قصة " العــــــاشق الغـــــريب"
صباح شاعري جميل أشعرها بالبهجة والسروروهي تستــــقبل أول يوم من حياتها في وظيفتها الجديدة،غمرتها أحاسيس متعــددة،حين أبصرت تلك البناية الزجاجية التي ستـشتغل بها،عجلت بخطواتها وهي تمني نفسها بمكتب مريح يتوفرعلى كل الـــضروريات ،كـــرسي وثـــير،ومكيف هوائي وعلى الجدار عـــلقت أخر صورة للفنان الفرنسي" فيرنان ليجي" أوالتشكـيلي الإسباني" بابلوبيكاسو" أو"برتوشي" أو لوحة أخرى للفنان" فيليكس فالوتون" .
تجمعت بمخيلتها عشرات الشخصيات التشكيلية التي التي سبــق أن درستها بأحد معاهد الفنون التشكيلية بباريس،أصبحت قاب قوسين أوأدنى من مبنى الوزارة،لم تصدق أنهاأصبحت موظـفة يحسب لـــها ألف حساب،لها رقم تأجـــــير،وشهريا تحصل على مبلغ مالي محتــــرم،ناهيك عن المكافآت والتعويضات والتحفيزات التي ستدفئ جيوبها وحقيبتها.
قضت عهدا من الزمن وهي في هذه الوظيفة،تنقلها سيارة الخدمة من منزل عائلتها الفخم لمقر عملها كانت سعيدة لدرجة أنها أصبحت محتاجة لمن يحـــــمل معها جزءا من هذه السعادة التي طفحت وتدلت كعناقيد من العنب من شجرة كرم.
لم يكن هناك مايعـــكر صفوهذه السعادة،إلا أنها لاحـــظت في الآونة الأخـــيرة أن شخصا غريبا يترصدها،ويراقبها صبح مساء،وكلما أبصرته إلا وغيرت طرقها،وكــــــيف لها ألا تـــفعل،وهي الموظفة المحترمة التي يشهد لها الجميع بالصلاح والتــــقوى والإستـــقامة،لم تكن تعلم أن هذا الشخص ينظر إليها نظرات حادة وثاقبة اعــــتــقدت معها أنه يجردها من ملابسها.
استحلفته أن يبتعد عنها لأنها متزوجة،وأن الأمر بالنسبة لها محـــــــــسوم منذ البداية ولاداعي للمحاولة مرة أخرى،لأن مثل هذا السلوك تجاه امرأة متزوجة يعتـبر ضربا من الجنون والحمق والتهور،لم يمهلها تكمل حديثها،حتى شرع في وخزها عـــــلى مستوى ثدييها كالإبر،ندت عنها صرخة،لكنها كتمتها خوفا من الفضيحة،حاولت تجاهـل مبادرته الغير المحسوبة العواقب،فأعاد العملية مرة أخرى لكن هذه المرة على مستوى بطنها.
استــــــحلفته أن يرتد عن غيه وضلاله،لكــــنه كان مصرا على مغازلتها،وإن اقتــضى
الأ مروصالـها.
لم تجد بدا من أن تحصل على إجازة من رئيسها في العـــمل لمدة أسبوع،لعل هذا المطارد الذي يطاردها ييأس ويخلي سبيلها،وتنتهي مشكلتها،لكن الذي وقع كان أكبر خطورة وجرأة،فقد رأته مندسا معها في الفراش قرب زوجها،وشرع يعتصر نهديها بقوة أكثر من الأول،بدأ انينها يرتفع بعدما نفذ صبرها،صرخت وتأوهت،زاغت عيناها ودخلت في غــــــيبوبة طويلة،كانت تخشى أن يكتشف الزوج أمر هذا العاشق الجديد فــــيسعى إلى تـطليقها وبذلك تتشرد عائلتها،ويبقى ابنها الوحيد موزعا بين مطرقة الاب وسندان الأم.
انقضت الإجازة،وعادت للعمل منهكة أكثر من الأول،كـل الموظفين والموظفات لاحظوا شحوبها وهزالها المفاجئ،سالوها إن كانت مريضة،اكتفت بابتسامة خفيفة مرفـــقة بتعليق مقتضب على أن الامر مجرد عياء عابر سوف يزول،لكن نظرات زملائها وزميلاتها كانت تــــرى في مرضها أمرا أكبر من جوابها العادي.
عادت للبيت وهي لا تطيق وخــــــزه القوي لها في كل أنحاء جــــسمها،شرع يعانـــــــــقها أمام الملأ،لايخشى في ذلك لومة لائم،سافرت لفرنسا،فوجدته هناك في انتــــظارها،رأته يطاردها في كل المحطات والشواطئ والمرافئ والفنادق والحدائق،التف حول عـــنقها كثعبان أرقط ،شاهدته يلمس جيدها وهي تضع قبلة على خد ابنها" سليم" شاهــدته يضغط عــلى خصرها وهي تتلقى شهادة تـــــقديرية بمناسبة حصولها على الرتبة الأولى في تــــــكوين دولي أعدته الوزارة،رأته يزحف على سرتها وهي في توحد شرعي مع زوجها،سمعـــــت فحيحه في أذنـيها وهي تحتسي كأسا من القهوة،كرر هديره على مسامعها وهي تتفحص كتابا.
استحلفته بأن يدعها وشأنها،فهي امرأة مسالمة ،تخشى الله وكل همها السهر على تربية ابنها الوحيد والحفاظ على زوجها بعدما اتخذت على نفسها عهدا الا تخونه لا في الحضور أوالغياب.
لم يصدق توسلاتها،ولم يحفل يحفل بدموعها المنسابة على خديها،ولم يكترث لارتعاشة يـــديها وخفقان قـــــلبها وضمور صدرها،لم يعبأ بشرفها،ولابمركز عائلتها وغــــناها الفاحش،لم يرحم جمالها،ولاكثرة الأموال التي أودعتها في الابــــناك،لم يفتــــــن هذه المرة برشاقـــــتها واعتدال قدها،أحاط بهاهذه المرة من كل جانب،وضمها إليه بقوة وأحكم قبضته عــلى عنقها،فتركها جثة هامدة لقد كان سرطانا خبيثا.