للوهلة الأولى يبدو موضوع زراعة الوجه وكأنك تتحدث عن فيلم هوليوودي من أفلام الخيال العلمي مثل فيلمها Face Off الشهير، إلا أن الأطباء يؤكدون أن الجراحات التجريبية في هذا المجال، قد أثبتت أنها قد تصبح عملية روتينية.
ونقل طاقمان من ثلاثة طواقم من الجراحين الذين قاموا بجراحات زرع وجه جزئي، أن التقنية التي استخدموها كانت فعالة بشكل مفاجئ، بالرغم من أن المضاعفات مازالت ماثلة، في وقت يتطلب فيه مزيد من العمل في هذا المجال.
وقال الطبيب لوران لانتيري أحد الأطباء الفرنسيين الذي شارك في جراحة زراعة وجه لرجل مشوه بشكل خطير جراء مرض وراثي "لا يوجد سبب لعدم الاعتقاد أن زراعة الوجه ستصبح شائعة كما زراعة الكلى والكبد في يوم ما."
وفي تقرير للانتيري وزملائه في منشورة "لانسيت" الطبية البريطانية الصادرة اليوم (الجمعة) أضاء على أوضاع مريضهم الذي خضع قبل عام لجراحة زرع وجه، كذلك أورد أطباء صينيون أخباراً عن مريض صيني بعد عامين من جراحة زرع وجه.
وكان الطاقم الطبي الفرنسي قد أجرى العام الفائت جراحة معقدة لاستئصال ورم من وجه رجل في التاسعة والعشرين من العمر، وقاموا بزرع الجزء السفلي من الوجه باستخدام أعضاء متبرع، ما منح المريض وجنتين جديدتين وانف وفم، وبعد ستة أشهر أصبح في إمكان هذا المريض الابتسام والتعبير بوجهه.
أما المريض الصيني الذي فقد نصف وجهه بسبب عضة وحشية من دب، فقد أخضعه أطباء صينيون في شيان لجراحة زرع وجه، مانحين إياه أنفاً جديداً والشفة العليا وخدين من أحد المتبرعين.
وبعد عدة أشهر أصبح في مقدور المريض الصيني تناول الطعام والشرب وحتى التحدث بشكل طبيعي، ليعود إلى أسرته في إقليم "يونان" في جنوب غربي الصين.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس ان الأطباء لم يحددوا هوية المرضى وإن شمل التقرير صوراً لهم.
وكما الحال في كل أنواع جراحات زراعة الأعضاء، فالأطباء يتخذون احتياطاتهم بإخضاع مرضاهم لعلاج بأدوية تساعد الجسد على تقبل الأعضاء الجديدة المزروعة.
ففي جراحتي الوجه المذكورتين، رفض جسدا المريضين الأنسجة المزروعة أكثر من مرة، لينجح الأمر لاحقاً.
وحالياً يتناول المريض الفرنسي ثلاثة أنواع من العقاقير في اليوم لتفادي عملية الرفض.
وقال لانتيري وهو جراح تجميل في مستشفى "هنري موندور- ألبير شينيفييه" الباريسي "هذا أقل مما يتناوله مريض السكري.."
وأبدى أطباء آخرون رضاهم عن طريقة العلاج، حيث قال الطبيب بوهدان بوماهاك، وهو جراح تجميل في المستشفى النسائي في بوسطن، قائلاً: "لتكون قادراً على خفض مستوى جرعات الدواء إلى كميات صغيرة وبسرعة نسبياً، هذا مشجع.."
ومع ثلاث عمليات زرع وجه ناجحة حتى الآن، بما فيها أول جراحة زرع وجه في العالم التي خضعت لها فرنسية، فإن ذلك يجيب على العديد من التساؤلات المحيرة أبرزها مدى فعالية عمل أعضاء الوجه الجديد.
فعلى سبيل المثال، فإن وجه المريض الذي خضع لمبضع الطبيب لانتيري كان مشلولاً بسبب الورم لأكثر من عقد، كما أن طاقم الجراحين الفرنسيين لم يكونوا متأكدين ما إذا كانت الأعصاب ستتجدد بعد عملية الزرع، إلا أنهم اكتشفوا لاحقاً أن مريضهم يمكنه الغمز والتأكيد أن الدماغ كان قادراً على استعادة التواصل مع أعصاب الوجه.
وبالرغم من كل هذا التطور، فإن أطباء آخرين غير مقتنعين بأن جراحة زرع الوجه مسألة ثورية إلى هذا الحد.
ويصف جراح التجميل الطبيب باتريك وارنكي في مستشفى "كيال الجامعي" في ألمانيا هذه الجراحات بأنها ""نهاية طريق مسدود" لأنه يرى أن مسألة رفض الأعضاء لا يمكن حلها.
وبدلاً من ذلك يأمل وارنكي بإعادة زرع الأنسجة من خلايا منشأ تعود للمرضى أنفسهم.
يُذكر أنه وبالرغم من العوائق الاجتماعية التي تفرضها المسائل الدينية والثقافية، فإن الأطباء يعتزمون السير في هذا المجال وإن كانت مسألة إيجاد متبرعين صعبة.
المصدر: سى ان ان