مُدَرِّس مادة التاريخ يدخل على عجل إلى الغرفة الصفية، ثم وهو يواجه طلبتَه:
إفتحوا الكتب على الدرس الأول (!!)


الطلاب يفتحون كتبهم على الدرس الأول.


المُدَرِّس بإشارة من يده إلى حيث يجلس "فادي":
إقرأ يا "فادي" (!!)


فادي:
الثورة العربية الكبرى عام 1915، بقائدها الشريف حسين بن علي، حرَّرَت الأمة العربية من الاحتلال العثماني، بعد أن تعاون العرب مع حلفائهم البريطانيين على تحقيق الحُلُم العربي بالحرية والوحدة، خلال الحرب العالمية الأولى (!!)


المُدَرِّس بانفعال وهو يشير بيدٍ نزقةٍ إلى "فادي":
توقف يا "فادي" (!!)


ثم بعد لحظة صمت، وهو يشير إلى حيث يجلس "عمر":
أنت يا "عمر"، إفتح على الدرس الثاني، وأَسْمِعْنا (!!)


"عمر" يفتح على الدرس الثاني ويبدأ بالقراءة:
المملكة العربية السعودية نشأت عام 1932 بثورة قادها الزعيم الخالد عبد العزيز بن سعود، ضد حكم آل رشيد البدائي المتخلف المتحالف مع الاستعمار البريطاني (!!)


المُدَرِّس بغضبٍ واشمئزازٍ وهو يشير بيده إليه بعصبية:
توقف يا "عمر" (!!)


ثم وهو يحاول التماسك والحفاظ على عدم انفلات أعصابه، نقَّل نظرَه بين الطلاب، وأشار إلى "سليم" قائلا بنبرةِ صوتٍ بدأت تعتريها بَحَّة خفيفة، كان واضحا أنها تولَّدت بسبب مقاومة رغبة عارمة في الصراخ:
أنت يا "سليم" إفتح على الدرس الثالث واقرأ (!!)


"سليم" يفتح على الدرس الثالث ومثله يفعل جميع الطلبة، ويقرأ:
الحركة التصحيحية بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد، في الجمهورية العربية السورية عام 1970، أنقذت الدولة السورية من الفساد والفاسدين والمخربين (!!)


بعد أن ضرب طاولة مكتبه بقبضته ضربة قوية:
توقف يا "سليم" (!!)


يتوقف "سليم" مذعورا من صوت المدَرِّس ومن شدَّة الصوت الناتج عن ضرب الطاولة.


الأستاذ يخفِّضُ بصرَه وهو منحنٍ قليلا وقبضتاه على الطاولة، حالُ من يتحفَّز لانفجارٍ غاضب.


لكنه يهدأ ويسيطر على نفسه، ثم ينتصبُ ويمشي قليلا أمام الطلاب وهو مُطرقٌ يُفَكِّر.


يتوقف، ينظر إليهم نظرة تفيض بالشفقة والحسرة، وتستمر مشاهد المسرحية:


"الثورة اليمنية"، "النظام الجزائري بعد الاستقلال"، "سقوط الحكم السنوسي في ليبيا"، "المهديون في السودان"، "حركة الضباط الأحرار في مصر".. إلخ (!!)


وجرهم التاريخ إلى العباسيين وإلى الأندلس والعثمانيين ونشأة الفكر القومي، إلى أن لم يبق سوى درسٍ واحد وطالبٍ واحد هو "عمار" (!!)


يحدِّق فيه لحظة، ثم يرفع يده بهدوء ويشير إليه قائلا:
اقرأ لنا الدرس الأخير من الكتاب يا "عمار" (!!)


الطلاب يفتحون كتبهم على الدرس المشار إليه، مستعجلين التَّعَرُّف على المشهد الأخير مما بدا لهم فيلمَ رعبٍ قصيرٍ من تاليف وإخراج مُدَرِّسِ مادة التاريخ.


"عمار" يقرأ:
كان الهدف من إنشاء جامعة الدول العربية تحقيقَ الوحدة بأسرع وقت، للخروج من حالة التشرذم التي خلَّفَها الاستعمار في الوطن العربي (!!)


بصرخة أفزعت كلَّ التلاميذ وجعلتهم ينتفضون ناظرين إلى المُدَرِّس برعب:
أغلِقوا كلَّ كتبِكم، وأتوني بها هنا على طاولة المكتب (!!)


التلاميذ بقلق وحيرة وهم يتبادلون النظرات، يتجهون الواحد تلو الآخر إلى حيث أشار المدرس، ويبدأون بوضع كتُبِهم حيث كان ينظر على الطاولة.


بعد دقائق قليلة كانت كومة الكتب قد شَكَّلَت هَرَما فوق الطاولة.


التلاميذ يَتَرَقَّبون والمُدَرِّس يُحَدِّق في الكتب بقرف.


يتَّجِه إلى السبورة، يحمل الطبشور ويكتب وهو ينطق بما يكتب:
درس اليوم هو "الحقيقة" (!!)


ثم يلتفت إلى التلاميذ الذين فغروا أفواهَهم وقد اعترتهم حالة من الذهول لما يشاهدونه.


المُدَرِّس يقترب من كومة الكتب، يتناول علبة أعواد ثقاب من جيبه، ويتناول علبة السجائر من جيبٍ آخر، يُشعل سيجارا ما تعوَّد على إشعاله في الحجرة الصفية، ثم يلقي بعود الثقاب قبل أن ينطفئ على كومة الكتب، فتشب فيها النار.


التلاميذ يراقبون هذا المشهد من الفيلم مرعوبين مشدوهين.


الجميع يحدقون في الحريق حتى المُدَرِّس الذي ظهرت على وجهه علامات التَّشَفِّي المشوب بالقنوط والحسرة في الوقت ذاتِه.


بعد أن تحوَّلَ كلُّ شيء إلى رماد، المدرس يتوجَّه بنظره إليهم ويقول وهو يشير إلى كوم الرماد:
هذا هو أول درس من دروس "التاريخ"، فلنبدأ الدرس الثاني الآن (!!)