د. محمد عجاج رئيس الاتحاد الطبي الحر يكشف خفايا الملف الصحي في حلب
نقص الأدوية "قنّاص" يطلق الموت على المصابين بالأمراض المزمنة
البديل - محمد إقبال بلو
كشف الدكتور محمد عجاج، رئيس الاتحاد الطبي الحر بحلب، عن المصاعب التي تواجه السوريين من الناحية الطبية، وأكد في حوار مع "البديل" أن هناك جرحى يموتون على الحدود مع تركيا بسبب تأخر وصول سيارات الإسعاف من الجانب التركي، فيما فارق الحياة الكثير من الأشخاص الذين يعانون أمراضاً مزمنة، مثل السرطان و الثلاسيميا والكلى. وهنا نص الحوار :


-هل لديكم الكادر الطبي الكافي لعلاج كل الحالات التي تصلكم في محافظة حلب ، وهل لديكم كفايتكم من مواد الإغاثة الطبية؟

لدينا كادر متميز من أطباء وممرضين أخلصوا لوطنهم ويعملون ليلاً ونهاراً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من إصابات ناتجة عن القصف الهمجي للنظام على مختلف مناطق حلب وريفها، كما نعتني بالحالات المرضية العرضية التي تأتينا بشكل متكرر، ولدينا الكثير من المرضى المصابين بأمراض مزمنة نتابع أوضاعهم الصحية، ونقوم بعلاجهم وفق ما يتوفر لدينا من إمكانات. وتكمن المشكلة الحقيقية في عدم توفر المواد الطبية بالشكل المطلوب، ولا نعرف هل يعود السبب إلى التقصير من قبل اللجان المهتمة بذلك أم أن ما يقدم من مساعدات طبية أصلاً غير كافٍ؟ .
منذ مدة وصلنا مصاب بحالة يصعب علاجها وهي ضياع عظمي في الجمجمة، المصاب أحمد كردية من منبج أجرى عملية في تركيا، ونجحت عمليته لكنه الآن يحتاج إلى عملية تغطية للجمجمة فرفضوا استقباله إلا بشكل مأجور، ونحاول تأمين المادة العظمية اللازمة، وتسمى الاسمنت العظمي، ومع ذلك لو توفرت المواد ستكون عملية خطيرة لعدم توفر اجراءات تقنية للعناية الخاصة بالجراحة العصبية.

- تقومون بنقل بعض المصابين بحالات حرجة إلى تركيا، ما هي الحالات التي يتم استقبالها هناك وما هي الصعوبات التي تواجهكم في ذلك؟.

أهم المشاكل هي تأخر وصول الفريق الطبي التركي أحياناً إلى المعبر، وفي واحدة من الحالات تأخر الفريق أكثر من ساعة ونصف حتى وصل إلى المعبر، علماً أن المشفى لا يبعد إلا مسافة سبع دقائق أو عشر، وأثناء الانتظار فارقت كل من دعاء ومرام الإمام الحياة، وهما طفلتان من عندان أصيبتا في القصف. موضوع التأخير موضوع هام لا بد من ذكره، على كل حال ذهبنا منذ أيام إلى والي أنطاكيا والتقينا بمساعده الذي وعدنا أن يهتم بهذا الأمر، وكان اقتراحنا أن يتم إدخال المصاب فور وصوله بالسيارة الخاصة بنا، وبدلاً الانتظار يمكن إرسال عنصرين من أمن الحدود ليرافقا السيارة، ومن ثم عودتهما مع السيارة إلى المعبر، لضمان عودة السيارة إلى سوريا.

-ما هي الحالات التي يتم رفضها من قبل الأتراك؟.

من أهم تلك الحالات متابعة العناية الطبية بعد الجراحة، أو فترة الاستشفاء، وهذه الحالات لا تتم متابعتها في تركيا، فهم يرفضون ذلك، علماً أن بعض الحالات تحتاج إلى تقنيات غير متوفرة لدينا في المشافي الميدانية في الداخل، فالكثير من تلك الحالات تحتاج تخطيطاً عصبياً مثلاً ، أو ما شابه ذلك من أجهزة تصوير وغيرها.
هم يرفضون استقبال كل الحالات التي لا تتعلق بإصابات ناتجة عن القصف أو المعارك، فمثلاً لدينا العديد من مرضى السرطان في حلب وريفها ولا يتوفر الآن أي مركز علاجي لهم ولا أي دواء، وحتى في حين توفر الدواء فإن ذلك يحتاج أحياناً إلى تقنيات غير متوفرة لدينا، ماذا سيحل بهؤلاء المرضى نتيجة إهمالهم؟، سيموتون بالتأكيد، ولكن موتهم سيكون محزناً وبطيئاً ومختلفاً عن الذين يموتون بقصف أو ما شابه. نقلنا مريضين من هؤلاء المرضى الى الحدود التركيا بسيارة الإسعاف المتوفرة، استقبلنا الأطباء الأتراك ووصفوا الحالات أنهم مرضى باردين وبحاجة لدخول نظامي، وأن المشافي التركية مخصصة للإصابات التي تحدث في المعارك أو نتيجة القصف، ثم أخبرونا أننا يجب أن نذهب الى العيادات الخارجية في المشافي وإجراء أوراق قبول مع دفع السلفة المالية للأزمة، وعندها عدنا بالمريضين اللذين فضلا انتظار الموت بسلام، وهما طالب حوا من عندان، ومحمد قدور من كفرحمرة.

-بالنسبة للمشافي الحكومية فهل مازالت تحت الخدمة أم انها أقفلت أبوابها؟
هنالك بعض المشافي مازالت تقدم الخدمات البسيطة، وتقع في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام ، فكل مشفى قد نستفيد منه تمّ قصفه وتدميره، والمشكلة أن الأهالي يخافون الذهاب إلى هذه المشافي فقد تذهب للعلاج لتقتل على يد قناص شعر بالملل.
وهناك العشرات من مرضى الكلى الذين يحتاجون إلى تنقية الدم مرتين كل أسبوع، فهم مهملون أيضاً، ولا يتم إجراء غسيل الكلى لهم إلا مرة كل شهر، وذلك عندما يشارفون على الموت، أو بعد جهود كبيرة ومخاطرات عدة للوصول إلى أحد المشافي.
وأما مرضى الثلاسيميا وهو مرض يتسبب بموت الكريات الحمر بسرعة، ويحتاج الطفل المصاب بهذا المرض إلى نقل الدم بشكل متكرر، وهنالك مركز متخصص بهذا المرض يقع في حي حلب الجديدة، لكن المشفى في ظل الإصلاحات الأسدية أصبح مركزاً للشبيحة. نضطر لنقل الدم العشوائي بشكل غير متصالب فقد ننقل الإيدز لأحد الأطفال بسبب ذلك ، ومثال ذلك الطفلة يسرى عفش من عندان حيث ننقل لها الدم بشكل متكرر، ودون فحص، وفي إحدى المرات تحسست وكادت أن تموت.

-كلمة أخيرة تريد قولها؟
أقول لكل الذين يقدمون الدعم الطبي أو الإغاثي للشعب السوري جزاكم الله خيراً لكن الوضع سيء جداً، ويحتاج أكثر من ذلك، خاصة على الصعيد الطبي ، لا نريد أموالاً ولا نطلب من أحد أن يرسل المال، بل نطلب مواداً طبية وأدوية تساعدنا على إنقاذ ما تبقى من الشعب السوري، وأقول لهذا النظام المجرم إنك مهما قتلت ومهما دمرت فإن سورية ستبقى كماهي بشموخ شعبها، وجراحنا لن تكون إلا أبواباً للحرية.
http://www.al-badeel.org/index.php?o...ogs&Itemid=420