http://alhayat.com/OpinionsDetails/572980


محمد الأشهب
الإثنين 18 نوفمبر 2013
تراجعت حدة الجدل حول إمكان تدريس اللغة العامية في مناهج التعليم الابتدائي في المغرب، ولم تنته. فهذه القضية مثل المارد الذي ينبعث من الرماد. وكما ينظر إليها بعضهم مدخلاً في الانفتاح على اللغة الأم المتداولة في البيت والشارع والتلفزيون، ودرء عيوب القطيعة بينها والمدرسة، يرى آخرون أن الدعوة لا تخلو من خلفيات تروم خنق اللغة العربية والتضييق على التعليم الديني الذي يساهم في تأهيل شخصية الفرد والمجتمع.
بيد أن الجدل اتسع نطاقه لينسحب على الشأن السياسي، في ضوء دخول شخصيات وتيارات إسلامية وأمازيغية وليبرالية على الخط. كون المسألة اللغوية تحيل دائماً على مرجعيات وواقع، ليس أبعدها بالنسبة للمغرب تحديداً، أنها ارتبطت بمرحلة تاريخية، سادت فيها توجهات التفرقة بين سكان البلد الواحد. وكما شكل ما يعرف بـ «الظهير البربري» للفصل بين ذوي الأصول الأمازيغية والعربية إبان الاستعمار، انبرت كذلك مسألة تدريس اللغة العامية، من طرف بعض المستشرقين.
في وقائع تاريخية أن مناهضة الخطة الاستعمارية انطلقت من المساجد، وارتبطت بالمعتقد الديني الذي يوحد السكان. حيث العرب والأمازيغ يلتقون في وحدة العقيدة، وإن اختلفوا في لغة التعبير. واحتاج الأمر عقوداً من الزمن للتوصل إلى صيغة وفاقية أقرت العربية والأمازيغية لغتين رسميتين في الدستور والتعليم والمعاملات. ولا تزال التجربة في بدايتها على محك الواقع في انتظار تقويم سلبياتها وإيجابياتها، لجهة مدى الملائمة ومناهج التدريس وحدود إقبال المتلقين. لذلك فهم أن إثارة مسألة اللغة الأم في غير سياقها الطبيعي، أقله أنه يصعب على التلاميذ استيعاب أكثر من لغة في فترات التعليم الأولي. عدا البحث في القيمة التي يمكن أن تضيفها التجربة من عدمها، في ظرف يقر فيه الجميع أن أوضاع التعليم في البلاد تجتاز أزمات حقيقية.
غير أن الإقرار بضعف منظومة التعليم وعدم مواكبتها التنمية ومتطلبات التقدم العلمي والتكنولوجي لا يعني أن التدريس بالعامية سيحل كل الإشكالات. ولا يعني بالضرورة أن ربط التعليم باللغة الأم سيحقق الانفتاح الهائل على الملفات الأجنبية واستيعاب مظاهر التطور. وبالتالي فالمسألة اللغوية لا تزيد عن تعقيد الموقف، ولا يمكن اختزالها في العودة إلى العامية. ولا توجد تجارب مشجعة في هذا النطاق في الإمكان الاحتذاء بها. بل إن تدريس الأمازيغية لا يزال متعثراً.
إذ يعلن دعاة هذه التقليعة التي تفشت في برامج التلفزيون ولغة ولوحات الإشهار، وامتدت إلى أعمدة بعض الصحافة، أنهم لا يقصدون المساس بحرمة اللغة العربية أو محاولة تقويضها، فإن مناهضي الفكرة يرون أن التعليم بالعامية في المراحل الأولى لدراسة الأطفال، يراد للمساس باللغة، باعتبارها لغة الدين. ويربطون بين الدعوة وارتفاع أصوات تنادي بتقليص الكتاتيب القرآنية التي يتلقى فيها الأطفال التكوين الأولي. ما أضفى بعداً أكبر في انتقال المسألة اللغوية من جدل حول أسس ومجالات التعبير إلى المساس بالشخصية المغربية ذات المكونات الإسلامية والعربية والأمازيغية.
يبدو جلياً من خلال محاولة اختزال أزمة التعليم في المغرب إلى رهان لغوي أن الأمر يطاول صراعات ثقافية وحضارية بين لوبيات متعددة المشارب. واللافت بهذا الصدد أنه في كل مرة تطفو على السطح أزمات سياسية بين المغرب وبعض شركائه الأوروبيين، بخاصة فرنسا وإسبانيا تثار مسألة اللغة. وتسارع الرباط على الصعيد الرسمي إلى خفض ساعات البث التلفزيوني الموجه بإحدى اللغتين. ما يعني إدراج اللغة كسلاح سياسي في معارك أكبر. وعلى نقيض هذا التوجه تأسست في المغرب جمعيات لحماية اللغة العربية تدعو إلى تعريب الإدارة والارتقاء بالمعاملات. ما يفسر حساسيات الموقف لدى إثارة البعد اللغوي على الصعيد المحلي والخارجي على حد سواء.
لكن الدستور الذي أقر في تموز(يونيو) 2011 اعتبر اللغتين العربية والأمازيغية رسميتين، ودعا في ديباجته إلى إيلاء عناية خاصة إلى اللهجة الحسانية التي يتحدث بها أهل الصحراء. كما أقر تأسيس معهد اللغات لتكريس الانفتاح. ويرى راصدون لملف التعليم في البلاد أن المرجعية الدستورية ألغت أي استخدام سياسي لضغط مراكز النفوذ الاقتصادي والتجاري، فيما أن المجلس الأعلى للتعليم خلص إلى إبعاد اللغة العامية في التدريس. إلا أنه بدل تنفيذ مقتضيات الوثيقة الدستورية يصار إلى طرح إشكالات تبعد مسافات أطول عن جوهر الأزمة في المسألة التعليمية. وهي لا تخلو من خلفيات سياسية. لكن المغرب في إمكانه أن يتخلص من شوائب كثيرة، إذ تعطى كلمة الفصل لأهل الاختصاص وخبراء التعليم والسوسيولوجيا وآليات تفعيل وصون الهوية. فاللغة أيضاً تفرّق، وميزة العربية أنها تجمع ولا تجزّئ.
http://alhayat.com/Details/571911






جدل سياسي حول اقتراح لتدريس العامية في المغرب
الرباط - محمد الأشهب
الخميس 14 نوفمبر 2013
فجّر اقتراح رفع إلى مكتب ملك المغرب محمد السادس يقضي بتدريس العامية في المدارس الابتدائية، جدلاً دينياً وسياسياً في البلاد. ولاحت في الأفق معالم مواجهات بين تيارات إسلامية و «فرانكوفونية»، إذ انبرت شخصيات فكرية وسياسية إلى «انتقاد الاقتراح الذي لا يخلو من شوائب تطاول التضييق على اللغة العربية والتعليم الديني».
ونددت الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية أمس، بفكرة استخدام العامية في مناهج التدريس. ووصفت دعوة في هذا الصدد أطلقها الناشط نور الدين عيوش في هذا الصدد، وضمنها اقتراح رفع إلى البلاط الملكي، بأنها «تنم عن جهل بمعتقدات الأمة وهويتها الحضارية». ورد المناهضون بيان أكدوا فيه أن اللغة العربية «خالدة ومتطورة ومتجددة وعصرية» وليست مسؤولة عن تأخر المنظومة التعليمية.
ودافع عيوش عن اقتراحه قائلاً: «إنه يهدف إلى تفادي «قطيعة لغوية مبكرة» من خلال استخدام العامية في التدريس الأولي». وانتقد مواقف تيارات إسلامية في هذا الشأن، مؤكداً أنها «لم تستوعب قصدنا ومرامينا في اعتماد اللغات الأم» في إشارة إلى ردود فعل اعتبرت اقتراحه «تبخيساً للتعليم الديني في السنوات الأولى للتدريس».
ودافع الباحث فؤاد بوعلي عن اللغة العربية، متسائلاً عن السر وراء عودة الحديث عن العامية «بعد أن أنهاها المجلس الأعلى للتعليم». ورأى أن هذه الدعوة لا تخلو من تبسيط إلى حد السذاجة في معالجة الإشكالات اللغوية.
واعتبر أن الأمر يندرج في إطار «حرب بالوكالة» ضد الــلغة الـــعربية. واســتدل على ذلـــك بأن الســلطات الإسبانية التي تحتل مدينتي سبتة ومليلية شمال المغرب، عــملت على ترسيخ العامية كلغة ثانية بعد الإسبانية. ورفضت منح اللغة العربية هــذا الوضع.
وورد في مضمون المذكرة التي فجرت الجدل، اقتراح «اعتماد اللغات الأم في التعليم الأولي وفي السنوات الأولى من التعليم الابتدائي كلغة تعليم واكتساب للمعرفة الأساسية».
http://www.aljazeera.net/mob/f645160...a-018421afb666








جدل العامية والفصحى بالمغرب
الجزيرة نت-خاص


تشهد الساحة السياسية والثقافية المغربية جدلا كبيرا بخصوص الهوية اللغوية للمغرب، بعد تزايد دعوات استعمال العامية وترسيمها كلغة تعليم وإعلام بدل اللغة العربية.


وكان من مظاهر هذا السجال ظهور مجلات تخلط في كتابة مواضيعها بين اللغة العربية الفصحى والعامية المغربية، وكذا إطلاق بعض الإذاعات لنشرات إخبارية بالعامية.


وتعتبر مجلة نيشان، التي يرأسها الصحافي أحمد رضا بنشمسي، حاملة لواء الدفاع عن العامية في المغرب. وهي علاوة على استعمالها للدارجة لغة أساسية على صفحاتها، تدافع بكل قوة عن استعمالها في التعليم والإعلام والحياة العامة.


ويبرر بنشمسي هذا الخيار بأن 'العامية هي لغة التخاطب بين المغاربة' وبالتالي فلا يرى سببا لاستعمال لغة غير مستعملة في الحياة اليومية في تعليم الناس أو مخاطبتهم عبر وسائل الإعلام.


ويرى أن المدافعين عن استعمال اللغة العربية ينطلقون من مواقف وصفها بـ'الأيديولوجية'، عكس دعاة العامية الذين ينطلقون -حسب قوله- من 'الأمر الواقع'.


ويذهب بنشمسي إلى أن تعلم اللغة العربية ذاتها يجب أن يتم عبر العامية، فهو يرى أن من 'الغريب' أن يتم تلقين الأطفال اللغة الفصحى بالفصحى نفسها، على حد تعبيره.


استياء


وأثارت هذه المواقف استياء كبيرا لدى المعارضين لهذا التوجه، وتأسست جمعية للدفاع عن اللغة العربية في المغرب قبل ثلاث سنوات، أهم ما يميزها أن رئيسها موسى الشامي أستاذ جامعي للغة الفرنسية.


وتعتبر الجمعية والمدافعون عن اللغة العربية أن دعاة استعمال العامية يحاولون طمس الهوية اللغوية والتاريخية للمغاربة، وينوبون عن فرنسا التي فشلت في جعل 'لغة موليير' لسانا للمجتمع المغربي رغم الاستعمار التي استمر لمدة 44 عاما.


وهو الأمر الذي عبر عنه عضو المكتب التنفيذي للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية والمتخصص في اللغة الفرنسية مصطفى الطالب الذي يرى أن هؤلاء إنما يغلفون دفاعهم عن الفرنسية بزعم الدفاع عن العامية.


وقال للجزيرة نت إن الهدف النهائي المرسوم هو التمكين للمصالح الاقتصادية والثقافية للوبيات الفرنكفونية عبر نشر الفرنسية في الواقع بشكل مباشر أو عبر تشجيع استعمال العامية.


وينفي الطالب وجود صراع بين الفصحى والعامية لأن الأخيرة في رأيه هي اللغة الرسمية للمغرب دستوريا، كما أنها لغة التعليم، والعامية هي 'لغة اليومي المعاش'، لكن المشكل -حسب رأيه- يظهر عندما تصبح الدعوة إلى تمكين العامية داخل المجتمع المغربي نابعة من رغبة جهات فرنكفونية في تقوية اللغة الفرنسية.


مخطط استعماري


وخلص إلى القول إن الدعوة إلى العامية تدخل ضمن 'مخطط استعماري' بعد خروج الاستعمار من الدول العربية من أجل ضرب ثقافة البلدان المستعمرة.


وتجاوز نقاش الهوية اللغوية للمغاربة صفحات الجرائد والمجلات إلى الندوات والمؤتمرات والأيام الدراسية، رغم أن الموضوع ليس جديدا، حسب الخبير اللساني والمدير السابق لمعهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط عبد القادر الفاسي الفهري.


واعتبر الفهري في حديث مع الجزيرة نت أن الدعوة إلى العامية مرتبطة تاريخيا بالدعوة إلى الفرنسية، وهي دعوات 'غير منطقية' ولا تخضع للفحص العلمي.


وأضاف أن من يدافعون عن العامية يجعلون اللغة العربية 'كبش الفداء' الذي يبررون به فشل نظام التعليم بالمغرب، يضاف إلى ذلك هجمات الأجانب على لغة الضاد، لأن الاستعمار كان يهدف إلى مقاومة الإسلام واللغة العربية على اعتبار أن اللغة العربية لغة 'موحدة'.


لكن الفهري لا ينفي في نفس الوقت وجود تقصير في مجامع اللغة العربية التي دعاها إلى تطوير لغة الضاد، وإيجاد بدائل لغوية جديدة.