منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    الصغير يذهب إلى المخيم(الكاتب الكبير غسان كنفاني مع الترجمة)

    الصغير يذهب إلى المخيم
    غسان كنفاني
    كان ذلك زمن الحرب. الحرب؟ كلا، الإشتباك ذاته.. الإلتحام المتواصل بالعدو لأنه أثناء الحرب قد تهب نسمة سلام يلتقط فيها المقاتل أنفاسه. راحة. هدنة.إجازة تقهقر. أما في الإشتباك فإنك دائماً على بعد طلقة. أنت دائماً تمرّ بأعجوبة بين طلقتين، وهذا ما كان، كما قلت لك، زمن الاشتباك المستمر.

    كنت أسكن مع سبعة أخوة كلهم ذكور شديدو المراس، وأب لا يحبّ زوجته ربما لأنها أنجبت له زمن الإشتباك ثمانية أطفال. وكانت عمتنا وزوجها وأولادها الخمسة يسكنون معنا أيضاً، وجدّنا العجوز الذي كان إذا ما عثر على خمسة قروش على الطاولة أو في جيب أحد السراويل الكثيرة المعلّقة مضى دون تردد واشترى جريدة، ولم يكن يعرف، كما تعلم، القراءة، وهكذا كان مضطراً للاعتراف دائماً بما اقترف كي يقرأ أحدنا على مسمعه الثقيلين آخر الأخبار.

    في ذلك الزمن – دعني أولاً أقول لك أنه لم يكن زمن اشتباك بالمعنى الذي يخيّل إليك، كلاّ لم تكن ثمة حرب حقيقية. لم تكن ثمة أي حرب على الإطلاق. كل ما في الأمر أننا كنا ثمانية عشر شخصاً في بيت واحد من جميع الأجيال التي يمكن أن تتوفّر في وقت واحد. لم يكن أي واحد منّا قد نجح بعد في الحصول على عمل، وكان الجوع – الذي تسمع عنه- همنا اليومي. ذلك أسميه زمن الإشتباك. أنت تعلم. لا فرق على الإطلاق.

    كنا نقاتل من أجل الأكل، ثم نتقاتل لنوزعه فيما بيننا، ثم نتقاتل بعد ذلك. ثم في أية لحظة سكون يخرج جدّي جريدته المطوية باعتناء من بين ملابسه ناظراً إلى الجميع بعينيه الصغيرتين المتحفّزتين، معنى ذلك أن خمسة قروش قد سرقت من جيب ما – إذا كان فيه هناك خمسة قروش – أو من مكان ما. وأن شجاراً سيقع. ويظل جدّى متمسّكاً بالجريدة وهو يتصدّى للأصوات بسكون الشيخ الذي عاش وقتاً كافياً للإستماع إلى كل هذا الضجيج والشّجار دون أن يرى فيها ما يستحق الجواب أو الاهتمام.. وحين تهدأ الأصوات يميل أقرب الصبيان إليه (ذلك أنه لم يكن يثق بالبنات) ويدفع له الصحيفة وهو يمسك طرفها، كي لا تخطف.

    وكنت مع عصام في العاشرة – كان أضخم مني قليلاً كما هو الآن.. وكان يعتبر نفسه زعيم إخوته أبناء عمتي – كما كنت أعتبر نفسي زعيم إخوتي.. وبعد محاولات عديدة استطاع والدي وزوج عمّتي أن يجدا لنا مهنة يومية: نحمل السلة الكبيرة معاً ونسير حوالي ساعة وربع، حتى نصل إلى سوق الخضار بعد العصر بقليل. في ذلك الوقت أنت لا تعرف كيف يكون سوق الخضار: تكون الدكاكين قد بدأت بإغلاق أبوابها وآخر الشاحنات التي كيف يكون سوق الخضار: تكون الدكاكين قد بدأت بإغلاق أبوابها وآخر الشاحنات التي تعبر بما تبقّى، تستعد لمغادرة ذلك الشارع المزحوم. وكانت مهمتنا – عصام وأنا – هيّنة وصعبة في آن واحد. فقد كان يتعيّن علينا أن نجد ما نعبئ به سلتنا: أمام الدكاكين. وراء السيارات.
    وفوق المفارش أيضاً إذا كان المعنيّ في قيلولة أو داخل حانوته.

    أقول لك أنه كان زمن الإشتباك: أنت لا تعرف كيف يمرّ المقاتل بين طلقتين طوال نهاره. كان عصام يندفع كالسهم ليخطف رأس ملفوف ممزّق أو حزمة بصل، وربما تفاحة من بين عجلات الشاحنة وهي تتأهّب للتحرّك. وكنت أنا بدوري أتصدّى للشياطين – أي بقية الأطفال – إذا ما حاولوا تناول برتقالة شاهدتها في الوحل قبلهم. وكنا نعمل طوال العصر: نتشاجر عصام وأنا من جهة، مع بقية الأطفال أو أصحاب الدكاكين أو السائقين أو رجال الشرطة أحياناً، ثم أتشاجر مع عصام فيما تبقّى من الوقت.

    كان ذلك زمن الإشتباك. أقول هذا لأنك لا تعرف: إن العالم وقتئذ يقل على رأسه، لا أحد يطالبه بالفضيلة.ز سيبدو مضحكاً من يفعل.. أن تعيش كيفما كان وبأية وسيلة هو انتصار مرموق للفضيلة. حسناً. حين يموت المرء تموت الفضيلة أيضاً. أليس كذلك؟ إذن دعنا نتفق بأنه في زمن الاشتباك يكون من مهمتك أن تحقق الفضيلة الأولى، أي أن تحتفظ بنفسك حيّاً. وفيما عدا ذلك يأتي ثانياً. ولأنك في اشتباك مستمر فإنه لا يوجد ثانياً: أنت دائماً لا تنتهي من أولاً.

    وكان يتعيّن علينا أن نحمل السلّة معاً حين تمتلئ ونمضي عائدين إلى البيت: ذلك كان طعامنا جميعاً لليوم التالي.. بالطبع كنا أنا وعصام متفقين على أن نأكل أجود ما في السلّة على الطريق. ذلك اتفاق لم نناقشه أبداً، لم نعلن عنه أبداً. ولكنه كان يحدث وحده. ذلك أننا كنا معاً في زمن الاشتباك.

    وكان الشتاء شديد القسوة ذلك العام الملعون، وكنّا نحمل سلّة ثقيلة حقاً، (هذا شيء لا أنساه، كأنك وقعت أثناء المعركة في خندق فإذا به يحوي سريراً) وكنت آكل تفاحة، فقد كنّا خرجنا من بوابة السوق وسرنا في الشارع الرئيسي. قطعنا ما يقرب من مسير عشر دقائق بين الناس والسيارات والحافلات وواجهات الدكاكين دون أن نتبادل كلمة (لأن السلة كانت ثقيلة حقاً وكنا نحن الإثنين منصرفين تماماً إلى الأكل) وفجأة..
    لا. هذا شيء لا يوصف. لا يمكن وصفه: كأنك على نصل سكين من عدوك وأنت دون سلاح وإذا بك في اللحظة ذاتها تجلس في حضن أمك..

    دعني أقول لك ما حدث: كنّا نحمل السلّة كما قلت لك، وكان شرطي يقف في منتصف الطريق، وكان الشارع مبتلاً، وكنا تقريباً دون أحذية. ربما كنت أنظر إلى حذاء الشرطي الثقيل والسميك حين شهدتها فجأة هناك،كان طرفها تحت حذائه، أي كنت بعيداً حوالي ستة أمتار ولكنني عرفت، ربما من لونها أنها أكثر من ليرة واحدة.
    نحن في مثل هذه الحالات لا نفكّر. يتحدّثون عن الغريزة. طيّب. أنا لا أعرف ما إذا كان لون الأوراق المالية شيئاً له علاقة بالغريزة. له علاقة بتلك القوة الوحشية، المجرمة، القادرة على الخنق في لحظة، الموجودة في أعماق كل منا. ولكن ما أعرفه هو أن المرء في زمن الإشتباك لا ينبغي له أن يفكّر حين يرى ورقة مالية تحت حذاء الشرطي وهو يحمل سلة من الخضار الفاسد على بعد ستة أمتار. وهذا ما فعلته: ألقيت ببقايا التفاحة وتركت السلة في اللحظة ذاتها. ولا شك أن عصام تمايل فجأة تحت ثقل السلة التي تركت في يده ولكن كان قد شاهدها بعدي بلحظة واحدة. إلاّ أنني بالطبع كنت قد اندفعت تحت وطأة تلك القوة المجهولة التي تجبر وحيد القرون على هجوم أعمى، غايته آخر الأرض، ونطحت ساقي الشرطي بكتفي فتراجع مذعوراً. وكان توازني أنا الآخر قد اختلّ. ولكنني لم أقع على الأرض – وفي تلك اللحظة التي يحسب فيها الأغبياء أن لاشيء يمكن له أن يحدث – شاهدتها: كانت خمس ليرات. لم أشاهدها فحسب بل التقطتها واستكملت سقوطي. إلاّ أنني وقفت بأسرع مما سقطت وبدأت أركض بأسرع مما وقفت.

    ومضى العالم بأجمعه يركض ورائي: صفّارة الشرطي، وصوت حذائه يقرع بلاط الشارع ورائي تماماً. صراخ عصام، أجراس الحافلات. نداء الناس.. هل كانوا حقاً ورائي؟ ليس بوسعك أن تقول وليس بوسعي أيضاً. لقد عدوت متأكداً حتى صميمي أن لا أحد في كل الكواكب السيارة يستطيع أن يمسكني.. وبعقل طفل العشر سنوات سلكت طريقاً آخر.
    ربما لأنني حسبت أن عصام سيدلّ الشرطي على طريقي. لست أدري. لم ألتفت. كنت أركض ولا أذكر أنني تعبت.. كنت جندياً هرب من ميدان حرب أجبر على خوضها وليس أمامه إلاّ أن يظل يعدو والعالم وراء كعبيّ حذائه.

    ووصلت إلى البيت بعد الغروب، وحين فتح لي الباب شهدت ما كنت أشعر في أعماقي أنني سأشهده: كان السبعة عشر مخلوقاً في البيت ينتظرونني. وقد درّسوني بسرعة، ولكن بدقة، حين وقفت في حلق الباب أبادلهم النظر:كفي مطبقة على الخمس ليرات في جيبي، وقدماء ثابتتان في الأرض.
    كان عصام يقف بين أمه وأبيه، وكان غاضباً. لا شك أن شجاراً قد وقع بين العائلتين قبل مقدمي. واستنجدت بجدي الذي كان جالساً في الركن ملتحفاً بعباءته البنية النظيفة ينظر إليّ بإعجاب: رجلاً كان حكيماً. رجلاً حقيقياً يعرف كيف ينبغي له أن ينظر إلى الدنيا.
    وكان كل ما يريده من الخمس ليرات: جريدة كبيرة هذه المرة.
    وانتظرت الشجار بفارغ الصبر. كان عصام بالطبع قد كذب: قال لهم أنه هو الذي وجد الخمس ليرات وأنني أخذتها منها بالقوة. ليس ذلك فقط، بل أجبرته على حملة السلة الثقيلة وحده طوال المسافة المنهكة: ألم أقل لك أنه زمن الاشتباك؟ لم يكن أي واحد مننا مهتماً فقط بل كان متأكداً من أن أحداً لم يهتم بالحقيقة. ليس ذلك فقط بل إنه ارتضى أن يذلّ نفسه ويعلن ربما للمرة الأولى أنني ضربته وأنني أقوى منه.. ولكن ما قيمة ذلك كله أمام المسألة الحقيقية الأولى.

    كان أبوه يفكّر بشيء آخر تماماً: كان مستعداً لقبول نصف المبلغ وكان أبي يريد النصف الآخر لأنني لو نجحت في الإحتفاظ بالمبلغ كله لصار من حقي وحدي، أما إذا تخلّيت عن هذا الحق فأفقد كل شيء وسيتقاسمون المبلغ.
    ولكنهم لم يكونوا يعرفون حقاً معنى أن يكون الطفل ممسكاً بخمس ليرات في جيبه زمن الإشتباك.. وقد قلت لهم جميعاً بلهجة حملت لأول مرة في حياتي طابع التهديد بترك البيت وإلى الأبد: إن الخمس ليرات لي وحدي.
    وأنت تعرف لا شك: جنّ جنونهم، ضاع رابط الدم فوقفوا جميعاً ضدي. لقد أنذروني أولاً. ولكنني كنت مستعداً لما هو أكثر من ذلك ثم بدأوا يضربونني. وكان بوسعي بالطبع أن أدافع عن نفسي، ولكن لأنني أردت أن أحتفظ بكفي داخل جيبي مطبقة على الخمس ليرات فقد كان من العسير حقاً أن أتجنب الضربات المحكمة. وقد تفرّج جدّي على المعركة باستثناء بادئ الأمر، ثم لما بدأت المعركة تفقد طرافتها قام فوقف أمامهم، وبذلك يسر لي أن ألتصق به. اقترح تسوية. قال إن الكبار لا حق لهم بالمبلغ. ولكن من واجبي أن آخذ كل أطفال البيت ذات يوم صحو إلى حيث نصرف جميعاً مبلغ الخمس ليرات كما نشاء.
    عندها تقدّمت إلى الأمام معتزماً الرفض، إلاّ أنني في اللحظة ذاتها شهدت في عينيه ما أمسكني. لم أفهم بالضبط آنذاك ما كان في عينيه، ولكنني شعرت فقط أنه كان يكذب وأنه كان يرجوني أن أصمت.

    أنت تعرف أن طفل العشر سنوات – زمن الاشتباك – لا يستطيع أن يفهم الأمور (إذا كان ثمة حاجة لفهمها) كما يستطيع عجوز مثل جدّي. ولكن هذا هو ما حصل. كان يريد جريدته ربما كل يوم لمدة أسبوع – وكان يهمه أن يرضيني بأي ثمن.

    وهكذا اتفقنا ذلك المساء. ولكنني كنت أعرف أن مهمتي لم تنته. فعليّ أن أحمي الليرات الخمس كل لحظات الليل والنهار. ثم عليّ أن أماطل بقية الأطفال. وعليّ أيضاً أن أواجه محاولات إقناع وتغرير لن تكف عنها أمي. قالت لي ذلك المساء أن الليرات الخمس تشتري رطلين من اللحم، أو قميصاً جديداً لي، أو دواء حين تقتضي الحاجة، أو كتاباً إذا ما فكّروا بإرسالي إلى مدرسة مجانية في الصيف القادم... ولكن ما نفع الكلام؟ كأنها كانت تطلب مني وأنا أعبر بين طلقتين أن أنظف حذائي.

    ولم أكن أعرف بالضبط ماذا كنت أنوي أن أفعل. ولكنني طوال الأسبوع الذي جاء بعد ذلك نجحت في مماطلة الأطفال، بآلاف من الكذبات التي كانوا يعرفون أنها كذلك ولكنهم لم يقولوا إطلاقاً أنها أكاذيب. لم تكن الفضيلة هنا. أنت تعلم. كانت مسألة أخرى تدور حول الفضيلة الوحيدة آنذاك:الخمس ليرات.
    ولكن جدّي كان يفهم الأمور، وكان يريد جريدته ثمناً معادلاً لدوره في القصة، وحين مضى الأسبوع بدأ يتململ. لقد شعر (من المؤكد أنه شعر، ذلك لأن رجلاً عجوزاً مثله لا يمكن أن تفوته تلك الحقيقة) أنني لن أشتري له الجريدة، وأنه فقد فرصته، ولكنه لم يكن يمتلك أية وسيلة لاستردادها.
    وحين مرّت عشرة أيام أخرى اعتقد الجميع أنني صرفت الليرات الخمس، وأن يدي في جيبي تقبض على فراغ. على خديعة. ولكن جدّي كان يعرف أن الليرات الخمس ما تزال في جيبي. وفي الواقع قام ذات ليلة بمحاولة لسحبها من جيبي وأنا مستغرق في النوم، (كنت أنام بملابسي) إلاّ أنني صحوت فتراجع إلى فراشه ونام دونما كلمة.
    قلت لك. إنه زمن الاشتباك. كان جدّي حزيناً لأنه لم يحصل على جريدة، وليس لأنني نكثت بوعد لم يتفق عليه. كان يفهم زمن الاشتباك، ولذلك لم يلمني طوال السنتين اللتين عاشهما بعد ذلك على ما فعلته. وقد نسي عصام القصة أيضاً. كان في أعماقه – كطفل صعب المراس- يفهم تماماً ما حدث. واصلنا رحلاتنا اليومية إلى سوق الخضار، كنا نتشاجر أقل من أي وقت مضى ونتحادث قليلاً. يبدو أن شيئاً ما – جداراً مجهولاً ارتفع فجأة بينه – هو الذي ما زال في الاشتباك – وأنا الذي تنفّست – ليس يدري كم – هواء آخر.
    وأذكر أنني احتفظت بالخمس ليرات في جيبي طوال الخمسة أسابيع: كنت أعد خروجاً لائقاً لها في زمن الاشتباك. إلاّ أن كل شيء حين يقترب من التنفيذ كان يبدو وكأنه جسر للعودة إلى زن الاشتباك وليس للخروج منه.

    كيف تستطيع أن تفهم ذلك؟ كان بقاء الليرات الخمس معي شيئاً يفوق استعمالها. كانت تبدو في جيبي وكأنها مفتاح أمتلكه في راحتي وأستطيع في أية لحظة أن أفتح باب الخروج وأمضي. ولكن حين كنت أقترب من القفل كنت أشمّ وراء الباب زمن اشتباك آخر. أبعد مدى. كأنه عودة إلى بداية الطريق من جديد.

    وما بقي ليس مهماً: ذات يوم مضيت مع عصام إلى السوق وقد اندفعت لأخطف حزمة من السلق كانت أمام عجلات شاحنة تتحرّك ببطء. وفي اللحظة الأخيرة زلقت وسقطت تحت الشاحنة. كان حظي جيداً فلم تمر العجلات فوق ساقي، إنما توقّفت بالضبط بعد ملامستها. وعلى أية حال صحوت من إغمائي في المستشفى. وكان أول ما فعلته – ما لا شك تخمن – أن تفقّدت الخمس ليرات. إلاّ أنها لم تكن هناك.

    أعتقد أن عصام هو الذي أخذها حين حملوه معي في السيارة إلى المستشفى. ولكنه لم يقل وأنا لم أسأل. كنا نتبادل النظر فقط ونفهم. لا ، لم أكن غاضباً لأنه كان ملهياً وأنا أنزف دمي بأخذ الليرات الخمس. كنت حزيناً فقط لأنني فقدتها.

    وأنت لن تفهم. ذلك كان في زمن الاشتباك.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    السلام عليكم
    ترجمة قصة " الصغير يذهب إلى المخيم " وهي إحدى ست قصص قصيرة من مجموعة " أطفال غسان كنفاني"
    The Child Goes to the Camp
    By
    Ghassan Kanafani
    Translated by
    Hasan M. Abu Khalil
    It was war time. War? Did I say war? No, it was more than war. It was the continuous struggle with the enemy. That said, during war, a breeze of peace may blow; allowing the fighter to catch his breath. To rest, relax, to allow him a brief respite. But during the hostilities, he is always only a gunshot away. During hostilities, you need a miracle to get through two gunshots without getting hurt. And so it was, as I told you, a time of continuous hostilities.
    I was living with seven hot tempered brothers, and with a father who did not love his wife, maybe because she had borne him eight children during those hostile times. My aunt, her husband and their five children were also living with us, along with my old grandfather who, whenever he found five piasters whether on the table or in the pocket of one of the many pairs of pants hanging up, he would take at once to buy a newspaper. And as he did not know how to read, you know, he had to confess what he had done so that one of us could read the latest news out loud to him.
    At that time; let me tell you that there was no conflict at that time in the sense you are imagining, no, there was no real war. Actually, there was no war at all. The thing was that we were eighteen people from all age groups living under one roof. None of us could get a job, and hunger, which you only hear about- was our only concern. That is what I call hostile times. It is the same, you know. We used to fight to get food, then fight to distribute it among us, and then we used to fight after that. And whenever a peaceful moment prevailed, my grandfather would take out his carefully rolled newspaper from between his clothes, looking at us all with his small eager eyes. This meant that five piasters had been stolen from someone’s pocket-supposing that someone had five piasters of course- or from somewhere, and then a quarrel would take place. My grandfather would hold tight to his newspaper while facing the raised voices with the patience of an old man who has lived long enough to listen to all kinds of discord without finding anything worth responding to. And as the clamor died down, he would hand the nearest boy the newspaper –he didn’t trust girls- while still holding on to it so that it wouldn’t be snatched away from him.
    We, Issam and I, were ten years old, and he was a little bigger than me, and still is. He saw himself as the leader of his brothers, my cousins, exactly as I saw myself the leader of my own brothers. After several attempts, my father and my aunt’s husband finally found us a daily chore that we could do together. We were to carry between us a large basket and walk for about an hour and fifteen minutes until we reached the vegetable market in the afternoon.
    About the vegetable market in the afternoon, you don’t know what it looked like. The shops were about to close at that time of day, and the last trucks were loading what was left of the vegetables and leaving that crowded street. Our mission, Issam’s and mine, was easy and difficult at the same time. We had to find whatever vegetables we could to fill our basket with, whether from in front of shops, behind cars, and even from the stalls if the owner was taking a nap or was inside his shop.
    They were hostile times. You cannot imagine how the fighter can keep dodging two bullets all day long. Issam used to fly like an arrow to snatch a torn head of lettuce or a bunch of onions, or even to grab an apple from between the wheels of a truck about to move. My role was to hold off the devils, I mean the other children, if they tried to get hold of an orange in the mud that I saw before they did. We used to work all afternoon long. And we, Issam and I, used to fight with everyone; the rest of the children, the shops owners, drivers, and even with policemen sometimes. The rest of the time we would spend fighting with each other, Issam and I.
    They were hostile times. I am telling you this because you can’t know. In such times, no one can be virtuous, and no one is asked to be so. It would be funny to ask anyone to be so in such times. To earn your living in whatever way possible is a remarkable victory or virtue in such times. Alright, let’s say when a man dies, virtue dies with him, isn’t that so? Ok then, let’s agree upon one thing. In hostile times your first priority is to realize the virtue, to stay alive in the first place. Other things come in second place. And since you are continuously living in hostile times, then you have nothing that comes in second place. First, you have to finish the thing that comes in first place, and it never finishes in such times.
    We, Issam and I, had to carry the basket together, once it was full, and make our way back home. That was the food for all of us for the next day. Of course, Issam and I had a deal to eat the best of the basket on our way back home. It was an unspoken deal that we never discussed or announced. It just happened. That is, we worked together in those hostile times.
    Winter that ill-fated year was so cold, and we were carrying a very heavy basket, I will never forget how heavy it was. (It was as if, during battle, you fell down into the trenches to find a comfortable bed there.) I was eating an apple. Before that, we had gone out through the market gate to walk down the main road. We walked for around ten minutes, weaving through people, cars, buses and in front of shop windows without speaking to each other at all (well, the basket was too heavy and both of us were busy eating ) when suddenly…
    No. I cannot describe it. It’s something that cannot be described. It was as though you were only a gunshot away from your enemy, unarmed and sitting within the circle of your mother’s arms.
    Let me try and explain what happened. We, Issam and I, were carrying the basket as I told you, and there was a policeman who was standing in the middle of the road. The street was wet, and we almost had no shoes, they were so worn out. And suddenly I saw it. Maybe I could see it because I was looking at the policeman’s thick sturdy boots, but anyway I saw it. I could see a part of it under his shoe. I was about six meters away from it, but I could tell that it was more than one pound, from its color maybe.
    In such situations we don’t think. Maybe it has something to do with instinct. I don’t know if the color of paper money has anything to do with instinct, or if it is more to do with that savage strength, crime, and the ability to strangle someone in an instant. That instinct lies deep inside every one of us. But what I know for a certainty is that when a man- in hostile times- sees paper money under a policeman’s shoes, he shouldn’t think, especially if he is a carrying a basket of rotten vegetables and only six meters away from it. And so I acted, I threw away what was left of the apple I was eating, and let go of the basket. Issam must have swung when I suddenly let go of the heavy basket, but he had seen it just after I did. So I burst forth toward it with all the unknown power that would force a unicorn to make a random attack. I butted the policeman’s leg with my shoulder, who stepped back alarmed. I also lost my balance, but I didn’t fall down. In that moment I saw it, it was a five pound note, and I grabbed it as soon as I saw it before falling to the ground. And in less time to stand than it took me to fall I was up and running.
    The whole world was after me. The policeman’s whistle, the sound of his heavy boots hitting the ground, Issam’s cries, car horns and buses, peoples’ cries…I am not sure that they were all chasing me. No one can guess. I was running, confident that no one on earth or beyond could catch me. With the mentality of a ten-year-old boy I took a different path. Maybe I thought that Issam would lead the policeman to me. I don’t know, I didn’t look behind me. I was running and running, and I don’t remember that I ever got tired. I was like a soldier that flees the battlefield of a war he was forced to fight, and he has only to keep running to turn his back on the world.
    I reached home after dark, and as the door was opened to let me in, I found what I had felt deep down inside I would find. The seventeen creatures in the house were awaiting my return. They quickly but carefully examined the expression on my face, as I examined theirs with my foot firmly to the ground and my hand grasping tightly the five pound note in my pocket.
    Issam was standing between his mother and father and he was angry. I realized that a quarrel had taken place between the two families before my return. I took ****ter near my grandfather who was sitting in the corner wrapped in his clean brown robe looking impressed with me. He was a wise man, a real man who understood the ways of the world. All he wanted from the five pounds was a newspaper, but a big one this time.
    I waited, resigned, for the quarrel to break out. Issam of course had lied and told everyone that he was the one who had found the five pounds, and that I took it from him by force, and that I had even forced him to carry the heavy basket of vegetables all by himself the whole way home. As I have told you before, these were hostile times. No one cared whether Issam was lying or not, it was pointless. Not only did Issam lie, he was sure no one would care about the truth. To top it all off he shamed himself by saying for the first time in his life that I had hit him and that I was stronger than he was. Anyway, none of that mattered except for the main issue.
    Our fathers were thinking of other things. Issam’s father wanted to take half the money, and my father wanted to take the other half. They knew that had I managed to keep all of the money it would have all been mine, but had I given up any part of it, I would have lost everything, and they would have shared it between them.
    What they didn’t realize was what it meant for a child to grasp five pounds in his hand during hostile times. I addressed them all in a threatening way; it was the first time in my life I had ever taken such a tone of voice with them, and said that I would leave home forever if they tried to take the money. It was mine; I stressed, and mine alone.
    You can guess what happened next. They were outraged! Any familial affection disappeared and they all stood against me. But I was ready to face the worst, so when they all started hitting me I didn’t defend myself, although I could have. Instead I stood with my hand in my pocket grasping the five pound note tightly, although it wasn’t easy to avoid their accurate strikes.
    My grandfather was eagerly watching the argument at first, but when the fight began to look serious he stood between us and allowed me to hide behind him. He suggested a settlement. The adults had no right to the money he said, but that I was obliged to take all the children out of the house on a sunny day somewhere they could all spend the five pounds together.
    At first I stepped forward to object to his suggestion, but I saw something in his eyes that made me stop. I didn’t understand what he was trying to tell me with his eyes, but I felt that he wasn’t telling the truth and that he was begging me to keep silent.
    A ten-year-old boy, you know, especially during times of hostility, can’t understand things (if he has to understand them) as much as an old man like my grandfather. But that is what happened. Grandfather wanted to get his newspaper every day for a week, and was willing to help me however he could to get his wish.
    That was what we agreed on that evening, but I knew that my mission wasn’t over yet. I still had to protect the five pounds every moment of the day and night. I had to hold off the rest of the children against their attempts to steal it from me, and I had to resist the attempts by my mother to persuade me to give it up. She told me that evening that with five pounds we could buy two pounds of meat or a new shirt for me, or medicine for emergencies, or a book for me if they decided to send me to a free school next summer. But her attempts were futile; it was like asking me to wipe my shoes clean while dodging between two bullets.
    I didn’t know what to do, but for the next month I managed to hold the children off by making all kinds of false promises. They must have known that I wasn’t being honest, but did not accuse me of lying. Virtue did not exist in that kind of situation. There was something else that took priority: it was the five pounds.
    My grandfather saw what was going on, (when you are as old as him you don’t miss much), and as the weeks passed he began to worry that he had lost his chance to get the newspapers he wanted in return for the role he had played. As more days passed everyone thought that I had already spent the five pounds and that I was trying to trick them by keeping my hand in my pocket. Grandfather knew I still had the money though, and one night tried to take it out of my pocket while I was sleeping ( I went to sleep fully dressed in those days) but I woke up and he backed off and went back to sleep without saying a word.
    I have told you before, these were hostile times. My grandfather was sad because he did not get his newspapers. He wasn’t sad that I had not kept an unspoken promise. He understood what it meant to live in those hostile times, and he never blamed me for my actions in all the years he lived with us.
    Issam too got over his anger. He was a hot tempered boy, but deep inside he knew exactly what had happened. We continued our daily trips to the vegetable market together, although we used to talk rarely and fight less. It seemed as though a wall had separated us. Issam was still living in hostile times, but I was breathing a different kind of air, and Issam had no idea what it was like.
    I remember I kept the five pounds in my pocket for a complete five weeks. I was preparing myself to find the right way to get out of those difficult times. But whenever I came close it seemed to me that that was the way to go back to those hostile times and not the way out of them.
    How can you ever understand this? Keeping that five pound note was infinitely more precious than spending it. Keeping it in my pocket was like holding a key that would enable me to open the door to the way out of those difficult times. But whenever I got closer to the lock, I could smell the scent of a different, longer lasting kind of hostility. It was as though I would be starting all over again.
    What happened next is not important. One day Issam and I went to the market and I ran to grab a bunch of vegetables that dropped in front of the front wheels of a slow moving truck. Except at the last moment I slipped and fell down beneath the cab of the truck. I was lucky; the wheels of the truck didn’t run over my legs. It stopped just as they touched my leg. I regained consciousness in the hospital. The first thing I did at that moment, as you must have guessed was to put my hand in my pocket to look for the five pound note. But it was gone.
    I think that Issam must have taken it when he was with me on the way to the hospital. He never said that he did and I never asked. We would look at each other and somehow understand. No, I wasn’t angry that he took advantage of the situation by taking the five pounds while I lay bleeding. My only regret was that I had lost it.
    You will never understand. They were hostile times.
    March, 1967

    Hasan Abu Khalil
    مترجم / مشرف
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. رعشة المأساة لـ غسان كنفاني
    بواسطة عدنان كنفاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-19-2013, 01:00 PM
  2. غسان كنفاني في الذكرى 41 على استشهاده
    بواسطة عدنان كنفاني في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-08-2013, 07:18 AM
  3. إرث غسان كنفاني في زمن القصاصات الأدبية
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-23-2010, 02:48 PM
  4. لقاء فرسان الثقافه الحصري مع الكاتب الكبير عدنان كنفاني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى لقاءات الفرسان
    مشاركات: 35
    آخر مشاركة: 06-20-2010, 05:21 PM
  5. لقاء الموقع مع الكاتب الكبير عدنان كنفاني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى لقاءات الفرسان
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 08-26-2006, 08:18 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •