والضرب والرجز، ...- وتكاد بعض المتشابهات تتطابق فتلتبس؛ فيحتاج الطالب إلى أن يطمئنه الكتاب فلا تطول حيرته فيعيا بأمره ويعرض إعراض اليائس. وليس أَحَبَّ إلى الطلاب ولا أَجْذَبَ لهم ولا أَدَلَّ على إخلاصهم واجتهادهم ولا أَنْجَحَ في المنافسة بينهم، من التنبيه على مثل هذه المتَشابهات والمشْتبهات!
    مِنْ مُشْكِلَاتِ الْمُدَرِّسِ:
    عَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْعَرُوضِ وَعِلْمِ الْعَرُوضِ
    يبحث علم العروض عن طبيعة وجود العروض في الشعر العربي، فيصفها، ويضبط معالمها؛ فتحتشد فيه آراء الباحثين التي تتكون من بعضها نظرياتٌ متعددة مختلفة مُتَحَكِّمَة، تستولي على الاستيعاب دون معالم طبيعة وجود العروض نفسها؛ حتى يَتَفَلَّت الوقت ولم يُحصّل الطالب ما ينبغي له تحصيله، ثم ينعى عليه الناعي عجزه عن تحصيل العروض، ويعيد عليه النصيحة القديمة:
    إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ شَيْئًا فَدَعْهُ وَجَاوِزْهُ إِلَى مَا تَسْتَطِيعُ
    وما ثَمّ غيرُ خلط المدرس بين العروض وعلم العروض، وغفلته عن أن أكثر ما يَنْعاه على الطالب إنما هو من إهمال تفصيلات علم العروض، فأما معالم طبيعة وجود العروض -لو انتبه- فليس أحب إليه منها، ولا أَعْلَقَ بعقله وقلبه!
    جَهْلُ أَصَالَةِ الْمُكَوِّنِ الْعَرُوضِيِّ فِي بُنْيَانِ الشِّعْرِ
    يخرج الشعر من الشاعر حين يخرج، وقد امتزجت فيه العناصر العروضية واللغوية جميعا معا؛ فلا يكون من توفيق فيه إلى شيء من التفكير والتعبير أو إخفاق، إلا وهو للعروض توفيق أو إخفاق. وبحسْب إكبار الطالب للعروض أن يقف على هذا الأمر؛ فلن يستحسن شعرا يمُرّ به أو يستقبحه حتى يعترضه العروض. فأما أن يجهل ذلك مدرسُ العروض، فلا يلقي له بالا، فأحرى أن يقطع ما بينه وبين الطلاب، ثم لا يلبث أن يتبرم بتدريسه من أصله!
    عَدَمُ تَلْحِينِ كُلِّ بَحْرٍ بِلَحْنٍ خَاصٍّ
    لولا الغناء العربي القديم لم يكن عروض الشعر العربي، ولولا تلحين البحور العروضية لم يعرفها أحد، لا الشعراء ولا الغاوون، وما قال سيدنا حسان شاعر رسول الله -صلى الله عليه، وسلم! -:
    تَغَنَّ بِالشِّعْرِ إِمَّا كُنْتَ قَائِلَه إِنَّ الْغِنَاءَ لِهَذَا الشِّعْرِ مِضْمَارُ
    يَمِــــــيزُ مُكْفَـــــأَهُ عَنْهُ وَيَعْزِلُهُ كَمَا تَمِـــــيزُ خَبِيثَ الفِضَّــــــةِ النَّارُ
    وما ألطف ما رُوِّينا عن أبي النضير أنه دخل عليه الموصلي فوجده يغني على تقطيع العروض ولا يزيد؛ فلما سأله عن ذلك أجابه: هَذَا الْغِنَاءُ الْقَدِيمُ!
    ولابد من اختصاص كل بحر بلحن خاص؛ حتى إذا ما عرض للطالب شعر جرّب تلحينه بكل لحن، فما استقام عليه فهو بحره. ولا يَمنعنّ المدرسَ استعصاءُ التلحين على الطلاب؛ فلن يلبث أن يستسهل لهم ويستولي عليهم. ولقد عانيت من ذلك فصبرت حتى صار تلامذتي يلحنون الشعر بالضرب عليه دون نطق به وكأنهم عازفون محترفون!
    ولا عذر للمدرس، فإن تجاهل أو تَحارَجَ، فليُذعْ عليهم تلحين غيره مُسَجَّلا، ولا يَظنَّ أنه مستغن عن هذا التلحين أبدا، إلا أن يكون من المشتغلين بالكتابة العروضية؛ فبه عندئذ ما لا دواء له، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
    عَدَمُ مَزْجِ اللَّفَحَاتِ الْعِلْمِيَّةِ بِالنَّفَحَاتِ الْأُسْلُوبِيَّةِ
    على رغم استمتاع الطلاب بدراسة العروض يؤثر فيهم كثيرا وَقْفُهم على أمثلة من توفيق الشاعر أو إخفاقه في التأليف بين العروض واللغة في أداء المراد، باصطناع ما يوافقه أو يخالفه من تغييرات الإسراع أو الإبطاء مثلا؛ فإن في ذلك من أسباب إكبارهم وإقبالهم، ما لا يُقادَر قدرُه.
    من ذلك في قول المعري:
    عَلِّلَانِي فَإِنَّ بِيضَ الْأَمَانِي فَنِيَتْ وَالظَّلَامُ لَيْسَ بِفَانِي
    خبن تفعيلته الرابعة [فَنِيَتْ وَالظْ=دددن دن=فَعِلَاتُنْ=مخبونة]، الذي أسرع بالإيقاع؛ فلم ينفك بعض العروضيين يتعجب من حسن دلالته على سرعة فناء بيض الأماني!
    إِهْمَالُ الِاسْتِطْرَادِ إِلَى قَصَائِدِ الْوَقْتِ الْمَشْهُورَةِ
    ليس من الحكمة ألا يستفيد المدرس من التمثيل بما ذاع في وقت تدريسه من قصائد، أنفةً من ابتذالها (شيوعها)، وتحرُّجًا من السخرية منها؛ إذ ابتذالها نفسه آية نجاحها، وهو من ثمَّ آية نجاح نمطها العروضي، أما السخرية منها فمن تعوّد الطلاب انقطاع ما يدرسونه من واقعهم، ولا خير في التحرج من حدوث هذه السخرية، والخير كل الخير في وصل ما انقطع.
    إِهْمَالُ التَّدْرِيبِ وَالِاخْتِبَارِ الْمُنَاسِبَيْنِ
    ينبغي للمدرس كلما فرغ من درس أن يكلف تلامذته إعداد قصيدة مثل التي خرّجها لهم، وضبْطَها وتلحينها وتخريج عروضها تخريجَ من سيدرِّسها- وإذا ما اختبرهم أن يجعل الاختبار على وفق ما درّس ودرّب، أبياتا مختلفة غير مشكلة ولا مقسمة، تتتابَعُ تتابُعَ الفقرة من النثر، يسألهم أن يخرجوا بعضها تخريجا عروضيا؛ فإنهم يعرفون عندئذ حقيقةَ ما انتهج في التدريس والتدريب، وقيمته وجدواه.
    إِهْمَالُ التَّعْلِيقِ عَلَى نَتَائِجِ التَّدْرِيبِ وَالِاخْتِبَارِ
    تستغرق المدرسَ محاضراتُه، وتعجبه فيها نفسُه، ويظن أنْ ليس بعد اجتهاده في المحاضرة من زيادة يزدادها هو أو طلابه، ولو علم ما في التعليق على أعمالهم بالتصويب أو التخطيء والتَّسويء أو التحسين -يسمّي المصيب والمحسن ويثني عليهما، ويعمّي المخطئ والمسيء ويرأف بهما- لتمنى لو لم يَلْقَهم إلا على تعليق؛ فإنه لا يكاد يفرغ من تعليق حتى يستقر في وعيهم؛ فلا يزول ما اختلف النهار والليل!
    مِنْ مُشْكِلَاتِ الطَّالِبِ:
    الِاسْتِهَانَةُ بِالِانْضِبَاطِ اللُّغَوِيِّ اسْتِمَاعًا وَتَحَدُّثًا وَقِرَاءَةً وَكِتَابَةً
    إذا كان ضبط النطق هو أساس التخريج العروضي، فلا قرار له على استهانة الطالب بالانضباط اللغوي! كيف ننتظر منه تخريج شعر اللغة العربية الفصحى تخريجا عروضيا، وهو لا يقيم لهذه اللغة قامة، ولا يأبه لها بعلامة، بل يستهين ولا يرتاح إلا لمن يستهين! ولكن من أين جاءته هذه الاستهانة المعقَّدة! أتُراه وُلِد بها خارجًا ثم دَرَجَ ونَشَأَ وسَعَى! أم اكتسبها من أبويه فيما اكتسب ومن أساتذته وزملائه وسائر مُعايِشيه، حتى صار علاجُها من معالم نهضة هذه الأمة الغافلة!
    الِاسْتِهْزَاءُ بِضَبْطِ اللَّحْنِ وَفُرُوقِ أَلْحَانِ الْبُحُورِ
    يظن الطالب الظنون بالأستاذ حين يلحِّن له كل بحر من خلال أبيات بعض قصائده؛ فلا يملك نفسه، وإذا المحاضرة قد انتهت ولم يخرج منها بغير كبائر العبث الذي عَبِثَهُ بالأستاذ! ولقد رأيتُني في مثل هذه الحال، أستهزئ كما يستهزئ، ثم ملكت نفسي سريعا؛ ولولا ثقة أستاذي -رحمه الله!- بما عنده وحرصه، لم أبرح دارة الاستهزاء قط!
    تَحْكِيمُ الْخَطَابَةِ بِالنَّثْرِ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ
    لقد تعود الطالب أسلوب الخطابة بالنثر فيما يقوم فيه من مقامات كالإذاعة المدرسية والخطابة الوعظية والنشرات الإخبارية، وتَمكَّن منه حتى صار يخطب بالشعر، ولا يعرف غير ذلك، ولا يقبله! ولن يعطفه على تخريج أعاريض القصائد التي يخطب بها، إلا أن يقف على أسلوب إنشاد الشعر الذي يشتمل على سِرٍّ خفي من الغناء العروضي؛ إذن لَحصَّلَ كثيرا من أمر العروض قبل أن يتعلمه، حتى إذا تعلمه لم يكن أَخَفَّ عليه منه ولا ألطف ولا أظرف.
    الِاشْتِغَالُ بِعَدِّ الْمُتَحَرِّكَاتِ وَالسَّوَاكِنِ عَنْ تَوْقِيعِهَا
    لولا تنظيم توالي مجاميع المتحركات والسواكن لم يكن عروض الشعر، تلك هي خلاصة حقيقة العروض التي لم يستفد منها الطالب بعدما عرفها غير أن يشتغل بحفظ متحركات التفعيلات العروضية وسواكنها ثم التفتيش عنها في أوائل ما يسأل فيه من أبيات، حتى إذا ما لمح تواليا كالذي في بعضها، تَمَسَّكَ به ومضى عليه، ثم جعل غايته العظمى أن يذكر اسم البحر الذي يخصه هذا التَّوالي التفعيليُّ! ولو كان استوعب ما أُلْقِيَ إليه لاشتغل بتقطيع البيت (تفصيل أجزائه على وفق لحنه الخاص)، ثم بناء ثلاث خطا التوقيع (كتابة دندنة العزف) والتفعيل (كتابة رموز التفعيلات) والتوصيف (كتابة صفات التفعيلات)، الفرعية- على خطوة التقطيع الأولى الأساسية، ثم لم يضره إهمال اسم البحر أو الخطأ فيه، كما لم يهمني قط، ولم أجز به!
    عَدَمُ الِاسْتِعَانَةِ بِالْوُجُوهِ اللُّغَوِيَّةِ الْجَائِزَةِ عَلَى ضَبْطِ الْوَجْهِ الْعَرُوضِيِّ
    تجول كل كلمة من متن اللغة في مجال واسع من الصور الاشتقاقية والتصريفية المتقاربة غير المتطابقة، التي تتيح للشاعر أن ينهل منها ما يرتاح إليه. ولكنها تقتضي طالب علم العروض أن يستعد لها بحسن التوقع والتصرف؛ فإذا لم يستقم له ببعضها تخريج عروض القصيدة، تَحَوَّلَ عنه إلى غيره مما يجوز في موضعه؛ فاستقام له. أما إذا غفل عن ذلك فإنه يقف عند الوجه اللغوي الخاطر له أولا، لا يتحرك كأنما مُسِخَ على هيئته، لا يَعرِف مَعروفًا يُخرِّج به العروض، ولا يُنكر مُنكَرًا يترك به غيره يُخرِّجه!
    من ذلك في قول المتنبي من المتقارب:
    وَأَنِّي وَفَيْتُ وَأَنِّي أَبَيْتُ وَأَنِّي عَتَوْتُ عَلَى مَنْ عَتَا
    جُمودُ مُخَرِّجه في الكلمة الثانية على "وَفَّيْتُ" من التوفية، وكأن لم يكن في متن العربية قط "وَفَيْتُ" من الوفاء، ولا صوابَ يُنتَظر مع هذه الحال!
    عَدَمُ الِاسْتِعَانَةِ بِالْوُجُوهِ الْعَرُوضِيَّةِ الْجَائِزَةِ عَلَى ضَبْطِ الْوَجْهِ اللُّغَوِيِّ
    تجول التفعيلة العروضية في مجال محدود من الصور السالمة والمغيرة المتقاربة غير المتطابقة، التي تتيح للشاعر أن يتردد بين إيقاعاتها ويستوحيها. ولكنها تقتضي طالب علم العروض أن يستعد لها كذلك بحسن التوقع والتصرف؛ فإذا لم يستقم له ببعضها تصحيحُ لغة القصيدة، تَحَوَّلَ عنه إلى غيره مما يجوز في موضعه؛ فصَحَّتْ له. أما إذا غفل عن ذلك فإنه يقف عند الوجه العروضي الخاطر له أولا، لا يتحرك كأنما مُسِخَ على هيئته، لا يَعرِف مَعروفًا يُصحِّح به اللغة، ولا يُنكر مُنكَرا يترك به غيره يُصحِّحها!
    من ذلك في قول البردوني من المتقارب نفسه:
    بِعَيْنَيْهِ حُلْمُ الصَّبَايَا وَفِي حَنَايَاهُ مَقْبَرَةٌ مُسْتَرِيحَهْ
    جمود مخرجه في التفعيلة الرابعة على "فَعُولُنْ" السالمة، وكأن لم يكن في صورها قطُّ "فَعُو" المحذوفة، ولا صوابَ ينتظر مع هذه الحال!
    إِهْمَالُ حِفْظِ الْأَمْثِلَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمُتَكَامِلَةِ

    لو حفظ الطالب متون علم العروض التي وضعها الخليل والأخفش وابن عبد ربه والمعري والتبريزي والجوهري والزمخشري وابن الحاجب والدماميني والدمنهوري كلها مثلما يحفظ اسمه، لم ينتفع بها في تخريج أوزان القصائد وقوافيها المتعددة المختلفة المتكامل بها عروض الشعر العربي، مثلما ينتفع بأن يكون حفظ قصائد مثلها، تحضره عند التخريج؛ فتذكِّره، وتُسعِفه، وتؤيِّده؛ فإذا أَجْدَبَ من هذه الأمثلة عقلُه، كان كالمنقطع وحيدًا في يَهْماءَ مُدلهمَّة، لا يعرض له فيها شيءٌ ليثق به فيعتمد عليه، إلا سَرَابًا في سَرَابٍ في سَرَابٍ!
    مِنْ مُشْكِلَاتِ الْإِدَارَةِ (الْمُؤَسَّسَةِ التَّعْلِيمِيَّةِ):
    عَدَمُ الْبَحْثِ عَنْ ذَوِي الْمَهَارَاتِ التَّدْرِيسِيَّةِ
    كما يلهث التاجر في طلب من يزيد ربحه من الفنيين والموظفين، ينبغي لمدير المؤسسة التدريسية أن يلهث في طلب من يزيد نجاح أعمالها من المدرسين الماهرين، ولا يستثقل ذلك أو يأنف منه، بل يكتشفهم ويسبق إليهم ليحظى بهم. ثم لا يرضى أن يُدرِّس علمَ العروض سواهم ممن لا يعلمونه ولا يدرون كيف يُدرِّسونه لغيرههم، بجهل رؤساء أو حقد زملاء؛ وهل حسن الإدارة إلا توزيع الأعمال على الأقدرين عليها الأجدرين بها!
    قَبُولُ انْتِقَالِ الطُّلَّابِ غَيْرِ الْمُؤَهَّلِينَ
    يحتاج علم العروض إلى أن يكون الطالب قد تعلم قبله مقدارا كافيا من علوم العربية وآدابها، فإن لم يفعل لم يسمح له بدراسته. فأما استمراء نقل الطلاب من غير أن يستوفوا ما عليهم فلم يزدنا إلا خبالا سرى فينا مسرى الدم، حتى تعارفنا على "زَحْلَقَتِهِمْ" من الروضة إلى الدكتوراة، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
    حَصْرُ الْمُدَرِّسِ وَالطُّلَّابِ فِي التَّجْهِيزِ لِلِاخْتِبَارِ
    ينبغي للمدرس والطالب جميعا معا أن يشتغلا في دروس العروض بالتحليل والتركيب والتقويم، ويتعاونا على ذلك بالتخيل والإبداع. فأما أن يشتغلا عن ذلك بأسئلة الاختبار كيف تكون وكيف تجاب، فمما يُغلِّف العقل، ويُقَسِّي القلب، ويَسْجُنُ الروح!
    عَدَمُ تَجْهِيزِ مَكْتَبَاتِ الْفُصُولِ وَشَبَكَاتِهَا
    يحتاج المدرس والطالب إلى ما يتشاركان في تأمله من قصائد الشعر العربي تحليلا وتركيبا وتقويما. وليس أعون لهما على ذلك من وصل الفصول الدراسية بخزائن الكتب الداخلية والخارجية ورقية ورقمية، بحيث ينهلان منها ما يشهد على دقة ما يدور بينهما من الأوصاف العلمية، أو حاجتها إلى التدقيق؛ فمهما كان ما يحفظانه من شواهد ذلك وأمثلته فلن يكون غير غيض من غيض، لا يسمن ولا يغني من جوع!
    إِهْمَالُ تَوَاصُلِ الْمُدَرِّسِينَ
    مهما اتحدت تخصصات المدرسين العلمية وأعمالهم التدريسية، فلن تتطابق مناهجهم الأدائية؛ إذ لا تتطابق شخصياتهم عموما ولا مهاراتهم خصوصا، ولا يستغني أيٌّ منهم بما عنده عما عند زملائه. وليس أعون على الإتقان من تيسير تواصلهم دائما حيث يعملون وحيث لا يعملون، حتى يتذاكروا مسائلهم ويتشاركوا في أجوبتها فتتكامل خبراتهم.
    إِهْمَالُ تَوَاصُلِ الطُّلَّابِ
    وكذلك الطلاب أنفسهم ينبغي تيسير تواصلهم حيث يدرسون وحيث لا يدرسون؛ فما أكثر ما انتبه بعضهم من أفكار الدروس إلى ما لم ينتبه إليه زملاؤه، وما أكثر ما قَدَرَ بعضهم من شرح بعض أفكار الدروس على ما لم يقدر عليه المدرسون.
    إِهْمَالُ تَوَاصُلِ الْمُدَرِّسِينَ وَالطُّلَّابِ
    وكذلك المدرسون والطلاب ينبغي تيسير تواصلهم حيث يتدارسون وحيث لا يتدارسون، ولاسيما أن يؤمنوا باتصال طلب العلم وتطبيقه؛ فلا حَرَجَ على خُطُورِ الأفكار، فينبغي ألا يكون حَرَجٌ على تذاكرها والتناظر فيها، حتى يجتمع الرأي على وَجْهٍ سواء، يُمَكِّنُ مِنْ أُصُول العلم، ويَبْسُطُ من سلطانه، ويَنْشُرُ مِنْ أَثَرِه.
    وفي سبيل تيسير أنواع ذلك التواصل المختلفة، تَتَهَيَّأُ المجالس من داخل المؤسسات التدريسية أنفسها، بحيث يتواصل المدرسون والطلاب مطمئنين غير مكروبين بمواعيد الحصص ولا جدران الفصول. وكذلك تَتَهَيَّأُ من خارج هذه المؤسسات البُرُدُ الإلكترونية والمنتديات ومجموعات التواصل الإلكترونية المختلفة التي تجاوزت حدود الخيال القديم؛ فلم يَعُد من المَجاز أن يجتمع المتواصلون على قَلْبِ مُتَأَمِّلٍ واحد يتحدث، ويستمع، ويقرأ، ويكتب؛ فيستبين، ويبين!







    [/size]
    رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء
    رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
    **************
    قال ابن باز رحمه الله
 :

    لباسك على قدر حيائك
    وحياؤك على قدر ايمانك

    كلما زاد ايمانك زاد حياؤك
    وكلما زاد حياؤك زاد لباسك

المواضيع المتشابهه

  1. مشكلات المفطرات
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-11-2014, 07:05 PM
  2. الفرق بين العروض وعلم العروض
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-07-2014, 06:55 AM
  3. مشكلات تدريس علم الصرف
    بواسطة أ . د . محمد جمال صقر في المنتدى فرسان الإعراب
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-26-2014, 11:16 AM
  4. العروض التركي - العروض العربي
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-17-2011, 05:15 PM
  5. العروض التفعيلي أم العروض الرقمي أم كلاهما ؟
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-21-2009, 02:42 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •