قصر الحير الغربي.. فنّ الزخرفة المستوحى من شجرة الحياة المصدر : آنا البني 22/05/2009
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي يعتبر قصر الحير الغربي من القصور التي لا تزال آثارها حتى اليوم، ويقع القصر على طريق دمشق بين القريتين وتدمر، وقد بناه الخليفة هشام بن عبد الملك في العصر الأموي، وجعله مركزاً زراعياً للمنطقة، وكان إلى جانبه حمام وخان.




كان يطلق على قصر الحير الغربي اسم «الزيتونة»، وهو الاسم الأصلي له، أمّا «الحير»، فهي تسمية حديثة استعيرت من معنى السور الذي كان يحدّه، وبحسب العالم «شلومبرجيه» فإنّ هذا القصر شُيّد فوق دير غساني بناه الحارث بن جبلة.
أمّا شكل قصر الحير الغربي فهو مربع، طول ضلعه 70×71م، وجداره الخارجي مدعّم بأبراج مستديرة، ما عدا الزاوية الشمالية الغربية، حيث البرج البيزنطي، الذي أعيد استعماله، وبأبراج نصف دائرية تدعم أواسط الجدران الثلاثة، عدا الجدار الشرقي، حيث تنفتح بوابة يحيط بها من الطرفين برجان نصف دائريين مزخرفين، وبُني هذا القصر من الحجر حتى ارتفاع مترين، ثمّ من الطوب والآجر مع عوارض خشبية.
وتتصل البوابة بواسطة دهليز بالفناء المحاط بأروقة محمولة على عمدٍ قديمة، ويوجد في وسط الفناء حوض صغير. وترتفع حول الفناء البيوت في طابقين، وترى قاعات القصر وحجراته مرتّبة ضمن بيوت ستّة مستقلة عن بعضها، بيتان في الجهة الشرقية، ومثلها في الجهة الغربية، وواحد في الجنوب، وآخر في الشمال، ويحوي كلّ بيت من 8ـ13 قاعة أو حجرة. ونجد نظيراً لهذا الترتيب في قصر عنجر.
أمّا داخل القصر فعبارة عن صحن مكشوف تحيطه ستة بيوت، وكلّ منها يتكوّن من قاعة كبيرة مستطيلة، وحولها غرف مربعة الشكل .. ويلاحظ أنّ هذا النموذج من البناء قد استوحيت أصوله من عناصر الأبنية الساسانية والبيزنطية .. والقصر من الداخل مليء بالزخارف الجصية حول النوافذ وفوق أبواب القاعات .. وتمثّل هذه الزخارف أسلوبين متميزين، ففي النوافذ العليا يتمثل الأسلوب الساساني إلى حدّ كبير، فقوام الزخرفة فيها شجرة الحياة، وهي شجرة مقدّسة عند الساسانيين .. أمّا النوافذ السفلى فزخرفتها عبارة عن رسوم هندسية قوامها دوائر ورسوم نجمية، وهي التي كانت مستعملة لدى البيزنطيين.
وبوابة قصر الحير الغربي الحقيقية هي الآن واجهة المتحف الوطني في دمشق.


لقد كشفت أعمال التنقيب أنّ القصر كان مزيناً بالفسيفساء الذي بقي منه بعض الألواح الصغيرة مع بعض النصوص التي عثر عليها مع الألواح قرب المدخل. كما أنّ بعض الجدران قد زُيّنت بالخشب المنقوش، وقد عُثر على قطعٍ منها تحتفظ ببعض الرسوم الملوّنة والمذهّبة تمثّل أزهاراً وأشكالاً هندسية انحصر وجودها في البناء الداخلي. وتتألّف زخرفة قصر الحير الغربي من الزخارف الجصّية في واجهة القصر. ومن الزخارف الجدارية المشابهة للتمشيحات الرخامية، ومن زخرفات الكوات، ومن الصور الملونة الكبيرة. ومن أهمّ الألواح التزيينية التي مازالت في وضع جيّد، صورتان كبيرتان أعيد تركيبهما في القسم العلوي من جناح قصر الحير، الذي أعيد بناؤه في المتحف الوطني بدمشق.
أمّا أهمّ اللقى النحتية التشبيهية التي عُثر عليها، وأُعيد ترميمها، فتمثال شخص يمكن أن يكون الخليفة هشام، يؤكّد ذلك مقارنته مع تمثال مشابه وُجد في قصر المفجر، ويعتقد أنّ مكان هذا التمثال هو الجبهة الخارجية فوق الباب مباشرة.