الدراسات الموريسكية بين الواقع والمأمول
أ. د. عبد الجليل التميمي
المدير والمؤسس لمؤسسة التميمي
للبحث العلمي والمعلومات
ترجع تأريخية اهتمامي بملف الموريسكيين الأندلسيين إلى سنة 1966، عندما كنت أنقب في أرشيفات رئاسة الوزراء وأرشيف طوب كابي باستانبول عن كل ما يتعلق برسالتي الجامعية تحت إشراف الأستاذ روبار منتران، أحد المتخصصين الفرنسيين اللامعين عن الدولة العثمانية والعارفين جيدا بأهمية الأرشيفات العثمانية، والذي حثني في أول لقاء معه، على الاهتمام بأرشيفات الدولة العثمانية الغنية جدا عن البلاد العربية. وبالفعل توجهنا إلى استانبول يومئذ، وكنت أول عربي سعى إلى استكناه تلك الأرشيفات العثمانية وتوظيفها في دراساتي وأبحاثي التاريخية فيما بعد.
ودون أن أفرع الاهتمام بأهمية تلك الأرصدة، حيث فصلنا ذلك في أكثر من مناسبة، أتوقف حول الوثائق التي عثرت عليها والخاصة بموضوع الموريسكيين الأندلسيين والتي فتحت بصيرتي على معلومات جديدة حقا حول هذا الملف، إذ من خلال تحرياتي، عثرت في "الدفاتر المهمة" على كل الأوامر السلطانية تقريبا إلى حكام وبيلربايات المغرب العربي، كما عثرت في أرشيفات طوب كابي على أهم رسالة وجهت من أهالي غرناطة إلى السلطان سليمان القانوني سنة 1534. كما عثرنا في عدد من دور الأرشيفات الأوربية: البندقية وفلورانس وباريس وعلى عدد آخر من رسائل السلاطين العثمانيين إلى أدواج البندقية والملكة الوصية الفرنسية يومئذ وبعض القيادات المحلية،. وتبين لي يومئذ مدى دقة وأهمية المعلومات التي جمعتها ووجوب توظيفها، لتساهم في إلقاء أضواء كاشفة حول موضوع الموريسكيين الأندلسيين، خاصة وأن مجمل المؤرخين والباحثين الغربيين، ينكرون على المؤرخين العرب، عدم مساهمتهم في جدلية البحث التاريخي الموريسكي، وهم في الحقيقة والواقع، على حق تماما، كما سوف نرى ذلك من خلال حيثيات هاته الورقة.
لنؤكد أولا أن تاريخ الأندلس منذ إنشاء الدولة الإسلامية فيها إلى سقوط غرناطة، قد حظي باهتمام إيجابي من عدد من المتخصصين الأجانب والعرب، وهذا على الرغم من أن المستعرب الإسباني خوسيه ميغيل بوبرتا، يؤكد أن العرب لم يكتشفوا بعد، الحجم الحقيقي للإرث المعرفي الأندلسي، وهو الأمر الذي دعاه بالتعاون مع مؤسسة التراث الأندلسي، التابعة إلى الحكومة الإقليمية الأندلسية، أن يعمل على تحقيق مشروعين، أولهما : موسوعة التراث الأندلسي وثانيهما : قاموس الإعلام الأندلسيين بمشاركة 80 مستعربا إسبانيا. كما سعى من جهة أخرى، إلى إعداد كتاب جديد عن : يوميات تاريخ الأندلس منذ الفتح الأندلسي حتى سقوطها. وإننا على ضوء ذلك نؤكد أن اهتمام الباحثين والمؤرخين العرب بملف الموريسكيين انطلاقا من سقوط غرناطة سنة 1492 ميلادية إلى تاريخ الطرد الرسمي سنة 1609، كان اهتماما ضعيفا جدا، وهذا إلى درجة عدم الرجوع إليه في المؤلفات والمصنفات الغربية إلى وقت قريب جدا. ناهيكم أنه يوجد في الساحة العلمية الدولية سنة 1982 حوالي 200 متخصصا، وتضاعف هذا العدد اليوم، ليشكل تحديا صارخا للعرب والمسلمين، وهم الذين لم يهتموا بهذه الفترة الحرجة من تاريخ الأندلس، إذ عدد المؤرخين العرب والمسلمين المهتمين بذلك، كان قليلا ولا يتجاوز عشرة متخصصين على أكثر تقدير.
والنتيجة الحتمية لهذه الوضعية، أننا لا نعلم الشيء الكثير عن مأساة الموريسكيين الأندلسيين، إلا بالقدر الذي يذكرنا بضياع الأندلس، الفردوس المفقود وبمحنة الموريسكيين وخروج المسلمين وحركة الجهاد الإسلامي ودور الملكة إيزابلا في إسقاط الأندلس وحرق المكتبات العامة ودور محاكم التفتيش الرهيبة في القضاء نهائيا على الوجود المادي والحضاري للأندلسيين، وطردهم جورا من أندلسهم وخضوعهم للتعميد القسري وحرقهم أحياء، لأنهم تمسكوا بتلابيب دينهم وتقاليدهم ومنظومة حضارتهم، وفرضت عليهم محاكم التفتيش، أقسى وأشنع أنواع الظلم والقهر المادي والمعنوي، وتذويبهم عن طريق دمجهم تماما في المجتمع الإسباني الكاثوليكي. وقد ألهبت تلك الكتابات العاطفية جدا، مشاعر الأمة العربية والإسلامية وجعلتها تردد وتجتر معلومات عادية، دون التعمق في مكنونات وأسرار الاختناق الحضاري للأندلس والقضاء نهائيا عليها.
وقد تبين لنا البون شاسعا بين بحوث المتخصصين والمؤرخين الدوليين وبين القلة القليلة من الباحثين والمؤرخين العرب، الذين أبدوا اهتماما بهاته الحقبة الزمنية، عندما أخذنا مبادرة جمع كل البيانات الببليوغرافية عن الدراسات الموريسكية المنشورة في العالم، منذ أواخر القرن السادس عشر وحتى سنة 1994، حيث قمنا بمكاتبة المئات من المتخصصين والمعنيين الدوليين، ليمدونا بقائمة بحوثهم المنشورة وكذا المشاريع العلمية التي هي تحت الإنجاز. وكان الهدف من ذلك إعداد :
الببليوغرافيا العامة للدراسات الموريسكية-الأندلسية
وهي الببليوغرافيا التي توفقنا في إصدارها سنة 1995، وغطت كل البحوث والدراسات التي نشرت أو هي قيد الإعداد. والحقيقة أن إعداد تلك الببليوغرافيا، قد تطلب منا عملا متواصلا خلال سنوات. ووجدنا في الأستاذ لوي كاردياك أول المتخصصين الدوليين، التشجيع والدعم العلمي الذي مكننا من تذليل الصعوبات ووضع بيانات مكتبته الشخصية على ذمتنا، للاستفادة منها في عملنا. وبالفعل فإن هاته الببليوغرافيا تعد الأولى من نوعها على الصعيد الدولي، وهو ما جعل الأستاذ كاردياك نفسه ينوه بها "كأداة أساسية وضرورية للبحث في هذا الميدان، حيث أن الجميع طالما حلموا بإنجاز مثل هذه المبادرة والتي ستعطي دفعا جديدا لدراساتنا وستكون مصدرا ثمينا لمعلوماتنا وأداة للتفكير..."
وعلى أية حال، أكدت هاته الببليوغرافيا على أهمية هذا المبحث "الموريسكولوجي" (Moriscologie) الذي يحظى بعناية جدية في كل الجامعات الإسبانية وبعض المراكز الأخرى بأوربا وبأمريكا، التي اهتمت بهذا الحقل من الدراسات الواعدة، وتوج ذلك بصدور العشرات من الدراسات العلمية كل شهر، وكذا بروز العديد من المؤرخين الشبان الإسبان والبورتوريكيين وغيرهم وأيضا بتنظيم المؤتمرات ونشر دوريات متخصصة في هذا المجال. ولا بدّ لي أن أتوقف الآن قليلا حول الدروس التي استخلصتها من إعدادي لهاته الببليوغرافيا، وهي محيرة ومقلقة في نفس الوقت :
- أولا : أننا حصرنا حوالي 1500 اسما للمؤلفين الدوليين، من غير العرب ولا المسلمين، الذين نشروا بحوثا حول ملف الموريسكيين الأندلسيين، في حين حصرنا حوالي مائة اسم عربي فقط، ممن نشروا حول نفس الملف، طوال القرن العشرين، وكان اهتمام الباحثين والمؤرخين الدوليين بهذا الملف منذ القرن السابع عشر ميلادي، والبون الشاسع بين الاهتمامين كما سنشرحه لاحقا.
- ثانيا : أننا حصرنا 3577 مصدرا ومرجعا لهاته الدراسات وأن مساهمة العالم العربي والإسلامي هي بحدود 130 بحثا باللغة العربية وحوالي 40 بحثا آخر فقط، مترجمة إلى العربية من عدة لغات : الإسبانية والفرنسية والإنڤليزية، وهذا أمر في غاية الدلالة على ضعف وهامشية المساهمة البحثية التاريخية العربية.
- ثالثا : أننا حصرنا 850 بابا وموضوعا تمت معالجته من قبل الباحثين والمؤرخين الدوليين، حيث طبقوا آليات ومناهج علمية مختلفة على اكتشافاتهم الأرشيفية الجديدة، وكانوا وراء تفعيل وتطوير الدراسات الموريسكية التي غطت أدق التفاصيل والإشكاليات التاريخية. وإليكم بعض تلك الإشكاليات الجديدة والفاعلة والتي غيرت تماما شبكة معلوماتنا عن الموضوع وفقا لبعض المحاور التالية :
- أملاك الموريسكيين في كل المدن الأندلسية وبيعها وتفقير أصحابها...
- الأموال والأملاك المستولى عليها من طرف محاكم التفتيش والكنائس وخاصة منها الأحباس وبيت مال المسلمين والتي شكلت في المجتمع الإسلامي عموما، الركن الأساسي للفعل الاجتماعي الخيري...
- سجلات الضرائب المفروضة على الموريسكيين وتحملهم النفقات العامة لمحاكم التفتيش وحتى مصاريف السجون اليومية، كانت بمبلغ 20% قد تأتت من المصادرات والضرائب على الموريسكيين...
- الأطباء الموريسكيون ومجالات تأثيرهم في قصور النبلاء...
- التأثيرات الفنية داخل الأندلس وحتى في أمريكا اللاتينية...
- الجدل الديني بين الموريسكيين والبروتستانت والكاثوليك واليهود...
- الجرائم وأنواع العقوبات المسلطة عليهم وعلى الأخص على النساء، حيث دفعن إلى ممارسة أبشع المهن كالبغاء مثلا...
- الحياة الدينية اليومية للموريسكيين في بعض المدن الأندلسية...
- اندثار مئات القرى من الخريطة الجغرافية وأسباب وتداعيات ذلك...
- الرقابة الإيديولوجية ودورها في عمليات الإقصاء والطرد والتهميش...
- طرد الموريسكيين، مدينة بعد مدينة وأعدادهم والانعكاسات الاقتصادية والديمغرافية والاجتماعية لعملية الطرد في الفضاء الأندلسي...
- التحريات الأثرية القليلة في الفضاء الأندلسي.
- الأنثروبولوجيا الثقافية للموريسكيين : المطبخ واللباس والحلي ودواخل البيت الموريسكي...
- الموسيقى الأندلسية وتأثيراتها على الموسيقى الأوربية.
- حصر دقيق لآلاف القضايا الموريسكية في العديد من المدن الأندلسية وتواريخ ذلك والتي قامت بها محاكم التفتيش وحيث احتفظت إلى اليوم بملايين الوثائق التي لم تبح بعد بكل مكنوناتها.
- المشاهد الزراعية والريفية والبؤس الذي لاحق الموريسكيين أينما حلوا...
- المهمشون الموريسكيون والمرضى والمعوقون وهم المغيبون في الكتابات التاريخية.
- مهن الموريسكيين المختلفة، صغيرها وكبيرها وأحقرها..
- حصر الأعلام الموريسكيين في كل قرية أو مدينة أندلسية.
- المنحى الجديد لدراسة الأدب الألخميادو والذي اتخذ خلال العشرين سنة الماضية في جامعات بورتو ريكو وأوفييدو بشكل خاص...
- انتفاضات الموريسكيين العديدة والتوقف عند كل خصوصياتها خلال القرن 16 ميلادي وتحويل معظمهم بعد فشلها، إلى عبيد والقبض عليهم وبيعهم في الأسواق وعدم معرفتنا لمصيرهم بعد ذلك
تلك بعض الإشكاليات التاريخية الجديدة التي تناولها الباحثون الدوليون اليوم، وحيث أن وتيرة الإنتاج في هذا المبحث تبلغ 4 دراسات جديدة يوميا، اعتمادا على مصادر أو مخطوطات أو وثائق جديدة، تم اكتشافها وكانت وراء موقعة التاريخ الموريسكي الأندلسي، موقعا متجددا وفاعلا في التأطير والمقاربات التاريخية الواعدة.
ناهيكم أنه مصادر أرشيفية جديدة تكتشف يوميا سواء كان ذلك في المؤسسات الأرشيفية الحكومية الإسبانية أو الفرنسية أو على الخصوص لدى العائلات الأندلسية العريقة والتي اكتشفت جذورها الأندلسية وتقوم اليوم بعمل هام جدا، كإيجاد موقع على مستوى الأنترنت حول تاريخ الموريسكيين، وهو ما سنعرج عليه في خاتمة هذا البحث.
ولا بد أن أتوقف قليلا حول نشاط مخبرين أساسيين حول الدراسات الألخميادية بصفة خاصة أحدهما بجامعة أوفييدو بإسبانيا وثانيهما بجامعة بورتوريكو، هذا فضلا عن المراكز والمختبرات العديدة بإسبانيا وبعدد آخر من الجامعات الأوربية.
فالمخبر الأول الذي كان وراءه شيخ المتخصصين اليوم وهو الأستاذ الإسباني ڤالماس دو فوانتس الذي أرسى الدراسات الألخميادية منذ السبعينات عندما عقد المؤتمر الأول سنة 1972 وقام بنشر العشرات من النصوص الالخميادية. ثم جاء بعده تلامذته والذين شكلوا هيئة علمية قامت بنشر دورية الألخميادية، وهي الدورية التي اقترح انشاؤها بادئ الأمر في إحدى مؤتمراتنا بالمؤسسة، وقد صدر عددها 14 هذه الأيام. لقد تمكنت هاته الدورية الجديدة من تكشيف كل الدراسات الألخميادية والموريسكية الصادرة في العالم وأصبحت بذلك أداة عمل جوهرية لمن يروم مواكبة آخر المستجدات البحثية في هذا الاختصاص، وهذا هو السبب الذي كان وراء دعوتي منذ عدة أشهر، للتنويه بهذا المخبر العلمي وإعداد كتاب تكريمي للإنجازات العلمية الهامة التي تحققت في إطاره، وهو الكتاب التكريمي الذي سوف نعده بمناسبة عقدنا لمؤتمرنا القادم في ماي 2003.
أما المخبر الثاني فقد أشرفت عليه الأستاذة الشهيرة الباحثة ذات الصيت د. لوث لوباز بارلت، والتي عشقت الأدب الموريسكي ونشرت ستة عشر كتابا و132 بحثا، وسعت للكشف عن المخطوطات الأعجمية في العديد من الدول الأوربية وفي تركيا والبلاد العربية، وقامت بالإضافة إلى ذلك وهذا هو المهم، بتكوين أكثر من عشرين من طلبتها من شابات وشبان بورتو ريكو للتخصص في علم الموريسكولوجي بحذقهم اللغة الألخميادية، والذي مكنهم من تحقيق نصوصها وإعداد العشرات من رسائل الدكتوراه وهي الأعمال التي يجهل عنها العالم العربي كل شيء. وقد اندهشت شخصيا أثناء زيارتي لجامعة بورتوريكو، للمناخ العلمي والإنتاج البحثي الذي ميز هذا المخبر. أين هي المراكز العربية الجامعية التي أولت اهتماما بهذا التخصّص
ولأحد أن يتوجه إلينا بالتساؤل الآن عن دور مؤسستنا في هاته الحركة التاريخية عن موضوع الموريسكيين، ثم ما هي تداعيات ذلك خلال العشرين سنة الماضية
قبل أن أجيب عن هذا السؤال، أذكر هنا بحدث علمي بارز، عشته وكان له الأثر المباشر في تعميق وحتمية اهتماماتي بملف الموريسكيين، عندما حضرت بدعوة من الأستاذ الفرنسي لوي كاردياك، فعاليات المؤتمر العالمي الأول لهاته الدراسات بجامعة مونبليي سنة 1981، وهو المؤتمر الذي حضره أهم المتخصصين الدوليين يومئذ وبعض المشاركين العرب. وكان حوارنا هادفا وفاعلا في استشراف حقيقة التوجهات البحثية التاريخية الدولية، وتبين لي مدى الإنغلاق المنهجي لتوظيف المصادر الإسبانية فقط وعلى الأخص منها أرشيف محاكم التفتيش، والتي تعتبر ألد أعداء الموريسكيين، ثم استعمال مصطلحات بائسة ومسيئة للموريسكيين والأمثلة عديدة على ذلك. ونظرا لعدم تنظيم ولا مؤتمر واحد في الفضاء العربي حتى ذلك الحين حول هذا الملف، أخذنا على مسؤوليتنا مبادرة دعوة المئات من المؤرخين والباحثين الدوليين إلى تونس والشروع في استراتيجية جديدة، قضت بإجراء حوار رفيع المستوى مع الأكاديميين الدوليين وعلى الأخص منهم مع الجيل الجديد، وهذا ما تم فعلا حيث نظمنا منذ سنة 1983 إلى اليوم، 11 مؤتمرا دوليا وقمنا بنشر جميع البحوث المقدمة فيها، هذا فضلا عن نشرنا للعشرات من الدراسات الأخرى في المجلة التاريخية المغاربية. كما قمنا وهذه بادرة أخرى ذات دلالة علمية كبيرة، بتكريم ثلاث شخصيات دولية متخصصة في الدراسات الموريسكية وهم : فرنسي وإسبانية وبورتوريكية، وهم الذين أدوا خدمات جليلة خلال مسيرتهم البحثية الطويلة، وقد قمنا بإعداد كتب تكريمية لهم، وفاء واعترافا لمجهوداتهم العلمية الاستثنائية في الدفع بهاته الدراسات الموريسكية إلى الأمام وعلى الأخص للموضوعية والأمانة اللتين تحلت بهما بحوثهم الرائدة، وهي الدراسات التي لم تصل إلى علم المؤرخين والباحثين العرب، وكان الواجب يفرض علينا مواكبتها والاطلاع عليها من طرف عموم الباحثين. وإليكم الآن جدولا إحصائيا بمجمل الدراسات التي تم نشرها في مؤسستنا :
264 باللغة الإسبانية
130 باللغة الفرنسية
63 باللغة العربية
14 باللغة الإنڤليزية
1 باللغة البرتغالية
120 بعض الملخصات بالعربية
592 المجموع
ومعنى هذا أننا توفقنا في نشر 409 بحثا لأشهر المؤرخين الدوليين في هذا الاختصاص باللغات : الإسبانية والفرنسية والإنڤليزية والبرتغالية، وهو ما يفوق نسبة 11% من العناوين المكشفة بالببليوغرافيا العامة للدراسات الموريسكية، لكن في إطار ذلك العدد لم ننشر إلا 63 بحثا بلغة الضاد، وكان نصفها مترجما عن الفرنسية أو الإسبانية أو الإنڤليزية
وإليكم بعض المحاور التي تعرضت لها هاته البحوث في إطار تلك المؤتمرات العالمية التي عقدناها، وأنه يستحيل علينا التوقف عند ماهية متن كل تلك البحوث، إلا أننا نقدم هنا بانوراما لعدد من التوجهات البحثية الأصيلة والجديدة حقا والتي تناولت :
- توظيف الوثائق العثمانية لأول مرة، وهو ما فتح مجالا جديدا للبحث وألقى أضواء كاشفة على خلفيات موقف العثمانيين حيال المسألة الموريسكية باحتضان الموريسكيين ودمجهم في المجتمع العثماني المسلم واستقرارهم في الأناضول ومنحهم الأسبقية في الوظائف السامية للدولة وهذا بحكم خبرتهم ومعرفتهم الجيدة باللغة القشتيلية وباسبانيا : شعبا وتقاليد ودينا وحضارة وعلى الخصوص بالفضاء البحري المتوسطي وبصناعة الأسلحة والسفن، حيث اكتسبوا خبرة فنية فيه ووظفوها لصالح الدولة العثمانية في حروبها في المتوسط. كما وظفت بعض الوثائق العربية المستخرجة من دفاتر المحاكم الشرعية المصرية حول الوجود الموريسكي بأرض الكنانة. ومازالت الأرشيفات والمخطوطات العربية بالمغرب العربي وبلاد الشام، وغيرها من المكتبات والأرشيفات الأوربية لم تبح لنا بكل أسرارها.
- الأطفال الموريسكيون وأزمة الهوية الأندلسية.
- الأطفال الموريسكيون بالمرية بين الإدارة والاستعباد وتنشئتهم منذ الصغر على الولاء للكنيسة.
- بداية التعايش المستحيل : غرناطة المدجنة خلال الفترة الأولى بعد السقوط ...
- تطبيق الموريسكيين للشعائر الإسلامية وملابسات ذلك...
- الفن المعماري لكاتدرائية تارازانا، كرمز للتعايش الثقافي بإسبانيا خلال القرن 16...
- استيعاب النخب الموريسكية وتعميدها ومنح أسماء لاتينية وترقية البعض منهم ثم نجاح عملية التبني الاندماجية في المجتمع الكاثوليكي.
- دور الفقهاء في صمود الجماعات الإسلامية وحيث كانوا الحراس الأمناء لضمير الأمة.
- دور التقية للحفاظ على الشخصية الإسلامية خلال أكثر من قرن 1492-1609.
- النظرة إلى الموريسكيين من خلال اللوحات والرسوم، حيث جسمت ثلث لوحات النصف الثاني من القرن 19، مأساة السقوط والطرد التعسفي، في حين لا يوجد شيء في متاحفنا جميعها، ما يذكر بهاته المأساة، وتلك هي حلقة جديدة مكملة لهذا العقوق والنسيان.
- الديمغرافية الموريسكية في قرطبة : التحليل والأبعاد 1569-1609...
- الدراسات المقارنة للأوضاع الاجتماعية والدينية للأقليات الموريسكية واليهودية بالأندلس.
- الاتصالات الثقافية، حيث كان الهدف منها النسيان الطوعي والعمل المنغمس في صيرورة قتل الذاكرة التاريخية ومحاولات الدمج الثقافي للغرناطيين...
- عملية إبراز الهوية الإسلامية في وسط مسيحي ...
- تداعيات تلقين العقيدة الكاثوليكية للموريسكيين...
- دور المرأة الموريسكية في المقاومة المسلحة أولا ثم الحضارية بعد ذلك، بإصرارها مثلا على حمل اللباس الأندلسي، في حين تبنى الرجل الموريسكي مكرها الزي الإسباني. كما كانت المرأة الحصن الواقي لتلقين الأبناء أساسيات دينهم وحضارتهم.
- المرأة الموريسكية وصورتها في المخيال الغربي وفي عمليات إبعاد العائلات من سرقسطة وتكشيف لأملاكها وأعدادها. ثم أضواء نسائية وثقافية شعبية في الشعر الإسباني.
- الموريسكيات الغرناطيات قبل الزواج... ووضعية الأطفال دون السابعة وتعميدهم زمن الطرد ومصيريتهم بعد ذلك...
- موريسكي منجم وخبير بشؤون النساء...
- الطابع الانتقالي والحدودي للثقافة الموريسكية ...
- الممارسات الإسلامية في مجابهة الطقوس المسيحية.
- علاقة الموريسكيين والمسيحيين الجدد في مناطق داميال خلال القرن 16...
- التأثيرات اللغوية في المناخ الديني والثقافي للأدب الألخميادو...
- المخطوطات الألخميادية كمصدر تاريخي للقرن 16... وكتاب الأنوار لمحمد رمضان والذي اشتمل على 17000 بيت شعر، وهو يعد أكبر الشعراء في القرن 17 وديوانه محرر بالأحرف العربية ولكن بلغة قشتيلية...
- ماذا ينسخ النساخ الموريسكيون ثم إشكاليات توزيع كتاباتهم سرا على المريدين...
- الثقافة اللغوية في الأدب الألخميادو...
- الخط العربي كتعبير لرمز مقدس في النصوص الألخميادية
- السحر الموريسكي في وثائق محاكم التفتيش...
- عالم عادات المدجنين خلال القرن 15 : الزفاف والطلاق.
- ثمن العقيدة من متون سجلات محاكم التفتيش ببلنسية.
- عمليات الطرد التعسفي من غرناطة على إثر ثورة البشرات سنة 1568 والتي استمرت سنتين كاملتين، ثم المهاترات والأوصاف البذيئة التي جاءت على ألسنة الموريسكيين والمسيحيين إزاء لبعضهما البعض ولا سبيل إلى تعدادها هنا...
- عمليات طرد الموريسكيين من اقطاعات الإسبان الأراقونين...
- التعاطف مع الموريسكيين في التآليف الأدبية الغربية، وصورة الموريسكي في المسرح الإسباني انطلاقا خلال القرون 16، 17، 18 و19.
- دراسة الملكية الموريسكية خلال العقد الثالث من القرن 16...
- الحضور الموريسكي في نصوص فلاسفة القرن 18...
- الرقص الموريسكي في الأعياد الإسبانية.
- الإنتاج الفلاحي في المرية، من خلال مقارنة سجلات العشور...
- مساهمة الموريسكيين في تطوير الفلاحة بتونس...
- وضع الدراسات الموريسكية بالولايات المتحدة وروسيا وإسبانيا وفرنسا وتكشيف دقيق لإنجازات بعض الجامعات الإسبانية مثل جامعة مالقة.
- الوجود الموريسكي بعد الطرد في سنة 1727، عندما عثرت محاكم التفتيش على 5 من أكبر قساوسة كنائس غرناطة، يمارسون الإسلام سرا وقد اتخذت محاكم التفتيش يومئذ، قرار حرقهم أحياء داخل كنائسهم.. وهذا موضوع في غاية الدلالة على مدى الجذوة والإيمان الذي سكن المجتمع الأندلسي بعد 118 سنة من الطرد..
- ثم التأثيرات الموريسكية المتنوعة في أمريكا اللاتينية من خلال الفن المعماري والتقاليد والأسماء والسمات الفيزيولوجية خلال عدة قرون. وفي هذا الإطار نذكر بكتاب ظهر قبل بعض سنوات وبالتحديد سنة 1997 لمجموعة من الباحثين تحت عنوان : حول مظاهر الأندلس فيما وراء المحيط الأطلسي Al Andalus Allende El-Atlantico وهو من منشورات اليونسكو ومؤسسة الأندلس، وهدفه الجوهري هو نفي النظرية القائلة بقوة التأثير الموريسكي في أمريكا اللاتينية، كما أكده أكثر من باحث : بدءا من المؤرخ المكسيكي Toussaint الذي وضع لنا كتابا في غاية الأهمية التاريخية، مبينا بالأدلة والصور على وجود أكثر من 200 من أهم البناءات المعمارية ذات تأثير موريسكي عليها. وكان الأولى بنا تعريب مثل هذا الكتاب المرجعي منذ صدوره من نصف قرن ؛ كذلك الأستاذ لوي كاردياك الذي أجرى أبحاثا تاريخية هامة حول الوجود الموريسكي بأمريكا اللاتينية وقمنا بتعريب ذلك في حينه وأخيرا وليس آخرا الدكتورة ماريا ألفيرا سڤرزازو من الأرجنتين التي نشرت عدة كتب تشرح فيها قوة التأثيرات الحضارية والتي مازالت قائمة حتى اليوم. إلا أن كتاب اليونسكو المذكور ينفي مثل هذا التأثير الحضاري الموريسكي في أمريكا اللاتينية. ومع هذا فقد قررنا إدراج هذا الموضوع كأحد المحاور الرئيسية في مؤتمرنا القادم والذي سيعقد في أوائل شهر ماي 2003.
- ثم هناك عمليات تفكيك الأسرة الموريسكية الواحدة من خلال الإرهاصات والملاحقات اليومية وبث العيون حتى في البيت الواحد لمن يمارس الدين الإسلامي سرّا.
- الموريسكيون والمدجنون في القلاع الإسبانية في شمال إفريقيا...
إلى غير ذلك من الإشكاليات التاريخية الجديدة والتي خرجت من منطق البكاء والثرثرة العاطفية البائسة واجترار المعلومات الثانوية العادية والتي حبست المخيال والرأي العام العربي في بوتقة ضيقة جدا، في حين سعى المؤرخون الغربيون بفضل التحولات الدقيقة للمدارس التاريخية، العمل على توظيف آليات ومنهجيات جديدة أحدثت، والحق يقال، انقلابا معرفيا وجوهريا لشبكة المعلومات الهامة والتي أصبحت بحوزتنا اليوم حول الملف الموريسكي.
لا نستطيع إذن أن نأتي على كل الملفات التاريخية التي تطرق إليها المؤرخون في أحد عشر مؤتمرا والتي قمنا بتنظيمها وقدموا خلالها مئات الدراسات (409) والتي توفقنا في اصدارها في منشورات مؤسستنا خلال العشرين سنة الماضية، إذ ذلك يتجاوز إطار هاته المقاربة، ولكني أحرص على التركيز على عدد من النتائج الجوهرية في غائية وآليات هاته الدراسات :
- إن البحث الموريسكي، أصبح اليوم تخصصا قائما بذاته في منظومة التاريخ الأندلسي الشاملة، ويحظى باهتمام متزايد في الجامعات والمراكز الإسبانية ويدرس اليوم كمادة أساسية في البرامج الجامعية وأن الباحثين والمؤرخين العرب القليلين، قد ساهموا مؤخرا في تطوير هاته الدراسات من خلال انتظام حوارهم البحثي مع العديد من المؤرخين الدوليين. إذ حضورهم المكثف في مؤتمراتنا منذ عشرين سنة يعد علامة بارزة على ذلك، ثم منحهم لنا ثقتهم العلمية بمدنا بنتائج بحوثهم لتنشر في مؤسسة عربية، وهذا ما شكل تحولا دقيقا وفاعلا في غائية هذا الحوار العلمي الذي أرسيناه معهم.
- إننا لمسنا تحولا علميا هادئا وفاعلا للمصطلحات التاريخية المستعملة اليوم، إذ لم يعد هناك ما يمكن أن نعتبره تغييبا للحقيقة التاريخية حيال هاته المأساة التي عاشها الشعب الأندلسي برمته، عندما مارست الكنيسة والحكام المتعصبون، أبشع أنواع الظلم والطرد التعسفي والتعميد القسري، بل وأن المؤرخين والباحثين الدوليين، أصبحوا اليوم أكثر تفهما وإدراكا لدراسة مختلف التداعيات الإجتماعية والدينية والإقتصادية والحضارية، وأن العديد من المؤلفات الغربية قد أنجزت ونشرت لتشكل رافدا أساسيا في الملف الموريسكي. غير أني لا أعمم هنا، إذ مازالت النزعة الاستعلائية والتعتيمية، تمارس من بعض المؤرخين الإسبان والفرنسيين، لأسباب عديدة لا سبيل إلى ذكرها هنا.
- أن الوثائق والمخطوطات العربية وخصوصا العثمانية منها، قد تم البدء في توظيفها في الدراسات الموريسكية بشكل محتشم، ونحن مدعوون إلى دعم هذا التوجه العلمي السليم في إثراء هاته الدراسات التاريخية، ذلك أن المؤرخين الغربيين يقرون بإيجابية ذلك في البحوث التي نشرت حتى اليوم، ومازالوا ينتظرون منا الجديد في هذا المجال.
- إن الاهتمام بالملف الموريسكي أصبح محل تأمل وتفكير عميقين لسياسات الإقصاء والتهميش التي مورست على الشعب الموريسكي في أندلس الحضارة. ونذهب إلى الاعتقاد أن تأطير هاته الحقبة المؤلمة من تاريخ الأندلس، من شأنه أن لا يغيب عنا هول هاته المأساة الرهيبة التي حلت بالموريسكيين منذ سقوط غرناطة وحتى الطرد القسري، وحيث تم اجتثاثهم من أرضهم ووطنهم ودينهم، وتلك مظلمة لحقت بهم في حياتهم واستمرت حتى بعد مماتهم.
وهنا أعرج الآن على رسالة وصلتني منذ ثلاثة أشهر فقط، ووجهت لي من السيد حسين أبو طاهر لوزانو الذي هو، كما جاء في رسالته، من الإسبان الذين أسلموا، وقد جاء في رسالته : "أن جماعة من المسلمين الأندلسيين : مهندسين ومؤرخين ومحامين وشخصيات أخرى، مهتمة أصلا بمعرفة ماضيها الثقافي، قد قرروا فتح موقع على مستوى الأنترنت لنشر اللغة الإلخميادية، كعنصر للهوية الثقافية لمعرفة الحلقة المفقودة من ماضينا والتعريف بتاريخ الموريسكيين"، حيث تأكدت لديهم جذورهم الموريسكية، وقد قاموا بإنشاء : مركز الدراسات الموريسكية بالأندلس Centro de Estudios Moriscos de Andalucia (CEMA) وفتحوا الموقع التالي على مستوى الأنترنت www.andalucia.cc/aljamia وكما جاء في الصفحة البيانية الأولى لهذا الموقع الجديد : إن هذا المركز سيعمل وبموضوعية على دراسة الثقافة الموريسكية الأندلسية خلال القرنين السادس والسابع عشر الميلاديين، من خلال الكتابات الألخميادية "العجمية" والتي كانت المرآة الحقيقية للهوية الأندلسية. وقد نشرت ملخصات لبعض الدراسات الهامة المنشورة وطلبوا منا وفقا لذلك، مدهم ببعض الملخصات للتعريف بالدراسات المنشورة لدينا. كما أنهم عززوا هذا الموقع بركن فني ضم عددا من اللوحات والرسوم والبناءات المعمارية الموريسكية الأندلسية، ساعين إلى تحديثه تلقائيا وخاصة بنشر عناوين التآليف الجديدة المنشورة في اسبانيا وغيرها من البلدان عن الموريسكيين، في محاولة منهم رد الاعتبار التاريخي لهؤلاء المظلومين، ووقف مهزلة نسيانهم أو تغييب الكتابات الموضوعية عنهم إلى وقت قريب جدا.
وعلى ضوء هاته البيانات والمعلومات المختلفة، هل لنا أن أقدم بعض الاقتراحات لتبني استراتيجية عربية فاعلة مستقبلا لنعمل على منح هذا الحقل من الدراسات ما يستحقه من عناية ونكفر عن إهمالنا الكبير من خلال موقعة هؤلاء الموريسكيين المظلومين، موقعا تاريخيا جديدا واستنطاق شهاداتهم والتعريف بأدبهم الأعجمي وتعريبه ونشره اليوم. وعليه فإني أتقدم بالاقتراحات التالية :
أولا : السعي إلى تعريب مختارات من الأدب الموريسكي من خلال دراسة لغوية وتاريخية لعودة النص العربي إلى أصوله وهو المكتوب بلسان أجنبي ، خاصة وأن مركز أوفييدو، قد نشر حتى الآن 11 مخطوطة، وجامعة بورتوريكو برئاسة لوث لوباز بارلت وجامعة توبنقن بإشراف الأستاذ كونتزي، قد نشروا جميعهم عددا من النصوص الإلخميادية الأساسية ثم الأستاذ أوتمار هايجي من كندا، قد قام هو الآخر بنشر بعض النصوص وترجمت جميع هاته النصوص عن تأصل كيان الموريسكيين ودفاعهم المستميت عن هويتهم وأندلسيتهم. إن التفكير في نشر مثل هذه المدونة الأدبية، هو رد اعتبار لهم. وقد تقدم أحد المتخصصين اللامعين وهو الأستاذ د. نجيب بن جميع، أستاذ الأدب الألخميادو بكلية الآداب بجامعة منوبة بتونس بهذا الاقتراح وأبدى استعداده للقيام بهاته الرسالة البحثية.
ثانيا : إني اقترح إنشاء موقع على مستوى الأنترنت باللغتين الإسبانية والعربية في نفس الوقت، عن ملف الموريسكيين : من حيث وجودهم وتوزيعهم في الفضاء الأندلسي وخارجه ومأساتهم ومصيريتهم وآليات محاكم التفتيش للإجهاض عليهم، ثم العمل على جمع البيانات المتفرقة عنهم، وتعزيز ذلك بنشر عدد من الدراسات الأكاديمية الهامة تباعا ودوريا، وليس فقط نصوص الملخصات. أما إذا أمكننا الكشف عن المصادر الأرشيفية العربية والعثمانية والأوربية الجديدة، وتقديم بيانات عنها في هذا الموقع الانترناتي، فإن هذا من شأنه أن يثري ويكسب الموقع المرجعية التوثيقية المطلوبة. إن البدء في التفكير فيه والتخطيط له من طرف هيئة علمية هو أهم خطوة عملية في ذلك، ويبقى التمويل، فتلك مسألة توكل إلى هيئة مالية أخرى.
ثالثا : كما أتقدّم باقتراح إعداد دائرة معارف موريسكية متكاملة باللغتين العربية والإسبانية. إن هذا المشروع قد تم الإعلان عنه من طرف الأستاذ ميكال دي ايبلزا منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة، ولم يتبلور حتى اليوم لأسباب لا سبيل إلى ذكرها هنا. وأرى أن الوطن العربي باستطاعته القيام بذلك، إذا صدقت النية، وإنه من المخجل أن يتم إنجاز عدد من دوائر المعارف المختلفة في البلاد العربية عن كل ما هب ودب، دون الاهتمام بهذا الملف الحضاري، وهو أمر مدعاة للحيرة والقلق. فهل من استفاقة ضمير لتحمل هاته المسؤولية التاريخية تجاه الأندلس
رابعا : إني أدعو من هذا المنبر، السعي إلى تكثيف المجهودات لتعريب الدراسات التاريخية الفاصلة في تاريخ الموريسكيين، وهي الصادرة شهريا في عديد المراكز الغربية، هذا فضلا عن بضعة آلاف منها قد صدرت خلال القرن العشرين، ولم يعلم عنها الوطن العربي شيئا وأن نظرة فاحصة على الببليوغرافيا التي قمنا بنشرها، يجعلنا أكثر خجلا من أنفسنا ومن قصورنا في أداء هاته الرسالة.
وللعلم فقد نشرنا أعمال المؤتمرات العالمية العشرة بعدة لغات ولم نتمكن من تعريب إلا أعمال المؤتمر الثالث. أما أعمال المؤتمر الثاني عن : دين وهوية الموريسكيين، فتم تعريب 70 دراسة من الإسبانية والفرنسية، ولم نتمكن من نشرها منذ 18 سنة وحتى اليوم. أما أعمال المؤتمرات الرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر، هذا فعلا عن الكتب التقديرية الثلاث التي نشرناها جميعا وضمت أكثر من 409 دراسة أكاديمية جديدة، فإنه ليس باستطاعتنا حتى التفكير في هذا الموضوع، وهذا على الرغم من أننا عربنا عدة أعمال أكاديمية والعشرات من الدراسات التاريخية المهمة جدّا والمنشورة لدينا.
- لا أنسى أن أشير هنا إلى مناقشة المئات من رسائل الدكتورا في عدد من الجامعات الغربية والإسبانية بصفة خاصة والأمريكية والتي لا نعرف عنها شيئا وقد وجب تكشفيها أولا ثم وضع مخطط للتعريف للبعض بها ..
- وفي هذا السياق سيكون من المفيد مواصلة وتكملة تكشيف ببليوغرافيا الدراسات الموريسكية بعد أن توقفنا في نشر الببليوغرافيا الأولى حتى أواخر سنة 1994، إذ ذلك يتطلب أكثر من مجهود جماعي لإنجازه.
خامسا وأخيرا : هو تجاهل السينمائيين العرب وتغييبهم للتاريخ الأندلسي تماما من اهتماماتهم، وهو ما يفسر عدم إعدادهم لأفلام ولو قصيرة حول هذا الملف. إن مسرحية "القصّة" الدرامية التي كتبها الشيخ د. سلطان القاسمي حول مأساة الموريسكيين ومثلت على مسارح الشارقة، قبل عدة سنوات، لجديرة بالبث بشكل موسع في الفضاء العربي، لتكون نموذجا وقدوة لمن يروم تطويع وتقريب التاريخ الأندلسي لأبناء الأمة حتى تعمل على استخلاص العبرة ونجنب أمتنا المزيد من سقوط أندلسيات مقبلة ...
في خاتمة هذه المحاضرة أنتهز الفرصة لأشدّد على أهمية الحوار الأكاديمي مع الباحثين والمؤرخين الغربيين والأمريكيين، إذ التواصل معهم، يشكل أحد الرهانات الفاعلة مستقبلا. وهذا ما يستوجب منا تبني آليات واستراتيجية بحثية متكاملة لوضع أسس الشراكة العلمية لهذا الملف ولغيره من ملفات التاريخ الأندلسي خاصة والعربي عموما.
زغوان في 18/12/2002 أ. د. عبد الجليل التميمي
- أن التاريخ الموريسكي أصبح يشكل اليوم ما أطلقنا عليه علم الموريسكولوجيا والذي يحظى بعناية متزايدة من الجميع وخاصة من الجيل الجديد من المؤرخين والذي توجه إلى المخزون الأرشيفي الإسباني لمحاكم التفتيش وأرشيفات البلديات، وهو يعد بالملايين، ليستقي منه أرصدة معلوماته منها وشكل ذلك بحق تفعيلا لمعلوماتنا عن هذا الملف المعقد جدا.
__________________
غنية هي لحظاتنا .....
كل لحظة تمضي هي شئ فريد ...
لن يتكرر ابدا ابدا ...
فانت لن تكون فقط
كما كنت في اية لحظة سابقة ..
كل لحظة تمضي هي بصمة اصبع ..
لا تتكرر....
كالحياة ... يستحيل استحضارها مريتن...
http://www.voy.com/133883/2/472.html