صناعة الامل
مصطفى ابراهيم
29/11/2014
ليس غريبا ان نرتبك ونقلق ونخاف، مأساتنا ماثلة امامنا، غزة تعاني من اثار العدوان الهمجي والحصار قائم، وتبعاته ما زالت قائمة على جميع الاصعدة، وغياب الامل في إعادة الحياة بشكلها الطبيعي فهي لم تكن طبيعية في السابق كي تكون الان، وهي منذ سنوات بحاجة الى الاعمار و الامل كي يكون الاعمار حقيقي.
نحن شعب يناضل من اجل الحرية في ارض الحرية، ويبحث عن الكرامة المفقودة بفعل ايدينا، و لا نعرف اين نقف، وأصبحت مهمتنا في الحياة الحلم و نخاف ممارسته في غياب الامل، والتشاؤم سيد المشهد، وصناعة اليأس والقهر ماركة مسجلة في فلسطين وليست مقتصرة على غزة التي تعاني الموت والتحذيرات القديمة الجديدة بأنها على شفا الكارثة والانفجار.
وصناعة اليأس رائجة ليس في غزة فقط، بل في الضفة الغربية والقدس وما تشهده من انتفاضة مستمرة منذ اشهر والقتل والإرهاب الاسرائيلي مستمر، والقيادة هي من تدعو الى التهدئة في القدس والفصائل تشاركها العجز وتقوم بصناعة اليأس والقهر وتعميمه.
وما زلنا لا ندرك اننا شعب الحرية وتقمع حريتنا، لم تعلمنا تجربة الاحتلال و بشاعته و قساوته شيئاً عن ان نتوافق على مقاومته موحدين، ولم تعلمنا المدارس عن حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير وحق الاختلاف، ونريد من بعضنا ان يشبهنا في تفكيره ورأيه وربما في صورته، وان نحلم نفس الاحلام، ونقرأ الروايات والكتب ذاتها، وان تتشابه في ازياؤنا و خيباتنا.
نشعر بخيبة الأمل وأصبح التشاؤم والحزن مقيم فينا، لهذا نشعر بالتمزق، ولم نفكر اننا بحاجة الى فتح نقاش وحوار وطني ونتعلم من جديد كيف نفكر ونحترم ذواتنا وتاريخنا، وكأننا في بداية المعركة مع ان معركتنا طويلة، ومنذ زمن ونحن نخوض معاركنا منفردين و انشغلنا في معاركنا الداخلية ونبحث في تفاصيل التفاصيل ونسينا ان الشيطان يكمن في التفاصيل، كل يوم نقع في الامتحان ونرسب ولم نستعد للامتحان القادم.
ما زلنا لا ندرك اننا بحاجة الى كرامة غير منقوصة، ونريد اعادة ترتيب بيتنا وإجراء انتخابات حرة نزيه، وقانون يساوي بين الناس ولا يفصل على مقاس الحزب ومطيعاً يحمي مصالحه، نريد وطن خال من الفساد والمحسوبية والقضاء مستقلاُ لا يأتمر بأمر السلطان وينطق باسمه.
لا نريد تجزأت قضايانا، و الاكتفاء بالقول اننا تحت الاحتلال و فلسطين مستهدفة، فالمعارك لا تدار بالأقوال والتمنيات ومن مجموعة كما هي المفاوضات الطويلة اصبحت حياة، والجبهة الداخلية مصدعة و بحاجة الى تلاحم حقيقي كي لا تستخدم لمعارك مفصلة، فالمعركة الحقيقية بتثبيت صمود الناس وتعزيز جبهتهم بالوحدة ومصارحتهم بحقيقة حالنا، ومستقبلنا، وكيفية صناعة الامل في نفوس الناس.
لا نريد الاستمرار في عزلتنا و الصراخ لفك قيودنا، نريد تحرير عقولنا وان لا نكون غرباء عن الوطن، والادعاء ان القيادة والفصائل تقوم بما هو في المصلحة الوطنية العليا. في زمن ثورة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي والانترنت لم يعد مكان ووقت للصمت على صناعة اليأس والقهر، فقدرتنا على البناء كبيرة ما ينقصنا التصالح مع الذات ورؤية ما يجري في محيطنا، كي نصنع الامل للانخراط في مسيرة التقدم نحو المستقبل و الوطن المستباح.