أكثر أهل النار !!!
يُساق الإنسان أحيانا نحو الكتابة وهو غير راغب فيها .. وقد حصل.وجدت نفسي في دوامة من الردود – بعضها متشنج – حول تعليقا لأحدهم على تغريدة للدكتورة مروة العرجاني،تناصح فيها المرأة .. فعلق أحد الإخوان أن"النساء أكثر أهل النار" ... فكأنما فجر قنبلة . . أو لنقل أن القنبلة فجرتها إحدى الأخوات حين نفت الحديث ورأت أن هذه ثقافة تحتقر المرأة وأننا نقلناها عن "اليهود".سبق أن كتبت في كراس"استقالة"- أي من الكتابة والقراءة عن المرأة،وقد كتبته سنة 1425هـ-
(سيدتي المرأة :
أجزم بعد هذه الرحلة الطويلة في عالم المرأة،أنك تعانين من الحساسية المفرطة،فكل كلمة تُقال في اتجاه المرأة،لابد أن تفسريها على أن المراد بها التقليل من شأن المرأة،فيا حبذا لو خففت قليلا من تلك الحساسية،وزدت من جرعة الروح الرياضية،وأن تتذكري دائما أن الكلام الذي يقوله الرجل عنك ليس بالضرورة أن يكون ناتجا عن كراهية،أو استصغار. وأتذكر دائما بعض ما ورد في البيان الذي أصدرته جمعية ( تقطيع أوصال الرجال)،فهو يدل على أن كل الإنسان يستطيع أن يقول ما يحلو له من الكلام،ولكن العبرة بتقديم الدليل والإثباتات. ومما ورد في ذلك البيان :(( أنه لما كان (الذكر) أنثى ناقصة فإنه يمضي حياته في محاولات يائسة ومستميتة لإكمال ذلك النقص عسى أن يصبح أنثى (..) ولكنه على الجانب الآخر يعمد إلى الإدعاء والتظاهر بأنه يمتلك كل الخصائص و المقومات الإيجابية التي هي في الحقيقة خصائص ومقومات أنثوية،فينسبها إلى نفسه،وأهم هذه الخصائص (التي تميز الأنثى عن الذكر) هي التكامل العاطفي،والاستقلال والإقدام الديناميكي والحزم والتماسك والموضوعية والاعتزاز بالذات والشجاعة والحيوية والقدرة على التركيز وقوة الخلق والمثابرة،فهذه كلها خصائص وصفات تنفرد بها الأنثى ويحاول الذكر أن ينسبها لنفسه،ويسقط على المرأة الخصائص والصفات (الذكرية) مثل الغرور والطيش والتفاهة والضعف وما إليها،ولكن لابد من الاعتراف – كما تقول فاليري سالونيس – بأن الرجل يتفوق على المرأة في مجال واحد هو مجال العلاقات العامة.)){ ص 22 – 23 عن مقال نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ماذا تريد المرأة .. هل تسعى إلى تقطيع أوصال الرجال) للدكتور أحمد أبو زيد / مجلة الهلال القاهرية / سبتمبر 1995م.}.أعتقد أن القضية ذات بعدين .. بعد ثقافي يقف خلفه "الفكر النسوي"والذي يحرض على الدين .. كما جاء في ندوة ( محاولة لصياغة نظرية نسوية متقدمة) .. تقول الدكتورة نوال السعداوي :(( هناك من النساء من تصر على الاعتقاد – وهذا شائع جدا – بأن المرأة كانت – وما زالت – منذ بدء الخليقة تأخذ هذا لدور الدوني وأنه لم تأت فترات في التاريخ اختلف فيها دورها عمّا هو عليه الآن،ونحن حينما نعثر في التاريخ – على مراحل كانت فيه المرأة {هكذا} تسمي أولادها باسمها – وكانت الأمومة محترمة – وكان الجنس محترما- نقوش الكهوف – وكانت تحكم – وكانت آلهة ..)) فتقول إلهام كلاب :(( إن نبش الماضي بهذه الصورة الجذرية،يجعلنا نقف وقفة طويلة متأملة مع الدين والأسلوب الذي تعامل به مع المرأة أو وضع المرأة في الأديان السماوية،إن نصف المعتقدات الراسخة في أذهان البشر – في الماضي القريب – والحاضر – وربما المستقبل المنظور – أتت من الديانات السماوية الثلاث،اليهودية والمسيحية والإسلام،وكل تعرض لمسألة المرأة يقود بالضرورة إلى التعرض للدين وهنا الاحتياط والفخ .. فما العمل؟)). فترد عليها ليلى الحر متسائلة :(( ولماذا نحن مضطرون لربط تحرر المرأة العربية بإعادة النظر في الدين؟ أليس من الحكمة أن نجنّب أنفسنا سوء التفسير والحملة التي قد يشنّها المتعصبون علينا،وهم كثر،ونكتفي من نقد الدين بنقد المتدينين مثلا؟! إننا لا نستطيع بالطبع الخروج على التاريخ – والقفز عن استعمال الديانات القديمة والحديثة لعرقلة نمو وعي المرأة ولا نملك البحث في (تخلف) المرأة وصولا إلى تقدمها،ما لم نبحث في أسباب التخلف،وأولها صورتها الممسوخة والتابعة والثانوية في الأديان ..)) { ص 279 – 280 ( مجلة قضايا عربية / السنة السابعة / العدد الثاني / شباط / فبراير 1980م}.هذه الفئة مريحة جدا – رغم استراتيجيتها المعلنة والمطبقة"مهاجمة المتدين بدلا من مهاجمة الدين"لأنها واضحة .. ثم تأتي الفئة التي تشربت بعضا من أفكار وحساسية"النسويات"فلا هي معادية للدين مباشرة ولا هي قادرة على الخروج من مأزق الفكر النسوي .. وسراديبه.بالعودة إلى الموضوع الرئيس ...شبهته الأولى أنه يجعل "الإسلام دين ذكور" ولذلك يجب التنبه إلا تحيزه ضد المرأة .. وانحيازه للرجل!!!وهذه هو"الفخ"..الحديث الصحيح الشريف يقول فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم .. وهو الذي وصفه ربه سبحانه وتعالى بأنه"بالمؤمنين رؤوف رحيم"يقول الحديث :((عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ , فَقَالَ :أَيُّهَا النَّاسُ تَصَدَّقُوا ، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ , فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ، فَقُلْنَ : وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ))هذا حديث وعظي .. أخبر فيه الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم – عما "أراه"الله .. ولا علاقة له بالصراع – الوهمي المحدث – بين الرجال والنساء .. ولذلك سالت الصحابية المؤمنة عن السبب .. فجاء الرد:"تكثرن اللعن وتكفرن العشير" .. ومعلوم أن غاية كل إنسان أن ينجلي نفسه من النار .. والحديث ينبه كل امرأة تلعن أو تكفر العشير .. أن تنتبه لنفسها فإن فعلت استغفرت .. وطبعا تصدقت بشكل عام .. لتوازن بين الحسنات والسيئات .. وفي النهاية هو"ميزان"توضع فيه جميع الأعمال. "اللهم ثقل موازيننا"والسؤال : وماذا عن الرجل اللاعان؟هل هو في الجنة لمجرد أنه "رجل"!! إن الحديث،وإن خصص النساء الموعوظات، موجه للجميع لكل لعان .. أن ينتبه لنفسه .. إما بالإقلاع عن اللعن فإن لم يستطع فالصدقة والاستغفار.وبعد .. واضح أننا ندور في حلقة مفرغة .. فقد كتبتُ – سنة 1433هـ - تحت عنوان"النساء أكثر أهل الجنة" ومما كتبت :
في قضايا الآخرة ... في قضايا الجنة والنار .. تكون القضية (نفسي .. نفسي) .. ولا تكون قضية (جنس) ولا(قبيلة) و لا(دولة) .. (نفسي .. نفسي) .. وعليه .. فما الذي يعني (فلانة) من النساء إن كان أكثر أهل النار من النساء؟

ما يعنيها بطبيعة الحال .. أن تتجنب تلك الأسباب التي توصل إلى الناروهذا بطبيعة الحال ما يهم الرجال أيضا – وعليه يصبح حديث أكثر أهل النار من النساء (محفزا) لتجنب النار .. وقد أتى (المحفز) بنتيجة مباشرة ... فما إن نطق الفم الشريف – اللهم صلى على سيدنا محمد – بتلك العبارات حتى تصدقت الحاضرات .. كل بقدر استطاعتها.

وحين تعلم المسلمة أن من أسباب كثرة النساء في النار (كفران العشير) .. فهي بالخيار أن تضع نفسها حيث تشاء .. أي أن تسعى للفرار بنفسها من النار .. أو تساهم في إكثار صنف النساء في النار ...

هذا الحديث يقودنا إلى نقاط محددة تحدثت عنها عدة مرات ..


ثالثاقال ابن حجر في الفتح (وقد ورد في هذا الحديث من الزيادة بعد
قوله ( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران 00وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام )وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ) أخرجه الطبراني وأبو نعيم في الحلية والثعلبي وقد ورد من طريق صحيح ما يقتضي أفضلية فاطمة وخديجة على غيرهما الخ) {فتح الباري}


إذا تجاوزنا مسألة العدد .. فإن ما يهمنا أن هذا الحديث يدل على أن الأنوثة من حيث هي أنوثة – ليست مانعا للكمال.. وعليه .. على المرأة أن تسال نفسها .. – عبر عملها - هل تريد أن تسعى إلى الكمال .. أم إلى تكثير أهل ؟؟؟؟؟؟


رابعا : عود على بدأ .. أو عود إلى الحديث الذي افتتحت به هذه الكلمة .. لن أضيف شيئا ... سوى،في صحيح مسلم : :
‏حدثنا ‏ ‏ابن أبي عمر ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏عن ‏ ‏أيوب ‏ ‏عن ‏ ‏ابن سيرين ‏ ‏قال ‏ ‏اختصم الرجال والنساء أيهم في الجنة أكثر فسألوا ‏ ‏أبا هريرة ‏ ‏فقال قال ‏ ‏أبو القاسم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بمثل حديث ‏ ‏ابن علية ‏.
قال النووي في شرح الحديث : (( والعزب من لا زوجة له , والعزوب : البعد , وسمي عزبا لبعده عن النساء , قال القاضي : ظاهر هذا الحديث : أن النساء أكثر أهل الجنة . وفي الحديث الآخر أنهن أكثر أهل النار , قال : فيخرج من مجموع هذا أن النساء أكثر ولد آدم ..)) صحيح مسلم يشرح النووي
ما أبسط الأمر .. النساء – عبر منطوق الحديثين – أكثر ولد آدم .. وحواء طبعا!!وكما قالت الشاعرة السيدة بنت أحمد :
ولا تذبذب شمس الحق ساطعة كوني نسيبة،أو حمّالة الحطب
وصلى الله وسلم على سدينا محمد وعلى آلهأبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني