رسالة حب لسورية من الفنان جيرو كجه جيان
لغة الجسد تترجم الأنغام إلى حركات انسيابية تمضي مع هدوء و صخب اللحن ،لتعبر عن أنشودة الروح وأطياف الحب وحرية التحليق بعالم بعيد وقد استطاع فن الرقص العالمي الدخول الى مختلف الفنون الدرامية، وخاصة الرقص المعاصر الذي يختزل كل مدارس الرقص ويضيف إليها هوية كل بلد، و في الآونة الأخيرة تعددت الفرق الراقصة التي أخذت دوراً أساسياً في المشهد الثقافي ،منها فرقة جيرو كجه جيان الذي اهتم بإحياء التراث الشعبي العالمي من مختلف أنواع الرقص (الهندي –الغربي –السامبا –الأرمني –التانغو ) إذ تعلم في مدرسة كيكيليا، ثم درس في معاهد أرمينيا ويعود اهتمامه بالرقص إلى الطفولة كما يقول: "استحوذ الرقص على اهتمامي منذ الطفولة ولاسيما أنني نشأت بكنف عائلة فنية، فوالدي المغني فاتشيك علمني الكثير، ثم انضممت إلى فرقة الجيل الجديد للتراث الشعبي وعملت كراقص ومصمم للرقصات طيلة سنوات، وكنت في هذه المرحلة تلميذ الأستاذ أبراهام غوستاف ، بعد ذلك استلمت إدارة الفرقة ،إلى أن قررت أن أكوّن فرقتي الخاصة ،فبدأت بأربعين راقصاً ثم توسعت حتى أصبحت تضم ثمانين راقصاً وتقسم إلى ثلاث فرق: الفرقة الأساسية و فرقة الأطفال.
قدم جيرو عروضه في مختلف الدول الأوروبية والعربية ووصل إلى اليابان أيضاً، حصل على جائزة من أكبر مهرجان في فرنسا (سي يو) والجائزة الذهبية من مهرجان أورنينا، شارك بالرقص مع فارس كرم وعاصي الحلاني ووفيق حبيب وميادة بسيليس، وتفوق برقص السامبا والتانغو والتشاشا، وهي رقصات جبلية قديمة تحكي قصة أرمينيا القديمة -كما قدم لوحات جميلة من الفالس ورقصات حديثة جداً مثل الهيب هوب، فمزج بين التراث والمعاصرة لكن اهتمامه الأكبر كان بالدبكة السورية التي شغف بها.. مما جعله موضع اهتمام الفنان دريد لحام، فاختاره مع فرقته ليشارك كل عام في مهرجان الأغنية السورية ومعرض دمشق الدولي، وعلى صعيد آخر دخل عالم الدراما والمسرح، فقدم لوحات في أعمال هامة مثل صلاح الدين الأيوبي وعدة مسرحيات، إلا أن عمله الأهم كان أوبريت "هي المشرق ".
تأثر جيرو بالمخزون الثقافي البصري الأرمني ،كونه أرمنياً فبرع بالدبكات القروية والجبلية المتداخلة مع أساليب الرقص المعاصر، فصمم رقصات خاصة تنم عن ملامح التراث الأرمني بصورة خاصة فيضيف: "تبدأ عملية تصميم الرقصة من الكلمات ثم اللحن ويؤدي التوزيع الموسيقي دوراً في رسم الحركات الجسدية المتعلقة بتصاعد وخفض تواتر اللحن ونوع الآلة الموسيقية التي تعزفه، وهذا يضعني أمام الخطوة الأساسية للتصميم، ثم أضيف إليها تأثري بالتراث الأرمني" أما عن كيفية انتقاء الراقص فيتابع: "أجد صعوبة بانتقاء الراقص لأن الرقص ليس بالحركات وإنما بالتعبير الجسدي والإحساس بالمعنى وترجمة المعاني الإنسانية التي ينم عنها ولابد من أن يملك القدرة على تمثل المشهد الراقص وعكسه على ملامح وجهه، وبرأيي يوجد ارتباط كبير بين التمثيل والرقص".
ومن خلال أسفار جيرو المتعددة ومشاركاته الدولية يؤكد الإعجاب الكبير بالرقص الشعبي السوري (الدبكات) مثل (الدلعونا والميجانا )التي تتميز بهوية خاصة، وبعضها يتطور ويمضي مع مسار الحداثة والمعاصرة، ويرى أن تعدد الفرق الراقصة الموجودة حالياً في الساحة الفنية يدعو إلى التفاؤل إلا أنه معجب بفرقة إنانا لأنها تعتمد على تقنيات حديثة متداخلة مع جمالية الرقص .
يحضِّر جيرو حالياً لمشروع استعراضي ضخم علّق عليه بقوله: أردت من خلال الرقص والموسيقا والمعنى الإنساني للكلمة أن أقدم لوحات استعراضية تحض على التلاحم والتعاضد في وجه الرياح العاتية التي تمر بها سورية لأن الفن جزء لا يتجزأ من المجتمع، وقادر على البوح برسالة هادفة، تدخل إلى الأعماق مباشرةً دون استئذان ".

مِلده شويكاني

http://www.albaath.news.sy/user/?id=1383&a=122364