تجاعيد الزمن
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
اشرقت شمس هذا اليوم كعادتها
تضيء الكون الرحب
تنشر الدفئ في كل مكان
دخلت بعض اشعتها
على غير عادتها الى غرفتها
في هذا اليوم لتقع على وجهها وهي نائمة
ايقضها هذا الدفء
المصاحب بنسيم رطب
ماذا يحدث ؟اي يوم هذا؟
كان هذا هو التساؤل الذي في ذهنها
اخدت تقلب انظارها في غرفتها
ملأها نور يوم جديد
اخذت نفسا عميقا زفرته مع تنهيدة طويلة
تنهيدة سمع صداها خارج الغرفة
نهضت متتاقلة
نظرت الى المرآة التى امامها
يا الهي من هذه المرأة
لم تعرف نفسها اول مرة
فهي لا تنظر في المرآة كباقي النساء
حملت منذ صغرها هم اخوتها وبعدها هم اسرتها الخاصة
اثقلتها الهموم حتى نسيت انها
امرأة ذات جمال خاص
مرت بيدها على وجنتيها لم تجد سوى تجاعيد حفرتها السنين
والهموم ورسمت على جبهتها خطوطا عميقة كأنها انهار الحياة
رجعت بذاكرتها الى شبابها
تذكرت ايام كانت تجري وتلعب وتقفز وتلهو
وتتسلق الاشجار في حديقة بيتها الكبير
ويوم طرق باب والدها من يطلب يدها
من كان يرجو حبها
حينها ادمعت عيناها
تمنت لو ان هذا اليوم لم يأت ولم توافق عليه
فقد كان يحمل سكين الغدر والخيانة
بدلا من الفرحة والسعادة
جلست تانية على طرف سريرها
تنهدت واغمضت عينيها حتى ترى صورة حبيبة الى قلبها
حتى تعلو البسمة وجهها لتمحو الدموع التي حفرت جداول على خدها
لتتساقط على صدرها
صورة ابنها الذي تركه والده يواجه المجهول مع امه وحيدين بلا معيل
فقد اخد كل ممتلكاته وتركهما بدون علمهما
انه يحبو على الارض مسرعا اليها ليرتمي بحضنها
لتعطره بقبلاتها وتلعب معه
ضحكت ضحكة ممزوجة بالدموع
عندما تذكرت انه كان يحب لعبة الاستغماية
وهو في حضنها كان يخفي وجهه في صدرها
ويغوص وكأنه كان يريد الاختباء في رحمها
كان كأي طفل يبحث عن الامان
واعطته الامان مع انها لا تشعر به
فهي تخاف غدر الزمان
هاهي صورة اخرى تظهر وتختفي
تظهر وتختفي كأنها وميض
ااااااااه انها يوم اخدته للمدرسة اول مرة
كان يبكي وهو يتشبت بثيابها
لا يا ماما احبك يا ماما لا تبعدينى لن ازعجك تانية
كان يكرر كلامه هستيريا كمن حكم عليه بالاعدام
ضمت يديها الى صدرها كأنها تحتضنه كما احتضنته يومها
لتطمئنه
نظرت الى يديها وجدتها فارغة
زفرت زفرة قوية آآآآآآآآآآآآآآه
لقد كبر ابنها وتخرج من الجامعة وتزوج
واصبح له عالمه الخاص
وهى الآن تعيش مع ذكرياتها
تنهدت وحاولت النهوض فقد ارهقتها الذكريات
يا الهي لم تقوى على النهوض
هل اصيبت بالشلل
هذا ما خطر ببالها
حاولت مرة تلو المرة
لم تقاوم
استسلمت ورمت وجهها بين كفيها
واجهشت بالبكاء
افرغت كل المخزون من الدموع
نعم كل مخزون دموعها
فهي امراة لم تكن تبكي
كانت قوية امام اشد العواصف
لم تقهرها
ولم تنهزم
تقع واقفة على قدميها رافعة رأسها بشموخ وكبرياء
ولا تيأس
تعيد الكرة مرة بعد مرة
حتى يكتب الله لها التوفيق
لكن
ابكتها
تجاعيد الزمن
التي رسمت على وجهها
تذكرت ان اليوم عيد ميلادها
ولم تسمع سوى وقع الذكريات
يطرق مسامعها ليذكرها
بتجاعيد الزمن
بقلمى
نشرتها بمدونتي