((عقوقُ الوالدَيْن))




إنّي أسائلُ هل للمرء من أرَبِ = في ذي الحياةِ بغير الدين والادبِ

لِيشْكُروا الله من في الكون قد خُلِقوا = والوالدَيْنِ بصدر ِالمؤمنِ الرَّحِبِ

للوالدين على الابناء حَقـُّهُما = فاذكر بُنَيَّ وَأدِّ الحَقَّ واحْتسِبِ

يامَنْ يَعقُّ ولَمْ يَحْسِبْ حسابَهُما = مثواكَ نارٌ فلا تفعلهُ واجْتَنِبِ

من الكبائر عَقُّ الوالدين فَتُبْ = وليس يُنْجيكَ مهما جِئْتَ مِنْ سَبَبِ

مهما فعلتَ جميلا شاكرا لهما = هل كُلُّ هذا بِحَمْلٍ أوْ بِكَدِّ أبِ ؟

قد قيل جاء ابٌ يشكو علىولدٍ = أبْكى الرسولَ على ما بَثَّ مِنْ عَتَبِ

الإبْنُ مَعْ مالِهِ مِلْكٌ لوالدِهِ = هَدْيُ الرسول لأهل الزَيْغِ كالشُّهُبِ

إن العــقــوقَ لَـنُكْــرانٌ لفضلِهما = أتُنْكِرُ الأصْلَ أدنى الناس في النََّسَبِ ؟

هذا وربي جُحودٌ ما رأيتُ له = إلا جُحودَ يهود من بَني العَرَبِ

أو مِثْل إبليسَ حين الله قال له = أسْجُدْ فَيَجْحَدُ أمرَ الله في الطلَبِ

الأهلُ رأس فكيف الإبْنُ يَجْهَلُهُمْ = يا ناكِرَ الرأس أنْتَ الصِّنْوُ للذَنَبِ

يا مَنْ يُحِبُّ من الابناء تَكْرِمَةً ً = جنات عدن ويَرْقى عالِيَ الرُّتَبِ

هما السبيلُ لكل الخيرِ فارْضِهِما = تُرْضِ الاله وَمَنْ أرضاه لم يَخِبِ

إنْ شِئْتَ كَسْباً لدنيا أو لاخرَةٍ = فَلْتَكْسَبَنَّ رضا الاثنينِ فانْتَخِبِ

أما الشقيُ فإِبْنٌ مــا أطاعهما = ضَلّ الطريقَ وَلَمْ يَعْقِلْ ولم يَثـُبِ

إمّا لمالٍ وإما حُبُّ زوجَتهِ = جفاهُما مُعْرِضاً عَنْ أعْظَمِ القُرَبِ

يا بائعاً أبويْه زاهداً بهما = كَبَيْعِ يوسُفَ أزكى الناسِ وَابْنِ نَبِي

مِنْ أجلِ دنيا يبيعُ المَرْءُ والدَهُ = أو أمَّه عَلَناً مِــنْ أعْجَـبِ العَجَبِ

يا ناسياً لهما وَمُبْدِلاً بهما = كَمَنْ يُبَدِّلُ أدْنى الدّون بالذَّهَبِ

قد قيل موسى يناجي الله يَسْألُهُ = مَنْ ذا رفيقي بجنات وَعَنْ كَثـَبِ

فَدلَّهُ الله تـَوّاً زارَ مسكنَهُ = رأى الوسامــة َ والأخلاقَ لَمْ تَغِبِ

في البيتِ أمٌّ طِوالَ العُمْرِِ يخدِمُها = بِكُلِّ حُــبٍّ ولا مـَـنٍّ ولا تَــعَــبِ

الأمُّ تدعو وقد سُرَّتْ بخدمتهِ = يارَبِّ إبْني حبيبُ القلبِ فاسْتَجِبِ

إجْعَلْهُ في جنّةٍ موسى مُرافقهُ = هـو الرسول ُ بِحَـقٍّ دونما كـَـِذبِ

أنا الرفيق أنا موسى ودَعَوْتُها = في جــنـةٍ نلتقي بالعزِّ فارْتقِبِ

البِرُّ للوالديـن لا عُقوقَـُهـُمـا = فاغْـنَمْ حياتهما تَسْلمْ مِنَ الكُرَبِ

لا تنسَ بِرَّهُما مِنْ بعدِ موْتهما = فـَلْـتـُنْـفِـقِ الـمـالَ وادعُ اللهَ وَاقـْتَرِبِ

أحْسِنْ كما أحسنا أوْ نِصْفَ حُسْنِهما = هيهاتَ تَبْلُغُهُ مِنْ يَوْمِ أنْتَ صَبِي

بالهمِّ والحزن أمْضَيا حياتَهُما = خوفاً عليك وتـُمْضي العُمْرَ باللَعِبِ

ويَجْلِبُ الهَمَّ أدواء تصيبهما = مِنْ فَرْطِ حبك والتفكير والنَصَبِ

يالَلْمصيبةِ تَنْسى كُلّ فضلِهِما = كُنْتَ الشريكَ إذا ماتا بلا رِيَبِ

مِنْ أقْبَحِ الذنْبِ أن ترنو بِسُخْريَةٍ = إليهما طالباً ما شِئْتَ في صَخَبِ

أيْنَ الحياءُ بِكِبْرٍ صارِخٌ بِهِما = دون اهتمامٍ بقلب ٍ فيكَ كالحَطَبِ

قَدْ حَرَّم َ اللهُ اُفٍّ رَغْمَ خِفـَّتِها = فاحْفَظ لسانَكَ لا تَجْرَحْ ولا تَعِبِ

فكيفَ تصرُخُ يا هذا بِعَجْرَفَةٍ = في والديْكَ بصدْرٍ أسْوَدٍ خَرِبِ ؟

يا أيُّها الفَرْخُ هل غَرَّتْكَ أجنحة ٌ = هَلا كَبُرْتَ بـدونِهـِمْ أأنْتَ غـَبـِي

واذكرْ بكاءك كم في الليل أيْقَظَهُمْ = واليوم إنْ بَكَيا غَوْثا فلَمْ تُجِبِ

يَرْوي لنا أحَدُ الكُتّابِ حادِثَة ً = جاءَتْ حكايتُها مِنْ صادقِ ِالكُتُبِ

مَرَرْتُ يوما بشيخ ٍ كان يضرِبُهُ = فتى غلامٌ فَلَمْ أصْبِرْ من الغَضَبِ

الشيخ قال فإبْني مَنْ يعاقبني = لا تَغْضَبَنَّ هُنا يوما ضربت أبي

دَيْنٌ بِدَيْنٍ مِنَ الأْبناء تقبضُهُ = تُجْزى بمثلٍ وما يُنْجيكَ مِنْ هَرَبِ

هذي حقائِقُ عَبْرَ الدَّهْرِ تشهَدُها = هلا تَعَلّمْتَ مِمَّا مَرَّ في الحُقـَبِ

يا زارعَ الشَّر لم تَحْسِبْ عواقِبَهُ = شَرّاً سَتجْني ومسؤولٌ عن العََطـَبِ

فالإبْنُ غَرْسٌ وينمو حَسْبَ غارِسِهِ = إنْ صانَ طابَ وإنْ يُهْمِلْهُ لَمْ يَطِبِ

فما على الأهْلِ الا خَيْرُ تَرْبِيَةٍ = إذا اهْتدى اُجِروا إنْ ضَلَّ لَمْ يُصِبِ

فالأهْل قد قَدَّموا ما كان واجبهم = مِنَ النّصيحَةِ لكِنْ مالَ للشَّغَبِ

فيَحْمِلُ الإبْنُ وِزْرا لا يفارقُهُ = لا دَخْلَ للأهْلِ بعدَ النّصْحِ لَمْ يَؤُبِ

هي الهداية ُ لِلرّحْمنِ مَرْجِعُها = فكمْ عزيزٍ لنا في النار واللَّهَبِ

وانظرْ لنوحٍ لـه إبْنٌ فخالَفَهُ = كم قد دعاهُ إلى الإيمان لَمْ يُجِبِ

يا أيّها الإبْنُ لا تيأسْ هَلُمَّ فـَعُدْ = لـلوالديْنِ ولــلــرّحــمــنِ فَلْتَتُبِ

أسْرِعْ إلى توبةٍ لله خالصةٍ = يَتُبْ عليك وإنْ أَخَّرْتَ فانْتَحِبِ