أساتذة من جامعة النجاح لدى القضاء الفلسطيني

الأستاذ الدكتور عبد الستار قاسم
12/حزيران/2013

رفع عدد من مدرسي جامعة النجاح ممن يحملون رتبة أستاذ (بروفيسور) قضية لدى محكمة صلح نابلس بخصوص قيام إدارة الجامعة برفع العبء التدريس للأستاذ من 9 ساعات إلى 12، وهم
الأستاذ الدكتور عبد الستار قاسمن الأستاذ الدكتور عبد الفتاح أبو شكر، الأستاذ الدكتور جمال جودة، الأستاذ الدكتور أفنان دروزة، الأستاذ الدكتور عادل الأسطة.
رأى هؤلاء الأساتذة أن قرار إدارة الجامعة مجحف، فتوجهوا إلى القضاء.
أكتب هذا للناس لتوضيح الأمر من وجهة نظر الأساتذة بخاصة أن هناك من يحاول تشويه صورة الأساتذة بالقول بأنهم يهتمون بالقضايا المالية وليس بالقضايا العلمية والأكاديمية، وهم مستعدون لتشويه صورة جامعة النجاح الوطنية من أجل مصالحهم الشخصية.

الأعراف الأكاديمية
هناك عرف أكاديمي على مستوى عالمي على الرغم من أنه غير معمول به في كل جامعات العالم وإنما في أغلبها. إنه منتشر ومفاده أن الجامعات تخفف العبء التدريسي لمن يصل رتبة أستاذ لكي يوظف وقتا أطول للبحث العلمي. فلسفة هذا العرف تقوم على أنه لا يحصل على هذه الرتبة إلا الذين وصلوا مرتبة عالية في البحث العلمي، ولا يرتقي أحد إليها إلا بعد ثبوت قدراته البحثية. في البلاد العربية يحصل في كثير من الأحيان بعضهم على الرتبة لأسباب سياسية ودون أن يقوموا بأبحاث علمية تلبي شروط الترقية.
تنظر الأمم المتقدمة إلى من وصلوا هذه الرتبة العلمية على أنهم ذخر علمي للدولة، ويتم الاعتماد عليهم إلى حد كبير في صياغة الخطط والبرامج والقرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، الخ. ولهذا تعمد بعض الجامعات على تخصيص مكاتب واسعة لمن يحصلون على هذه الرتبة وتوظف لهم بعض مساعدي البحث. طبعا هذا الاحترام والتقدير غير مألوف في البلدان العربية لأن القائد العربي في الغالب يعرف كل شيء وليس بحاجة إلى خبراء ومختصين. لكن عددا من الجامعات العربية تخفف العبء التدريسي، وبعضها لا يخفف.
التزمت جامعة النجاح الوطنية بالتخفيف، وأشار نظام الهيئة التدريسية إلى أن عبء الأستاذ التدريسي 9 ساعات، على أن يخصص الأستاذ 3 ساعات للبحث العلمي.

تراجع إدارة الجامعة عن التخفيف
عممت إدارة النجاح قرارا في صيف 2011 بإلغاء التخفيف، وجعلت العبء التدريسي 12 ساعة، وبررت ذلك بأن مجلس أمناء الجامعة قد قرر ذلك. ووفق ما تناهى إلى مسامعنا أن إلغاء التخفيف تم بسبب عدم قيام من هم برتبة أستاذ بعمل أبحاث علمية. وهذا ما استثارني أنا شخصيا، واستثار بعض زملائي لأن نشاطنا في البحث العلمي تضاعف بعدما حصلنا على رتبة استاذ، ومنشوراتنا شاهدة على ذلك. لم يتم الاكتفاء بإلغاء التخفيف، وإنما أُتبع بالتشويه.
التشويه صعب الهضم. قمت بالاتصال بأربعة أعضاء من مجلس الأمناء استيضاحا للأمر. قال لي كل واحد من الأربعة إنه لا يعلم عن هذا القرار.
حاولنا ثني إدارة الجامعة عن القرار بكتب رسمية، وكذلك مجلس الأمناء. وحاولنا مع مكتب العمل ووزارة العمل، لكن إدارة الجامعة لم تكن تتجاوب لحوار أو نقاش قانوني. ولهذا لم نجد أمامنا خيارا سوى اللجوء إلى القضاء مستندين إلى عقد العمل الموقع مع الجامعة.
المسألة لا تتعلق بالمال، وأنا شخصيا لست بحاجة ل 1152 دينارا خلال الفصل الدراسي. أنا أبحث عن رد اعتبار، ولتأخذ إدارة الجامعة بعد ذلك ما يمكن أن يترتب لي من حقوق مالية. ويبقى من المهم طرح السؤال التالي: إذا كان أساتذة الجامعة غير قادرين على حل إشكال بسيط من هذا القبيل حواريا ووديا، فماذا نتوقع من غير أساتذة الجامعات؟

مجرى القضية أمام المحكمة
تسير القضية امام محكمة الصلح بنابلس سيرا اعتياديا وفق ما اعتادت عليه محاكمنا، لكن استوقفني أمران:
أولا: كتب دفاع الجامعة للقضاء بأنه ليس مطلوبا من الأساتذة القيام بالبحث العلمي لأنهم حصلوا على ترقيات. هذا دفاع غريب على النشاط الأكاديمي والمنطق الجامعي، ومن المفروض أن تخفي الجامعة هذا الدفاع لأنه يلحق كبير الضرر بسمعتها العلمية والأكاديمية. عمل الأستاذ البحثي يصل ذروة اندفاعه وليس توقفه عند حصوله على الأستاذية.
ثانيا: شهد أستاذان إداريان يبدو أنهما تطوعا للشهادة لغير صالحنا أن أصحاب رتبة أستاذ يعملون في الأسبوع 34 ساعة، في حين أن الجامعة في كتاب رسمي لها تقول إن ساعات العمل الأسبوعي للأستاذ 40 ساعة.