فاطمة عبد الرؤوف
ثمة عدد من المشكلات والقضايا لا تلقى الاهتمام والانتباه على الرغم من خطورتها وآثارها على أمن المجتمع الإسلامي واستقراره ، وتجاهل مثل هذه القضايا بشبه تجاهل النيران تحت الرماد الذي قد يؤدي في النهاية إلى كارثة !
ومن القضايا التي يتم تجاهلها قضية الثقافة الجنسية للفتيات


، فالفتاة المسلمة اليوم تعاني لأنه لا أحد يهتم - حقيقة- بمشكلاتها الجنسية الخاصة ؛ فالأم أقرب إنسان إلى الفتاة تتحرج أن تتحدث مع ابنتها في مثل هذه الأمور ، وإن تحدثت معها فبلسان النصح الجاف أو التحذير أو التخويف ، وتستشعر الفتاة أنه من غير اللائق أن تسأل أمها في مثل هذه الأمور ( لأنها قلة حياء ) فتتباعد عن أمها وتتحدد نظرتها إلى هذه الأمور الجنسية وفقا لأحد احتمالين :


الاحتمال الأول: هو رفض الفتاة واحتقارها للجنس ؛ لأنه شي هابط لا يليق بالفتاة المهذبة أن يكون لديها شعور إيجابي نحوه ، إضافة لاحتقار مظاهر أنوثتها التي ترتبط في ذهنها بالدخول في مرحلة جديدة مرفوضة بالنسبة لها ، وربما يصل الأمر في النهاية إلى رفض وكراهية الزوج نفسه

، وإن تزوجت فمن أجل العادات والأعراف لا أكثر ولكنها تظل تعاني في زواجها ؛ لأنه قد ترسب لديها في اللاشعور أن هذا السلوك حقير وهابط ولا يليق بها أن تتجاوب معه فيترجم ذلك كله في صورة برود في علاقتها بزوجها ، ومهما كان الزوج رقيقا وحنونا فلن يجدي ذلك في ذوبان الجليد الذي يكسو حياتهما.


الاحتمال الثاني : أن تهتم الفتاة اهتماما مبالغا فيه بقضايا الجنس ، وحديث كثير من المراهقات يدور حول هذه القضايا ، وقد تتلقى معلوماتها من الصديقات الجاهلات وإن لم يكن لديها وازع ديني قوي فإنها تستقي معلوماتها من الدش أو المواقع الإباحية على الإنترنت ، والنتيجة في هذه الحالة تكون أسوأ بكثير وقد تصل بالفتاة إلى عتبة الانحراف!! لأن هذه النوعية من المعلومات تعتمد على الإثارة الحسية وليس فيها من العلم إلا القليل ، وربما وصلت إلى نتيجة تشبه النتيجة الأولى من رفض الزوج والهروب لأنه من الشائع بين المراهقات الحديث عن الآلام الفظيعة المترتبة على الزواج خاصة في مشكلة البناء .


·موقف الإسلام من الجنس
والسؤال هو ما موقف الإسلام من الثقافة الجنسية ومن هو المسؤول عن توصيل هذه الثقافة إلى الفتاة خاصة؟
الواقع الذي لاشك فيه أن الإسلام هو دين الفطرة فلم يقف من الجسد موقف الريبة والرفض بل منح الجسد الإنساني كل الحرية في الاستمتاع بطيبات الحياة الدنيا بلا إسراف وفي دائرة الحلال الخالص يقول تعالى :"والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" (المؤمنون الآية 5 - 7)


فالزواج هو الدائرة المباحة التي يتحقق فيها الإشباع الجنسي ولن يتحقق ذلك إلا بالمعلومات الصادقة عن ماهية الزواج وأهميته ولماذا خلق الله الذكر والأنثى ولكل منهما خصائص جسدية ونفسية وهناك إشارات كثيرة لذلك وردت في القران الكريم والسنة النبوية الشريفة فالله سبحانه وتعالى يقول عن العلاقة بين الزوجين "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" البقرة 187


وللنفس الإنسانية أن تحلق في معاني هذه الآية الكريمة وما تشمله من نواحي الترابط المادي والنفسي وهذه الفكرة لابد من توصيلها للفتاة وأن سعادتها واستقرارها النفسي لن يكون إلا بالزواج الذي يعتبر حدثا مهما ومبهجا لذا فلابد أن تكون منشرحة وسعيدة عندما تظهر عليها علامات الأنوثة التي تفتح لها آفاقا جديدة في حياتها.


·توجيهات لتقديم الثقافة الجنسية للفتاة
·في مرحلة الطفولة لابد من تفهيم الفتاة حقيقة جنسها وأن الله سبحانه وتعالى خلق جنسين مختلفين الذكر والأنثى لحكمة يعلمها وأنه لا فضل لجنس على آخر وإنما يكمل كل منهما الأخر.


·في أواخر مرحلة الطفولة لابد من الإشارة إلى أن هناك تغييرات جسدية سوف تحدث وأن هذه التغييرات بشرى سارة ولا تحمل أي معنى للإزعاج .
·بمجرد وصول الفتاة إلى مرحلة البلوغ لابد أن تشرح لها خصائص جسدها وأعضاءها التناسلية الداخلية والخارجية.


·بتقدم الفتاة في العمر وفي الأوقات المناسبة لابد من تعريفها تدريجيا بطبيعة الزواج ويتأكد الأمر في حالة خطبة الفتاة إذ لا يجوز بحال من الأحوال أن تساق الفتاة إلى الزواج وهي جاهلة بما هي مقدمة عليه.

·الأم هي الإنسان المناسب لشرح هذه الحقائق لأنها القريبة من ابنتها وهي المسؤولة عنها وسيسألها المولى عز وجل عن هذه الأمانة ومن الممكن أن تشارك الأم في هذه المسؤولية معلمة المسجد أثناء دروس الفقه فهي تستطيع منح الفتاه بعض الأضواء الهادية أثناء دروس الطهارة أو أثناء الحديث عن أحكام الأسرة وهذه المعلومات تقدم في إطار العلم الشرعي لذا فإن لها قدسية خاصة وكذلك معلمة الأحياء في المدرسة عليها دور تقديم المعلومة الصحيحة للفتاة فيما يتعلق بتشريح جسدها ووظائفه وكل هذه المعلومات تلتحم معا لتقديم صورة صادقة وأمينة للثقافة الجنسية في ذهن الفتاة



·وأخيرا لابد من تربية الفتاة تربية إيمانية عميقة تدرك من خلالها أن جسدها أمانة يجب أن تحافظ عليها فلا تترك نفسها لصديقات السوء أو للدش ومواقع الإنترنت الفاضحة لتعرف منهم إجابات للتساؤلات التي في ذهنها عن الجنس لأنها بهذه الطريقة تعرض نفسها لباب واسع من الفتن قد لا تصمد في مواجهته ولكن عليها بأهل الثقة والعلم كالأم وإن لم تكن الأم.. فمعلمة المسجد أو أخت كبرى معروف عنها الالتزام والخلق وإلا فالصبر حتى يهيئ لها المولى عز وجل المعرفة الصحيحة مع الاستعانة بالصيام والصلاة والدعاء ومطالعة كتب العلم الشرعي

منقول







تعليق

لثقافة الجنسية ضرورية للفتاة والفتى ولكن ضمن اطر وحدود دينية واسس علمية سليمة