نتائج مسابقة "أجمل قصيدة في التوحيد وبيان عظمة الله وقدرته
الإثنين, 20 آب/أغسطس 2012 09:36
أعلن يوم العيد في برنامج "واحة الشعر" عن نتائج مسابقة "أجمل قصيدة في التوحيد وبيان عظمة الله وقدرته".
فاز بالمراكز الخمسة الأولى في المسابقة هؤلاء الشعراء الآتية أسماؤهم:
1 ـ في المركز الأول الشاعر العراقي د. ريكان إبراهيم وجائزته عشرون ألف دولار.
2 ـ في المركز الثاني الشاعر الأردني محمد تركي حجازي وجائزته خمسة عشر ألف دولار.
3 ـ في المركز الثالث الشاعر السوري محمد ماجد الخطاب وجائزته عشرة آلاف دولار.
4 ـ في المركز الرابع الشاعر التونسي فيصل اليعقوبي وجائزته ثلاثة آلاف دولار.
5 ـ في المركز الخامس الشاعر الجزائري محمد جربوعة وجائزته ألفا دولار.
تهنئة من فريق برنامج "واحة الشعر" للفائزين في المسابقة وشكر جزيل لجميع الشعراء الذين شاركوا فيها.
===========================
القصيدة الفائزة بالمركز الأول في مسابقة التوحيد
وجائزتها عشرون ألف دولار
الشاعر ريكان إبراهيم/ العراق
الرحلة إلى التوحيد
تَصورّتُه لم يكنْ
وجَنّدتُ كفَّ غروري لصَفْعِ خدودِ
يقيني
وأنكْرتُهُ عامدًا فتمشّى على رئتي وابلٌ
من قلَقْ
وأزَّ من القلبِ صوتٌ يقولُ: أعوذُ
بربِّ الفلَقْ
تَصورتُني دونما خالقٍ
فأصبحتُ في لجّةِ الارتيابْ
أدورُ وأنفُضُ عنّي اختناقي
كما ينفُضُ عنه اللديغُ الثيابْ
***
بكتْ عينُ قلبي
ورقتْ لحالي
وقَشّرتُ عقلي بظُفْرِ سؤالي
فحصْحَصَ من لُبّهِ صَوْلجانْ
وراحَ يخاطِبُني الساجدانْ
يصيحانِ: وَيْحكَ كيفَ انتَحيْتَ
من الهَدْيِ جنبًا
وأغلظْتَ قلبًا
وكيفَ تَجرّأَ فيكَ الحِجا واللسانْ
على مَنْ له يسجُدُ النيِّرانْ
***
تَوضّأتُ لا بلْ تَوضّأ شكّي بدمعٍ مُهانْ
وقبلَ الصلاةِ اعتلى مسرحي ماردانْ
ماردٌ من حَمَأْ
لهُ رغبةٌ في الخَطَأْ
وآخَرُ من مارجٍ، في يديهِ الوثيقةُ
من ربّهِ أنْ يكونَ من المُنظَرينْ
أقمْتُ الصلاة فجرْجَرَني من ثيابي
وتَلَّ يديْ للجَّبينْ
فصِحتُ: توضّأْ لتُصبِحَ مِثلْي
وحينَ توضّأَ هادَ وخابتْ بهِ لُعبْةُ
الماكرينْ
***
وقفتُ على شُرفْةِ الروحِ أستطلِعُ المِهرجانْ:
نجومًا كأنَّ السماءَ لها أعينٌ في المساءْ
هِلالًا تكهّفَ بطنًا ليُصبِحَ بدرًا
وسيمَ الضياءْ
غُيومًا كأنَّ الذي قادها فارسٌ في الهواءْ
هناكَ توسدّتُ روحي،
أشدُّ على وسطي مِئْزري
وأبحثُ عنّي
فقدْ ضِعْتُ منّي
أمامَ الإلهِ الذي هالني
فاستوى فوقَ ظَنّي
***
...ومن مُضغةٍ جئتُ ثم استويتْ
فسبحانَ مَنْ بثْها نَفْخةً
بها صرتُ حيًا وقد كنتُ مَيْتْ
ووزّعَ نفسي على مِفرقينْ:
فعقلٌ ببيتٍ وقلبٌ ببيتْ
***
تصوّرْ لو ٱنَّ الخلودَ نصيبي
بقيتُ هنا أتمنّى لو ٱنّي أموتُ
لألقى حبيبي
فسبحانّه صيّرَ الموتَ جسرًا
إلى ملتقاهْ
وهل يبتغي المرءُ من مُنيةٍ
أعزَّ من اللهِ وهو يراهْ
***
تصورْ لو ٱنَّ الخلودَ نصيبُ البشرْ
لصالَ وجالَ بها مَنْ كفَرْ
وأصبح بوذا
نظيرَ يهوذا
ونيرونُ روما
مَلاكًا على ما بهِ من خَطَرْ
***
أنا شاعرٌ من سنيِّ الصَغِرْ
وعلَّمني الجوعُ أنْ أمدحَ المترفينْ
وروّضني الخوفُ أن أشكرَ الحاكمينْ
لقد كنتُ غضًّا وتعظُمُ عندي الصغائرْ
وكنتُ أراهم كبارَ العساكرْ
وحين انجلى زُخرفُ اللهِ عندي
ندِمْتُ عليَّ
وآلمَني أنّني كنتُ شاعرْ
***
نأى فاقتربتُ
دنا فابتعدتُ
تمدّدتُ فوقَ مساميرِ روحي
تعلَقتُ في قَشّةٍ من عُلاهْ
وطالبتُهُ أنْ أراهْ
وكان يراني
وقد أوقدَ النورَ في ناظري
ناظراهْ
فأغمضْتُ عيني
وأغلقتُ قلبي
فصارَ على القلبِ وقعُ هُداهْ
***
... ولي جسدٌ ربما لا يُجيدُ
الوقوفَ لخالقِهِ في صلاةْ
وفمٌ ربما قايضَ الصومَ في رَمَضَانَ
بما قد يكونُ اشتهاهْ
جسدٌ أو فمٌ هكذا
ولكنَّ قلبي الذي قد يراني
ولستُ أراهْ
هو الراكعُ المُنحني دائمًا للإلهْ
***
تأبّطتُ رأسَ المخافةِ مِنهُ
ركضتُ، وثوبي بسِنّي، أُفتّشُ عنهُ
وحينَ اجتهدتُ إلى أن جهدتُ
غفوتُ، فأهدى ليَ النومُ سرَّ الحكايةْ
وأدركتُ ربّي
ضياءً بلا موقدٍ
وضيفًا بلا موعدٍ
ينوّرُ قلبي
***
هي الشمسُ تجري إلى مُستقرٍّ لها
وكان أبو الأنبياءِ يُفتّشُ عن ربّهِ حَولَها
يقولُ لها حينما تَختفي:
رويدًا، قِفي
أأنتِ الإلهُ الذي مِنْ سنينْ
أُناجيهِ سرًا، وها... قد أفِلْتِ
فكيفَ يكونُ إلـهيٰ من الآفلينْ؟
***
من جمودِ الصنمْ
من الجاهلينَ بأنَّ الوجودَ نَقيضُ
العدَمْ
منَ الناكرينَ لكلِّ النِعَمْ
من الفاقدينَ الهُدى والنُهى
يقومُ الدليلُ عليهِ إلـهًا
لهُ سِدْرةُ الـمُنتهى
وللملحدينَ الأسى والألمْ
***
على خَشَبِ النافذةْ
بقُرْبِ سريري، يَدقُّ بمنقارهِ بُلبلٌ
قُبيْل السَحَرْ
فأصحو لأقرأ في صوتِهِ
بأنَّ الضياءَ ابتدا والظلامَ
انحسرْ
فسبحانه مُولجِ الليلِ بطنَ النَّهارْ
وسبحانهُ راسمًا صورةً للجمالِ
بدونِ إطارْ
***
من الدودِ في جَامدٍ من صخورْ
من الغيمِ يركضُ شرقًا وغربًا
ليَسقي الزهورْ
من البحرِ يهدأُ حيناً وحينًا يثورْ
من الذئبِ يقسو على غيرِهِ
ويحضُنُ أطفالَهُ في حُبورْ
من النفسِ، فاضلةً في النهارِ
وفي الليلِ داعرةً بالفجورْ
يقومُ الدليلُ لدى صاحبِ العقلِ
مثلي، ويسمو الشعورْ
بأنَّ وراءَ الخفايا إلهًا يدبِّرُ
كلَّ الأمورْ
***
أخاطبُ كلَّ النساءِ اللواتي تعشّقنَ شِعري
وطالبْنني بنشيدِ الغزَلْ
أخاطبُ أُمّي على قبرِها، كنتُ أرتادُهُ
لألبسَهُ حُلّةً من قُبَـلْ
أخاطبُ في والدي عفْوَهُ
إذا ما رآني شَحيحَ المُقلْ
أخاطبُ كلَّ زعيمٍ قويٍّ
تعلّمَ مني خطابَ الدجَلْ
أخاطبُ ضَعْفي أمامَ البريقِ الذي
في الأملْ
أخاطبُهمْ كلَّهمْ
بأنْ يعذروني إذا وجدوني
تغيرتُ فيهم وصرتُ بخيلًا بشعرِ
الغزلْ
فما عُدتُ أصلحُ إلا لربّي
وما عادَ قلبي
مكانًا لغيرِ إلهِ الأزَلْ
فأوقفتُ شعري على بابِهِ
يصلّي طويلًا بمحرابِهِ
ويَحني لهُ هَامهُ في خَجَلْ
======================
القصيدة الفائزة بالمركز الثاني في مسابقة التوحيد
جائزتها خمسة عشر ألف دولار
للشاعر ـ محمد تركي حجازي ـ الأردن
قصيدةٌ تتهجدْ
تحنو على شَعرِ الحروف وتمسدُ كفٌ بطَعم النّْور تَهمسُها يَدُ
تُغفي المِدادَ على سَرير نَقـــــائِهِ طِفلاً تُراوِدُه الرؤى وَتُهدْهِدُ
تُلْقيه في يَمِّ السَّلام وَتَقتَـــــفي قَبَساً من الضَّوءِ القَديم وَتَحمَدُ
تُصغي لأنهارِ الخُـشوعِ فَليـــــــلُها يَفنى .... وَليلُ الغافـــــلاتِ مُؤَبّدُ
وَمَضَتْ تَفُكُّ عُرى الظَّلام بِذِكْرها فأَطَلّ من شقِّ العَباءةِ مَسْجِدُ
وعلى تراب الفجر تبعثُ خطوَها فيبوحُ من ماءِ الوضوء تشهُّدُ
هي هذه الكلمات تبسطُ روحَها وتذلُّ بين يديكَ وهي توحّدُ
الله ،كيف ترفُّ أوردةُ الضحى من هاءِ لفظكَ رحمةً تتجَدّدُ ؟
الله، كيف تنفس الصبحُ الجنينُ، وكيف ذابَ على خطاهُ الأسودُ ؟
الله كيف تُؤوب من غَبش النّدى تسبيحةُ الكروان وهي تُردَدُ ؟
في كل داليةٍ لغيــــــــــــــمكَ آية ٌ ولكلّ عنقودٍ تدلى مقصـدُ
ولكل غيث في مشاتل برقه يرتجُّ في كبد السماء ويرعدُ
تهتزُّ في جسد الترابِ مشاعرٌ وتهيم ُفي قُبلِ النبات الأنجْدُ
كم مُقلةٍ خفقتْ بأجفان المَدى نغفو وضوءُ سناك فيها يَسهَدُ
والشمسُ تجري والكواكبُ سابحاتٌ في الفضاء وأنت أنت المُرشِدُ
ووضعتَ سرَّ الماءِ تحت صفائه والماءُ لا يخفي الذي يتغمَّدُ
وبسرِّه أحييتَ كلَّ حُشاشة ٍ وبعثتها ببديع صنعكَ تَشهَدُ
آيات خلقك لا تغيب بِذَرَّة ٍ أتغيب آياتٌ وأنتَ الموْجِدُ ؟
كم عشت يزرعني الكلام فتستفيقُ حقولُهُ ، وأجــوعُ مما يحصدُ
وأنا ترابٌ صُغتَهُ وجبلتَهُ وبعثتَ في جنبيهِ ما يتوجَّدُ
أوَلَمْ يَئِنْ أن تطمَئِنَّ جوارحُ المعنى وفى محراب ذِكركَ تسعدُ ؟
فقطفتُ من قمرِ الكلام ذُبالةً وبدأتُ أكسو ما ترى وأُجرّدُ
هي هذه الكلماتُ تبسط روحها وتذلُّ بين يديك وهي توحّدُ ...
يمسي بها نخل الخيال وتنتشي كحدائقٍ بالغيمِ يوقظُها غَدُ
وعلى مرافيء بسمةٍ من ثغرها تُستنسَخُ الأحلام ،لا بل تُولدُ
ترمي على صخر الضياءِ ثيابَها وبنهرِ لهفتها إليك تُعَمَّدُ
خَشَعتْ وأنت بناطفات يَقينِها ربٌّ يخر له الوجود ويسجُدُ
لَزِمَتْ مُصلاها وبيتك قبلةٌ والوجدُ محرابٌ وعفوك موعدُ
والبوحُ من عبقِ الدُّعاءِ سلالمٌ والامنياتُ على السلالم تَصعَدُ
يارب لا تخذل ْرجاء قصيدةٍ جلست على باب الرضا تتهجّدُ
========================
القصيدة الفائز بالمركز الثالث في مسابقة التوحيد
جائزتها عشرة آلاف دولار
للشاعر - محمد ماجد الخطاب ـ سوريا
بُردة ُ التـّوحيد
نادى هـواكَ دمي فلبّـيتُ النـِّدا
و سرى بروحي خالداً ومُخلـَّدا
قلبي الذي يهواكَ مذ عَرَفَ الهدى
يا خالقي مازلتَ فيه الأوحدا
* * *
يا مبدع َ الأكوان ِ إنَّ بلاغتي
أوهى وأعجزُ أن تصوغ َ المَشهدا
ولقد تـُعاصيني حروفي إنـَّما
بكَ يصبحُ الحرفُ العصيُّ مُمَهَّدا
هذا الحنينُ يفيضُ بين جوانحي
أملاً.. و وحدك ما تزالُ المَـقصِـدا
إنـّي طريدُ هزائمي وغوايتي
وجنوح ِ عقلي في محيطات ِ الرّدى
سَرقـَتْ حروفي الغانياتُ ولم أجـِدْ
دربي ..وضاعتْ كلُّ أحلامي سُدى
و أضعتُ في الصحراء كلَّ قوافلي
لا ماء لي .. ونسيتُ أن أتزوّدا
ليلى التي سكنتْ قصائدَ صبوَتي
اليومَ تهجرُ قيسَها المتمرِّدا
* * *
يا قلبُ قـُمْ في الصبح ِ لُمَّ مَتاعبي
واهبط ْ على جبل الغمام لـِتـَصعدا
موجٌ من الأنغام هامَ بمسمعـِي
( الموصليُّ ) به يعانقُ ( مَعبدا )
مزّقتُ أوراقي وكلَّ دفاتري
ونسيتُ ليلاً تهتُ فيه .. مشرَّدا
لمّا عرفتُ طريقَ مَـنْ غفرانـُهُ
يَسَعُ المَدى كرَماً وما فوق المَدى
فأتيتُ بابكَ يا إلهي تائبا ً
والدمعُ يسبقـُني فكنْ لي مُنجـِدا
و ببردةِ التوحيدِ جئتـُكَ ضارعاً
لتكونَ لي مِن بَعدِ موتٍ مَولدا
من زهر ِ إيماني نسجت ُ حروفـَها
فتأوَدَتْ في خافقي وتأوّدا
وسَرَتْ قوافيها بأوردتي هـُدى
وأذبتُ فيها حرفيَ المتوجـِّدا
فامْلأ بنورك يا إلهي مهجتي
ليظلَّ حبـُّكَ في دمي مُتـَجدِّدا
* * *
يا واهبَ الشمس ِ المضيئةِ نورَها
لِتزيلَ في الصبح ِ الظلامَ الأسوَدا
آياتُ خـَلقكَ كم أَثرنَ قصائدي
وفـَتـَحْـنَ باباً للقوافي مُوصَدا
ما طارَ في الآفاق يشدو طائرٌ
إلا بأمر ِ الله غرَّدَ مُنشـِدا
قمرٌ على أهدابِ ليلٍ حالمٍ
بـكَ عانقتْ نجواهُ جفناً مُسهَدا
تَقـِفُ الجبالُ الراسياتُ .. وخلفـَها
يقفُ الزمانُ تأمَّلاً وتـَعَـبُّدا
في الماءِ أحياءُ البحارِ تـنـهـّدَتْ
والموجُ بالذِكـْر ِ الحكيم ِ تـَنـَهَّدا
و ربيعُ هذا الكون في تسبيحهِ
لا ثوبَ إلا ثوبَ خـُضرتهِ ارتدى
والزهرُ لـَقّحَهُ النـّسيمُ بـِطـلعِهِ
سبحانَ من بعثَ النسيمَ و هَدهَدا
و فراشة ٌ بين الزهور تنقـَّلـتْ
اللهُ حط َّ بها الجمالَ وأوجَدا
شجرٌ تنامُ الشّمسُ فوقَ غصونـِهِ
ويعانقُ الصبحَ المكللَ .. بالندى
وجَمالُ صوت ِ الكون يعلنُ خاشعاً
اللهُ أكبرُ .. والوجودُ تـَشـَهـّدا
أنـّى تلفتـْنا نرى لكَ آية ً
رسمَ التـّأمـّلُ وجهَهَا المتورِّدا
إني عرفتـُكَ في دموع أبي الذي
أمضى الليالي قائماً مُـتـَهجـِّدا
بحنان ِ أمّي .. في بساطتِها التي
نالتْ بها عيشاً كريماً أرغدا
إني عرفتـُكَ في تـَفتـّح ِ زهرةٍ
نطقَ العبيرُ بها ففاح موحِّـدا
في شامنا الفيحاء .. في أشجارها
في كلِّ مئذنةٍ تـُعانـِقُ مَسجدا
في المسجدِ الأمويِّ .. في محرابـِهِ
بدموع ِ من باتوا هنالكَ سُجـَّدا
في المسجد الأقصى .. بهمة ِ ثائر ٍ
وبصوت ِ حر ٍ لن يعود مقيّدا
* * *
يا ربّ .. رحمتـُكَ التي لا تنتهي
وسِعتْ جميعَ الكائناتِ و أبعدا
ربٌّ كريم ٌ لا حدودَ لجوده
ما خابَ عبدٌ مدَّ للباري يدا
لو نملة ٌ في قعر ِ جبٍّ مظلمٍ
تدعوهُ .. يأتي رزقـُها مُتعددا
ترتاحُ سنبلة ٌ على أحلامِها
والغيثُ يرويها السـَّنا متودّدا
خطفـَتـْه من حِضن الغمام ِ وحَلـَّقـَتْ
نشوى كما العصفور طارَ مُغرِّدا
تنسابُ بين دم ٍ ودمع ٍ شهقة ٌ
جذلى لـِمَنْ في الله كان استشهدا
في كلّ أمر ٍ في صفاتـِكَ مُفرَدٌ
وتظلُّ وحدكَ يا إلهي مُفرَدا
وتقولُ كنْ فيكونُ أمرُكَ نافذاً
وعظيمُ صنعكَ في الوجودِ تجَسَّدا
يا مانحَ الإحساس ِ .. بينَ أصابعي
نهراً يسافرُ في البيان .. ومَوْردا
رسمَ السنابلَ في حقول ِ قصائدي
وعلى بيادرها تـَنـَاثـَرَ عسجدا
فاقبـَلْ حروفاً بالدموع كتبتـُها
واتركْ لروحي أن تكونَ لها الصّدى
واغفرْ لقلبي إن تضاءَلَ بوحُهُ
لكَ مُنتهَى حُبّي .. ومنكَ المُبتـَدا
==================
القصيدة الفائزة بالمركز الرابع في مسابقة التوحيد
جائزتها ثلاثة آلاف دولار
للشاعر - فيصل اليعقوبي: تونس
سيمفونية اللوحات الإلهية
لمّا أ ُحِسُّ فجأة ً أنّ بقلبي لمْ يزلْ حُرُوفـَهُ يُوَشِّمُ الغَرَامْ.
(فعل أحسّ هنا مسند إلى ضمير أنا المتكلّم المفرد)
بعَبَق ِ الحنين .. والتّفّاح .. والسّلامْ ..
لمّا يطيرُ فجأة ً قلبيَ من سقيفة الضّلوع للشّمس – المدى ..
يَتْبَعُهُ الحَمَامْ ..
لمّا بقلبي فجأة ً أصابعُ الغمامْ ،
تُخاتِلُ الوَرْدَةَ بالغِناء كَيْ تنامْ ..
لمّا يَعُودُ فجأة ً قلبي إلى سقيفة الضّلوع ِ
نَزْرًا أسْوَدًا يَنِزُّ مِنْ عُنُقِهِ الكَلامْ .. ،
أقولُ يا اللّهْ ،
رُحْمَاكَ يَا اللّهْ !
لبّيك يا اللّهْ !
يا أيّها السّميعْ ،
يا أيّها البديعْ ...
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
فيَغمُرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيثُ التفتّ ُ لوحة ً ناطقة ً أراهْ !
أراهُ .. في قلبٍ صغيرٍ إنّما كبيرْ
لِرَجُل ٍ فقيرْ
إسْمُهُ عبدُ اللّهْ ،
في كوخه كيسٌ من الشّعيرْ
ليس له إلاّهْ ،
نثرَهُ في حقله الصّغيرْ
قال : بإذن اللّهْ ،
من كلّ حبّتينْ
أحصدُ حفنتينْ ،
وتاه في خياله الجميلْ ،
يُنْصِتُ للرّعود وهي تقرعُ الطّبولْ ،
ينصت للبروق وهي كلّ حين توقدُ الفتيلْ ،
ينصت للأمطار وهي - مثلما سربٌ من الخيولْ
ألجَافِلاتِ - تبدأ الهطولْ !
ينصتُ للبذرة إذ تنشقّ والنّبتة إذ تطولْ ...
وعاد من خياله الذي به قدْ تاهْ
مُبتسِمًا يقولْ :
نَعَمْ ، بإذن اللّهْ
من كلّ حبّتينْ
أحصدُ حفنتينْ !..
يقول يا اللّهْ
رحماك يا اللّهْ !
لبّيك يا اللّهْ !
يا أيّها الكريمْ ،
يا أيّها العظيمْ ...
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
فيغمرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً بديعة ً أراهْ !
أراهُ .. في زجاجة السّحر التي لم تمنح الخلودَ للفرعُونْ
قدْ ظلّ في سفينة الشّمس قرونا راحلا .. يقرأ سِفْرَ العشق والتّكْوينْ ،
.. يصرخ .. يبكي .. ضاحكا .. مُعذَّبا .. مجنونْ ..
لكنّه لمْ يَنجُ في الطّريق بين النّيل والصّحراء من أسطورة الطّاعُونْ ،
عاد إلى مدينة الأموات مثل سابقيهِ خاسرًا .. ملعُونْ ،
عاد إليها مومياءً يحتفي بحُسْنِهَا كهنة ُ الحَنُوطِ والتّكفينْ ..
ويوسفٌ .. قميصُهُ بين نيوب الذّئب والأشواك مِنْ إخوتِه : أحبابهِ الباغينْ !( يمكنُ أيضا القولُ : أحبابه العَادِينْ )
قميصُهُ بين يديْ رؤياهُ والتي يداها صدّتا أبوابَهَا بأرَج النّسرينْ ! ..
قميصُهُ بين بياض مقلتيْ يعقوبَ والعبرة من رؤيا أقضّتْ نَوْمَ أخناتونْ ،
قميصُهُ بين حِيَاطِ سجنه .. والنّيل .. والكُهّان .. والأنصاب في آمُونْ ..
قميصُهُ على مدى مِصْرَ التي تنتظر الصّباحَ .. في زقزقةِ الحسّونْ ! ..
تقولُ : يا اللّهْ !
رحماك يا اللّهْ !
لبّيك يا اللّهْ !
يا أيّها القهّارْ ،
يا أيّها الجبّارْ ..
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
فيغمرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً ساحرة ً أراهْ !
أراهُ .. في كوكبنا الصّغيرْ ،
كوكبنا الكبيرْ ،
هذا الذي بكلّ ما فيه من البلدان والبنيان والبحار والجبال والبرورْ
بكلّ ما فيه من الأسواق والآلات والدّواب والأشجار والحيتان والطّيورْ
هذا الذي بكلّ مَنْ فيه من الوَرَىِ .. يدُورُ .. دائمًا .. يدُورْ !
يدورُ كالخذروفْ ..
يدورُ مثل مغزل ٍ للصّوفْ ..
يدورُ ما بين الجليد واللّظى .. في برْزخ ٍ مَوْصُوفْ !
يدورُ دون أنْ يصابَ بدوار الرّأسْ !
أو تُهرقَ البحارُ مثل سائل من كأسْ !
أو تسقط البرورُ في الفضاء بالذي بها .. مقلوبة ً بالعَكْسْ !..
يدورُ حول النّفسْ ،
كالطّفل إذ يركض خلف ظلّه .. يدور حول الشّمسْ
كالطفل إذْ يركض حول أمّه ملاعبا فستانها الأحمر مثل الوَرْسْ ،
فستـانَـهَا المُطـرَّزَ الذُّيُــولْ !...
أراهُ .. في كوكبنا الجميـلْ ..
أراهُ .. في الأربعةِ الفصُـولْ ،
أربع ِ لوْحَاتٍ لِسِمْفُونيّةِ الحلول والرّحيلْ ،
أربع ِ لوحاتٍ لِسِمْفُونِيّة الإيناع ِ والذّبولْ ،
أربع لوْحَاتٍ لِسِمْفُونيّة الإشراق والأفولْ ،
أربعَ رقْصَاتٍ لِسِمْفُونيّة الأفول والإشراقْ ،
وهجرة اللّقلق والجامُوس والوُعُولْ
تَجْذبُهَا عَبْرَ ذرى الجبال والأنهار والسّهُولْ
ذاكرةُ البخار والأعوادِ والأوراقْ ..
تَجْذبُهَا نَوافذ ٌ لامعة ُ الزّجاج في عَرَبَةِ الآفاقْ ،
وَعَبَقُ الأمطار .. والجذوع ِ .. والرّعودِ .. والسّيولْ ..
تجذبُهَا عَبْرَ الأسى .. والشّوق .. والذّهُولْ ..
تعويذة ٌ .. تَقرَؤُهَا الجنّيّة ُ الشّقراءُ للـنّخيـلْ ..
والشّمسِ .. والضّباب .. وَالصّخور .. والوُحُولْ ،
تجذبُهَا أغنية ٌ .. تَعْزفُهَا الأمطارُ للغابات .. والحقولْ ..
تجذبُهَا ملحمة ٌ .. تُنشِدُهَا ثِـيـتـُـسُ للنّهْرِ الذي في مائِه قدْ غَطّسَتْ أَََخِِـيلْ ...
تجْذِبُهَا ألواحُ جَلجَامِشَ .. تَستقرؤها الرّياحُ للبحار.. والسّيوفُ للخيولْ ..
عَبْرَ دُجَى القرون .. جيلا مُمْسِكًا بجيلْ ..
عَبْرَ الضّنَى .. والحُلْم ِ .. والعويلْ ..
تجذبُهَا خرافة ٌ .. يُعِـيدُها الغرابُ للطّلولْ ..
تجذبُهَا طلاسمُ الرّعيان ِ .. عن أجدادِهِمْ أوْلادَهمْ توُرِثـُهَا الألواحْ ..
والرّمْلُ .. والثـُّـمَالة ُ الرّاجفة ُ السّواد بالرّموز في قرارة الأقداحْ ..
تجذبُهَا الغيُومُ والنَّبْتُ الغريبُ اليانعُ الفوّاحْ ،
تجذبُهَا حرارة ُ الأرْحام والقرُون والأروَاحْ ،
وصرْخة ُ الممات والميلاد في مملكة التّمساحْ
تقول : يا اللّهْ ،
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّهْ ،
يا أيّها الكبيرْ،
يا أيّها الشّكورْْ ، سمفونيّة اللّوحات الإلاهيّة – فيصل اليعقوبي - تونس
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً عجيبة ً أراهْ !
أراهُ .. في الحبّ .. أنا آمنتُ ، لا حبَّ سِوَى الحُبِّ الذي يَلتَحِفُ التّهْلكَهْ ! * التّهلكة هنا بمعنى التّضحية والجهاد.
حبّ لأجل وَجْهِهِ تشرّد الدَّوْريُّ .. وانتَحَرَتِ اللّيلكَهْ !
حبّ ببعض دَمِهِ خُضِّبَتِ الرّاية ُ .. حتّى تَلِدَ المَمْلكَهْ ..
سنبلة ٌ نازفة ٌ .. في حائط المَعْرَكَهْ !..
حمامة ٌ مسجونة ٌ.. في مِعْطفِ المدينة المُشركَهْ ..
أراهُ .. في الحبّ .. أنا آمنت ، لا حبَّ سوى الحبّ الذي يَلتَحِفُ الهديلْ ! ..
أراهُ .. في النّاي الذي يَجْرَحُ وَرْدَ الشّوق في خمائل الأصيلْ ! ..
أراهُ .. في الحَضْرَةِ .. في حفل الهوى .. والألم الجليلْ !
في شيْخِهَا .. في وجهه الجميلْ ..
في جسمه النّحيلْ
في شعره الأبيض والطّويلْ
كمثل شلاّل من الزّبدْ
أوْ غيمة من ناصع البَرَدْ
يَهُزُّهُ في لحَظات الرّوح والجسدْ ..
يجأر باسم اللّه والأنوار والرّسولْ ،
باسم وليّه الرّضيّ الصّالح الخليلْ ،
يقول : يا اللّهْ ،
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّه ْ ،
يا أيّها المجيدْ ،
يا أيّها الودودْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً عميقة ً أراهْ !
أراهُ .. في الأسواق .. والأعراس .. والأعيادْ ..
في عَرَبات الجَزَرِ القاني التي تجرّها خيل الصّباح ِ
بصدى مطرقة الحدّادْ ..
أراهُ .. في الأحياء .. في تَخَفـُّـر ِ البنات .. في تَهَايُج ِ الأولادْ ..
أراهُ .. في الحياة .. في تدافع النّاس .. لِكُلّ ٍ شيؤُهُ المُعْتادْ !
أراهُ .. في الظّلام ِ .. حتّى في الظّلام .. ما به الظّلامْ ؟
إنّه من آياته .. كالحقد والغيرة والزّحامْ ،
والحرب والزّلزال والإعصار والبركان والطّوفان والكسوف والحِمَامْ ،
والنّمل والجراد والدّيدان والبعوض والفئران والطّاعون والجذامْ ..
إنّه من آياته .. بدونه لا يعلم الأنامْ
ما الحقّ ؟ ما الباطل ؟ ما الحلال ؟ ما الحرامْ ؟
بدونه .. تنقصُ سَاقَان ِ مِنَ النّظامْ !
إنّه مِلحُ الأرض .. لا طعامْ
بدونه طابَ .. ولا مقامْ !...
إنّهُ من آياته .. غموضُهُ هُيَامْ ،
وخوفنا الطّريقَ في صُحْبَتِهِ كأحَدِ اللّئامْ ،
يُنجدُ مِنْ وَحْشتِهِ – حتّى لدى منْ كفرَ– الدّعاءُ بالسّلامْ ،
دعاءُ يا اللّهْ
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّه ْ ،
يا أيّها اللّطيفْ ،
يا أيّها الرّؤوفْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً بارزة ً أراهْ !
أراهُ .. في المياه والزّهورْ ..
والنّحل والأشجار والطّيورْ ..
والثّوم والنّعناع والحمّص والشّعيرْ ..
أراهُ .. في الخيول والماعز والأبقار والأغنام والحيتانْ ،
أراهُ .. في الأسُودِ والجِمَال والذّئاب والضّباع والغزلانْ ،
والعاج والياقوت والمرجانْ ،
والمسك والسّواك والرّمّانْ ..
أراهُ .. في الزّيت وفي التّفّاح والسّنابلْ ،
والنّخل والنّجوم والجداولْ ..
أراهُ .. في الرّياح والرّعودْ ،
والعشب والأحجار والزّئبق والحديدْ ..
أراهُ .. في الملح وفي الفلفل والسّفرجلْ ،
والتّوت والفستق والمشمش والقرنفلْ ..
أراهُ .. في الرّمال والكهوف والأنهارْ ،
أراه .. في الغيوم والأمطارْ ..
أراه .. في البروق والصّواعقْ ،
أراهُ .. في الأقاح والزّنابقْ ..
أراهُ .. في الشّهد وفي الزّبيبْ ،
والسّمْن والحليبْ ..
أراهُ .. في التّين وفي الزّيتونْ ،
والخوخ واللّيمونْ ..
أراهُ .. في الوردة والقارب والنّورس والمجدافْ ..
أراهُ .. في الثّلج وفي الخرّوب والصّفصافْ ..
أراهُ .. في السّيف وفي الينبوع واللّؤلؤة االمَسْحُورَةِ الأطيافْ ..
أراهُ .. في المعبد والفَرَاش والعكّاز والعرّافْ ،
أراهُ .. في الخاتم .. في المصباح .. في الصُّوَرْ ،
في الشّوق .. في الغربة .. في السّفرْ ..
أراهُ .. في القمرْ
يمشي على التّلال .. أوْ يغفو على الشّجرْ ..
كأنّه قلادة في عنق السّماءْ !
كأنّه نافذة ٌ بعيدة .. تضجّ بالضّياءْ
والرّقص .. والأقداح .. والغناءْ !
كأنّهُ أجنحة ٌ - باسمة ً - تُحرّك الهواءْ ..
يأخذها في مُنتهى البصَرْ
الضّوءُ .. والبخار .. والدُّرَرْ ..
والعشبُ .. والمحار .. والمطرْ ..
أراهُ .. في السّحَرْ ،
تكتبُ في رماله غزالة ٌ .. باغتها القدَرْ ! ..
أراهُ .. في المجهول .. في الآتي الذي ليس لهُ خبَرْ !
أراهُ .. في ما لمْ أذقْ بعدُ من الثّمَرْ ،
أراهُ .. في ما لمْ أشُمَّ بَعْدُ مِنْ زهَرْ ،
أراهُ .. في ما لمْ يقلهُ بَعْدُ لي البلبلُ من غِناءْ ،
أراهُ .. في الحُبّ الذي لمْ يكتشفه شهريارُ قطُّ في النّساءْ ،
أراهُ .. في جُزرْ
لها بساطُ السّندباد بعدُ لمْ يَطِرْ ..
أراه .. في منْ لمْ أصافح بعدُ من بشرْ ،
في الرّوس والشّركس والوندال والغجَرْ ..
والعُرْب والرّومان والأتراكْ
والفرْس والهنود والأوزباكْ ..
والحمْر والبيضانْ ..
والصّفر والسّودانْ ..
أراهُ .. في .. الإنسانْ ،
يقول : يا اللّهْ ،
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّه ْ ،
يا أيّها الغفورْ ،
يا أيّها الخبيرْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً أصيلة ً أراهْ !
أراهُ .. في الجَمالْ ،
في امرأةٍ .. اختزلتْ كلَّ رؤى الرّجالْ
في لحظات الشّوق و.. الخيالْ !
امرأة مليئة بالعشب .. والبخار .. والشّعاع .. واللّقاحْ ..
امرأة لا جزءَ في جَسَدِهَا إلاّ لَهُ صِيَاحْ ،
امرأة لا جزءَ في جَسَدِهَا إلاّ به جناحْ ،
أوْ ورْدَة ٌ نازفة ُ الجراحْ
يُؤلمُها البلبلُ بالصّداحْ !
امرأة لا رجلٌ أبصرها إلاّ اعترته نوبة ٌ قصْوَى مِنَ النّواحْ
أوْ رغبة في كيّ سبّابته بشمْعَة الفلاحْ (إشارة هنا إلى قصّة الرجل الذي اجتمع بامرأة ليلةً فبات كلّما همّ بها يضع إصبعه على لهب الشّمعة ..)
إمرأة .. أنثى .. على قارعة الصّباحْ
من جسمها تنهَمِرُ الرّماحْ !
امرأة ٌ .. بسْمَتُها .. اجتياحْ ..
مشيتها الأمطارُ .. والرّعودُ .. والرّياحْ ..
تحرّكاتُ قدّها .. تحرّكات زندها .. ويَدِهَا ..
تموّجاتُ شعرها وظهرها .. تموّجات صدرها وخصرها..
نَهْرٌ من المُوَاءِ .. والصّهيل .. والنّباحْ ..
امرأة جسدُها ممتلىءٌ بالعشق .. بالقرنفل المُبَاحْ ..
بعادة الغدوّ والرّواحْ !..
امرأة جسدُها ممتلىءٌ بكلّ ما في كائنات الأرض ِ
من شوق ٍ إلى النّكاحْ ..
والموت والحياة .. في مملكة الصّلاحْ ..
حيثُ نداءُ اللّهْ :
صَفْحَكَ يا اللّهْ
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّهْ ،
يا أيّها الجميلْ ،
يا أيّها الجليلْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً جميلة ً أراهْ ...
أراهُ .. في مَنْ عقدوا قمْصَانَهُمْ أشرعَة ً لِسُفُن ِ السّحابْ ،
وعبَرُوا الفيضَ الذي سيّجهُ حَرْفُ جناح ِ مُقلةِ العُقابْ ،
وأطلقوا مُسْتَرِقَاتِ السّمع والرّؤية في الفضاءْ ..
أراهُ .. في من نفخوا بالونة كبيرهْ
بشوكة صغيرةٍ .. صغيرهْ
أو بجناح نحلة يرفّ في حرارة الظّهيرهْ
تصيرُ أشجارا من العويل والدّماءْ
وتـُطـْـبَق ُ الأرض على السّماءْ ..
كما النّعاسُ راحتاهُ تغلقان دفّتيْ كتابْ ..
كما جدارٌ يصفق الرّيحُ عليه بابْ ...
أراهُ .. في من حفروا الأنفاق كالجرذان في الجبال والبحورْ ،
وعلّقوا الجسورْ
مثل حبال السّرك في أعمدة الأثيرْ ..
أراهُ .. في من خلطوا الأميال بالأشبار والأعوام بالشّهورْ ،
وما يعوم بالذي يسيرْ ،
وما يسيرُ بالذي يطيرْ !
أراهُ .. في من لقّحوا حتّى الخلايا .. دخلوا في جوهر الوراثهْ ..
من سحروا العروق والأوراق .. من قدْ قَلَبوا مناهج الحراثهْ ..
وَوَسَمُوا القمرْ
في ظهره بنعلهمْ .. وأنفُهُ جرّوا عليه ذيلا ،
وهو الذي شبّه قيسٌ به وجْه ليلى ...
أراهُ .. في من عرَفوا الجنين أنثى هُوَ أمْ ذكرْ ،
وزرَعُوا القلوب والأعصاب والأحداقْ ..
ومثلما تُكْوَى الثّيابُ قدْ كَوْا تجعّد الجباه والخدود والأعناقْ ..
أراهُ .. في من صبغوا الأشياءَ والأطفال والبقول والثّمارْ ،
واستنسخوا الزّهور والكلاب والبعوض والمحارْ ..
أراهُ .. في من طوّعوا كلّ الرّؤى المنيعَهْ ..
ومزجُوا الموادّ كالحروف في مكتبة الطّبيعَهْ
وجعلوا قاموسها قصائدا .. بديعة ً .. بديعَهْ ..
وما يزالون إلى تخومها يمشونْ
يجرّبون نبتة الخيال .. حتّى أدمنوها مثلما الأفيونْ ..
وما يزالون إلى تخومها يسعونْ ..
وما يزالون إلى أسوارها يَجْرُونْ !...
أراهُ .. في أحفاد بِجْمَالِيُونْ
منْ رسَمُوا ثوْرًا على قرونه الطّوالْ
يشدُّ عَيْنَ الشّمس .. والأفلاكَ .. والمَجَالْ ..
منْ حلمُوا في حَجَر ٍ أنْ ينفخوا الإحساسَ والخيالْ ،
نَسُوا النّبيءَ آدمًا .. في لحظة الكمالْ ،
مِنْ طِينِهِ .. مِنْ أحَدِ الضّلوعْ
يكابدُ الآلامَ .. والأشواقَ .. في مدائن الطّلوعْ ..
نَسُوا الجنينَ .. وَهْوَ في قرارة الرّحِمْ
يضيءُ مثل النّجم في أرجوحة الظُّلَمْ ..
يفرُك ساقيْهِ .. يَمُوجُ .. يلتوي ..
يسمعُ صوت قلبه .. يغضبُ .. يبتسمْ ..
وَأمَّـهُ الحياةَ يقتسِمْ
يقتسِمُ الشّرابَ .. والطّعامَ .. والسّرورَ .. والألمْ ..
نَسُوا .. الوحامَ .. واشتهاءَ الصّيفِ في الشّتاء .. والخريفِ في الرّبيعْ !
نسُوا الصّراخَ ساعةَ المخاضِ .. واختلاطهُ بالكُحْل والدّمُوعْ !
وصرخة ً أخيرَهْ ..
رقيقة ً .. صغيرَهْ ..
تُطيِّرُ الحَمَامَ مِنْ أصابع النّهار .. مِنْ نوافذ الغاباتِ وَالأنهار وَالجبالْ ..
مِنْ نخلةٍ .. تهزّ نَحْوَ مَرْيَم ٍ وطفلها الثّمارَ.. والدّعاءَ .. والظّلالْ ..
والزّهْرَ .. والغناءَ .. والشّمُوعْ ..
في موكب الأنوار .. و الكتابْ ..
والقدرةِ العالمةِ الحضرة َ والغيابْ ...
نَسُوا .. نَسُوا .. لكنّهمْ مَهْمَا نسُوا .. في آخر السّؤالْ
تذكّرُوا .. تذاكرُوا .. قالُوا - وكانت أحرُفُ المقالْ
مبلولة بأدمع تقطر من أجفانِ الابتهالْ - :
لا خالقٌ إلاّكَ !.. أنت الخالقُ البارىءُ ذُو الإكرام والجلالْ !
يا غافرا لِمَنْ سَهَا .. وَمَنْ نَسَى .. وَمَنْ عن السّمْتِ القويم مَالْ !
عفوَك يا اللّهْ ،
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّه ْ ،
يا حيّ .. يا أحدْ ،
يا أيّها الصّمدْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً حالمة ً أراهْ !
أراهُ .. في رؤايَ .. في قلبيَ .. في الهاجس ِ .. في الإشارةِ المُقفَلَهْ :
بَوَارقٌ ـ لواعجٌ .. لواعجٌ ـ بوارقٌ .. حدائقٌ مُثقلهْ * تنوين الممنوع في هذا السّطر طبعا لضّروة الوزن ..
بثمَر ٍ يَوْمًا فيَوْمًا لمْ تعُدْ أغصانُها تقدرُ أنْ تحْمِلَهْ !
أراهُ .. في ما لا أراهُ دائمًا :
- في نملةٍ .. تجرُّ نحوَ بيتها سُنْبُلَهْ !
- في نخلةٍ غريبةٍ نابتةٍ في صخرةٍ في هضبةٍ مُهْمَلَهْ !
- في قطرةٍ ضاع بها الزّورقُ .. والبحّارُ .. والبَوْصَلَهْ !
- في بذرةٍ سَمْرَاءَ .. مُخْضَوْضِلَهْ ..
لرُبَّمَا غَدًا تَصِيرُ الزّهرةَ / القنبلهْ !
- في شعْرةٍ بها بُرُومِثيوُسُ عن كَبِدِهِ قدْ حطّم السّلسلهْ ..
في قِمَم ِ الجبال سارَ طابعًا أقدامَهُ .. مُعَانِقا مِشْعَـلـَـهْ ،
مُدَحْرِجًا جثّة نِسْر زُوسَ في .. طحَالِب المزبلهْ ..
أراهُ .. في ما قدْ أراهُ صُدْفَة ً :
- في كلمَاتٍ بعضُها كانَ فَمََ المرْحلَهْ
وبعْضُها كَانَ دَمَ المهزلَهْ !
- في زوج طير .. ذاهِبيْن .. آيبيْن .. ينسُجَان ِ قشّة ً.. فَقَشَّة ً.. رؤياهُمَا المُقْبِلَهْ !
- في نحلةٍ .. تُزَوِّجُ الأزهارَ عَفْوًا .. وَهُنَا المُشْكِلَهْ
فهي تلمُّ عَسَلا ً .. تذيبُ فيهِ رُوحَهَا .. تقول : مَا أجْمَلَهْ
لكنّها .. هيهات .. في الأخير ِ لنْ تأكُلَهْ !!
لأنّهُ يَدًا لـَـهَا .. أمّا فمًا .. فهْوَ لـَـهْ
مَنْ وُرِّثَ الأرضَ .. ومنْ بُورِكَ .. بالأسئلَهْ !
مَنْ أُعْطِيَ الينبوعَ .. والحِصَانَ .. واللّؤلؤةَ المُذْهِلَهْ ..
أراهُ .. في مشاهدٍ ثلاثةٍ لِـبَرْكَـةٍ ، راعيةٍ سمراءَ في السّبعينَ من مَسْطُورِهَا في اللّوْحْ ،
العَطِرِ النّديّ مثل وردةٍ .. الأحمرِ النّازفِ مثل الجرْحْ :
بَرْكَة ُ وهي تقطفُ النّعناعَ والسَّوْسَنَ في ردائها الأخضر من بستان نهْر الصّبحْ ..
بَرْكَة ُ وهي منْ أمام بيتها ترنو إلى الجبال .. تسمع الخيولَ البُلقَ في بُخَارهَا تعزف لحْنَ الملحْ ..
بَرْكَة ُ إذْ تزُقّ في راحتها قمريّة ً عليلة ً حشيشة ً غريبة ً .. وعَسَلا .. وَنُتَفًا .. مِنْ قمْحْ ..
تقول : ليسَتْ هذه قمريّة ً.. وإنّما علامة صغيرة ممّا على قلبيَ كانَ قَدْ أفاءَ الفتحْ !
تقولُ يا اللّهْ ،
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّه ْ ،
يا أيّها الأعْلـَى ،
يا أيّها المَوْلـَى ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمر الصّدى
مسامع المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً نابضة ً أراهْ !
أراهُ .. في العازفِ .. في الڤيثارْ ..
أناملٌ .. كأنّها لِسَاحِر ٍ .. من باطنِ الأوتارْ
تُخرجُ ما فيهِ القلوبَ تَكْذِبُ الأبْصَارْ : * هنا القلوب مفعول به والأبصار فاعل ..
1- شرار روح الماء في رذاذ روح النّارْ !
2- صبيّة ُ المِظلّةِ الصّفراءْ
والبزّةِ البُنِّيَّة الوَرْدِيّة الخضراءْ
تعْبُرُ بالدّرّاجة الحمراءْ
الغابة َ البيضاءَ وَالزّرقاءْ ،
الغابة َ الدّاكنة الأنوارْ !..
3- محاربٌ يزحفُ بالرّشّاش .. في الأحجارْ ..
في جَسَدِ الوَرْدَة ِ .. في رائحة القهوةِ .. والصّابُونْ ..
4- سفائن ٌ .. نوارسٌ بيضاءُ .. ريحُ غربة الدُّلـْـفِينْ ..
5- تقاطرُ الهديل في الرّخام ِ .. في ظهيرة الزّيتونْ ..
6- كلّ جلال الحقّ في ابتسامةِ المجنونْ !
7- تهاطلُ الأمطارْ ...
8- الشّمسُ .. والصّهيلُ .. والأشجارْ ..
والحبّ .. والحبيبُ .. والأذكارْ :
رحماك يا اللّهْ !
لبّيك يا اللّهْ !
يا أيّها المبينْ ،
يا أيّها المتينْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
فيغمرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً رائعة ً أراهْ !
أراهُ .. في الشّاعر .. في القصيدهْ ..
في الحلمِ .. في الكلمة الجديدهْ
الحرّةِ .. العنيدهْ
تأتي مع اللّقالق الشّريدهْ
من آخرالمملكة البعيدهْ
تُوقظ ُ بالحُبِّ الرّبيعَ العاشقَ .. المجنونْ ..
بَعْـلَ الحياةِ .. الرّائيَ المَيْمُونْ ! ..
أراهُ .. في شيخ ٍ ضرير ٍ .. لمْ يزلْ على عصَا زيتونْ
يمرّ من باب .. لِـبَاب ٍ قارئا أشواقهُ .. مفتونْ ،
مُخَضَّبَ اللّحْيَةِ مِنْ دُمُوعِهِ .. بحُبِّهِ مَسْكُونْ ..
يَدْعُو بأعْلى صَوْتِهِ : يَا أيّها النّاسُـ....ـونْ !
يَا أيّها النّاسُـونْ !
يا أيّها البَاغُونْ !
يا إخوتي في الجَوْهَر ِ المَكْنُونْ !
يا إخوتي في الحبّ .. في كلمةٍ طيّبةِ العُرْجُونْ !
يا إخوتي الباقينْ ..
يا إخوتي الماشينْ ..
يا أيّها الغافونْ !
يا أيّها السّاهُونْ !
رحماك يا اللّهْ !
لبّيك يا اللّهْ !
يا أيّها الحكيمْ ،
يا أيّها العليمْ ..
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
فيغمرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً كبيرة ً أراهْ !
أراهُ .. في أدعية الغريبْ :
رَبّ ِ إليك أشتكي الهوان بين النّاس .. ضعف قوّتي وحيلتي .. تأخّرَ الحبيبْ ..
لمنْ تُرَى تَكِـلـُـنِي ؟!
إلى بعيدٍ يَتَجَهْـ .. هَـ .. هَـمُـنِـي ؟
أمْ لقريب ليس بالقريبْ ؟!
إنْ لمْ يكنْ منك عليَّ غضبٌ .. فكِـلـْـمَـة ً تبشّرُ المظلومْ ،
وَتُسْعِدُ الحزين والمحرُومْ !
الطّيّبَ .. المُفْتَقِرَ .. المُلتاعْ ..
الواجفَ الخُطَى مِنَ الأوجاعْ ..
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّهْ ،
يا أيّها الوهّابْ ،
يا أيّها التّوّابْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمر الصّدى
مسامِعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً باهرة ً أراهْ ...
أراهُ في قريتنا .. هناكَ .. في تلـّـتِهَا الكَأدَاءْ
أضرحَة ٌ .. ساذجة ٌٌ .. بيضاء ْ ،
تلوحُ مثل البيْض في عشٍّ .. قديمًا .. أ ُلـْهـِـمَتْ مَوْقِعَهُ العنقاءْ !
عشّ من الحشائش الخضراء .. والصّفراءْ ..
وربّما الزّرقاء .. والحمراءْ ..
أضرحة ٌ.. شواهدٌ صديئة ُ الأرقام والأسماءْ :
هذا أخي .. هذه أمّي .. بَرْْكَة ُ الرّاعية السّمراءْ !
هذا أنا غدا .. إذا الرّيحُ على الغاباتِ لمْ تذرّ باقي جسدي المحروقْ ..
أوْ مَجَّنِي مِنْ بَطْنِهِ الحُوتُ على حَاشِيَةِ الأمواج فِي نِهَايَةِ التّشويقْ ! ..
هذي فتاة ٌ .. لمْ تكنْ كغيرها .. كانتْ فتاة ً .. إنّما فتاة ْ !
هذا فتى.. حَبَّ فعفّ .. ثمّ في زورق بعض الشّهداء عَبَرَ .. الفلاة ْ..( قال عليه السّلام: من أحبّ فعَفّ ثمّ مات مات شهيدا)
هذا أبي .. كان لهُ أَمَارَةَ القِبْلةِ غُصْنٌ نافرٌ في الأفْق كالقناة ْ * كلمة أمارة هنا بفتح الهمزة معناها علامة ..
كمْ مرّةٍ رأيتهُ في ضفّة النّهر يقيمُ وَحْدَهُ الصّلاةْ ،
كمْ مرّةٍ سَمِعْتُهُ يُجْهِشُ : يا اللّهْ
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّهْ ،
يا أيّها الواسعْ ،
يا أيّها الجامعْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمر الصّدى
مسامع المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً جديدة ً أراهْ ...
أراهُ في الحريّة الحمراء وَهْيَ - بِيَدٍ تنزُّ مِنْ عُرُوقِهَا الرّعُودْ - ،
تدقّ باب العالم السّفليّ .. حيث يرقدُ الرّبيعُ في أرْجُوحَةِ القيُودْ ..
إلى الميادين ِ .. إلى السّاحات ِ والشّوارع ِ .. الحُشُودْ
جاءت بها بَجَعَة ُ الشّمس لِعِيدٍ .. مثل ألفِ عِيدْ ..
الشّهداء حول عيْن الموت كانوا بعضُهمْ لبعضِهمْ حَسُودْ !
كانوا .. الشّهيدُ ، باسِمًا لِمَوْتِهِ ، بِمِنْكَبٍ يُسَابقُ الشّهيدْ !
يصرخُ فيه : أنَـا أوْلـَى بالهَـلاكِ البَطـَـل ِ المَجيـدْ !
كانوا هناك .. ربّما لا يسمعون دمْعَ أمّهاتهمْ .. بَل ِ انهيارَ حائطٍ مِنْ زَمَن ٍ يَمِيدْ ،
كانوا هناك .. ربّما لا يفهمون حبَّ أمّهاتهمْ .. بلْ كلَّ حزن النّرْجس .. الوحيدْ ،
كانوا هناك .. ربّما لا يشعرون بالرّصاصِ .. إنّما بامرأة البحار في نهايةِ الحُدُودْ ..
وشهقةِ الغصن الذي يطلعُ من أعماق غصن آخر ٍ .. يَبيدْ ..
وموكب الخيول وهي بالصّهيل ترفعُ النّشيدْ !
كانوا هناك .. ربّما لا يشعرون بالرّصاصِ .. بلْ بطيف طائر الخلودْ
يجيء من مملكة البعيدْ
مُصَوّبًا جناحَهُ في كبد الحديدْ ..
كانوا هناك .. ربّما لا يبصرون شجرَ الرّصيف وهو يقرأ البريدْ
بلْ كلَّ حيٍّ .. كلّ ميْتٍ مرّة ً ثانية ً وليدْ ،
يصرخ في الجُدْران ِ باسم الياسمين ِ : لِتَكُنْ إلياذة ُ العبيدْ !
يصرخ في الظّلام بِاسْم ِ النّور: إرْحَلْ .. وَلتكنْ أوديسة ُ القرنفل الشّريدْ !
يصرُخُ في الأنهار باسم الماء : يَحْـفِـرْ كلُّ نهْرٍ لهُ مَجْرًى آخرًا .. جديدْ .. * يحفرْ هنا مجزوم بالأمر على معنى الطّلب.
يصرُخُ في الأنهار باسم الأمّهاتِ : أرْجعي المُهُودْ ،
في كلّ مَهْدٍ لا رضيعٌ .. بلْ نَهَارٌ لابسٌ تاجًا مِنَ الوُرُودْ
تِلكَ أمَانَاتٌ .. وقدْ أزفَتِ السّاعة ُ كيْ لأهلها تَعُودْ !
يصرُخُ في القضاةِ .. في الشّهودْ ..
في .. خمسةٍ من أجمل الجنودْ :
لِتَسْحَبُوا المخنّثَ الدّجّالَ والعاهرةَ الهلوكَ والمغنّيَ البليدْ ..
كيْ يُرْجَمُوا في ساحة الجليدْ !..
يصرخ : فلتُعَدْ إذنْ كتابة العهودْ ..
يصرخ : تحيا تونسٌ .. يصرخ تحيا مصرُ .. مصرُ الحرّة الولودْ ..
يصرخ : تحيا ليبيا .. يصرخ تحيا سوريا .. يصرخ يحْيا اليَمَنُ السّعيدْ ..
يصرخ : إنّ القدرَ استجاب يا شعبُ فخذْ من الحياة كلَّ ما تريدْ ..
يصرخ : إنّ القدرَ استجاب يا شعبُ فخذْ من الحياة كلَّ ما تريدْ ..
يصرخ : يا اللّهْ ،
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّهْ ،
يا أيّها الشّهيدْ ،
يا أيّها الرّشيدْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمر الصّدى
مسامع المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً معجزة ً أراهْ ...
أراهُ .. في الصّبر الذي أبْرَأ َ جُرْحًا كان قد دوّدَ في أيّوبْ
أراهُ .. في النّار التي سال على ابْرَاهيمَ بَرْدًا وَسَلامًا جَمْرُُهَا المشبُوبْ ،
أراهُ .. في سكّينِهِ .. لِذبْح ِ إسماعيلَ قَدْ شَحَذَهَا المكتوبْ
بحَجَر الرّؤيا .. وَلمْعٌ خافتٌ أوصَلهَا لِلعُنقِ الصّابر بالمقلوبْ !
أراهُ .. في الكليم ِ .. في المرفوع .. ذي العصابة الشّائكة .. المصلوبْ !
أراهُ .. في نسائم من طيبْ
تُرْسِلهَا مِصْرُ إلى كنعانَ .. إبْنِي يُوسُفـًا ! يَجْأرُ - إذْ يَشُمُّهَا - يَعْقـُوبْ ..
إبْنِي .. وَلِيِّي .. قمَري المَحْجُوبْ !..
إبْنِي .. حبيبي .. ظبْييَ المَخْضُوبْ !..
يا راحة ً آخذة ً براحتي .. تَلمَحُ عُمْري راجفًا في الكُوبْ !..
يا نسغ زهر اللّوز .. يا بياض ثلج غابةِ الخرّوبْ !..
يا رُوحَ رُوح ِ الرُّوح ِ .. يا مَلاكيَ المَوْهُوبْ !..
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّهْ ،
يا أيّها المصوّرْ ،
يا أيّها المؤخّرْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمر الصّدى
مسامع المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً سامية ً أراهْ ...
أراهُ .. في الرّسول .. في سيرته .. الرّائعةِ .. العظيمَهْ ..
مِنْ بين كلّ مَنْ على الأرض مِنَ الرّجال ، ذاتُ القدرة العليمَهْ
قالت : محمّدُ بن عبد اللّهِ .. أو لا أحدٌ .. لهذه الأمانة الأليمَهْ !
وقبلُ كانتْ تعلمُ القدرة ُ مَنْ يصلحُ للرّؤيا ومن يصلحُ للغنيمَهْ !
وقبلُ كانتْ تعلمُ القدرة ُ مَنْ يصلحُ للحقّ ومن يصلحُ للجريمَهْ !
فعندما كان أبو جهل يعدّ الزّقّ والقينة َ للوليمَهْ ..
أو يأكل الرّبّ الذي يعبدهُ وهو الذي صنعه بيده الدّميمهْ ،
أوْ تنفضُ الموؤودةُ التّرابَ عن لِحْيَتِهِ اللّئيمَهْ ،
محمّدٌ كانَ .. يلمّ في عباءة الأخوّةِ .. المُدَى السَّـمِيمَهْ !
محمّدٌ كانَ .. عناقا صادقا .. وقـُـبَلا .. يُحَوّلُ االخُصُومَهْ !
محمّدٌ كانَ .. جهادًا تاجهُ شهادة ٌ.. يحوّلُ الفتوّةَ الدّعيّة َ الزّنيمَهْ !
محمّدٌ كانَ .. اتنصارًا رائعًا .. يُحوّلُ الهزيمَهْ !
محمّدٌ كانَ .. يُعِيدُ حلوة ً .. حسنة ً .. طيّبة ً .. كلمة ً ذميمَهْ
محمّدٌ كانَ .. يضيءُ الكهفَ .. يُصْحِي أهلهُُ .. يَمْحُو بكُمِّ ثوبه رَقيمَهْ !
محمّدٌ كان .. يُعِدّ الماءَ .. واللّقاحَ .. للشّجرة العقيمَهْ !
محمّدٌ كانَ .. يُعِدّ الحبّ .. والإيمانَ .. والعزيمَهْ ! ..
ويرسمُ الجوادَ .. والرّاية .. والرّكاب .. والشّكيمَهْ !..
محمّدٌ كانَ .. يشيدُ أمّة ً .. للنّاس خيرَ أمّةٍ .. بالفكرةِ الرّائيةِ القويمَهْ ..
محمّدٌ لا تاجرًا .. لا ملكًا كانَ .. ولكنْ راعيًا .. قد علّمته القدرة ُ الحكيمَهْ !
من بَسْمَةِ السّراب .. من تشبّه الكثبان بالجـِمَال ِ .. كانتْ
علّمتهُ يفهمُ الطّائرَ .. والنّبتة َ .. والعلامة َ القديمَهْ ..
من سِعَةِ السّماء والبرور والوديان .. من تهاطل الأمطار ِ ..
كانتْ علّمته يبسط المحبّة َ الرّحيمَهْ :
لا تقتلوا شيخا .. ولا إمرأة ً .. لا تقلعُوا شجرة ً .. لا تقتلوا بهيمَـهْ ..
عليك يا محمّدُ الصّلاةُ والسّلامُ .. ما أجملها من كلماتٍ ..
إنّها في عنق الإسلام كالتّميمَهْ !
عليك يا محمّدُ الصّلاةُ والسّلامُ .. يا محمّدُ السّماح والطّيبة والأرومَهْ !
عليك يا محمّدُ الصّلاةُ والسّلامُ .. يا حبيبنا الأحبّ .. يا سيّدنا ..
يا صاحبَ الشّفاعة الحليمَهْ
بخيرها يهاجر الأغرابُ في سفائن الأشواق صَوْبَ القدرة العليّة السّنِيَّة الكريمَهْ ،
يَرَوْنَ في الجنان - عَبْرَ لهَبِ الجَحِيم ِ - عِـيـنًـا .. حُـورْ ..
يَرَوْنَ ماءً باردا .. وعسلا .. ولبنا مُبَارَكًا .. مَبْرُورْ ..
يَرَوْنَ ولدانا يطوفون بأقداح لُجَيْنٍ ملئتْ بخمرةٍ .. من نورْ !
يَرَوْنَ تينا .. وعناقيدَ .. وأطيارا .. وَوَرْدًا أبيضًا .. مَسْحُورْ !
فتَضمُرُ الأعناقْ ،
وَتكبُرُ الأحداقْ ..
يَدْعُونَ : باسْم ِ أحمدٍ محمّدٍ ، يا ساعة ً قدْ أزفتْ لا تقبلُ التّأخيرْ ..
يا حَضْرَةَ الأنوار .. يا مَمْلكَةَ المقدورْ ..
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّهْ ،
يا أيّها الواحدْ ،
يا أيّها الماجدْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمر الصّدى
مسامع المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً في .. لوحة ٍ أراهْ ...
أرَاهُ .. في المصباح .. والمنسج .. والنّسّاجْ ،
أرَاهُ .. في سيف أبي ذَرٍّ .. وفي مِسْرَجَةِ الحَلاَّجْ !
أرَاهُ .. في الهواء .. والضّياء .. والأمواجْ ،
أرَاهُ .. في الكَعْبَةِ .. في تزاحم الحُجّاجْ ،
أصْوَاتُهُمْ تنطقها قلوبُهُمْ .. تميدُ مِنْ أصدائها الأبراجْ :
لبّيك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّهْ ،
رحماك يا اللّهْ ،
يا أيّها القويّ ْ ،
يا أيّها الوليّ ْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمر الصّدى
مسامع المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً أوْ .. لوحة ً أراهْ ...
أراهُ .. في القرآنْ ،
أفتحُهُ .. يَمُوجُ من أوراقه بَحْرَانْ .. !
أدِيرُهَا .. تكادُ منها تورق الكفّانْ !
أدِيرُهَا .. يفوحُ منْ حفيفها في وجهيَ الإيمانْ !
أراهُ .. في سُوَرهِ الطّوال والقصار .. في ترجيعها الجميلْ ،
في سورة " الشّمس " وفي ترتيلها بصوت عبد الباسط .. الطّويلْ ،
اللّهَ .. ما أوسمَها !
اللّهَ .. ما أكرمَها !
أحسّها من قبل أنْ أفهَمَهَا ،
وإنّهُ من قبل أنْ يفهَمَهَا يُحِسُّهَا الأمّيّ ْ ،
يحسّها الأعاجمُ : الغربيُّ والهنديّ والسّنديّ والصّينيّ ْ ،
يحسّها الكفّارْ ،
تحسّها الأحجارْ ،
يحسّها الحديدُ .. والخشبْ ،
تحسّها الأقواسُ .. والنُّصُبْ ،
يحسّها التّفّاحُ .. والعنبْ ..
يحسّها الأصمُّ .. والصّمّاءْ ،
تحسّها البهائمُ البكماءْ ...
يحسّها الرُّضَّعُ في المُهُودْ
يحسّها الأمواتُ في أسَافِل ِ اللّحُودْ
تحسّها الأشياءْ ،
تحسّها الشّجرةُ الخضراءْ ..
اللّهَ .. ما أجملها !
أحسّها من قبل أنْ أعقلها !
تحسّها القفارُ .. والرّمالْ
تحسّها الأمواجُ .. والنّجومُ .. والجبالْ ..
تحسّها الوردة ُ .. والحديقهْ ،
تحسّها السّنبلة ُ الوريقهْ ،
يحسّها العصفورْ ،
يحسّها قطرُ النّدى والنّورْ ،
والأيّلُ .. المسحورْ ..
أراهُ .. في الوُضُوءْ ،
في كلّ غصن ٍ من دمي بَـلـَـلـُـهُ يُضيءْ ،
أراهُ .. في الأذانْ ،
يريحُنا بها بِلاَل خمسة ً .. مِنْ وسَط الحُطام والدّخانْ
تخرجُنِي " حيّ على الصّلاة .. " مثل طائر الحنانْ !
تريحُنِي مِنْ غضبي .. مِنْ طمعي .. مِنْ زلّةِ اللّسانْ
تريحُنِي .. ما في اليديْن ِ تنفضُ اليَدَانْ ..
تريحُنِي .. تَمْلؤُنِي بالحبّ والعفاف والأمانْ ..
أراهُ .. في الصّلاة ِ .. في تَشرّدِ الدّموعْ
عَلى شِفَاهِ وَرْدَةِ الخُشُوعْ !..
أراهُ .. في الصّيامْ ،
في نسَمَاتِ الشّوْقِ والهُيَامْ ،
في النّشْوَتَيْن ِ : نشوةِ الإمساكِ ثمّ نشوةِ الطّعامْ ،
يكاد من كأسهما الحلال لا الحرامْ ،
على فمي تَـرَنّـُـحًـا لا يقف الكلامْ :
رحماك يا اللّهْ ،
لبّيك يا اللّهْ ،
يا برُّ .. يا مقيتْ ،
يا حقّ .. يا مميتْ ،
يا أيّها الدّيّانْ ،
يا أيّها المنّانْ ،
يا أيّها الحنّانْ ،
يا نورُ .. يا رَقيقْ ،
يا عدْلُ .. يا رَفيقْ ،
يا أيّها الحسيبْ ،
يا أيّها المجيبْ ،
اللّهُ .. يا اللّهْ ..
فيغمُرُ الصّدى
مسامعَ المدى
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. يا اللّهْ ...
اللّهُ .. لا إلٰٰٰـهْ
مثلهُ .. أوْ سواهْ ،
لست أراهُ .. إنّما سناهْ
حيث التفتّ لوحة ً ما مثلها أراهْ ...
حيث التفتّ لوحة ً ما مثلها أراهْ ...
حيث التفتّ لوحة ً ما مثلها أراهْ ...
======================
القصيدة الفائزة بالمركز الخامس في مسابقة التوحيد
جائزتها ألفا دولار
للشاعرـ محمد جربوعة ـ الجزائر
لقطاتٌ تقول : يا الله...
قد تنادَوْا ...
أسعِفيني بدواةٍ ..
وببعض الماء في هذا الإناءْ
ثمّ صُبي لي وضوئي
أنا لن أكتبَ بيتا وثنيّا ..
أو قصيدا غزليا فيكِ ..
أو شِعرَ هجاءْ
إنني الآنَ على باب تعالى ..
مُطرِقَ الرأسِ ..
وفي يمنايَ أخطائي جميعا
واعترافاتي جميعا
وانكسارات الحياءْ
اِهتدي بالله يا هذي.. دعيني
أو فبيني
مثلما بانت سعادٌ..
عند كعبِ بن زهيرٍ
إنّ للبردة طقسا من شروطِ الارتداءْ
ضاع ما ضاع من العمرِ
على كل خطوط الطول والعرضِ
وها ..أدركُ نفسي
مثل طفل غجريٍّ
ضائعٍ في الريحِ يجري
فوق خط الاستواءْ
طارت السكرةُ..
والفكرةُ جاءتْ
والتقى المدّ بجزْرينِ
وفسّرتُ كتاب الماءِ بالماءِ
وهمزين بلامين وهاءْ
إنّ لفظ ّ (الله) أحلى
بينما التأنيثُ شيءٌ
مِن ضرورات النساءْ
عاش قلبي مثل (بيزا) البرجِ
ميّالا لعينيكِ
ومسنودا إلى حائطِ (لا شيءَ)..
.. هواءْ
ولقلبي مثل (بيزا)
نحو عينيك انحناءْ
إنما الركعةُ أيضا من معاني الاِنحناءْ
فدعيني أُبعِدُ الشكّ عن النفسِ
فبعض الشِّرْك يأتي
كدبيب النملِ سِرًّا
ينخرُ الجذعَ ابتداءً
وانتهاءً للِّحَاءْ
قد عبَرْتٌ الأربعين الآنَ..
مِن دون (النسائيِّ)
ومن دون (صحيحٍ للبخاريِّ)
ومن دون الطواسينِ
وركْعاتِ قيامٍ
في محاريب الرجاءْ
أفما آن قليلا
أن يكون الشِّعر للهِ
ولله شؤونٌ في قصيدٍ
يقصد البابَ على عينيه كفّاهُ حياءً
أشعثَ الشَّعرِ..
حزينا
حافيا دون حذاءْ ؟
امسحي لي (آلةَ التصويرِ)
في التاريخ والجغرافيا اللقطاتُ...
شيءٌ ...
خارقٌ جدًّا..
ويُغري بسجود الشكرِ..
مِن دون رياءْ
إنني أرمي
إلى تصوير ما بين سطور الكونِ
في شكل جديدٍ
يُنطق الصخرَ بـ:
" يا سبحان ربّ الشعراءْ "..
قدرةُ الله على أبسطِ شيءِ
وعلى أصغر شيءٍ
مَثَلا نظرةِ عينٍ بكلامٍ
لغةِ العينينِ
عند الالتقاءْ
صوّريهمْ
شاهَدوا الكوكب مِن أعلى
رأوا في الصين سُورا بشريًّا
كان كلُّ الكون للهِ..
وكان السور كالنقطة في ذاك الفضاءْ
نقطةٌ تُخفي كتابًا؟
هل يجوز الأمر عند العقلاءْ ؟
ولعثمان بنِ عفّانَ ،اصطبارًا
كبِدٌ ظمآى..
وقد قال:" أنا الصائمٌ..
ما أرجو سوى شربةِ ماءٍ
ثم يقضي الله فينا ما يشاءْ "
يحفر البئرَ ولا يشرب منها..؟
وعلى المصحف كانتْ قطرةُ الأحمر تتلو:
" فسيكفيكَهُمُ اللهُ ..."
انتصارا لحَيِيِّّ الخلفاءْ
قلت يا سبحان ربّي..
لقطةٌ تُبهِرُ مِن كل الزوايا
والجهاتُ الستُّ فيها
-إن تأمّلتِ- سواءْ
إنه اللهُ ..
وسبحان الذي أدهشَ عيني
لعثمَ الشِّعرَ بصدري
بعيونٍ لمريضٍ
ضاع في (ياء النداءْ)
يرفع الكفين للهِ
ويدعو ..:
" يا إلهي..
بعضَ خبزٍ..
واصطبارٍ مِثل (أيوبَ)..
وحبّاتِ دواءْ "..
يُرسلُ اللهُ الشفاءْ ؟
صورةٌ أخرى خٌذيها
مِن قريبٍ أو بعيدٍ :
مَن إذا انشقَّ بجسمي الطينُ
أعطاني ترابا
قمتُ رمَّمتُ شروخي بيميني
مثل كل الفقراءْ ؟
أخبريني
مَن إذا القنديلُ في الشارعِ
أنهى الزيتَ..
والحارسُ قد نام قليلا
يرسلُ البدرَ ليأتينا بحفْناتِ ضياءْ ؟
مَن إذا جاء الشتاءْ
قال:" يا تشرينُ خذْ قبضةَ حرثٍ
وتوكّلْ..
فأخوك الآن جاءْ " ؟
صورة أخرى خُذيها
واحذري أن تُخطئيها:
حينَ يأتي الدمعُ ليلا
لعيون السجناءْ
مَن يراها ؟
مَنْ يرى العصفور في الفخِّ
إذا حُمّ القضاءْ ؟
أخبريني
مَنْ يرى
لمعةَ دمع الحزنِ
في عين قتيلٍ
نصفُه الحيٌّ
بما فيه تَبَقّى
يسحب النصفَ إلى أمٍّ
ستبكي ..
ويداها في الدماءْ
أخبريني ..
مَنْ يرى الكفَّ
وموجُ البحر قتّالٌ
وفي العينين رغْواتُ غريقٍ
برئاتٍ دون قطميرِِ هواءْ ؟
من يرى الكفّ فيَهديها
إلى جذعٍ عجوزٍ..
تائهٍ في (قفر ماءْ) ؟
من يرى الدمعَ
بمنديل وداعٍ
هزّهُ شيخ كبيرٌ.. مقدسيٌّ
أطلقَ العينينِ لله يماماتٍ
وقد ضاقت خريطاتُ بلاد اللهِ
مِن دون لقاءْ ؟
أخبريني
مَن له الريحُ
له الرعدُ
له الوردُ
له الشفعُ له الوترُ له الفجرُ له النحرُ
له النهر له البحرُ
له القيصوم والشيحُ وسرّ الكسْتَنَاءْ ؟
من لهُ إيماضةُ البرقِ
إذا هَزَّتْ جنوبَ الأرضِ
بعد القحطِ
فاهتزَّ لها الفلّاحُ يهذي:
(( مَـ...
طَـ...
..ــرٌ
ميمٌ..وطاءٌ..ثم راءْ )) ؟
مَن هدى الكفّينِ في الشامِ
لتبني (درمشوقَ الروحِ)([1])
في بابلَ تبني برجَها المجنونَ
في القدس لرفعِ المسجد الأقصى
وفي روما لإحراقِ البناءْ ؟
مَن هدى الكفينِ في مكةَ للكعبةِ
مِن بين قرى الأرضِ
ومَن ذوّبَ في (أمّ القرى) كل فؤادٍ
في صدورِ الأتقياءْ ؟
مَن هدى اللمْساتِ في الأيدي إذا حَجَّتْ
لِما في حجْمِ وجهِ المرءِ صخْرا
لونُهُ المسكيُّ يَسبي
يدهش الحُجّاجَ ..
مَكسُوًّا ضياءْ ؟
من له الآبارُ
والماءُ يسلّي الحبلَ والدِّلاءَ
إذ يروي حديثا
عن نبيٍّ ..
كان من يعقوب عينيهِ
ومِن عينيهِ نظراتِ وفاءْ ؟
مَن يرى النملَة في (نجدٍ)
ويَهديها لحبات شعيرٍ
تجتبيها في عناء وانتشاءْ ؟
يعرف البيدرُ طبعا
أنّ ربَّ النملِ يَهديها
فيُهديها من القمحِ
ومِن كل حصاد الحقلِ
فرضا لا قضاءْ
مَن هدى العصفورَ في الغابِ
- ولم يقرأ كتابًا-
لطعامٍ فوق ظَهر الوحشِ
مِن خَبْءِ الفراءْ ؟
مَن أسالَ الزهرَ في ((قارورة العطرِ))
فقالتْ:
لمُصَلٍّ ذاهبٍ للعصرِ:
" يا هذا تعطّرْ مِن شفاهي
ثم يعني..
رُدّ من فضلك فوقي
قبل أن تمضي- الغطاءْ " ؟
مَنْ ..؟
أجيبي..
- يدَكِ اليمنى على الزرِّ.. خُذيها-
يَزرعُ العينين حُلمًا
ونُعاسًا
كلما جاء المساءْ ؟
مَن يُوَشّي لوحةَ الصحراءِ
بالنخلِ
وبالفضة في أيدي الصبايا
وبيوت الشَّعرِ
والرملِ
وقطعانِ الظباءْ ؟
صورة أخرى وننهي:
مَن يرى بغدادَ والقدسَ
وقبضاتِ مفاتيح الأهالي
في جيوب الغرباءْ ؟
وإذا جرّتْ ذيولَ الخزّ تجري
ثم قَدّت مِن قميص الطُّهر شيئًا
مَن يراها غير ربّي ؟
مَن يرى قلب (زُليخا)
وحفيدِ الأنبياءْ ؟
مَن يرى الحنّاءَ قد ضجّت بأيديهنَّ
والتفاحَ يبكي
حزّةَ السكينِ
في ذاك المساءْ ؟
مِن إذا شاء أعادَ النبضَ
والحبَّ
لقلب المومياءْ ؟
منْ إذا ...(...)؟
لا ربَّ غير اللهِ
لا معبودَ
لا مقصودَ بالكفّينِ
في وقت الدعاءْ
ثمّ لا قِبلةَ وجهُ المرءِ فيها
نحو وجه اللهِ
غير البيت في (بكةَ)
للناس سواءْ
ثمّ لا محرابَ في الأرضِ
سوى محرابِ عبدٍ
مؤمنِ بالله.. حرٍّ
وله عقدته في حاجبيْ أحلى اعتزازٍ
وإباءْ
زخرَفَ القرآنُ في عينيه عينيهِ
فهزّ الأصبعَ السبابةَ اليمنى مشيرا
هكذا..
نحو السماءْ
----------------------------------------