غمز الحكم وقال: (مَشُوُهَا)
حدث ذلك قبل أكثر من عشرين عاماً، عندما استعد مجموعة من الشباب لتأسيس نادٍ رياضي، فأحضروا مدرباً جيداً للاعبين ومدرباً لحراس المرمى، وأقنعوا مجموعة من لاعبي المنتخب الوطني من أبناء المدينة بالانضمام لفريق كرة القدم، كانوا مصممين الى أن يصلوا الى مجموعة الفرق الممتازة خلال خمسة أعوام، وكان لهم ما خططوا له. لكن ليس هذا بالمهم في تلك القصة.
كان عليهم أن يتنافسوا مع عددٍ هائلٍ من الفرق، كان يزيد عن ثلاثمائة فريق، ومعلوم بتلك الحالة سوء التنظيم وعدم الاهتمام وندرة الحكام الذين يقبلون بالتحكيم في مثل تلك المباريات، وقلة الملاعب المخصصة لمثل تلك الجولات التصنيفية.
في إحدى مبارياتهم (موضوع القصة)، سافروا الى منطقة تبعد ثلاثمائة كيلومتر عن مدينتهم، ليلاقوا فريق المنطقة، حسب القرعة التي عملتها اللجنة المنظمة.
فوجئوا بأن أهل المنطقة كانوا حاضرين جميعا لمشاهدة تلك المباراة، لم يكن هناك قوات أمن لفرض النظام، فلم تكن تغطي المباريات التصنيفية، ولم يكن الملعب، إلا ساحة ترابية لا حدود لها، ولا مدرجات، وبالكاد كانت مخططة برمل أبيض لتحديد حدودها.
لم يكن فريق تلك المنطقة يلبس زياً موحداً، ولا أحذية اللاعبين متشابهة، وكان قسم من اللاعبين حفاة. وأعمارهم تتراوح بين العاشرة والستين من العمر.
بعد أن صفر حكم الساحة، انطلق الفريق الزائر المستعد لمثل تلك المباريات، بهجمة فأحرز هدفاً سريعا. علا الهتاف المضاد تهديدا للحكم وتهديدا للاعبين الزائرين، وانطلقت في الفضاء عدة صليات من رشاشات (كلاشنكوف)، مما أثار الرعب في نفوس اللاعبين والحكام.
لم يكتف أهل المنطقة بذلك، فكان أحد لاعبيهم يقذف بالكرة من بعيد باتجاه مرمى الضيوف، فينزل الى الساحة عشرة من المتفرجين لإحراز هدف التعادل، وانطلقت العيارات النارية ابتهاجا بالهدف، غمز الحكم اللاعبين الزوار وقال : (مشوها .. نتفاهم بعدين).
حذر الحكم جمهور المتفرجين، وهددهم بوقف المباراة، وهو يظن أن ذلك يكفي لردعهم، فانسحب العشرة الإضافيين الى حدود الملعب، فاعتقد الحكم أن المباراة ستسير حسب الأصول.
في الهجمة التي قام بها الفريق الزائر، تطوع سائق شاحنة في الدخول بشاحنته الى الملعب ليثير زوبعة من الغبار، مع إطلاق جهاز التنبيه للشاحنة.. غمز الحكم وقال : (مَشُوُها .. نتفاهم بعدين).
انتهت المباراة بالتعادل (3:3)، لم يسجل من فريق أهل المنطقة أي هدف منها، بل سجله الاحتياط الذي كان عبارة عن سكان المنطقة والذين عاودوا النزول الى الملعب كلما سنحت لهم الفرصة.
فرح أهل المنطقة بتلك النتيجة، وذبحوا بعيرا في ساحة الملعب وأصروا على أن يشاركهم الفريق الضيف العشاء. غمز الحكم وقال : (مَشُوُها .. بعدين نتفاهم).
رفع الحكم تقريره لاتحاد كرة القدم، الذي اعتبر النتيجة 3: صفر لصالح الفريق الزائر، وعندما راجعه بعد مدة ممثل المنطقة أجاب : (مشوها بعدين نتفاهم )