الذين ينتظرون فتح المعبر للرحيل/ مصطفى ابراهيم
18/10/2016
ينتظر الالف من الغزيين فتح معبر رفح على أحر من الجمر، بعض كثير منهم سجل أسمه في كشوفات وزارة الداخلية منذ أشهر أو سنة أو أكثر، وبعضهم يعتمد على دفع اموال لوسيط فلسطيني او مصري ليرحل الى خارج القطاع بغاية السفر بدون عودة.
هؤلاء كثر ويغادروا مع أولادهم بعض منهم تسبقهم زوجاتهم واولادهم الصغار الى مصر او من صاحبه الحظ وتخطى تعقيدات التصريح الاسرائيلي وعدم الممانعة الاردنية واستطاع السفر عبر معبر بيت حانون ايرز الى عمان ومن هناك الى خارج البلاد.
الغاية الى أوروبا وطريق الهجرة والحظ والانتظار للاستقرار هناك على أمل الحصول على إقامة أو جنسية للمكوث هناك والبحث عن عمل ومكان أفضل واكثر أمناً لدراسة أبنائهم والحلم بمستقبل أفضل.
رحلة الهجرة والقرار الصعب والخيارات الأصعب وانتزاع الروح من بلد المنشأ والعائلة والاصدقاء، الرحيل من قطاع ضيق والعائلة لم تعد كما كانت وتقطعت اوصالها بفعل الانقسام وتدهور منظومة القيم، ومشاق العيش والانقسام والخلافات السياسية اليومية، ولا مياه صالحة للاستخدام الأدمي ولا كهرباء، ولا ضمان لمستقبل.
الرحيل الى مكان يعتقدون انه أكثر أمنا وضامناً للمستقبل، وأصبح يلفظ المهاجرين ويخشاهم، ويعقد حياتهم لكثرة المهاجرين والمشكلات الامنية التي تحيط بهم، مغادرة أرض الاباء والاجداد للحلم بالأمل، شباب وشابات يرحلوا وأخرين في الإنتظار بعد ان كانوا يوما وقودا في المعركة المستمرة مع الاحتلال من اجل الحرية، وبعد ان كان التنوع حقيقة وليس كما هو الان تنوع أفرز انقساماً حاداً ويثور لأتفه القضايا.
الرحيل أصبح سمة عامة لدى كثير من الفلسطينيين ليس في غزة فقط بل الضفة وفلسطيني الداخل والدول العربية خاصة سورية وليبيا وغيرهما لم تعد كما كانت، الرحيل أو الهجرة والتخلي عن حرارة العلاقات العائلية وصلة الدم والانسانية وهو ما يميزنا كعرب عامة وكفلسطينيين خاصة لم يعد كما كان. اختاروا الغربة والبعد عن العلاقات الانسانية ولكنها تبقى محرك للشوق والحنين للأرض والعائلة والتفكير في العودة في كل لحظة.
في غزة عاش الناس ثلاث حروب او اربعة وهم يعيشوا الحرب منذ سنوات النكبة وفي العشر سنوات الماضية زاد الرعب والخوف على الحال والعيال، كانت حروب ومواجهات ومعارك لكنها لم تغيير في قناعات الناس، لكنه الانقسام والاحتلال والحرب فعقد الامور اكثر، وغير في نظرة الراحلين او المهاجرين من نظرتهم لبكرة ولم يعد الامل والتفاؤل مكانه هنا.
تغيرت أشياء ولم يعد كثر يروا الوطن كما كان ولم يعودوا منشدين للبقاء وان الضوء في اخر النفق الامل لم يعد يكفي وأن الأمل الذي حلموا به كثيرا يتبدد.
عشر سنوات من الانقسام اخافتهم والحال مستمر والحياة شاقة البطالة والفقر وانتشار الجريمة والمخدرات والإنتحار والتهميش وتقييد الحريات العامة وقمعها والتحقير وإرهاب الناس وقطع أرزاقهم، والامور تتجه نحو الأسوأ، والمصالح الخاصة تقدم على مصلحة الوطن وعلى حساب المواطنين.
لم تكن غزة جنة الله على الارض قبل سنوات لكثير من الشباب والشابات الراحلين والذين يستعدوا ويفكروا بالرحيل، كان الاحتلال ولا يزال وكانت الجريمة وكان الفساد وكان بعض من أمل، وقبل زمان كان بعضنا يوسم المهاجرين بالخونة. اليوم تغيرت الدنيا وقدرات الناس ليست واحدة والمشهد غير طبيعي، وكأن الناس استسلموا لمصيرهم البائس، ولا يعنيهم الا انفسهم ولا يتحركوا او يعترضوا على تدهور أبسط حقوقهم الاساسية.
هذه ليست مبالغة انما الحقيقة وبعض منهم فهم في ظل هذا الحال البائس انه امام حلين إما الرضى والقبول بالواقع والتكيف معه، وإما الرحيل إذا ما استطاعوا إليه سبيلاً.