لغة ما بعد الغياب..!
شعر:محمد الزينو السلوم
-------------------------------------------------
لا.لم يكن هذا الهوى محض ادّعاء إنما
لغة الغياب المرّ في روحي أقامت خندقاً في مهجتي..
واليوم تُنكرني الجهات لأجل عينيك التي
حفرت بقلبي ألف جرح بعدما طال الفراقْ
أو تحسبين بأنني كنت ابتدعت لك المآسي يوم كنا عاشقين على الطريقِ..؟
مضى الطريق بنا إلى ما ينبغي..نمشي فيسبقنا ويمشي
لكننا لمّا دخلنا شرفة الماضي انتزعنا الحلم من غدنا
وأشعلنا المآسي فابتدا فينا الغيابْ
أنا كلما أقحمت نفسي في متاهات الحضور أخاف من لغة الفراقِ
كأنني للسهد أمضي في دمي بوح يشاكس ما أسرّ الخوفُ
فلنكسر جدار الصمت، ولنصرخ كفى: إنّ الغياب المرّ
يرمينا إلى كهف الضياع، وكيف نقتحم الظلام..؟ الموت أرحم ُ..
إنه الإبحار في في زمن المرايا..

*
أمضي وأسأل:كيف يا عمري انتهينا في الغيابِ
وقد تعطّر وردنا الجسديّ في بوح التشهّي بالندى في الأمس لمّا الصبح لاح ..؟!
هل سامنا نهر الرغائبِ يومها؟ بل كيف عرّينا الهوى
فانداح يكشف ما اختفى في مهجتينا؟!
كلما يأتي المساء أعبّ من شفتيك ما أبقى النبيذ لسكريّ المجنونِ
في ألق التوهّج كي أشاطر ما تماهى بيننا عند اللقاءْ
ماذا..؟ وكيف فُتِنتُ في شبق الغواية ؟! لستُ أدري..
سامنا العسف زماناً غير أنى اليوم في دربين..كلٌ في طريقْ
لم تدافعنا إلى ليل الهلاكِ ونحن في أوج الضياء؟!
لنعبرَ الآهات والأحزان في نزقٍ ونهرب من حصار الصمتِ نحيا نفحة الحب الشجيّ..
نعود كالأطفال.. نسكن ضفّة الأشواق، نجترّ المضى ..
أحببت فيك براءة الأطفال يوماً ..ما جرى حتى تحطّم حلمنا الورديّ في عزّ النهار..؟!


*
لا لم يكن هذا الهوى محض ادّعاء إنما عشناه في ألق السنا قبل الغيابِ
فكيف غيّبه الحضورِ، وراح يزرع جرحنا بالنزف في صمت مُريبْ ..؟!
عودي لنرسم لوحة فيها من الألوان ما يدعو إلى الحلم الذي قد كان يوماً بيننا
ونطير عصفورين نبني عشنا قبل الغروب..وهاهي الأغصان تنطق خضرةَ
والشمس تضحك في الصباح مع الندى..والورد فتح وانتشى ..
والعطر باح بسره وانداح في كل الجهات تألقاً..عودي كما عاد الصباح لتغرسي فيّ الأملْ
وتجددي ألقاً.. فموسيقى الحياة توزّع الألحان في لغة الضياءْ
ولطالما كنا نراود ضفتين، وقبلتين، وننحني لعذوبة النجوى..وها.. آن الأوان لكي تدور الشمس في فلك التجلّي..تحمل الدفء..الحنين َ..
وما يرفّ على الشفاه، وما تسرّ لنا البلابل عند دالية العنبْ
فلأنتِ أجمل ما ما يطوف بخاطري في كل صبحٍ أو مساءْ
يا غادتي: مهما تأذّى الورد من عطشٍ فإنّ العطر يشعل فيه أوهاج الهوى..
فنهيم وجداً فيه من ولهٍ..لنجلو ما تراكم عبر أيام الشقاء من الأسى..
فيما تراءى من ظنونٍِ أوغلت في الصدر من غدر الزمانِ، تفاقمت فيها غِلالات التعب
وإذا طغى حبل الفراق تجدّدت فينا المآسي ، مات فينا العشق..حاصرنا الغياب
وإذا تكاشفت القلوب على الحقيقة - رغم كل المرّ – كم يحلو العتبْ
وبغير هذا قد أنام على الطَوى..أطوي جناحي..أستفيق على الردى بدمي
وبذاك تنكرنا الجهات معاً، ونغرق في متاهات الدروبِ..ولا لقاء.

حلب
في 27/5/2009 م